إلى الخطوة الختامية

ما دام حزب الله لم يقتنع بأن المحكمة الدولية لن تسقط في لبنان، ولن تشطب
من جدول الأعمال إلا بتسوية لا تحتاج إلى توقيعه، ولا إلى توقيع أي طرف
محلي، فإن الأمل الوحيد للبنان هو أن يكون الرد على عملها، الذي تلقى دفعة
قوية بعد إنجاز القرار الاتهامي، مختلفا عن الرد الذي نفذ في العام 2006
او العام 2008. بعبارة أخرى، إذا كان الحزب يشعر أنه لا يستطيع السكوت على
ذلك الافتراء عليه، فإن تحركه يفترض أن يستفيد من تجارب الماضي، وأن يقدم
على الخطوات الأقل ضررا به وباللبنانيين جميعا.
الخطوة
الأولى التي اتخذت طابعا استكشافيا، او تمهيديا، والتي وصفت تندرا بأنها
سياحية، توحي بأن الحزب يسير في الاتجاه المعاكس تماما لمصلحته المبنية
على أساس إلغاء المحكمة، والتي باتت غالبية اللبنانيين تشاركه فيها، إما
بدافع الاقتناع او الخوف.. وهي غالبية يمكن ان يخسرها الحزب بسهولة إذا ما
وجه ضغوطه في الاتجاهات الخاطئة، وإذا ما استخدم نوعا من الضغوط التي لا
تكون حصيلتها سوى الفتنة المذهبية، او على الأقل تعميقها في نفوس المسلمين
الذين لا يقرأون من كتب التاريخ إلا ما يفرق بينهم.
بدأت الضغوط، أو
ما يسميه الحزب وبعض حلفائه الذين لا يخفون حماستهم للفتنة، الخطة
المتدرجة المعدة منذ أشهر، للرد على القرار الاتهامي، والوصول إلى إلغاء
المحكمة.. مع أنه سبق للحزب نفسه أن اعترف بأن هذا الهدف بات شبه مستحيل،
ولا يمكن لأي طرف لبناني أن يحققه، بما في ذلك ولي الدم الرئيس سعد
الحريري، حتى ولو أراد ذلك. بل جل ما يفعله هو فك الارتباط اللبناني
الرسمي بالمحكمة وتحويلها من هيئة قضائية الى هيئة سياسية تصدر تعليقات
وتحليلات وإعلان نوايا لا تستدعي وجود أدلة أو شهود، ولا يقرأها في لبنان
إلا بعض المتخصصين من هواة هذا النوع من النصوص.
الضغوط موجهة كما
يبدو إلى شريحة من الجمهور، على غرار ما جرى قبل ثلاث وخمس سنوات
بالتحديد، عل في ذلك ما يجبر قيادة هذه الشريحة على الإذعان للمطالب
المعروفة، مع أن الحزب يدرك جيدا، كما هو مفترض، أن خصومه يستفيدون من تلك
الضغوط التي تقويهم وتعزز حاجة جمهورهم إليهم، وتحول ذلك الجمهور الى جبهة
عازلة تحميهم أكثر فأكثر، وتمنعهم من تنفيذ الوعد الذي سبق أن قطعوه بأن
يكتفوا بمعرفة الحقيقة ويحجموا عن استخدامها.. بحيث يكون صدور القرار
الاتهامي مقدمة المصالحة لا المواجهة، التي يبدو الآن أنه يستدرجها.
قبل
النزول إلى الشارع، كان ولا يزال هناك الكثير من الخيارات السياسية
والأمنية التي تؤدي الغرض المطلوب من دون قطرة دم واحدة. المواجهة داخل
المؤسسات لم تستنفد بعد، بل هي في بدايتها، والانتقال بها نحو التغيير
السياسي الجذري المخطط له ما زال متاحا، وهو أقل خطورة بما لا يقاس من
استهداف المواطنين والمس بعصب الفتنة المشدود أصلا.
الأمل الوحيد
الباقي للحزب وللبلد هو أن يتم القفز فورا إلى مثل هذه الخطوة الختامية..
من دون المرور بالشارع ومن دون الوصول إلى لاهاي.

إلى الخطوة الختامية

إلى الخطوة الختامية :: تعاليق

إلى الخطوة الختامية