** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عادل احمد
مرحبا بك
مرحبا بك
avatar


عدد الرسائل : 69

تاريخ التسجيل : 05/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Empty
22122009
مُساهمةالتفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز

التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز

11 July 2008 03:40 am



التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Jadal_1215765973_quran






كتاب هداية :
صلاحية
القرآن المجيد لكل زمن قد توهم انه لابد أن يشتمل على دقائق المعارف وجميع
صنوف العلم التي تستوعب كل الأشياء، فهناك بعض الآيات قد توحي بمثل هذا .
كقوله تعالى ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) وقوله ( ونزلنا عليك
الكتاب تبيانا لكل شيء ) ،
لو كان الأمر كذلك لجاز لنا التوقع أن نرى
قرآنا غير هذا بين أيدينا لا يكفي مابين الخافقين لاحتواء صفحاته فكيف بما
بين الجلدتين ..
لم يكن القرآن كتاب فيزياء أو طب أو فلك لنطلب منه
أن يتحدث بهذا أو نجتهد في إحالة المكتشفات العلمية على معاني آياته فلله
كتاب كبير آخر غير القرآن يُجري فيه نواميسه ويشغّل فيه قدرته ويظهر
إبداعه وهو الكون الأرحب بكل موجوداته ، فالكون هو مدونة الله الكبرى .
الهداية شغل القرآن الأول وتنظيم العلاقات هدفه المنشود على هذا نزل وعليه سيبقى ،
عندما
يسوق القرآن بعض الحقائق العلمية عن الأشياء فأنه لا يسعى لتأسيس نظرية
علمية عنها و إنما جرى سوقها لهدف يرتبط بالشغل الأول ، الاعتبار والتفكر ,
والحقيقة
العلمية عند ذاك ليست سوى كلام خالق خبير عن مخلوقاته المكشوفة ، فلا
فرضية عند الرب لكي يسعى هو أو نسعى نحن لبرهنتها ، كلام الرب عن أشيائه
لا يحتاج إلى تعضيد وان بدا بعض الأحيان مخالفا لمسيرة الأشياء بنظرنا (
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
عندما يخبرنا الله تعالى انه
قد بيّن ( كل شيء ) في كتابه فأنه لا يعني بذلك الأشياء المادية فهذا أمر
لا يمكن أن يجازف احد بإدعائه ، وقد اجمع المفسرون على إن هذه ( الكلية)
تعني أمر الدين ونواهي الشارع وأوامره ، وبذلك فسر ابن جرير الطبري قوله
تعالى ( تبيانا لكل شيء) بأنه ما أُحل لهم وما حرِّم عليهم ، وما أُمروا
به وما نُهوا عنه ، نقلا عن ابن عباس وغيره . و به قال القرطبي أيضا
وعليه سار الطوسي والطبرسي ،
وقد توّسع المفسر العلامة
الطباطبائي في معاني ( الكتاب ) وقال إنها لا تقتصر على القرآن فقط و إنما
تشمل أيضا اللوح المحفوظ والكتب المنزلة الأخرى وكتب الحساب الشخصية التي
يستلمها العباد يوم الحساب وقد افرد لهذا بحثا خاصا . وفي تفسيره لقوله
تعالى ( تبيانا لكل شيء ) يقول (التبيان والبيان واحد كما قيل و إذ كان
كتاب هداية لعامة الناس وذلك شأنه كان الظاهر إن المراد بكل شيء كل ما
يرجع إلى أمر الهداية مما يحتاج إليه الناس في اهتدائهم من المعارف
الحقيقية المتعلقة بالمبدأ والمعاد والشرائع الإلهية والقصص والمواعظ فهو
تبيان لذلك كله )


محاولات قديمة
لم
يكن التفسير العلمي للقرآن الكريم وليد العصر الحديث فلقد عرف العرب
والمسلمون في عصور نهضتهم الأولى في القرن الهجري الأول وما تلاه آفاقا
واسعة من العلوم الطبيعية و الإنسانية مما أغراهم على ربط مكتشفات تلك
العلوم بآيات القرآن الكريم التي كانت بدورها المحرك الأول في بث روح
العقلنة والتفكر في وجدان الأمة ، بعد أن كانت الديانات وأدبياتها
المكتوبة قبل الإسلام منهمكة فقط في تعزيز الجوانب الروحية والتاريخية إلى
الدرجة التي جعلت فصولا كبيرة من تلك الأدبيات (الكتب ) عبارة عن
سرديّات مفعمة بالأساطير وروح الكهانة مع تسرب التحريف والوضع إليها ..

و أول من تكلم من المفسرين عن العلوم الطبيعية في القرآن الكريم هو
أبو حامد الغزالي حيث ذكر في كتابيه ( جواهر القرآن ) و( إحياء علوم الدين
) أن علوم الطب والنجوم، وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان، وتشريح
أعضائه، وعلم السحر، وعلم الطلسمات وغير ذلك يشير إليها القرآن بقوله
تعالى ( وإذا مرضت فهو يشفين) . وقوله سبحانه: (والشمس والقمر بحسبان )
ونحوه مما يشير إلى علم الهيئة ( الفلك ).
ويؤيد الفخر الرازي في
تفسيره ( مفاتح الغيب) التفسير العلمي للقرآن الكريم وكذلك في كتابه
(نهاية الإيجاز في دراسة الإعجاز) , على أن السيوطي ( ت 911هـ ) كان من
أكثر المتحمسين لهذا النوع من التفسير في كتابيه ( الإتقان في علوم القرآن
) و ( الإكليل في استنباط التنـزيل ) ،
ومثلما كان لهذا النوع من
التفسير مؤيدون فقد كان له معارضون أيضا ، فقد كان الإمام ألشاطبي صاحب
كتابي الاعتصام والموافقات من أشد المعارضين السابقين ، يقول في الموافقات
( إن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم، كانوا أعرف الناس
بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحدهم في شيء من هذا
المدَّعى ( أي: التفسير العلمي ) سوى ما ثبت فيه من أحكام التكاليف وأحكام
أخرى، وما يلي ذلك، ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر لبلغنا منه ما يدلنا على
أصل المسألة، إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم وذلك دليل
أن القرآن لم يقصد به تقرير لشيء مما زعموا ) ...
التفسير العلمي في العصر الحديث
آذنت
الحملة الفرنسية على مصر ( 1213هـ/1798م ـ 1216هـ/ 1801م ) بانفتاح العالم
العربي والإسلامي على مكتشفات عصر التنوير والنهضة الصناعية في الغرب ،
فأنبهر العرب والمسلمون بتلك المكتشفات وأصابهم الارتباك والقلق على
تراثهم الفكري والحضاري القديم الذي انقطع عن التجديد والتحديث والمواكبة
منذ سقوط الخلافة الإسلامية سنة 656 هج ، فظهرت حركات التجديد الأولى في
نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلاديين ، وكان لتفسير
القرآن الكريم نصيب من موجة التجديد والعلمنة ، وأول من كتب في هذا
المجال الطبيب محمد بن أحمد الإسكندراني ( ت 1306هـ / 1889 م ) في مؤلفه
الموسوم بـ (( كشف الأسرار النورانية للقرآن فيما يتعلق بالأجرام السماوية
والأرضية والحـيوانات والنباتات والجـواهر المعدنية ))كما إن كتابات جمال
الدين الأفغاني ( ت 1315هـ / 1897م ) لا تخلو من الحث على التوفيق بين
القرآن والعلم ، حيث يقرر أنه لا خلاف بين الحقائق العلمية والآيات
القرآنية، ويتجلى الانحياز التام لمثل هذا النوع من التفسير عند عبد
الرحمن الكواكبي ( ت 1320هـ/1902م ) في كتابه (( طبائع الاستبداد ومصارع
الاستعباد )) الذي يصف فيه القرآن بأنه شمس العلوم وكنـز الحكم ، ويعلل
إحجام العلماء عن بيان ما يتضمنه القرآن من العلوم المختلفة ـ بالخوف من
مخالفة رأي بعض السلف غير المتضلعين بالعلم ، فينتج عن ذلك تكفيرهم ، ثم
راح يربط باندفاع بين الآيات القرآنية وبين ما ظهر في أواخر القرن التاسع
عشر الميلادي من علوم ونظريات علمية،والملاحظ أنه وقع في شطحات بينة في
محاولاته التوفيقية هذه بين القرآن والعلم . وحبّذ الشيخ محمد عبده ( ت
1323هـ /1905م ) التفسير العلمي محتذيا لمنهج أستاذه جمال الدين الأفغاني
، إلا أنه دعا إلى التأدب مع كتاب الله وعدم زج آياته الكريمة في نظريات
لم تتحقق بعد . فالقـرآن ( أرفـع مـن يعـارض العـلم ) كما يقول ،
على
أن أشد المتحمسين للتفسير العلمي للقرآن في العصر الحديث هو طنطاوي جوهري
( ت 1359هـ/ 1940 م ) في كتابه الموسوم بـ (( الجواهر في تفسير القرآن
الكريم )) الذي نوه فيه بجدوى هذا التفسير ، وتعجب من إعراض العلماء
المسلمين عن تلك الآيات التي ترشد إلى علوم الكون على الرغم من كثرتها .
ولم يسلم صغار الفقهاء ـ كما سماهم ـ من لومه وتهجمه ، لأنهم انصرفوا ـ
كما يرى ـ باشتغالهم في الآيات الخاصة بالفقه عن آيات العلوم الكثيرة
الواردة في القرآن ، ويقدم طنطاوي جوهري في تفسيره هذا أبحاثاً علمية
مستفيضة بعد تفسير لفظي مقتضب . ولا تعدو هذه الأبحاث عن كونها حشد من
الأفكار التي توصل إليها العلماء في مجال العلوم الحديثة حتى عصره. ولعل
هذا ما جعله يُغرق في الخيال ،
ومنذ منتصف القرن العشرين وحتى الآن
أخذ المسلمون يتوقون لربط القرآن الكريم بالكشوفات والنظريات العلمية
الحديثة و أخذت هذه النزعة تترسخ وتتوسع في العالم الإسلامي وظهر باب جديد
من الإعجاز القرآني سمي بـ (الأعجاز العلمي )وبرز فيه مفسرون كثيرون منهم
محمد متولي الشعراوي، محمد عبده ، مصطفى محمود، سيد دسوقي، عبد الرزاق
نوفل، ومن المعاصرين لنا عبد المجيد الزنداني، كارم غنيم، نظمي أبو
العطا، زغلول النجار، عبد الجواد الصاوي، صالح الكريم، قطب فرغلي، وجيه
السعداوي، لكن ابرز هؤلاء كان الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي كان شغوفا
جدا بربط الآيات القرآنية بالمكتشفات العلمية الحديثة وطرح ذلك كله إلى
العوام دون تردد أو حذر معتبرا الإعجاز العلمي أفضل الوسائل لمخاطبة
العقول وتعزيز الإيمان وتجديده يقول ((ويستمر الإعجاز . . جاء القرآن
بنهايات النظريات . . بقمة نواميس الكون . . إذا تليت على المؤمنين في ذلك
الوقت مرت عليهم ولم ينتبهوا إلى مدلولها الحقيقي العلمي . . وإذا قيلت
بعد ذلك على الأجيال القادمة . . عرفوا ما فيها من إعجاز . . وقالوا إن
هذا الكلام لا يمكن أن يقوله شخص عاش منذ آلاف السنين . . إذ لابد أن هذا
القرآن حق من عند الله . . وان قائله هو الله الخالق . . بقيت نقطة . . هل
يأتي هذا في الأحكام . . الجواب : لا . . أن أحكام الدين افعل ولا تفعل
نزلت كاملة واضحة لا لبس فيها ولا إضافة عليها ولا تبديل ولا غموض . .
منهج الله كامل فسرته الأحاديث القدسية والأحاديث النبوية . . وشُرح وفُسر
في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تفسيرا كاملا . . بحيث أصبح واضحا لكل
إنسان يريد أن يعبد الله . . وأن يعيش في الأرض طبقا لقوانين الله : افعل
ولا تفعل . . جاءت واضحة وكملت وفسرت في عهد الرسالة . . وأصبح الحلال
بينا . . والحرام بينا . . والدين بينا ,أما آيات الله في الكون . .
فنلاحظ أنها لم تفسر تفسيرا كاملا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم . .
حتى لا تكون ملزمة للمسلمين . . لماذا ؟ لان لها عطاء يتجدد في كل الأجيال
. . وهذه الآيات هي التي سنتحدث عن بعضها . . لقد تحدى القرآن العرب
بالإعجاز في اللغة . . طلب أن يأتوا بمثل القرآن . . ثم زاد في التحدي
وقال بسورة من مثله . . ولكن التحدي للعالم لا يمكن أن يكون باللغة . .
فاللغات مختلفة . . إذن بماذا تحداهم . . بالعلم . ))
ولم ينحصر
التوجه العلمي لتفسير القرآن بمذهب إسلامي دون آخر فقد انخرط فيه مفسرون
من كافة الفرق الإسلامية ، فهذا السيد أبو القاسم الخوئي مع كونه من اكبر
مراجع التقليد ورواة الحديث المعاصرين في المدرسة الامامية الملتزمة
بالمنهج الأصولي الرصين ، إلا انه كان صريحا وواضحا في تبنيه للنظريات
العلمية الحديثة في تفسير القرآن فقد افرد لذلك فصلا خاصا في كتابه (
البيان في تفسير القرآن ) تحدث فيه عن كروية الأرض وحركة الأجرام والوزن
الذري للمواد وعلوم الفلك والفسلجة الحديثة ، يقول في بداية ذلك الفصل (
أخبر القرآن الكريم في غير واحدة من آياته عما يتعلق بسنن الكون ، ونواميس
الطبيعة ، والأفلاك ، وغيرها مما لا سبيل إلى العلم به في بدء الإسلام إلا
من ناحية الوحي الإلهي . وبعض هذه القوانين وإن علم بها اليونانيون في تلك
العصور أو غيرهم ممن لهم سابق معرفة بالعلوم ، إلا أن الجزيرة العربية
كانت بعيدة عن العلم بذلك . وإن فريقا مما أخبر به القرآن لم يتضح إلا بعد
توفر العلوم ، وكثرة الاكتشافات . وهذه الأنباء في القرآن كثيرة ، نتعرض
لها عند تفسيرنا الآيات التي تشير إليها إن شاء الله تعالى .)
وفي
خمسينات القرن الماضي اشتهر (كتاب الهيئة و الإسلام ) لمؤلفه السد هبة
الدين الشهرستاني في الأوساط العلمية والدينية و قد توسع فيه المؤلف
كثيرا بالاعتماد على النظريات الحديثة في علم الفلك وربطها بالآي الحكيم
والأحاديث المأثورة عن النبي و أهل البيت ( عليهم الصلاة والسلام ) ، ولا
يخفى على من يقرأ ذلك الكتاب اليوم إن فيه الكثير من التعسف و إطلاق
العنان للخيال في تفسير النصوص المقدسة وتحميلها ما لا تحتمل رغم ذكاء
مؤلفه وعمق أفكاره وبراعته في الاستنتاج والربط ،
و بالإضافة إلى
المفسرين فقد استهوى التفسير العلمي للقرآن الكريم جماعة الخطباء والدعاة
الإسلاميين وسخروا ذلك في نشر دعواهم والدفاع عن عقائد الإسلام وكان من
أبرزهم في العراق والشرق العربي الشيخ المرحوم احمد الوائلي ، كما إن
كثيرا من الناس في الغرب (وخاصة العلماء) اهتدوا للإسلام بناءً على
معطيات الإعجاز العلمي ...


تيار الرافضين
ومع
كل هذا التأييد فان ذلك لم يمنع من ظهور تيار كبير من علماء الأمة رفض
الانسياق مع هذا الضرب من ضروب التفسير لخطورة الآثار المترتبة علية ،
وكان من أوائلهم شيخ الأزهر محمود شلتوت الذي قال : (إن هذه النظرة
للقرآن خاطئة من غير شك‏, لأن الله لم ينزل القرآن ليكون كتابا يتحدث فيه
إلي الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف ،و لأنها تحمل
أصحابها والمغرمين بها علي تأويل القرآن تأويلا متكلفا يتنافي مع الإعجاز
ولا يستسيغه الذوق السليم ولأنها تعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في
كل زمان ومكان‏,‏ والعلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الأخير‏,‏
فقد يصح اليوم في نظر العلم ما يصح غدا من الخرافات ) ، وقد تابعه الشيخ
محمد رشيد رضا في ( تفسير المنار ) على ذلك
وقد حذّر العلامة
الطباطبائي كثيرا في تفسيره الكبير ( الميزان ) من التورط في حمل الآيات
القرآنية على معطيات العلوم المادية ووضع في مقدمة تفسيره ضوابطا علمية
قيمة وصارمة تؤسس لنهج فريد في التفسير ، ومن جديد ما أتى به انه فرق بين
التفسير والتطبيق بصورة واضحة بعدما كان التداخل بينهما قائما لقرون .
وكان
المفكر الإسلامي الكبير سيد قطب من ابرز المعارضين لهذا المنحى في التفسير
فقد حذر كثيرا في مؤلفه الرائع ( في ظلال القرآن ) من التوّرك على
الكشوفات العلمية في تفسير القرآن ، ولم يُخفِ عجبه وامتعاضه من أولئك
الذين يحاولون حمل القرآن على ما لم يقصده ، ويستخرجون منه جزئيات في علوم
الطب والكيمياء والفلك وما إليها ، وهو يرى أنه يحق لنا الانتفاع بالكشوف
العلمية في هذا المجال ، (ولكن بشرط أن لا يخرج هذا الانتفاع عن توسيع
مدلول الآيات القرآنية وتعميقها ، دون تعليقها بنظرية خاصة أو بحقيقة
علمية خاصة ، تعليق تطابق وتصديق ) .
وقد أبدع سيد قطب في حل
إشكالية الحداثة التي يقف الفكر الإسلامي أمامها مرتبكا لا يملك منهجا
واضحا للتحديث و العصرنة ، وبرع بذكاء في التأسيس لمنهج جديد في قراءة
القرآن والتعامل مع التراث سماه : بالمنهج الحركي أو الديناميكي. أما
طبيعة ومفهوم هذا المنهج التطبيقي الحركي، فقد بيّنه في مواطن عدة من
تفسيره ومؤلفاته قائلاً ''.. إن - المسألة في إدراك مدلولات هذا القرآن
وإيحاءاته.. إنما هي استعداد النفس برصيد من المشاعر والمدركات والتجارب،
تشابه المشاعر والمدركات والتجارب التي صاحبت نزوله وصاحبت حياة الجماعة
المسلمة وهي تتلقاه في خضم المعترك معترك الجهاد، جهاد النفس وجهاد
الناس.. جهاد الشهوات وجهاد الأعداء.. جو مكة والدعوة الناشئة، والقلة
والضعف، والغربة بين الناس.. جو الشِّعَب والحصار، والجوع والخوف
والاضطهاد والمطاردة، والانقطاع إلا عن الله.. ثم جو المدينة: جو النشأة
الأولى للمجتمع المسلم بين الكيد والنفاق.. في هذا الجو الذي تنزلت فيه
آيات القرآن حية نابضة واقعية.. كان للكلمات وللعبارات دلالاتها
وإيحاءاتها.. إن طبيعة هذا الدين ترفض اختزال المعارف الباردة في ثلاّجات
الأذهان الجامدة!.. إن ''المعرفة'' في هذا الدين تتحول لتوّها إلى
''حركة''، وإلا ليست من جنس هذا الدين!.. ومن ذلك تنزلت الأحكام التشريعية
كلها في المدينة كحركة في المجتمع المسلم الذي قام هناك، ولم ينزل حكم
واحد منها في مكة ليُختزَن - كمعرفة مجردة - حتى يجئ وقت التنفيذ في
المدينة! إن المعرفة للمعرفة ليست منهجاً إسلامياً. في الإسلام المعرفة
للحركة، والعلم للعمل، والعقيدة للحياة.. وطبيعة المنهج الحركي الإسلامي
أن يقابل هذا الواقع البشري بحركة مكافئة له ومتفوقة عليه، في مراحل
متعددة ذات وسائل متجددة.. ومن أجل أن الجاهلية لا تتمثل في ''نظرية''
مجردة، ولكن تتمثل في تجمع حركي على هذا النحو؛ فإن محاولة إلغاء هذه
الجاهلية، ورد الناس إلى الله مرة أخرى، لا يجوز - ولا يجدي شيئاً - أن
تتمثل في ''نظرية'' مجردة. فإنها حينئذ لا تكون مكافئة للجاهلية القائمة
فعلاً والمتمثلة في تجمع حركي عضوي.. إن منهج التلقي للتنفيذ والعمل هو
الذي صنع الجيل الأول. ومنهج التلقي للدراسة والمتاع هو الذي خرّج الأجيال
التي تليه..''
مؤاخذات ومخاطر
لا خلاف في إن القرآن الكريم كان
المحرك الأول والباعث الرئيسي للتأسيس للمنظومة المعرفية الإسلامية التي
نشأت وتراكمت عبر قرون بفضل الأسس المنطقية والعقلية والروح العلمية
القائمة على النظر والمراقبة والتحليل والاستقراء التي جاء بها القرآن ،
فلم يكن القران يوما ما بعيدا عن العلم أو مناهضا له ،
قام القرآن
بإرساء القواعد الكلية ولم ينهمك بالجزئيات ، وضع في أيدينا الأدوات ورسم
لنا المنهج ثم ترك لنا القيام بالبناء ، هذه هي خطة الشارع المقدس ، وهذا
مجده . التفكر والنظر كان مطلبه الأول منا ، وما يأتي بعد ذلك هو نتيجة
طبيعية لهما ,
لم يكن القرآن بعيداً عن العلم ولكنه أيضا لم يكن
كتابا مدرسيا تُحشد فيه النظريات و الآراء ، نحن لا زلنا لا نفرّق بين
الحكم وبين الرأي ، أقوال القرآن أحكام قاطعة وليست نظريات قابلة للأخذ
والرد تفقد صحتها بفعل التقادم ، قيمة الحكم تكمن في قطعيته وعلوه ، وقيمة
العلم تكمن في قابليته للتجديد والنقض ، تخرج علينا النظرية العلمية في
مجال ما من مجالات المعرفة وبينما يقوم أصحابها بتوطيد أركانها وتحشيد
براهينها لتستوي على أصولها كنظرية نهائية ما يلبث أن يظهر من يدحضها
بالأدلة المعقولة ليأتي بنظرية أخرى جديدة قد تكون مخالفة لها تماما ، لقد
رأينا هذا كثيرا في تاريخ العلوم ، وهو يحدث بين ظهرانينا كل يوم ،
هذه
ليست دعوة لنبذ العلوم و الإعراض عنها ، إنها حذر مشروع من إقامة الثابت
على المتحرك ، قد يكون العلم مفيدا في فهم النص المقدس ولكن دوره لن يكون
نهائيا في تفسيره ، هنا يكمن الخطر في استخدام النظريات العلمية المتغيرة
في تفسير القرآن , معظم الذين قاموا بذلك لم يفرقوا بين العلم والمعرفة ،
بين النظرية العلمية والحقيقة العلمية ، علل الشرائع التي يقترحها بعض
المشتغلين بالقضايا الفقهية قد تمثل وسائل إقناع وقتي للعقل البشري القاصر
عن فهم المغزى الالهى الحقيقي من وراء الأحكام والتشريعات ، الله وحده
يعرف ذلك ، وما جهودنا لتبرير الحكم إلا محاولة للاقتراب من تلك المعرفة ..
القائمون
بالتفسير العلمي هم أما علماء دين وفقه لا باع لهم بالعلوم الطبيعية
وطبيعتها الديناميكية ، و أما علماء طبيعة يجهلون ضوابط التفسير اللغوية
والفقهية والتاريخية و التنزيلية والبلاغية التي يجب أن يتمتع بها المفسر
، ونادرا ما يتمتع احدهم بالجمع بين الوصفين ، هذه هي المشكلة الحقيقية في
ما يسمى بالتفسير العلمي للقرآن الكريم وهي موجودة أيضا في نوع حديث من
أنواع التفسير وهو التفسير العددي الذي سنفرد له بحثا خاصا ،
بالإضافة إلى هذا الخلل الرئيس في بنية التفسير العلمي فقد عانى هذا النوع من التفسير من عيوب كثيرة نذكر منها :
• انه
كان تفسيرا تبعيا أي إن المفسر لم يبتدئ بإعطاء رأيه العلمي بناءً على
قراءته للآية القرآنية قبل ظهور النظرية العلمية وانتشارها فلا نعرف إن
أحدا من المفسرين قال بكروية الأرض ودورانها حول نفسها أو حول الشمس
بدلالة فهمه للآيات القرآنية التي تشير إلى ذلك كقوله تعالى ( يكوّر الليل
على النهار ويكور النهار على الليل ) أو قوله ( و الأرض بعد ذلك دحاها
) أو قوله ( رب المشرقين ورب المغربين ) قبل أن تُكتشف هذه النظريات من
قِبَل علماء الطبيعة رغم إننا نقرأ تلك الآيات المجيدة منذ أربعة عشر قرنا
. هذه التبعية تجعل المفسر يدور مع النظريات المتغيرة حيثما دارت ، وتجعل
القرآن الكريم تابعا للعلوم وتقلباتها الدائمة ، وتفتح الكثير من الثغرات
لتسرب الآراء الفاسدة و الخيالات الشاطحة ..
• من مظاهر الخطأ في هذا
التفسير عدم إتباع المنهج الصحيح في التفسير حيث يقوم بعض الباحثين ببتر
الآية من سياقها الطبيعي مع بقية الآيات في السورة ، أو يتجاهل علاقتها
مع بقية السور -‏ فالقرآن يفسر بعضه بعضا -‏ فالبعض أراد أن يبرهن على
أن الأرض تتحرك وتسير وليست ثابتة ، فأورد قوله تعالى :‏ (‏وترى الجبال
تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب ) ‏ ‏ ‏فمرور الجبال كالسحاب دليل على أن
الأرض تتحرك ، هكذا يقول .‏ وقد نسى أن الآيات التي اكتنفت هذه الآية
تتحدث عن النفخ في الصور وعن محاسبة الناس على حسناتهم وسيئاتهم ، فالجو
كله في يوم القيامة سباقا وسياقا .‏ وليس ذلك في عالم الدنيا .‏ ونسى
أيضًا أن الحديث عن ظاهرة مرور الجبال يوم القيامة ورد في آيات أخرى من
سور القرآن قال تعالى :‏(يوم تمور السماء مورا .‏
وتسير الجبال سيرا
.‏ فويل يومئذ للمكذبين ) وقال (‏ إذا الشمس كوِّرت .‏ وإذا النجوم
انكدرت وإذا الجبال سيِّرت.‏.‏) ‏ والمقام كله في يوم القيامة .‏
• يتفشى
التعسف والتكلف كثيرا في تحميل الآيات القرآنية معانيا أخرى غير المعاني
الأصلية التي وضعت لها ، فمن المقرر في علم النبات إن للرياح دورا كبيرا
في عمليات التلقيح النباتي ، ولكن بعض المتعسفين يستدل بقوله تعالى
(‏وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه) على تلك
العملية رغم إن الآية واضحة وصريحة في ذكر نشوء السحب وحمل الرياح لها ومن
ثم نزول المطر ، فلا ذكر للنبات فيها هنا ، ومثل هذا كثير ..
بقي
أن نقول إن ما تقدم لا يمنع من الاستئناس والاسترشاد ببعض الحقائق العلمية
الثابتة التي لا يمكن تصور نقيضاتها في توسيع مداركنا حول آيات الذكر
المجيد ، فهذا الأمر لا مشاحة لنا عنه ولا بد م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز :: تعاليق

التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_11 عدد المشاهدين 1233 مشاهد

التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_02
التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_04
التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_03
التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_06




التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_01



















التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_11 هنالك ما عدده 1 تعليق. فضلاً اقرا التعليقات أو ضع تعليقاتك اضغط هنا.
التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_07
التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز Newsmenu_06

وف العلم التي تستوعب كل الأشياء، فهناك بعض الآيات قد توحي بمثل هذا .
كقوله تعالى ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) وقوله ( ونزلنا عليك
الكتاب تبيانا لكل شيء ) ،
لو كان الأمر كذلك لجاز لنا التوقع أن نرى
قرآنا غير هذا بين أيدينا لا يكفي مابين الخافقين لاحتواء صفحاته فكيف بما
بين الجلدتين ..
لم يكن القرآن كتاب فيزياء أو طب أو فلك لنطلب منه
أن يتحدث بهذا أو نجتهد في إحالة المكتشفات العلمية على معاني آياته فلله
كتاب كبير آخر غير القرآن يُجري فيه نواميسه ويشغّل فيه قدرته ويظهر
إبداعه وهو الكون الأرحب بكل موجوداته ، فالكون هو مدونة الله الكبرى .
الهداية شغل القرآن الأول وتنظيم العلاقات هدفه المنشود على هذا نزل وعليه سيبقى ،
عندما
يسوق القرآن بعض الحقائق العلمية عن الأشياء فأنه لا يسعى لتأسيس نظرية
علمية عنها و إنما جرى سوقها لهدف يرتبط بالشغل الأول ، الاعتبار والتفكر ,
والحقيقة
العلمية عند ذاك ليست سوى كلام خالق خبير عن مخلوقاته المكشوفة ، فلا
فرضية عند الرب لكي يسعى هو أو نسعى نحن لبرهنتها ، كلام الرب عن أشيائه
لا يحتاج إلى تعضيد وان بدا بعض الأحيان مخالفا لمسيرة الأشياء بنظرنا (
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )
عندما يخبرنا الله تعالى ان
لطباطبائي في معاني ( الكتاب ) وقال إنها لا تقتصر على القرآن فقط و إنما
تشمل أيضا اللوح المحفوظ والكتب المنزلة الأخرى وكتب الحساب الشخصية التي
يستلمها العباد يوم الحساب وقد افرد لهذا بحثا خاصا . وفي تفسيره لقوله
تعالى ( تبيانا لكل شيء ) يقول (التبيان والبيان واحد كما قيل و إذ كان
كتاب هداية لعامة الناس وذلك شأنه كان الظاهر إن المراد بكل شيء كل ما
يرجع إلى أمر الهداية مما يحتاج إليه الناس في اهتدائهم من المعارف
الحقيقية المتعلقة بالمبدأ والمعاد والشرائع الإلهية والقصص والمواعظ فهو
تبيان لذلك كله )
 

التفسير العلمي للقرآن الكريم ..تأشير للتبعية أم توسيع لدائرة الإعجاز

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» صناعة الوهم في الإعجاز العلمي للقرآن
»  صناعة الوهم في الإعجاز العلمي للقرآن
» مهزلة العقل في الاعجاز العلمي للقرآن
» ماعلاقة الإعجاز العلمي بالإعجاز القرآني؟
» الإعجاز العددي في القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: