غـواصـات إيـران فـي الـبـحـر الأحـمـر
بعد ثلاثة شهور ونصف على إرسال بارجتين عبر قناة السويس إلى البحر المتوسط، أعلنت إيران إرسالها غواصتين حربيتين إلى البحر الأحمر.
ويمثل هذا الإعلان استعراضا للقوة الإيرانية في مواجهة إسرائيل
وأميركا، فضلا عن أنه الانتشار الأوسع للقوة البحرية الإيرانية بعيدا عن
شواطئها. فالقوة البحرية في البحر الأحمر لا تشمل فقط الغواصتين، وإنما
قوة إسناد لها من بارجتين حربيتين وسفن إمداد وحماية.
والمعلوم أن إيران تعمل منذ سنوات على تحديث أسطولها الحربي، وترسيخ
نفسها كقوة إقليمية. ويرى مراقبون في نشر القوة البحرية بعيدا عن الشواطئ
الإيرانية نوعا من الاستعداد لهجوم محتمل من جانب إسرائيل أو القوى
الغربية على منشآتها النووية.
ولم يخف البلاغ الإيراني الذي نشرته وكالة «فارس» شبه الرسمية بعض
أغراض نشر القوة البحرية في البحر الأحمر. فقد أفاد مراسل القسم الدفاعي
في «فارس» بأن الهدف من إرسال هذه الغواصات إلى البحر الأحمر هو «جمع
المعلومات وتحديد القطع البحرية
القتالية لمختلف دول العالم». وأشار إلى أنه رافقت هذه الغواصات
القافلة البحرية الـ14 بعد إعلان كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين
استعدادهم إرسال هذه الغواصات للقيام بمهام طويلة الأمد. وتتألف القافلة
14 التابعة للحرس الثوري الإيراني من البارجة «بندر عباس» والمدمرة «شهيد
نقدي». وقالت قناة «برس تي في» الإيرانية الناطقة بالانكليزية أيضا إن
القافلة البحرية هذه «دخلت خليج عدن في أيار الماضي، وهي تدخل البحر
الأحمر حاليا لاستكمال مهمتها».
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) العقيد ديفيد
لابان أن إيران أرسلت فعلا غواصات إلى البحر الأحمر، في خطوة غير مسبوقة
حتى هذا البعد عن السواحل الإيرانية، لكنها لا تثير «قلق» الولايات
المتحدة.
وهذا الانتشار بعد أشهر من إرسال سفينتين حربيتين إيرانيتين إلى
المتوسط، لا يثير قلق السلطات العسكرية الأميركية، بحسب لابان الذي رأى
«انه لا سبب يدعو إلى القلق حتى الآن». وأضاف «لقد أعربنا مرارا عن قلقنا
حيال الأعمال التي تولد حالة عدم استقرار، لكن مجرد تحريك القوات العسكرية
لا يشكل بالضرورة أمرا يثير قلقنا».
وفي العام 1996 باعت روسيا عددا من الغواصات الى إيران ما جعلها
الدولة الوحيدة في الخليج التي تمتلك غواصات حربية. لكن الإيرانيين بدأوا
من العام 2008 إنتاج غواصات حربية حديثة دخل بعضها الخدمة العام الماضي.
وكانت طهران أعلنت، في آب الماضي، أنها زادت من قوة أسطولها وأدخلت إلى
الخدمة غواصة «غدير» المنتجة محليا، والتي تزن 120 طنا، بحيث باتت تمتلك
11 غواصة.
ولا يمكن قراءة نبأ نشر الغواصات الإيرانية في البحر الأحمر من دون
الإشارة إلى إسرائيل. فمنذ أشهر والأنباء تتوارد عن نشر الدولة العبرية
قوة بحرية في خليج عمان استعدادا لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية
الإيرانية. بل إن صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية نشرت مؤخرا أن سفن
الإسرائيلي سامي عوفر للنقل البحري التي كانت تتعامل مع إيران كانت معدة
لحمل مروحيات حربية إسرائيلية للمشاركة في أعمال حربية وتجسسية في إيران.
ولهذا السبب فإن نبأ الغواصات الإيرانية استهل النشرات المركزية للتلفزيون
الإسرائيلي.
وكتب المراسل العسكري لموقع «يديعوت احرونوت» الالكتروني رون بن يشاي
أن الإيرانيين لا يضيعون الوقت، وأنهم يستغلون الوضع الثوري في المنطقة
العربية لتعزيز مكانتهم كقوة إقليمية.
وأشار إلى أن الإعلان عن نشر الغواصات في البحر الأحمر هو التعبير
الأخير عن هذه الرؤية. وألمح في هذا السياق إلى إرسال البارجتين في شباط
الماضي إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يمكن اعتباره حدثا تاريخيا وذا
طبيعة إستراتيجية. وأوضح أن نشر الغواصات استكمال لتلك الخطوة التي تتسم
بأهمية بالغة من وجهة نظر إسرائيلية. فالتواجد في البحر الأحمر يسمح
لإيران بمراقبة تحركات الأسطول الإسرائيلي، خصوصا في مواجهة عمليات تهريب
الأسلحة إلى قطاع غزة. («السفير»)