هل يقلب آيات الله الطاولة؟
صحف عبرية
2011-01-20
فعل مئير دغان في الاسبوع الماضي شيئا لم يفعله أي
رئيس موساد قبله. فقد جاء بحافلة مملوءة بالصحافيين الى التل السري وتحدث
أمامهم مدة ثلاث ساعات. تحدث دغان عن العالم بأكمله لكن كانت مقولتان في
مركز كلامه وهما ان ايران لن تنتج قنبلة ذرية قبل 2015؛ وان الهجوم
العسكري على ايران سيكون كارثة.
دغان بطل هذا العقد. ففي السنين
الثماني الاخيرة أعاد بناء الموساد، وقاد اعمالا جريئة وأحرز معلومات
استخبارية نادرة. وكان الزمن هو انجازه الأكبر. فدغان هو الشخص الذي كسب
وقتا في مجابهة ايران. لكن قرار رجل الظلال على الخروج الى النور والكلام
كان قرارا غامضا.
ثمة من يعتقدون انه تسبب لاسرائيل بضرر استراتيجي بالغ.
كان
رد رئيس الحكومة المتولي عمله على كلام رئيس الموساد هو الغضب. فبنيامين
نتنياهو يعتقد ان دغان شوش على الجهد السياسي لمنع احراز ايران القدرة
الذرية. لكن نتنياهو ليس وحده. فثمة جهات رفيعة المستوى في الولايات
المتحدة وفي بريطانيا وفرنسا وجهت انتقادا لاذعا هذا الاسبوع الى كلام
دغان. وقد عبروا في البيت الابيض وتل وزارة الدفاع الامريكية عن دهشة
وغضب. رأت حليفات مركزيات لاسرائيل ان المؤتمر الصحافي للموساد كان عملا
غير مفهوم وغير مسؤول.
الانتقاد الاول على دغان مهني. فلايران اليوم ما
يكفي من المادة الانشطارية من اجل قنبلة ذرية واحدة أو اثنتين. واذا قرر
آيات الله قلب المائدة والانتقال عن نسبة تخصيب منخفضة لليورانيوم الى
نسبة تخصيب عالية، فسيستطيعون فعل هذا في أقل من سنة واحدة. إن تقدير دغان
ان الايرانيين لا ينوون التصرف على هذا النحو قبل 2015. لكنّ ثمة فرقا بين
النيّة والقدرة. قد تكتسب ايران القدرة على شق طريقها نحو الذرة العسكرية
في غضون سنة أو سنتين. وقد ضلل رجل الاستخبارات دغان ووضع أساسا لتحليل
استخباري مخطىء.
والانتقاد الثاني على دغان سياسي. فقد نجحت قوى الغرب
في السنة الاخيرة في جعل الجماعة الدولية تتبنى توجها متشددا مع ايران.
وقد نبع النجاح من جملة ما نبع منه من الشعور بالتعجل الذي منحته اسرائيل
للقوى العظمى. والآن يأتي رئيس الموساد الاسرائيلي ويطمس على الشعور
بالتعجل. لا يمكن توقع ان يكون الروس والصينيون والالمان والايطاليون أكثر
كاثوليكية من البابا. أضر دغان بحليفات اسرائيل وعملت في المصلحة جهات
دولية تلغي الخطر الايراني وتبحث عن ضغط يُمكّنها من عدم مجابهتها.
ويتعلق
الانتقاد الثالث على دغان بالخيار العسكري. فالكلام الذي قاله عن
التأثيرات الخطيرة لهجوم على ايران موزون وصحيح. إن احدى أدوات الضغط
الرئيسية التي تم استعمالها ضد ايران كانت التهديد التعريضي بامكانية هجوم
عسكري اسرائيلي. كذلك بدأت الجماعة الدولية تضغط على ايران بجدية بسبب
خشية ضربة مفاجئة من سلاح الجو الاسرائيلي. الآن يأتي دغان ويُضعف أداة
الضغط جدا. وقد جعل التهديد الاسرائيلي يُرى غير صادق وغير جدي. إن الرجل
الذي أوكل اليه احباط المشروع الذري الايراني خاصة جعل الايرانيين يعتقدون
انهم يستطيعون الاستمرار في الانطلاق قُدما نحو القنبلة، لانهم غير
مُعرَّضين لخطر حقيقي.
يُخيل الينا ان دغان يعتقد ان نتنياهو وايهود
باراك شخصان خطران. وهو يخشى عملا متسرعا قد يفعلانه بايران. لكن الكلام
الذي قاله مع نهاية عمله لم يُبطل الخيار العسكري بل أضر خاصة بمحاولة فرض
حصار سياسي اقتصادي على ايران. وبهذا لم يُبعد دغان امكانية الهجوم على
ايران بل قربها.
ساوى مسؤولون كبار امريكيون وبريطانيون وفرنسيون الضرر
الذي أحدثه دغان هذا الاسبوع بالضرر الذي أحدثه تقرير الاستخبارات
الامريكي الوادع غير المؤسس على حقائق والذي نشر في أواخر 2007. وساوى
مسؤولون اسرائيليون كبار مبلغ دقة تقدير دغان بمبلغ دقة تقدير 'أمان' التي
جزمت في سنة 1966 انه لا تتوقع حرب في 1967. وقد ضرب هؤلاء كأولئك كفا
بكف. في واشنطن ولندن وباريس والقدس خلّف دغان الكثير من الأفواه الفاغرة.
هآرتس 20/1/2011