أدلة على تورط الجيش المصري بالتعذيب وفيسك يتهم الغرب بالنفاق وتجاهله رياح التغيير في المنطقة






























لندن ـ 'القدس العربي': تحدثت صحيفة ' الغارديان'
البريطانية مع عدد من المعتقلين ممن احتجزهم الجيش المصري اثناء الانتفاضة
الحالية، وكشفت شهادات المعتقلين واحد صحافييها عن الدور المزدوج الذي
يلعبه الجيش المصري من ناحية الوقوف الى جانب الحياد في العلن ومن ناحية
محاولة قمع الثورة حيث يتعرض لضغوط من النظام الحالي.
وتأتي الاعترافات
في ضوء مشاورات امريكية حول مصير الرئيس الامريكي، فقد باتت الادارة منقسمة
حول كيف يرحل حسني مبارك ومتى، في وقت شكك المراقبون في قدرة نائب الرئيس
المصري، عمر سليمان على التعامل مع الانتقاضة التي دخلت يومها الثامن عشر،
واخذت تنتشر في معظم مؤسسات الدولة الموالية منها والمعارضة. واتهمت منظمات
حقوق انسان الجيش المصري بالتورط باعتقال وتعذيب المئات ان لم يكن الالوف
من المحتجين حيث تعرضوا للضرب المبرح وغير ذلك من وسائل التعذيب على يد
الجنود. ولدى منظمات حقوق الانسان كما تقول الصحيفة سجلات ووثائق بحالات
متعددة ممن عانوا على يد الجنود.
وتحدثت المنظمات عن حالات اختفاء حيث
باتت عائلات تبحث عن ابنائها المفقودين. وتم الحجز على بعض المعتقلين في
المتحف المصري الواقع قرب ميدان التحرير. ومن افرج عنهم قدموا الكثير من
الشهادات عن الوان التعذيب التي استخدمت ضدهم من قبل الجنود الذين القوا
باللائمة عليهم بانهم يتبعون اوامر قوى خارجية من حماس واسرائيل. ومن بين
من اعتقلوا دعاة حقوق انسان ومحامين. ونقلت عن حسام بهجت مسؤول المبادرة
المصرية للحقوق الشخصية ان هناك مئات او الوفا من الناس العاديين من
الذين باتوا في عداد المفقودين وممن اختفوا في مراكز احتجاج تابعة للجيش في
معظم انحاء البلاد.
وقال ان هناك عددا كبيرا منهم ممن شاركوا في
الاحتجاجات او ممن اخترقوا قوانين منع التجول او ممن تحدوا الجيش او من
الاشخاص الذين اعتقد الجيش انهم اجانب. ونقلت عن شاب اسمه اشرف قال ان
الجنود اعتقلوه وهو يحمل صندوقا من المواد الطبية لمساعدة جريح في الميدان
اصيب اثناء مواجهات بين المحتجين واتباع مبارك. وقال انهم اتهموه بالعمل
لقوى خارجية وتجمعوا عليه وهم يضربونه باعقاب البنادق. وتم رمي اشرف مقيدا
في سيارة عسكرية واستمر الجنود بضربه قبل ان يحتجز في منطقة تابعة للجيش
خلف المتحف. وقال ان ضابطا حضر وسأله 'من يدفع لك للعمل ضد الحكومة، وعندما
قلت انني اريد حكومة احسن، ضربني بعقب بندقيته ووقعت على الارض، فيما قام
جندي اخر بركلي وبشكل مستمر بين فخذي'. وزعم اشرف ان الجنود صوبوا حربة
البنادق امامه وهددوه باغتصابه بها. واطلق سراحه بعد تعهده بعدم العودة
لميدان التحرير. وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد نقلت عن مكتبها في
القاهرة ان المكتب يتلقى العديد من المكالمات من عائلات تسأل عن ابنائها
الذين اختفوا. ومن بين الذين اختفوا كريم عامر احد نقاد الحكومة المعروفين
ومدون معروف تم اعتقاله على حاجز جيش وهو يغادر ميدان التحرير. وينظر الى
ممارسات الجيش على انها محاولة لكسر ارادة المتظاهرين. وتعتقد منظمة هيومان
رايتش ووتش ان 119 من المدنيين اعتقلوا من قبل الجيش وان هناك حالات كثيرة
لم تسجل، لان المعتقلين لا يقومون بالابلاغ او لا يخبرون عائلاتهم ولا
يقومون بالاتصال بمحامين. ومن بين من اعتقلوا احد دعاة الديمقراطية الذي
ضرب بسبب العثور على ملصق يدعو للتغيير في حقيبته. وتم اخذه لمركز شرطة
عابدين حيث ابلغ الضباط هناك ان 'جاسوسا' وصل، ولهذا تم استقباله بـ '
علقة' استمرت نصف ساعة.

نظام جديد او النظام القديم

وتظهر
ممارسات الجيش حالة من التخبط والقلق من النظام الذي بدأ يفقد سيطرته، خاصة
ان عمر سليمان فشل في جلب المعارضة لصفه والمح في تصريحاته عن ان استمرار
العنف يعني 'الانقلاب' وقال تقرير في 'الغارديان' ان عمر سليمان يستحق
وصفه بالرجل الذي يحضر للمعركة والرجل الملتزم بكلمة رئيسه مبارك والذي كلف
بعملية حوار ونقل للسلطة منظم تعيد الامور الى مسارها.
وقال التقرير ان
هناك العديد من الشكوك التي بات تحوم حول قدرته على الامساك بالاوضاع.
والسبب هو عدم جدية سليمان وعدم صدق النظام في نواياه، ذلك ان اجتماعات
سليمان مع المعارضة لم تكن شاملة وتخلفت عنها الكثير من القوى السياسية،
وما اكد هذا هو رفضه يوم الثلاثاء لرحيل مبارك وقوله ان مصر ليست مهيأة
للتغيير الديمقراطي، وعليه لجأ سليمان الى لغة التهديد يوم الاربعاء. ومع
ان النظام ظل يلعب على ورقة تعب المتظاهرين ومن ثم تفرقهم فان الاحداث تظهر
ان الوضع يتوسع. ففي الوقت الذي اظهر النظام سيطرة نسبية على الوضع مما
ارضى القوى الغربية التي بدأت تتقبل فكرة استمرار مبارك في السلطة حتى
انتهاء ولايته الا ان اصرار المتظاهرين غيّر واقع اللعبة. ومن هنا بدأت
الادارة الامريكية بالضغط على سليمان لتقديم حلول حقيقية، وهذا يظهر ان
سليمان بالشخص العاجز عن حل المشاكل التي تتراكم كل يوم.
وفي افتتاحيتها
قارنت الصحيفة بين عمر سليمان والمدون وصاحب الفيسبوك وائل غنيم الذي بدأ
الاعلام يتعامل معه على انه الوجه الحقيقي للثورة لان دعواته على موقعه
ادت الى تفجير الانتفاضة. وتقول ان سليمان الرجل الذي يظهر بمظهر الممسك
بالامور مع ان الامر غير ذلك والمؤمن بالسلطة، وحلال المشاكل كما يظهر على
ملامحه وحركات يده وجسمه. وامام سليمان هناك غنيم، الخجول، الذي رفض ان
يكون قائدا، واعترافه بانه لم يكن يحاول ازاحة مبارك ويظهر اخلاصه
ودبلوماسيته عندما قال انه لم يعامل بقسوة اثناء احتجازه. ومع انها اكدت ان
ميدان التحرير بالنسبة للمعتصمين اصبح رمز المقاومة ولا يمكن التخلي عنه
الا ان المتظاهرين بدأوا ينظرون لما بعد ميدان التحرير. وما يساعد في توسيع
الثورة هو عودة الفضائيات للبث والتصدع في الاعلام الرسمي فيما بدأ
الاعلام المستقل الذي كان مقهورا بتقديم خطاب اكثر قوة وجرأة.
وبالمقارنة
مع الرواية الجديدة للاعلام فان خطاب سليمان في البداية بدأ تصالحيا مع
انه حاول سحب البساط من تحت قدم المتظاهرين بربطهم بقوى خارجية. وحاول
اظهار ان ملف المصالحة يجري حسب البرنامج مع الاشارة انه لم تعد هناك حاجة
للرئيس. ومع انها قالت ان ليس كل ما قاله سليمان خطأ لكن روايته عن الاحداث
تظل بشكل عام مهتزة. وتعتقد انه مع الكشف عن موقف الجيش والممارسات التي
قدمتها فالشعب المصري الان امامه فرصة للاختيار بين وجه النظام وبين وجه
دعاة التغيير. ومن هنا قرأ تحليل صحيفة 'نيويورك تايمز' الوجه الجديد لشباب
مصر وكيفية تنظيمهم التظاهرات ضد النظام. وتعرض التقرير لمحاولات الحكومة
المصرية شق صف المعارضة قالت ان شباب الانتفاضة يعتمدون الان على الانترنت
كي يقوموا بالتحايل على الشرطة السرية، حيث يقومون بزرع شائعات غير صحيحة
لتضليل عملاء الشرطة. ويقوم المتظاهرون بعمليات تجارب ميدانية في احياء
القاهرة الفقيرة قبل ان يضعوا خطط معاركهم للتنفيذ.
ووصفت الصحيفة
العملية انه تقوم ببناء صلات غير عادية ومبرأة عن الايديولوجيا بين جماعات
الرفض المصرية، اليسارية والليبرالية والاخوان المسلمين. ونقلت عن مشاركة
قبطية ويسارية قولها 'احب الاخوان والاخوان يحبوني' وتضيف ان الجميع يعرفون
ان الاخوان لديهم اجندة خفية ولا يعرف كيف يتصرفون ان امسكوا بالسلطة
لكنهم جيدون في التنظيم ويطالبون بحكم مدني و'تشاركي' مثل بقية الجماعات،
ولن يفوزوا الا بنسبة 10 بالمئة حسب قولها. ويقول احد قادة الاخوان الشباب
ان جماعته عادة ما كانت تتعاون مع القوى اليسارية للدعوة للحريات المدنية.

النظام الغربي انفضح امام موجة التغيير

تحت
هذا العنوان كتب روبرت فيسك، حيث قال انه عندما يريد العرب الكرامة
والاحترام وعندما يصرخون من اجل المستقبل الذي قدم علاماته اوباما في خطابه
الشهير في جامعة القاهرة 'فاننا نظهر قلة احترام'. وقال انه لا شيء يشبه
الثورة كي تكشف عن 'نفاق اصدقائك'. واضاف ان الثورة هي دعوة للحرية
والديمقراطية التي 'نتمتع بها في الغرب' ناقدا تصريحات اوباما وكلينتون في
الاسابيع الاخيرة والمتضاربة بانها جزء من المشكلة. خاصة ان حلولهم الحالية
للمشكلة تعني تخليهم عن القيم الاخلاقية وتعني ان 'اليوم ـ يعني امس' اي
مجرد تغيير في الوجوه. وتحدث عن الاصوات الغريبة التي بدأت تظهر في الغرب
من فوكس نيوز التي اخبرت مشاهديها ان الاخوان المسلمين وراء الثورة ومن
يدعون بالمفكرين من امثال برنارد هنري ليفي وغيره الذين مدحوا في الصحف
الفرنسية 'شجاعة الديمقراطيين' وفي الوقت نفسه طالبوا باتخاذ الحيطة والحذر
وحذروا مما اسموه' الوضع المعقد' حيث غلفوا احاديثهم بلغة تدعي الفلسفة
وتشبه في لغة رمسفيلد وزير الدفاع الامريكي السابق في تلاعبه بالكلام
للهروب من الحقيقة. وكشف اكثر فيسك عن نفاق المعلقين الغربيين حيث نقل عن
دانيال ليندينبرغ الذي كتب 'يجب علينا ، ويا للحسرة ان الكثير من
المثقفين يعتقدون وبصدق ان العرب وبشكل وراثي متخلفون'. وقال ان هذا الكلام
ليس جديدا وتعبر عن تصريحات انجيلا ميركل وبعنصرية حول موت التعددية
الثقافية لان في المانيا، اتراك كثيرون. و'عندما يريد العرب ان يكونوا
مثلنا وانهم لا يريدون غزونا' نرد عليهم بمحاولة تنصيب جنرال جديد دربته
امريكا. وختم فيسك مقاله قائلا انه بدلا من الترحيب بالمطالب الديمقراطية
فالغرب يتعامل مع الثورة كـ 'كارثة. وقال انه مع هبوب الرياح التغيير في
العالم العربي يقوم الغرب بادارة ظهره لها.

توحيد المعارضة والطريق الصحيح

وفي مقال كتبه تيموتي غارتون اش في الغارديان قال فيه ان الانتفاضة
المصرية، فندت كل المزاعم ان الثورة لن تحدث ابدا في العالم العربي. ويقول
ان الثورة هي ثورة التويتر او الفيسبوك او الجزيرة وان الاعلام بلا شك لعب
دورا في الثورة والتحشيد. وحلل ما قاله البعض ان الثورة المصرية هي تكرار
لاحداث اوروبا الشرقية 1989 ومقابلها العربي في تونس ومصر وما يحدث من
توترات في دول عربية اخرى. لكنه يرى وبناء على ما كتبه الصحافي الامريكي
روجر كوهين الذي استخدم اسلوب المبالغة والتبسيط في تحليله لما حدث في تونس
ومصر ان الثورة قد تكون عام 1979 في ايران وقد تكون اوروبا نهاية جدار
برلين. لكن الثورة المصرية هي الثورة المصرية اي 2011 و 2011 ليست مثل
1917 البلشفية، 1848 البيان الشيوعي و 1789 الثورة الفرنسية. ومع كل هذا
يرى آش ان الطريق ما زال طويلا لتحقيق وحدة بين قوى المعارضة تحت شخصية
يتفق عليها مثل 'الماكر' عمرو موسى امام مبارك ونائبه وعندما يحدث هذا
فالثورة المصرية ستكون على الطريق الصحيح.

اوباما يتحدث بصيغة الماضي

وكتب
نيكولاس كريستوف في 'نيويورك تايمز' حول موقف اوباما من مستقبل مصر، قائلا
ان الامريكيين لا يقفون الان على الطرف الخطأ من التاريخ فقط ولكنهم
يقومون بتقوية القوى المعادية للغرب 'التي تخيفنا وتحرك سياستنا نحو الشرق
الاوسط'. واكد ان اوباما ومساعديه اصابهم العمى منذ البداية وكذا الاعلام
الامريكي. وقال ان ادارة اوباما فقدت حس التعامل 'مع الان' في ساحة التحرير
لانها تفضل الاصلاح تحت رعاية نائب الرئيس عمر سليمان الذي لا يختلف عن
مبارك في شيء. وتساءل قائلا: لماذا تبدو الديمقراطية جيدة للامريكيين
وللاسرائيليين وخطيرة بالنسبة للمصريين؟ والاجابة واضحة كما يقول لان
امريكا تخشى ان يكون البديل عن مبارك الذي خدمها لعقود الاخوان المسلمين،
حيث اسكت مبارك كل الاصوات الليبرالية المعارضة.
ومع ان الخوف مبرر لكن
المصريين واعون للامر ولديهم الاليات للجواب عليها، فالاخوان لا يتمتعون
بشعبية اكثر من 15 بالمئة. وقال ان المصريين يتهمون امريكا بالتآمر مع
النظام للقيام باصلاحات تجميلية. واكد ان امريكا لا تعرف حقيقة ان النظام
فاسد حتى النخاع. وقال انه مهما كانت طبيعة الرسالة التي تحاول امريكا
ايصالها الى المصريين فهي تؤكد 'اننا لا زلنا ندعم النظام القائم وهذا
سيشوه علاقاتنا مع النظام المصري ولسنوات طويلة قادمة'. وقال ان ادارة
اوباما لا تزال منغرسة في الماضي مشيرا الى تجربته عندما درس اللغة العربية
في الجامعة الامريكية في القاهرة وكان اول فعل درسه هو الماضي وفي احاديثه
اليوم ظل يتحدث بصيغة الماضي.