ما أكثر المنذرين بالموت ǃ والعالم مليء بمن تجب دعوتهم إلى الإعراض عن الحياة.
إنّ الأرض مكتظّة بالدّخلاء، وقد أفسدوا الحياة، فما أجدرهم بأن تستهويهم الحياة الأبديّة ليخرجوا من هذه الدّنيا.
لقد وصف المنذرون بالموت بالرّجال الصّفر والسّود، ولسوف أصفهم أنا فينكشفون عن ألوان أخرى أيضا.
إنّهم لأشدّ النّاس خطرا، إذ كمن الحيوان المفترس فيهم، فغدوا ولا خيار لهم إلاّ بين حالتين، حالة التّحرّق، وحالة كبتها بالتّعذيب. وما شهوتهم إلاّ التّعذيب بعينه. إنّ هؤلاء المسوخ لم يبلغوا مرتبة الإنسانيّة بعد، فليبشّروا بكره الحياة، وليقلعوا عن مرابعها.
هؤلاء هم المصابون بسلّ الرّوح، فإنّهم لا يكادون يولدون للحياة حتّى يبدأ موتهم، وقد شاءتهم مبادئ الموت والملال. يودّ هؤلاء النّاس أن يدرجوا في عداد الأموات، فعلينا أن نحبّذ إرادتهم، ولنحترس من أن نعمل على بعث هؤلاء الأموات، وعلى تشويه هذه النّعوش المتحرّكة…
هكذا تكلّم زرادشت كتاب للكلّ ولا لأحد لفريدريك نيتشه ترجمة فليكس فارس الاسكندريّة، 1938
الرد على هذا المقال
الجمعة ديسمبر 11, 2009 4:25 am من طرف سميح القاسم