الحكومة المغربية تبحث عن حلول ليمر الاحد بسلام وتقول انها تتعامل بـ'انفتاح كبير' مع مطالب الشبان الغاضبين
محمود معروف
2011-02-16
الرباط ـ 'القدس العربي': قال مسؤول مغربي كبير ان
بلاده تواصل الاصلاح رغم الازمات التي يعرفها العالم واكد ان الاندماج
الاقتصادي العربي يمكن من تجاوز عدد من الدول العربية لأزماتها.
وقال
الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية المغربي ان المغرب يواصل دينامية
الإصلاح في إطار تلاحم متين بين العرش والشعب، وأنه يستطيع مواجهة تحديات
المستقبل بقوة ومناعة أكبر.
وقال الفاسي الفهري في تصريحات بثها
التلفزيون المغربي الليلة قبل الماضية إنه 'بالرغم من الأزمات التي يشهدها
العالم اليوم، فإن وتيرة الإصلاح بالمغرب تتقدم يوما عن يوم، وهناك إرادة
لتحديث اقتصاده'.
وأشار الوزير المغربي إلى الورشات التي بدأها المغرب
من قبيل البنيات التحتية وقطاع الاتصالات، والمبادرة الوطنية للتنمية
البشرية، مذكرا بأن المغرب كان سباقا إلى العديد من الإصلاحات التي مكنته
من الحصول على 'الوضع المتقدم' في إطار علاقاته مع الاتحاد الأوروبي.
وحول
القلق الذي تعرفه الدول العربية بعد ثورتي تونس ومصر، قال الفاسي الفهري
ان المغرب ما فتئ يلح على الاندماج الاقتصادي العربي الذي يمكن من تطوير
اقتصاديات البلدان العربية وإعطاء الفرص للشباب، مشيرا الى تعثر الاندماج
المغاربي وتجميد اتحاد المغرب العربي الذي يجمع بلاده منذ 1989 مع ليبيا
وتونس والجزائر وموريتانيا. وقال ان تكلفة عدم قيام اتحاد المغرب العربي
'ندفع ثمنها يوميا'، وأضاف 'لو كان الاتحاد المغاربي الذي يعد ضرورة حتمية
قائما، لما وقع ما وقع في تونس'.
وتحيي الدول المغاربية اليوم الخميس
الذكرى الثانية والعشرين لتأسيس الاتحاد الذي رأى النور في 17 شباط/فبراير
1989 بمدينة مراكش، في ظل تلمس تونس لمستقبل ديمقراطي انبلج فجره بعد
الثورة ودعوات للتظاهر احتجاجا على الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية
والحريات في بقية دوله، وثنائيا في استمرار اغلاق الحدود البرية بين المغرب
والجزائر ونزاع الصحراء الغربية.
ويتهم المغرب الجزائر بانها اختارت
'السير في الاتجاه المعاكس' بالاستمرار في إغلاق الحدود وربط ذلك بحل قضية
الصحراء 'مع العلم بأن المغرب اقترح منذ سنوات فتح نقاش مع الجزائر حول
الملفات الثنائية والتعاون وفصل قضية الصحراء عن مسألة تطبيع العلاقات بين
البلدين'، حسب وكالة الانباء المغربية.
وحذر وزير الخارجية المغربي من
اضطرابات قد تعرفها مدن الصحراء الغربية، وقال إن الجزائر وجبهة
البوليزاريو 'ربما تستغلان الاضطرابات السياسية التي تجتاح بعض الدول
العربية لإشعال الاضطرابات في المنطقة'.
واضاف ان 'أعداء الوحدة
الترابية المغربية ربما يستخدمون هذه الاضطرابات لدفع جداول أعمالهم قدما،
لان ما تتطلع الجزائر وجبهة البوليزاريو لفعله هو خلق بعض الفوضى في
المنطقة'، داعيا الجزائر الى 'طي صفحة خلافات الماضي' والتركيز على تعزيز
التعاون الاقتصادي وحثها على التركيز على استئناف الجهود المتوقفة منذ فترة
طويلة لإنشاء منطقة اقتصادية إقليمية تشمل أيضا تونس وليبيا وموريتانيا،
كما قال.
دعم ومشاركة
وتشكل دعوة للتظاهر بالمغرب يوم الاحد
محور اهتمام مختلف الفاعلين بعد اعلان منظمات وجمعيات حقوقية وسياسية
مشاركة ناشطيها ودعمها لهذه التظاهرات فيما اتخذت الحكومة المغربية سلسلة
اجراءات اقتصادية للتخفيف من اعباء ارتفاع الاسعار وقررت تشغيل الاف من
العاطلين عن العمل.
وأكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة
المغربية أن حكومة بلاده تتعامل بـ 'انفتاح كبير' مع المطالب الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية للشباب المغربي.
وقال خالد الناصري حول تعامل
الحكومة مع مطالب مجموعات على صفحة فيس بوك الاجتماعية لتنظيم تظاهرات
احتجاجية ' لا أحد يشك في مشروعية المطالب الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية لهؤلاء الشباب وأنها مطروحة في الأجندة الوطنية ونتعامل معها
بانفتاح كبير على مختلف القوى السياسية والاجتماعية'.
وتطالب هذه
المجموعات باصلاحات سياسية ودستورية للوصول الى ملكية برلمانية ومحاربة
الفساد وحريات الاعلام والصحافة واطلاق سراح معتقلين سياسيين. وقال الناصري
'سنستمع لهذه المطالب وهناك حركية في اتجاه الاستجابة لها كي لا يقال إننا
نكتفي بالاستماع، بل نتفاعل معها من أجل العمل جميعا لبناء الديمقراطية
المغربية المتفردة التي تمثل المدخل للعدالة الاجتماعية وحل جميع المشاكل'.
وأوضح أن هذه القضايا 'مطروحة منذ مدة في إطار مسلسل إصلاحي ضخم يقوده
الملك محمد السادس في تناغم تام مع نبض الشارع'.
وأبرز الناصري أن
الحكومة 'تعاملت دائما مع المطالب الاجتماعية، بما فيها تلك المعبر عنها في
الشارع العام، بكثير من الانفتاح والتفهم لأن المغرب يتميز بأنه يتصدى
لمعالجة المشاكل في إطار حوار دائم يفسح المجال رحبا أمام كل أشكال التعبير
الحضاري'.
وذكر الوزير المغربي أن الحكومة 'تتعامل بكثير من الاطمئنان
إزاء الاحتجاجات المرتقبة وتعتبرها أمرا عاديا في إطار المناخ الديمقراطي
الذي يسود المغرب لأننا نثق في الروح الوطنية وتماسك أفراد الشعب المغربي،
وفي مقدمتهم الشباب الذين لا يشك أحد في التحامهم بالقضايا الوطنية
الكبرى'.
كما أشار إلى أنه 'لا تعارض مطلقا بين المطالب الاجتماعية
والسياسية واستمرار التعبئة الوطنية للدفاع عن القضايا الكبرى المتمثلة
أساسا في الوحدة الترابية والبناء الديمقراطي والبناء المؤسساتي في ظل مناخ
الاستقرار الذي تنعم به البلاد'.
وعبرت 20 جمعية حقوقية ومدنية عن
دعمها لمطالب ما يعرف بـ'شباب 20 فبراير' ولكل الحركات الاحتجاجية السلمية
المعلنة من أجل الحقوق والمطالب المشروعة.
تغيير الدستور
وقالت
الجمعيات، في بلاغ ارسل لـ'القدس العربي' إنها تدعم تلك المطالب، وعلى
رأسها تغيير الدستور، باعتباره القانون الأسمى في البلاد ، مشيرة ً إلى أن
'إقرار دستور ديمقراطي يشكل المدخل الأساسي لبناء دولة الحق والقانون في
بلادنا'. وشارك في البلاغ الذي صدر عقب اجتماع عقد بمقر الجمعية المغربية
لحقوق الانسان كل من العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الجمعية
المغربية لحقوق الإنسان، المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، منظمة العفو
الدولية ـ فرع المغرب، المرصد المغربي للسجون، الجمعية الديمقراطية لنساء
المغرب، جسور ملتقى النساء المغربيات، المرصد المغربي للحريات العامة،
الجمعية المغربية للنساء التقدميات، الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال
القضاء، جمعية عدالة، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، المركز المغربي
لحقوق الإنسان، منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الرابطة المغربية للمواطنة
وحقوق الإنسان، منظمة حرية الإعلام والتعبير، الهيئة المغربية لحقوق
الإنسان، منتدى بدائل المغرب، منتدى المواطنين.
وتداول المجتمعون
والمجتمعات حسب البلاغ 'الظرفية الراهنة على المستوى الدولي والإقليمي
والوطني عقب الانتصارات التي حققتها الثورتان التونسية والمصرية، انطلاقا
من مرجعية حقوق الإنسان الكونية التي تشكل الأرضية التي ينطلق منها
المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان في التعاطي مع قضايا الحرية والكرامة
وحقوق الإنسان والديمقراطية'.
وسجل المجتمعون استمرار انتهاك الحقوق
المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، 'والتي كانت دائما
وراء الحركات المتواصلة للمواطنات والمواطنين في مختلف المناطق للاحتجاج
وللمطالبة باحترام الحقوق والحريات وبضرورة إيجاد الحلول للمشاكل اليومية
لمختلف فئات الشعب المغربي'.
وافاد البلاغ أن المجتمعين 'تدارسوا عددا
من المبادرات المعلن عنها من طرف مجموعات مختلفة ومتنوعة من الشباب، وأساسا
منها الإعلان عن أشكال من التعبير والاحتجاج السلميين يوم العشرين من شهر
شباط/فبراير 2011 بعدد من المدن المغربية، للمطالبة بالتغيير الذي ينشد
تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية'.
ودعت الجمعيات الدولة
المغربية إلى التعامل بـ'شكل حضاري مع مبادرة 20 شباط/فبراير، وإلى ضرورة
احترام إرادة المواطنات والمواطنين في الاحتجاج السلمي وضمان حقهم في
التعبير بشكل حضاري عن تطلعاتهم في وطن ينعمون فيه بالحرية والكرامة
والمواطنة بكافة الحقوق'.
ومن المقرر ان تعقد هذه الجمعيات اليوم الخميس مؤتمرا صحافيا لتقديم بلاغها ورؤيتها لتظاهرات الاحد القادم.
وحسمت
جماعة العدل والاحسان شبه المحظورة، اقوى الجماعات الاصولية المغربية،
قرارها بالمشاركة بتظاهرات الاحد. وقال حسن بن ناجح مدير مكتب الناطق
الرسمي باسم الجماعة في رسالة لـ'القدس العربي' ان الجماعة قررت المشاركة
بالتظاهرات.
كما وصلت الى 'القدس العربي' بلاغات احزاب سياسية وهيئات
حقوقية تدعم التظاهرات وتدعو ناشطيها للمشاركة، الا ان الاحزاب الرئيسية لم
تعلن موقفا حتى الان وان كانت مواقف الصحف الصادرة عنها وتعاطيها مع هذه
الدعوة تتباين.
وقالت منظمة الشبيبة الإسلامية المغربية المحظورة
والتي مارست اغتيال ناشطين يساريين في سبعينيات القرن الماضي إنها لا تعارض
الاحتجاجات الشبابية، في الوقت الذي شددت فيه على أنها ضد العنف والفوضى
والعدوان.