تنحية مبارك: العجلة من الشيطان
يوسي بيلين
2011-02-07
من الصعب ألا يتضامن المرء مع الشباب الذين يملأون
ميدان التحرير ويدعون الى الحرية وحقوق الانسان. كما ان الرغبة في تغيير
النظام الحالي، وعدم انتظار شيء، ليست أمرا غير مفهوم.
تخوفهم هو انه
اذا لم يستغلوا الزخم واذا ما مر الوقت بين أحداث الميدان وبين الموعد
الموعود بالتغيير ـ فسيذوب التغيير. توجد في هذه اللحظة فرصة تنبع من
الشجاعة العامة التي لا تتكرر كثيرا من الجماهير المصرية، ولا يعرف أحد
متى ستكون الجماهير مستعدة، وهي التي كانت على مدى ستين سنة هادئة وساكنة
ومعانية، كي تخرج مرة اخرى الى الميادين.
غير ان هناك فارقا كبيرا بين الهتافات في الميدان وبين تحقق الديمقراطية.
كيف
ستولد الديمقراطية المصرية؟ لا توجد في مصر حركة ديمقراطية جارفة أقامت من
داخلها زعامة ومستعدة ان تأخذ على عاتقها الحكم مثل حركة 'التضامن' بقيادة
ليخ فالنسا في بولندا أو المجلس القومي الافريقي في جنوب افريقيا. ليس
للمصريين قيادة منفية، بنت نفسها على مدى السنين وقادرة على ان تصل اليوم
لتصبح عنصرا مركزيا في نظام ديمقراطي، مثلما حصل في تشيلي، في اسبانيا وفي
اماكن اخرى في العالم. الزمن الذي بقي حتى انتخابات ايلول (سبتمبر)، التي
وعد فيها الرئيس مبارك ألا يتنافس، وألا يتنافس ابنه ايضا، هي فترة طفيفة،
ولكن ضرورية، لاقامة منظومات سياسية، لبلورة القوى، لاختيار مرشحين ولحملة
انتخابات حقيقية.
هذه فترة تحتاجها مصر الحرة حقا أمسّ الحاجة، وهي
يمكنها ان توجد عندما يواصل مبارك رئاسته، الى جانب جهة دولية متفق عليها
تضمن سلامة السياقات الديمقراطية.
الحماسة العالمية المفهومة في ضوء
دعوة جمهور كبير بهذا القدر الى الحرية، مثلما هو ايضا المطلب من مبارك
بتقصير الفترة الانتقالية والانصراف فورا، من شأنها ان تجلب على مصر
المصيبة الايرانية. حركة دينية متطرفة اختبأت في صورة حركة حرية ووعدت بأن
ليست لها مصلحة في الحكم وأنها متمسكة بحقوق الانسان وبالمساواة للنساء،
إلا انها في نهاية المطاف وصلت الى الحكم لانها كانت الجهة الأكثر تنظيما
في ايران. وبعد ذلك أظلمت هذه الحركة الاسلامية المتطرفة الدولة، في ظل
المس الفظ بكل ما كافح المتظاهرون في 1979 في سبيله.
الولايات المتحدة
والاتحاد الاوروبي لا يمكنهما ان يكونا فقط هوائية ريح في يوم ما يعانقان
مبارك لانه يضمن لهما الاستقرار ويسند سياستهما في الشرق الاوسط، وفي اليوم
التالي يطالبان بتنحيته الفورية لان الريح تهب ضده ولانه لن يعرض بعد الآن
ترشيحه.
اذا أراد العالم ان يمنع ما حصل في اماكن اخرى في العالم،
والتي أدت فيها مظاهرات كبرى الى نظام سلطوي آخر ولكن ليس لأي شيء يشبه
الديمقراطية، لا يمكنه ان يكتفي باطلاق الشعارات في مؤتمر في ميونيخ.
عليه
ان يصل الى القاهرة، الى عاصمة الدولة العربية الأكبر، في اللحظة التي
كفيل فيها نفوذه بأن يكون ملموسا لسنوات طويلة اخرى، لمحاولة منع خطوات
متسرعة أكثر مما ينبغي والمساعدة في ان يبني اليوم الجديد في صالح المصريين
انفسهم، مثلما ايضا في صالح المصالح بعيدة المدى لأمن واستقرار المنطقة.
اسرائيل اليوم 7/2/2011