سبينوزا فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1432
الموقع : العقل ولاشئ غير العقل تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..
من اقوالي تاريخ التسجيل : 18/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5
| | استمرار الثورة وحده يحبط المؤامرات | |
[b] كان لعامل السرعة والمباغتة المميز للانتفاضة التونسية الدور الحاسم الذي فوت على النظام الديكتاتوري فرصة التقاط الأنفاس وشن الهجوم المضاد والقاسي. بدأت الاحتجاجات من مطالب محض اقتصادية فجرها انتحار الشهيد البوعزيزي، ولدت الاعتقاد أن بعض الوعود المعسولة والتنازلات الطفيفة كفيلة باحتواء الاندفاع الشعبي، لكن مع توالي الأسابيع بدت الانتفاضة أكثر اتساعا وأشد صلابة، وانتقلت أهدافها الى المطالبة بالحرية والكرامة ورفض التهميش. تعرض النظام للبلبلة كالجرو المطارد، فلا أعمال القتل ردعت الانتفاضة ولا التنازلات احتوتها. فمن خطاب الوعد والوعيد إلى إقالة الجلاد وزير الداخلية وبعده إقالة الحكومة وحل البرلمان والتوسلات الجبانة في الخطاب الأخير للديكتاتورية، كانت الانتفاضة كالطوفان الهادر يطوق قلاع الديكتاتور، لم يتبق أمامه إلا أن يلملم حقائبه ويجمع أسرته ويفر بجلده إلى حين أن يمهد له زبانيته القتلة أسباب العودة إلى الحكم.
المؤامرة الأولى:
تتوالى سلسلة المؤامرات ضد الثورة التونسية : تتغير الأساليب والهدف واحد، إجهاض الثورة وإعادة نظام القهر الذي رسخ أعمدته بن علي الجلاد. فمن السيناريو الدموي القاضي بالانسحاب المؤقت لبن علي وإطلاق يد عصابات القتل والترويع وملء الشوارع بالجثث وإشعال الحرائق في كل مكان وسير تكرار لا يرحم للعشرية الدامية بالجزائر التي أخرجها العسكر وكلفت الآلاف من القتلى ومجهولي المصير. وبعد أن تغرق تونس في الدم من الأخمص حتى الأذنين، حينها يتم تحريك التظاهرات المصطنعة الداعية لعودة المنقذ المستبد، واستجابة لدعوات شعبه الوفي، يعود بن علي ليصفي الحساب مع ما تبقى من محركي الانتفاضة.
هذه المؤامرة نسج خيوطها الديكتاتور وسيحاول تنفيذها الإمعة الغنوشي والجلاد رئيس برلمان الزور ورئيس مجلس المستشارين.
المؤامرة الثانية:
الانتفاضة سائرة في الاتساع والتجذر، انتشار ميليشيات القتل والنهب تحفز التنظيم الذاتي وتتأسس لجان الأحياء الشعبية، الإمعة الغنوشي يولي نفسه وقتيا رئاسة الجمهورية متذرعا بأحكام الدستور. يتأجج الغضب الشعبي والاستنكار يعم. كل المؤشرات تنبئ بأن الإخراج السيئ للمؤامرة يصب الزيت في نار الحركة الشعبية: ستزداد الانتفاضة اتساعا، ومواصلة القتل والإحراق سيوسع التنظيم الذاتي البدائي، وحتما سيطرح السؤال عن كيفية التصدي لعصابات مسلحة ومجهزة، وعوض أسلحة الإنسان البدائي من حجارة وعصي سيبرز السعي إلى التسلح كما يليق بالبروليتاري الحديث، المتأبط للسلاح الأوتوماتكي، لابد ادن من السيطرة علي مخازن الأسلحة، اداك سيتساءل الشعب عن من الحاكم ؟ هل الشعب المسلح والثائر؟ أم النظام المهترئ الممقوت؟. هذا السيناريو هو ما قض مضاجع أزلام النظام وفرض تعديلا في شكل المؤامرة. التعديل الأول نفذه الجيش ضد الفلول الإجرامية التي عهد إليها بن علي بالترويع، مما سيعزز مكانة الجيش الوطني ويمنحه مزيدا من الصدقية عند الجماهير ليبقى الأداة الأخيرة القابلة للاستعمال بعد استنفاد كل الأدوات للحفاظ على النظام.
التعديل الثاني تنفذه المحكمة الدستورية، لم يسبق للشعب التونسي أن سمع أن هذه الهيئة نقضت قرارا لبن علي، فقد سن قوانين على مدار العقود الماضية فيها من الانتهاك والشطط والاستبداد ما يجعل عتاة القهر عبر التاريخ مجرد متعلمين صغار في مدرسة بن علي، لكن المحكمة الدستورية ظلت بكماء لا تنطق إلا لتسويغ الاستبداد. لكن الارتعاب من تطور الانتفاضة وتجذرها أنطقها لانقاذ النظام، فقررت أن تنازل بن علي عن الرئاسة تنازل نهائي وعلى رئيس مجلس النواب تولي الرئاسة.
وبسرعة البرق، يكلف هذا الأخير الوزير الأول للديكتاتور، والرئيس المؤقت السابق وفق المؤامرة الأولي الفاشلة بتشكيل الحكومة المؤقتة. والدستور مرة أخرى يسوغ هذه المؤامرة كما سوغ التي قبلها.
المؤامرة الثالثة:
العواصم الامبريالية وقصور الرجعيات العربية تسترجع الأنفاس بعد أيام من الكوابيس المزعجة لثورة تكنس كل أسس النظام الكريه السياسية والاقتصادية، لقد استوعبت الآن دلالة ما يجري: العجوز المتمرس الغنوشي استطاع خداع ملايين الرعاع الجاهلين، بالابتسامة وبالاستعانة ببعض الفصول من الدستور. هنا بدأت العواصم تصدر بياناتها الداعمة للشعب التونسي "الشقيق" وتتمنى عودة سريعة للهدوء (قل للنظام القمعي) .
الغنوشي يبدأ مشاوراته مع أحزاب المعارضة المعترف بها من طرف الديكتاتور والاتحاد العام التونسي، بعد أن اطمأن أنها متلهفة إلى الاستوزار وهي التي إلى الأمس كان مقعد في برلمان الزور سقف أمانيها ولا يجود به الديكتاتور. لقد التقت مصلحة الإمعة في إيجاد غطاء يواري به سوء حكومته الغاصبة مع مصلحة أحزاب متعطشة للمشاركة في حكومة لا تتخيلها حتى في أكثر أحلامها تفاؤلا.
رائحة الخديعة تشتم في الأحياء الشعبية والطلائع العمالية تلمس خيوط المؤامرة، الشبيبة تزمجر غضبا، سيدي بوزيد تنزل الى الشارع، العاصمة تتحرك، المدن البعيدة تتوصل بأخبار ما يحاك، استنهاض جديد وتشمير على السواعد ولسان حالهم : لم نقاتل ليمتطي ظهرنا أذيال بن علي، نرفض أي حكومة يمثل بها ديناصورات الحزب الدستوري وكل من كان أداة بن علي في سحق الشعب، نريد حكومة تمثلنا وتنفذ ما مات من أجله فلذات أكبادنا.
الأحزاب المهرولة تحس أنها سائرة إلى انتحار سياسي، فهي زائدة دودية إذا لفظها الشعب، لن يقبل بها الإمعة حتى كبواب في إحدى الوزارات. لم يكن أمامها إلا الانسحاب لا وفاءا للشهداء ولا وصونا لمبدأ، بل خوفا من أن تلفظ من الشعب ومن فلول النظام، وهي التي لا يمكن أن تعتاش إلا على ركوب ظهر الانتفاضة لتزيد من أسهمها في مساومة الرجعية على حقائب ومناصب مجزية. خيانتها حاصلة حالما تعتبر أن الظرف موات للإقدام عليها. ونحن نستثني هنا الاتحاد العام للشغل كمنظمة عمالية، فلهيب أنفاس قاعدته والنظرات القاسية لجماهيره والقبضات الخشنة لعماله تجعل أبخرة الخداع والحكايات التي يهدهد بها الإمعة قيادة المنظمة تتبدد.
المؤامرة الرابعة
ناور الوزير الأول لبن علي الغنوشي، ورئيس برلمان بن علي، للالتفاف على مطلب المنسحبين من الحكومة والمنتقدين في مسيرات الشارع الغاضبة، المطالبين بحكومة بدون الحزب الدستوري الديمقراطي، وقاما بتقديم الاستقالة من هذا الحزب.
وبرر الإمعة وجود باقي الوزراء المنتمين إلي الاتحاد الدستوري الديمقراطي، بأساطير الكفاءة والدراية بالملفات والتكنوقراطية ونظافة ذات اليد. أيها الكذابون المخادعون وهل جلبابهم السياسي الرجعي ينزعونه حلما يدخلون إلى مكاتبهم؟ وهل هذه الوحوش الآدمية التي انتقاها الديكتاتور وتشبعت بأساليبه الخادعة والمتشربة بالفساد والحاقدة والمحتقرة للشعب، تغيرت بين عشية وضحاها؟ وهل يمكن تغيير سياسة مجرمة بمجرمين منفذين للجريمة ؟؟ . أيها المجرمون الحاقدون لسنا أغبياء لنصدق أكاذيبكم .
المؤامرات ستتوالى والنصر للثورة:
سقط المستبد، لكن آلة الاستبداد سليمة لم يصبها إلا بعض الارتباك. فالدستور والإمعة الغنوشي والسفاح الذي نصب رئيسا مؤقتا والأجهزة الأمنية القاتلة للشعب والمحكمة الدستورية والآلة الجهنمية للحزب الدستوري الديمقراطي وأجهزة الدولة المحلية الحابسة لأنفاس الشعب لسنين وقيادات الجيش وكبار المالكين، كلها أوكار للمؤامرة والدسائس الدموية منها والقانونية، الإكراهية و الاقناعية، ما أن تنكشف الواحدة حتى يتم تجريب الأخرى. فهل نحن أمام عطب أصاب الطباع البشرية؟ أم أننا أمام طينة من البشر مجبولة علي حب الشر ؟
لا هذا ولا ذاك، ليس صراعا للشر والخير، بل صراعا بين مطامح طبقية : تنادي بالحرية والعمل والصحة والمدرسة وضد التهميش والإقصاء لجهات، وبين مصالح طبقية مهددة بالزوال: المناصب المجزية والثروات المتحصل عليها بالنهب واللصوصية، وأرباح مضمونة تجنى، وضامنها نظام سياسي قمعي للشعب، ومدافع شرس على دوام نظام القهر والاستغلال بقوة الحديد والنار. هاهنا جذر التآمر، هاهنا جحور الدسائس، هاهنا منبع الكره والحقد على الانتفاضة التي تجرأت على تهديد المصالح الكبرى لطبقة ألفت النهب ويداها طليقة في استباحة الوطن.
من أجل إحباط المؤامرات لتستمر الثورة .
إن استمرار الثورة في الوفاء للقضية التي استشهد من أجلها الشهيد البوعزيزي: الحق في الشغل والحياة الكريمة وتبعه كوكبة من شهداء الثورة من أجل الحرية والانعتاق، هذا الاستمرار العنيد وحده يقضي على المؤامرات والمتآمرين.
يجب أن تتجاوز الثورة مرحلة الطفولة، مرحلة الانخداع بالوعود، يجب أن تبرهن أنها أضحت ناضجة، يجب أن تبرز قوة عضلاتها وان ترفع صوتها الجهوري، وان تقول لفلول النظام لا يمكن التلاعب بعقولنا، ولا يمكن للإمعة خداعنا.
لا يمكن أن يكون دستور الاستبداد مرجعنا في التأسيس لمستقبلنا، ولا مكان لأي من مجرمي العهد البائد في الحكومة المؤقتة، ولن نأتمنهم على مصيرنا، من أجل حكومة بصفر وزراء من حزب الديكتاتور وكل المساندين لعهود قمعه وعلى رأسهم المخادع الغنوشي والجلاد المتربع على الرئاسة المؤقتة وباقي الذئاب في الحكومة المؤقتة.
يجب حل الحزب الدستوري الديمقراطي لأن يديه ملطخة بدماء الشعب الطاهرة، ولأنه مختبر أنتج كل السياسات الإجرامية التي طبقت على شعبنا ومشتل مزود لآلة الديكتاتور بكل الطاقم الإجرامي. يجب أن تصادر كل ممتلكاته لفائدة الدولة، وعلى الجماهير البدء في استغلال المقرات للاجتماع ومطابعه للإعلام الحر.
يجب مصادرة ثروة بن علي وعائلته وإخضاع مؤسساته التي كان يحوزها للتسيير العمالي بخلق لجان للرقابة العمالية وان يعمل المدراء والمسيرون تحت إمرة ممثلي العمال لمنع التخريب واللصوصية.
يجب حل الأجهزة الدموية القمعية والاستعاضة عنها بلجان شعبية للدفاع الذاتي . لوقف المؤامرات يجب تشكيل حكومة تمثل المنتفضين وتعكس تطلعاتهم فورا، وأن يكون لها الامتداد في لجان الأحياء الشعبية واللجان العمالية وان تكون مصدر التوجيهات في عموم البلد ومخاطبا وحيدا في وجه فلول النظام وحاضنيه في الخارج، وتسهر على انتخاب جمعية تأسيسية يعمل على فتح نقاش واسع وعمومي حول الدستور الذي سينبني عليه مستقبل البلاد، دستور يضمن مصالح الشعب التونسي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، دستور يؤسس للقطع مع الاستبداد والليبرالية والتبعية.
إن ضخامة وتشابك المصالح المهددة، وتداعيات الانتفاضة التونسية على قصور الرجعيات ومصالح الامبريالية الجمة تجعل توالي المؤامرات أمرا أكثر من وارد. وكلما برهنت الثورة على نضجها وشدتها وعزمها كلما رمت المؤامرات الدموية والمتآمرين بعيدا. فإلى النصر ولك كل السلام يا شعبنا البطل[/b] | |
|