تسونامي إسلامي
ايتان هابر
2011-02-14
بالضبط في اللحظة الاشد حرجا، عشية السبت، وعلى شاشة
التلفزيون ظهر رئيس وزراء بريطانيا وربما كانت هذه المستشارة الالمانية
ويحتمل أن يكون هذا الرئيس الفرنسي بالضبط في اللحظة الحرجة اياها نفدت من
منزلي مناديل مسح الدموع: فقد اضطررت للاكتفاء إذن بمناشف الحمام كي أوقف
شلالات الدموع.
الواحد تلو الآخر ظهر تقريبا كل زعماء الغرب الكبار
وبعثوا الينا، نحن الاطفال في الشرق الاوسط، جملة الكلمات المكوية
'ديمقراطية'، 'حقوق المواطن' وما شابه، وكلهم، بالطبع، شاركوا في فرحة
الجماهير في ميدان التحرير. لو كان بوسعهم لانطلقوا بالاحرى في رقص عام.
الموقع
أعلاه يكاد يكون مقتنعا بأنه لو نظر المشاهدون مباشرة الى عيون السادة
اوباما، كاميرون وساركوزي والسيدة ماركيل لاكتشفوا الخوف. يحتمل أيضا ان
يكونوا بعد أن انطفأت الاضواء في الاستوديوهات قد تفوهوا بكلمات مثل 'شيت'
او 'شايسه'. فالجماهير في ميدان المدينة في القاهرة كانت تهم أقفيتهم
الناعمة. هم يخافون هذه الجماهير. والكثير من الملايين وراءهم، مصابون بمرض
معد سيصل اليهم ايضا. وهذا فقط ما ينقصهم.
لا ينبغي التأثر بتحياتهم.
فتمسكهم بـ 'الديمقراطية' بـ 'حكم الشعب'، بـ 'حقوق المواطن'، هو في الحالة
التي امامنا من الشفة الى الخارج. وهم يعتقدون انهم بكلمات جميلة سينقذون
أنفسهم وشعوبهم من الموجة الراديكالية التي تهدد بإغراقهم. ويخافون ان بعد
سنة، بعد خمس سنوات، متظاهرو التحرير سيصلون الى ميادينهم وشوارعهم. منذ
اليوم يرون طلائعهم يسيرون كالاسياد في الشانزيليزيه، في اوكسفورد ستريت
وفي اونتر دان لندن.
يحتمل جدا أن حسني مبارك لم يكن حاكما مثاليا.
يحتمل جدا أن الحكم في القاهرة كان فاسدا وغير متنور. مؤكد أن من الصعب على
المرء ان يكون مصريا في القاهرة، في الاسماعيلية، في الاسكندرية، في لقصر.
ولكن ما فهمه مبارك وما فهمه رجاله لن يفهمه مائة اوباما وخمسون سنة اخرى:
مبارك وحكمه كانا على ما يبدو الكابح الأخير في عالمنا المتنازع في وجه
التسونامي الاسلامي، هذا الذي يتطلع الى الافتراس بل ويفترس منذ الآن دولا
في اوروبا ويجعل العالم مكانا أقل فأقل راحة العيش فيه.
يحتمل جدا، من
شبه المؤكد، فان هذه مسيرة محتمة، وقيض لنا بان نعيش معها، ولكن اذا اذا!
يمكن، فمن المجدي تأجيل ورد النهاية. فماذا سينفع الحكماء في السلامة
الديمقراطية اذا ما 'الاخوان المسلمون' في مصر وفي كل مكان آخر استولوا على
الحكم او أثروا تأثيرا حاسما على طبيعته، فطردوا علائم الثقافة الغربية
'الفاسدة' وجعلوا، مثلا، 82 مليون مواطن مصري جنودا يرفعون سيف الاسلام؟
أي
ديمقراطية ستكون هذه عندها؟ من سيطلب 'حقوق مواطن' في دولة كلها مغطاة
بالاحجبة. أين سيكون الامريكيون، عندما ستقطع في ذات ميدان التحرير الايدي
والالسن، الاذان والانوف، وتطير رؤوس 'المتمردين'. عندها سيضطرون الى أطنان
من المناشف.
الرئيس مبارك كان طاغية بالفعل. وعلى ما يبدو كان فاسدا
أيضا. لا يمكن أن نحسد من عاش، مثلا، في 'مدينة القبور' في القاهرة. ولكن
هذا هو نفس مبارك الذي يلبس البدلات ويربط ربطات العنق ويتكلم الانجليزية،
وينفذ اتفاق السلام، ويستضيف زعماء اسرائيليين في قصره ويصل الى جنازة
رابين بل وحتى أعوذ بالله يورد الغاز بسعر خاص.
من شبه اليقين ان هذا
هو المقال الوحيد الذي سينشر اليوم في صالح مبارك. من ناحية السياسة
السليمة من السليم مدح الجماهير، المشاركة في فرحة الديمقراطية. كل مزدوجي
الاخلاق في العالم الغربي يجتمعون للاحتفال بـ 'حقوق المواطن'. وأنا، يا لي
من عديم الثقافة، أبدأ منذ الآن بالاشتياق للرئيس الذي اجبر على
الاستقالة. ليتني أكون مخطئا.
يديعوت 14/2/2011