الحساب والتطهير
فراج إسماعيل |
17-02-2011 00:18 ليس بدعة على الثورات محاسبة الفساد والفساد واجتثاثهم حتى تنطلق للمستقبل طاهرة واثقة متحررة من ذيول الماضي.
البعض
من إعلاميي وكتاب النظام السابق الذين منحوا أنفسهم حق التنظير لمصر
الجديدة، يريدوننا التوقف عن ما يسمونه تصفية حسابات، بدعوى الانتباه لبناء
المستقبل واستحقاقاته، وهي حجة باطلة ومراوغة ساذجة، فأول استحقاقات
المستقبل محاسبة اللصوص الذين سرقوا مصر وأفقروها طيلة 30 عاما.
كيف
نترك المفسدين الذين بددوا الخيرات والموارد وخصوا بها أنفسهم وحواريهم
وجنود فرعون من الإعلاميين المتسلقين على أكتاف كل زمن ومرحلة؟!
استمعت
إلى حديث أدلى به الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى قناة العربية قبل عدة
سنوات، يحمل الشعب مسئولية الفقر وقلة الموارد، متمثلا بشخص يأكل 10 أرغفة!
10
أرغفة في اليوم أمر محزن ومصدر قلق كبير للرئيس، أما القصور والأراض
الزراعية وأراض البناء ومليارات الدولارات التي ذهبت بدون وجه حق لنجليه
وأصهارهما ورجالهم، فلا تساوي شيئا، ولا تقلق منامه!
يقول الشاعر
فاروق جويدة في مقاله بالأهرام أمس: لا أحد يعلم شيئا عن المليارات الستة
التي تدرها قناة السويس سنويا، وبعيدة تماما عن المواطن المصري. لا أحد
يعلم شيئا عن موارد مصر من البترول ولا قيمة صادراتها من الغاز إلى إسرائيل
والأردن، ولا 22 مليار دولار من السياحة سنويا، ولا مئات المليارات
الناتجة من البناء على أراض زراعية ودخلت جيوب مجموعة من الأشخاص.
لا
أحد يعلم شيئا عن المساحات الشاسعة التي تاجر فيها كبار المسئولين في
أراضي شرم الشيخ والغردقة وطابا ومئات القرى السياحية والمنتجعات، بالاضافة
إلى برنامج الخصخصة وبيع شركات القطاع العام لعدد قليل من الأشخاص.
لا
أحد يعلم شيئا عن 35 مليار جنيه سنويا من المكالمات فقط يدفعها 55 مليون
مشترك لفودافون وإتصالات وموبنيل. ولا المصانع التي بيعت وتحولت إلى عقارات
وقصور وفيلات بالاضافة إلى الفنادق الكبرى ومشروعات الصناعات الغذائية
والاستهلاكية وشركات التجارة والاستيراد والتصدير.
بالأرقام يحسب
فاروق جويدة المسروقات خلال 30 سنة كالأتي: 200 مليار جنيه قدمتها المعونة
الأمريكية، 400 مليار جنيه للأراضي الزراعية، 400 مليار جنيه دخل قناة
السويس، 200 مليار جنيه دخل السياحة في 20 عاما، هذا بدون صادرات الغاز
والبترول التي لا يعرف أحد قيمتها.
كل هذا النهب.. والرئيس زعلان
على 10 أرغفة يأكلها شخص واحد. زعلان على زيادة النسل، حتى أنه يقول في
المقابلة نفسها: استلمت مصر وهي 30 مليونا.. ماذا أفعل الآن ومعي 75 مليونا
(كان ذلك قبل أن يصل تعداد السكان إلى 85 مليونا)؟!
كيف إذن نتوقف
ولا نحاسب؟!.. لابد لمصر أن تصفي حسابها مع هؤلاء الذين حلبوها إلى آخر قطر
حليب، وعندما قامت وثارت نشروا مفسديهم وفاسديهم وبطلجيتهم لتخريبها
وتركها أرضا خرابا!
لابد أن نقاوم بقايا نظام مستبد لص ظل يدمر المال والمروءة والأخلاق والكرامة طيلة 30 عاما، هي أحلك سنوات مصر طوال تاريخها.
لا
نستطيع أن نتقبل نفس الإعلاميين الذين كانوا يمدحونه ويصورونه جنة الله
على الأرض.. كيف نقبل بقاء "لميس الحديدي" في إحدى قنوات هذا الشعب وهي
المقربة من جمال مبارك لحد أنها كانت تناديه "جيمي" كما تظهر إحدى لقطات
الفيديو المسربة على اليوتيوب.. كيف نعلم بأنها ما زالت تتقاضى راتبها
الضخم من دافع الضرائب المسكين ونسكت على ذلك؟!
كيف نتصور استمرار
"خيري رمضان" بعشرات الآلاف التي يتقاضاها والتي خصصت له نظير فروض الطاعة
والولاء لأنس الفقي، وظل ملتزما بتقديم هذه الفروض حتي ساعة سقوط مبارك يوم
11 فبراير؟!
كيف يمكننا أن نتقبل استمرار محمد علي ابراهيم في
موقعه على رأس جريدة "الجمهورية" وهو الذي كان يخدعنا مع طلعة كل صباح
بمانشيتات خير الحزب الوطني ورفاهية مفجر ثورة التحديث ونصير الفقراء جمال
مبارك وجولات السيدة والدته؟!
كيف نتقبل غيره من رؤساء تحرير الصحف
الرسمية الذين استمروا يسخرون من ثورتتا ومن قومة الشعب المصري وقدراته؟!..
هل يكفي أنهم ضغطوا على الزرار فتحولت صحفهم للجهة الأخرى على حد قول
الإعلامي الكبير المحترم حمدي قنديل؟!
لابد من الحساب والتطهير، فالسفينة ستغرق إن سارت وعلى ظهرها كل هؤلاء..