غارات أطلسية متواصلة على طرابلس
القـذافـي: بـاقٍ حـيـاً أو مـيـتـاً
أوبــامــا: راحـل عاجـلاً أم آجـلاً
|
أعمدة الدخان تتصاعد من باب العزيزية في طرابلس خلال غارات لطائرات الحلف الأطلسي على المدينة أمس (رويترز) |
|
|
|
|
|
كثف
حلف شمال الأطلسي، أمس، ضرباته الجوية على العاصمة الليبية وشن غارات
نهارية متواصلة على المواقع التابعة للرئيس معمر القذافي، بما في ذلك مقر
إقامته في مجمع باب العزيزية في طرابلس، تصاعدت حدتها بعدما أذاع
التلفزيون الليبي رسالة صوتية للقذافي تعهد فيها بالبقاء في طرابلس «حياً
أو ميتاً»، مغلقاً بذلك الباب على سيناريو التنحي والرحيل الذي ينظر إليه
الوسطاء كمخرج سياسي لإنهاء الصراع.
وقصفت أسراب متلاحقة من طائرات
حلف شمال الأطلسي طرابلس في واحد من أعنف أيام القصف لأهداف في العاصمة
الليبية. وذكر شهود عيان أنه بحلول ساعات الظهر، كانت الطائرات الأطلسية
تشن هجمات متكررة كل ساعة على مواقع
مختلفة في المدينة، ما أدى إلى تحطم النوافذ وتصاعد الدخان الأسود في الأجواء.
وكانت
العاصمة الليبية تتعرض من قبل لعدد محدود من الهجمات في اليوم الواحد،
وكان ذلك يحدث عادة ليلا. وتصاعدت وتيرة القصف بشكل مطرد خلال اليومين
الماضيين ووصلت إلى قصف متواصل يوم أمس.
وقال مسؤول ليبي ان غارات
الحلف الأطلسي استهدفت مجمعين للحرس الشعبي الليبي وقوات الحرس الثوري في
طرابلس، فيما ذكر شهود عيان أن بعض الصواريخ أصابت المنطقة المحيطة بمجمع
باب العزيزية، الذي يعتبر أن الرئيس الليبي يقيم فيه.
وذكر التلفزيون
الليبي أن الطائرات الأطلسية دمرت مركز اتصالات يقع إلى الغرب من طرابلس،
مشيراً إلى أن هذا المركز مدني ويوفر الاتصالات الأرضية لبعض المناطق.
لكن
الحلف الأطلسي أكد انه قصف هدفا عسكريا للمراقبة والتحكم. وقال قائد
المهمة الأطلسية في ليبيا الجنرال شارل بوشار «ما دام القذافي مستمرا في
تهديد المدنيين، فستواصل قوات الحلف الضغط على نظامه وتقليل قدرته على
مهاجمة الشعب الليبي».
وخرج القذافي مساء أمس عن صمته، حيث قال، في
كلمة صوتية بثها التلفزيون الليبي، إن «هناك أكثر من 250 ألف ليبي، من
الرجال والشيوخ والأطفال سيزحفون باتجاه العصابات الإرهابية لتجريدها من
أسلحتها أمام العالم أجمع»، مؤكداً أن طائرات حلف شمال الأطلسي لن تستطيع
أن توقف هذا الزحف.
وأضاف «ان الواجب الوطني والتاريخي هو تحرير
البلاد وتوحيدها»، مشددا على أن «الليبيين لن يخونوا تاريخهم»، وأن
«العصابات الإرهابية لن تجد جبانا أو متخاذلا لخدمة التراب الليبي». وأكد
أن «صوت الشعب الليبي أقوى من أي طائرات أو أسلحة».
وتساءل «ماذا
يريدون منا؟ ماذا يريدون من ليبيا؟ هل يريدون إخضاعنا؟». وتابع «نحن نرحب
بالموت ولا نخشاه»، مضيفا ان «ما يعني الشعب الليبي هو دوره التاريخي سواء
استشهد أو انتصر... فإن هذا واجبه المقدس تجاه بلاده ومستقبله».
وقال
«لن نخضع لكم أبدا، ونرحب بالموت لأننا لا نريد الحياة تحت إمرتكم...
الشعب الليبي لن يخضع ويتمتع بالشجاعة والروح المعنوية العالية... لقد تم
الهجوم علينا في ديارنا وبيوتنا وحتى ان نساءنا يتقدمن بالآلاف للتدريب
على القتال ولن تستطيعوا هزيمة شعب مسلح»، مضيفاً «سنطهر بنغازي وكل شبر
في ليبيا وانتم تعرفون شجاعة القبائل الليبية وسيبقى الشعب صامدا». وختم
قائلاً «المعركة فرضت علينا ولا نخاف الموت... سأبقى في طرابلس حيا أو
ميتا وسأستمر في مقاتلة الأعداء».
وما كاد القذافي ينهي كلمته حتى شنت طائرات الأطلسي غارات جديدة على طرابلس.
الوساطة الروسية
في
هذا الوقت، قام المبعوث الرئاسي الروسي ميخائيل مارغيلوف بزيارة قصيرة
لبنغازي، معقل الثوار الليبيين، في محاولة لإيجاد مخرج للصراع القائم.
وقال
مارغيلوف، الذي التقى عدداً من المسؤولين في المعارضة الليبية على رأسهم
رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل، إن «البعض يتطلع إلى
بنغازي والبعض يتطلع إلى طرابلس. أما روسيا فترى أن مهمتها هي مد جسر بين
هاتين الضفتين اللتين يقف عليهما المجتمع الليبي الآن». وأضاف ان «لروسيا
وضعا فريدا في ليبيا الآن، فنحن لم نقطع العلاقات مع طرابلس، وأقمنا
علاقات مع بنغازي».
وتابع «نحن مستعدون إن أمكن للعمل كوسطاء في
إقامة حوار سياسي ليبي داخلي. روسيا مستعدة للمساعدة سياسيا واقتصاديا
وبأي شكل ممكن»، لكنه رأى أن «القذافي فقد شرعيته بعد أول رصاصة أطلقت على
الشعب الليبي»، مشدداً على ان الديموقراطية في ليبيا ستتحقق من خلال
الانتخابات التي ستجرى بعد انتهاء الحرب الأهلية.
واعتبر مبعوث
الكرملين ان «الغارات الجوية (للحلف الأطلسي) لا تحل المشاكل»، وشدد على
القول «نؤيد حلا سياسيا ولا نؤيد تصعيدا عسكريا».
من جهته، أوضح وزير
الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يقوم بزيارة للنروج، أن موسكو لا تسعى
إلى ان تضطلع بـ«الدور الرئيسي» في وساطة في ليبيا، معتبرا ان هذا الدور
يعود للاتحاد الافريقي. وأضاف «»نعتبر ان حل الأزمة شأن الليبيين».
أوباما
وفي
واشنطن، قال الرئيس الأميركي باراك اوباما إن القذافي سيطاح به إن عاجلا
أم آجلا. وتحدث اوباما، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية
انجيلا ميركل في البيت الأبيض، عن تقدم «كبير» في حملة حلف شمال الأطلسي
لحماية المدنيين والمعارضين الليبيين من هجمات مؤيدي القذافي.
وأوضح
أن «ما ترونه في شتى أنحاء البلاد هو اتجاه يتعذر تغييره حيث يتم دفع قوات
النظام إلى الوراء وإضعافها. أعتقد أن القذافي راحل إن عاجلا أم آجلا».
وتابع «لقد كنا واضحين المستشارة وأنا: على القذافي التنحي عن السلطة وتسليمها إلى الليبيين، وسيتواصل الضغط عليه حتى يتنحى».
الصين
وفي
بكين، دعت الصين الأطراف المعنية في ليبيا إلى أن تعطي الأولوية لمصالح
البلاد وشعبها وأن تدرس بجدية خريطة الطريق التي قدمها الاتحاد الأفريقي
لحل الأزمة. ونقلت وكالة «أنباء الصين الجديدة» (شينخوا) عن متحدث باسم
وزارة الخارجية الصينية هونج لي، خلال مؤتمر صحافي، ان «الصين تحث جميع
الأطراف الليبية على التوصل إلى وقف إطلاق للنار، وحل الأزمة من خلال
الطرق السياسية»، مضيفا أن بكين «مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي للتوصل
إلى حل سياسي».
وكانت الحكومة الصينية أعلنت أن وزير الخارجية الليبي
عبد العاطي العبيدي وصل إلى بكين لإجراء محادثات، فيما أجرى دبلوماسيون
صينيون محادثات جديدة مع أعضاء المجلس الوطني الانتقالي.
بروكسل
في
هذا الوقت، وافق الاتحاد الأوروبي على إضافة ستة موانئ ليبية لقائمة
العقوبات المفروضة على نظام القذافي. وأعلن مجلس أوروبا، الذي يمثل جميع
حكومات الاتحاد، «اتخذ مجلس الاتحاد الأوروبي قرارا بتمديد تجميد الأصول
ليشمل هيئات ستة موانئ ليبية نظرا لتدهور الوضع في البلاد»، من دون أن
يورد أن تفاصيل عن شكل العقوبات. لكن مسؤولين بالاتحاد يقولون انها ستحظر
على السفن التي تشغلها شركات أوروبية التعامل التجاري مع سلطات هذه
الموانئ.
وقدمت عائشة القذافي، ابنة الرئيس الليبي، شكوى إلى القضاء
البلجيكي تتهم حلف شمال الأطلسي بارتكاب «جرائم حرب». وقال المحامي
الفرنسي لوك بروسوليه بعد قليل من تقديمه شكوى باسم عائشة القذافي إلى
نيابة بروكسل والنيابة الفدرالية البلجيكية ان «قرار الحلف الأطلسي
باستهداف مسكن مدني في طرابلس يشكل جريمة حرب».
وتتعلق الشكوى
بالغارة التي شنها الحلف الأطلسي في 30 نيسان الماضي، وقتل خلالها، وفقا
لطرابلس، اصغر أبناء القذافي، سيف العرب (29 عاما) وثلاثة من أحفاد الزعيم
الليبي هم سيف (عامان) وقرطاج (عامان) ومستورة (أربعة أشهر) إضافة إلى
أصدقاء وجيران.
وأعلنت البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة ان وزير
العمل الليبي الأمين منفور انشق عن نظام القذافي أثناء وجوده في جنيف
لحضور اجتماع منظمة العمل الدولية، مؤكدة بذلك معلومات صحافية في هذا الصدد