معارضون يحذرون 'البعث' من التلاعب ونقل السلطة للجبهة الوطنية
اكتشاف 'مقبرة جماعية جديدة' في جسر الشغور
الأسد يرفض الرد على اتصالات مسؤولين أمريكيين
2011-06-15
دمشق ـ 'القدس العربي' ـ من كامل صقر: لندن ـ
وكالات: فر آلاف السوريين من بلدة معرة النعمان الأثرية هربا من الدبابات
التي تتقدم في شمال البلاد في حملة عسكرية آخذة في الاتساع لسحق احتجاجات
ضد حكم الرئيس بشار الأسد.
وفي شرق البلاد انتشرت الدبابات والمركبات
المدرعة في مدينة دير الزور وفي البوكمال على الحدود مع العراق بعد مرور
اسبوع على نزول عشرات الآلآف من المواطنين الى الشوارع مطالبين بانهاء حكم
الأسد.
وقال شاهد عيان لرويترز عبر الهاتف 'السيارات مستمرة في الخروج
من معرة النعمان في كل اتجاه. الناس يحملونها بكل شيء.. أغطية وحشايا'.
وقال
سكان ان القوات السورية اقتحمت البلدة التي يقطنها نحو مئة الف نسمة والتي
تقع على الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب ثاني اكبر مدن سورية بعد ان
اعتقلت مئات الاشخاص في القرى القريبة من جسر الشغور بالقرب من الحدود مع
تركيا.
وقالت وكالة الانباء السورية الحكومية ان الحملة الامنية في جسر
الشغور والتي قالت الحكومة ان 120 من قوات الامن قتلوا فيها في وقت سابق
من هذا الشهر قد حققت الامن هناك وان الآلاف بدأوا العودة إليها.
واضافت الوكالة ان السلطات عثرت على مقبرة جماعية ثانية في البلدة تضم جثثا لجنود ورجال شرطة قتلتهم 'الجماعات الارهابية المسلحة'.
وقال
شهود ان بعض السكان هاجموا بمساعدة أفراد امن منشقين مجمعا للشرطة في جسر
الشغور قبل عشرة أيام بعد ان قتل أفرادها 48 مدنيا. وقتل نحو 60 من أفراد
الشرطة من بينهم 20 منشقا.
ولجأ أكثر من 8500 شخص أغلبهم من جسر الشغور
طلبا للأمان إلى تركيا التي اقامت اربعة مخيمات على الحدود على بعد نحو 20
كيلومترا من البلدة.
وقال مسؤول من الهلال الاحمر التركي طلب عدم نشر
اسمه انه تجري اقامة المزيد من المخيمات على الجانب التركي من الحدود التي
تمتد بين البلدين لمسافة 800 كيلومتر قرب مدينة ماردين بعيدا عن المنطقة
الحالية لتوافد اللاجئين.
وزار حسن تركماني مبعوث الاسد انقرة امس
الاربعاء لاجراء محادثات أزمة مع رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي.
وكانت لاردوغان علاقة وثيقة بالاسد لكنه انتقده بسبب الحملة التي تشنها
قواته على المحتجين.
واتهم مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة
قوات الامن السورية الاربعاء بقمع المحتجين بوحشية من خلال عمليات الاعدام
والاعتقالات الجماعية والتعذيب.
وقال في بيان 'التقارير الاكثر فضحا
تتعلق باستخدام الذخيرة الحية ضد المدنيين العزل بما في ذلك من قناصة على
اسطح المباني العامة ونشر الدبابات في مناطق كثيفة السكان من المدنيين'.
وقال
عثمان البديوي استاذ الصيدلة الجامعي لرويترز هاتفيا ان نحو 70 في المئة
من سكان بلدة معرة النعمان فروا. وقال ان طائرات هليكوبتر تقوم بنقل
الجنود الى معسكر في وادي الضيف على بعد بضعة كيلومترات من البلدة.
ومنعت سورية معظم المراسلين الأجانب منذ بدء الاضطرابات مما جعل من الصعب التحقق من صحة الروايات للأحداث هناك.
وقال
شهود في محافظة دير الزور الشرقية إن عدة دبابات توغلت داخل عاصمة
المحافظة التي تقع على نهر الفرات بعد أن انسحبت قوات الأمن من الشوارع
الأسبوع الماضي.
وأضافوا أن الاحتجاجات تواصلت ووقعت مواجهة عنيفة هذا الأسبوع بين مؤيدين للأسد ومحتجين أصيب خلالها عدة أشخاص إصابات بالغة.
وقال
نشطاء حقوق إنسان إن نحو 20 دبابة وعربة مصفحة أرسلت أيضا إلى بلدة
البوكمال إلى الشرق من مدينة دير الزور وهي أيضا نقطة عبور رسمية إلى
العراق ولكنهم قالوا إنه لم يكن هناك جنود داخل البلدة.
وتقع محافظة
دير الزور على حدود وسط العراق السني وتوجد أواصر عائلية وطرق للتجارة بين
الجانبين قبل إنشاء الدولتين على يد القوى الاستعمارية في عشرينات القرن
الماضي.
وقادت فرنسا بدعم بريطاني جهودا لاستصدار قرار من مجلس الامن
يندد بالقمع الذي يمارسه الاسد للاحتجاجات لكن روسيا والصين هددتا
باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرار.
وقدم لاجئون فارون وصفا
لاحداث إطلاق النار على أيدي القوات السورية ومسلحين موالين للأسد يعرفون
'بالشبيحة' وإحراق الأرض والمحاصيل في سياسة الأرض المحروقة لإخضاع سكان
المنطقة بعد احتجاجات واسعة النطاق.
وحذر معارضون سوريون وشخصيات عامة
من إقدام حزب 'البعث' الحاكم في سورية على عملية 'تذاكٍ وتلاعب جديدة' من
شأنها أن تسيء أكثر إلى مصداقيته المشروخة أصلا لدى شرائح اجتماعية واسعة
من أبناء الشعب السوري في الداخل والخارج.
وأكد عدد من المعارضين،
لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بينهم الكاتب والسياسي المعارض لؤي
حسين، أن حديثا يجري حاليا في المجتمع السوري عن تداول عدد من المسؤولين
السوريين مسودة مشروع، مفادها نقل احتكار البعث لقيادة الدولة والمجتمع
وفقا للمادة الثامنة من الدستور، إلى ما يعرف بأحزاب الجبهة الوطنية
الحاكمة المنضوين جميعا تحت حكم البعث.
وأضاف المعارضون 'إذا تبين
صحة هذه الأنباء المتداولة في الأروقة السياسية والاجتماعية فان ذلك سيشكل
صدمة كبيرة للشعب السوري في الظروف الراهنة وخطأ فادحا يضاف إلى سجله (حزب
البعث) ويؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة بهذا الحزب'. وتنضوي مجموعة أحزاب
يسارية وقومية تحت 'ابط' البعث دون ان يكون لها رصيد جماهيري كبير.
الى
ذلك قالت مصادر غربية قريبة من السفارة الأمريكية بدمشق ان الجفاء التام
يخيم على علاقات واشنطن بدمشق وان الرئيس السوري بشار الأسد يرفض الرد على
اتصالات هاتفية ترد إلى القصر الرئاسي من مسؤولين أمريكيين سواء من البيت
الأبيض أو من أعضاء ديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي.
وذهبت المصادر
إلى القول بأن المتصلين من واشنطن ومنذ أيام عديدة يسمعون رداً مفاده أنه
لا يمكن الحديث مع الأسد حالياً، وربطت المصادر هذا التصرف السوري بامتعاض
الرئاسة السورية من شمول العقوبات الأمريكية الأخيرة لاسم الرئيس السوري،
لكن المصادر أضافت أن واشنطن ليست في وارد الإقدام على أية خطوة تصعيدية
أخرى ضد النظام السوري وانها غير راغبة في اتخاذ أية إجراءات جديدة ضد
دمشق بأي شكل من الأشكال.
وأقرت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما
منتصف أيار (مايو) الماضي عقوبات مباشرة على الرئيس السوري بشار الأسد و6
من كبار المسؤولين السوريين بسبب ما قالت ان لهم 'دورهم في انتهاك حقوق
الإنسان خلال قمع المظاهرات المعارضة للنظام السوري'، واعتبر مسؤولون
أمريكيون ان هذا القرار يمثل 'جهدا لزيادة الضغط على الحكومة السورية كي
توقف العنف ضد شعبها وتبدأ الانتقال إلى نظام ديمقراطي'، كما دعت واشنطن
الأسد 'لقيادة الانتقال السياسي آو الرحيل' وتشمل العقوبات تجميد أرصدة
ومعاقبة كل أمريكي يتعامل معهم.
وشملت تلك العقوبات نائب الرئيس السوري
فاروق الشرع ورئيس الحكومة عادل سفر ووزير الدفاع علي حبيب، ورئيس شعبة
الاستخبارات العسكرية عبد الفتاح قدسية ووزير الداخلية محمد ابراهيم
الشعار.
وسبق للأسد عدم الرد على اتصالات هاتفية وردته من الأمين
العام للأمم المتحدة بان كي مون، وصرح مارتن نيسيركي المتحدث باسم الأمم
المتحدة يوم الجمعة الماضي أن كي مون كان يحاول طوال الأسبوع التحدث مع
الأسد، لكنه لم يتمكن من الوصول إليه.