ي 26 غشت 2011
[b]يبدو
أن عددا من أركان نظام العقيد معمر القذافي شاركوا بشكل سري في الثورة
وبعضهم كان عميلا مزوجا ومنهم محمود بن جمعة الذي كان يعمل نهارا لصالح
القذافي وليلا لصالح الثوار.
على مدار
أكثر من خمسة أشهر في مدينة تغلقها قوات موالية للعقيد معمر القذافي،
ارتكز خصوم النظام في حي فشلوم بالعاصمة طرابلس على زميل لهم في المقاومة،
كان يخبرهم بدقة خارقة كيف لهم أن يتفادوا المداهمات الأمنية، وكان
يزودهم كذلك بمعلومات متعلقة بالحملات التي ربما يتم شنها ضدهم بصورة
وشيكة.
وهذا
"العميل المزدوج"، كما أطلقت عليه صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، هو
محمود بن جمعة، ذلك الضابط الكبير في قوات الأمن الشخصية للقذافي. فبينما
كان يقوم بن جمعة، 54 عاماً، أثناء النهار بإصدار أوامر اعتقال أو تعقب
لمن يشتبه في انتمائهم للثوار، فإنه كان يقوم أثناء الليل باجتماعات سرية
مع هؤلاء الذين يحاولون الإطاحة بقائده، وهم من كانوا بدورهم جزءً من حركة
معارضة كبيرة للقذافي.
وحتى مع
تواصل أعمال القتال في طرابلس يوم أمس الخميس، بدأت تظهر صورة أوضح لتفسر
الطريقة التي نجحت من خلالها الانتفاضة الليبية دون إراقة قدر كبير من
الدماء في العاصمة. وهو ما يعود جزئياً إلى أن بعضاً من أبرز أركان النظام
– بمن فيهم قادة أمنيون كبار كبن جمعة – كانوا من المشاركين سراً في
قيادة حركة الثوار.
وفي
تصريحات خصَّ بها الصحيفة، قال بن جمعة :" كنت أدير واحداً من أبرز
الأجهزة القمعية لحكومة القذافي. وفي نفس الوقت، كنت أقوم بكل ما في وسعي
من أجل إنجاح تلك الثورة". وقد تم إثبات تصريحات بن جمعة بشأن هذا الدور
المزدوج الذي لعبه منذ شباط/ فبراير الماضي وحتى أن قام بترحيل أسرته من
طرابلس في نهاية الأمر، عن طريق روايات أدلى بها جيرانه واثنين من كبار
الضباط بحي فشلوم.
ثم مضت
الصحيفة تقول إن الثورة في ليبيا تختلف عن الثورة التي شهدتها مصر مطلع
العام أيضاً بقيادة مجموعات كبيرة من الشباب، حيث لعب مسؤولون حكوميون
ورجال أعمال كبار دوراً بارزاً بشكل واضح في مساعي الإطاحة بالقذافي.
وأقرت الصحيفة، رغم ذلك، بأن انهيار حكم القذافي أسفر عن حدوث فراغ كبير
في القيادة بالعاصمة. وأكدت أن القادة الذين سيبدؤون في ملء الفجوات
سيتعين عليهم التغلب على الاختلافات الإقليمية والقبلية والأيديولوجية
التي لطالما قسَّمت ليبيا.
وتابعت
الصحيفة بقولها إن مجلس بن جمعة المحلي يشكل المستوى الأساسي لهيئة الثوار
الحاكمة التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد على مدار الأشهر الستة
الماضية. وفي فشلوم، من المتوقع أن يُعَجِّل الدور الذي يلعبه قادة الشرطة
في قيادة الثوار بعودة قوات الشرطة المحلية إلى الشوارع. كما أشار قادة
محليون في طرابلس إلى أنهم انتقوا أيضاً عدداً كبيراً من الرجال الذين
يقومون الآن بتوفير الأمن في الأحياء.
وذكرت
ستريت جورنال أيضاً أن بن جمعة، الذي يحظي بخبرة ممتدة على مدار 20 عاماً
في الأمن الداخلي الليبي، ارتبط بقادة الثوار في حي فشلوم منذ بداية
التظاهرات هناك. وكان يقوم، رفقة 12 آخرين من مجلس ظل الحي، بالإشراف على
الأنشطة المناهضة للنظام. ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن عبد الباسط
الطوبال، وهو عضو بمجلس الحي ويشغل أيضاً منصب عميد في قوات الشرطة
المحلية، قوله :" كان جميعنا يعرف أن بن جمعة غير متحمس دائماً لما يحدث
في البلاد. وكان يعلم قادة الثوار المحليون أن معرفة بن جمعة الحميمة بطرق
الأجهزة الأمنية سوف تساعدهم على تفادي قوات الأمن التابعة للنظام". وكشف
محمود بن جمعة نفسه أنه كان يجري اتصالات يومية بالقادة الأمنيين القريبين
من العقيد القذافي.
ولدى علم
بن جمعة بأن اسمه قد أُدرِج في قائمة لمجموعة من الأشخاص المطلوب إلقاء
القبض عليهم، فر هارباً رفقة أسرته، وتوجهوا جميعاً إلى منزل آمن. وبعد أن
قام بنقل أفراد أسرته على متن عبَّّارة إلى تونس، اختبأ في ليبيا حتى
العشرين من شهر آب/ أغسطس الجاري، إلى أن اندلعت موجة الاحتجاجات الأخيرة
في طرابلس. ثم خرج من منزله، مع خروج أعداد كبيرة من الرجال من حي سوق
الجمعة إلى الشوارع. ثم انتقل في اليوم التالي إلى فشلوم، وقضي عطلة نهاية
الأسبوع في تنظيم صفوف الثوار بالحي، بعد أن سقطت العاصمة طرابلس في أيدي
الثوار.
[/b]