انتفاضــة «الأجســاد المحترقــة»


















ما زالت مصر والجزائر تشهدان موجة من محاولات الانتحار حرقاً، في محاكاة
للشاب التونسي محمد بوعزيزي، كان آخرها يوم أمس، ثلاث حوادث مماثلة وقعت
في الإسكندرية والقاهرة، وأخرى في الجزائر.

وفي القاهرة حاول محام في العقد الخامس من عمره وضع حد لحياته بإشعال
النار في جسده أمام مقر مجلس الوزراء ، بينما توفي في الاسكندرية شاب عاطل
عن العمل في الخامسة والعشرين من عمره متأثراً بحروق أصيب بها، فيما تم
تجنب حالة ثالثة عندما سيطرت الشرطة على محاسب متقاعد كان يستعد لإشعال
النار في نفسه أمام مقر مجلس الشعب في القاهرة.
وذكرت مصادر أمنية مصرية أن المحامي محمد فاروق حسن أضرم النار في
نفسه أمام مقر مجلس الوزراء في قلب القاهرة. ولم يعرف سبب إقدامه على ذلك.

وقال مصدر في قوات حراسة مجلس الشعب ان حسن «أشعل النار في ساقيه في
شارع قصر العيني المجاور، وأخذ يركض بينما النار مشتعلة فيه إلى أن دخل
شارع مجلس الشعب، ثم استغاث بالمارة الذين عملوا على إطفائه»، فيما ذكرت
مصادر أخرى انه ردد هتافات ضد الأسعار المرتفعة.
وقال عضو مجلس نقابة المحامين في القاهرة ممدوح إسماعيل، الذي
أوفدته النقابة لزيارة حسن في مستشفى المنيرة: «أنا أسميه محمد بوعزيزي
المصري. إنه كوكتيل (مزيج) من القهر في الحياة. عليه ديون ولا يجد عائدا
من عمله، ووصل الى حالة اليأس».
وأضاف «لقد قال لي إن ابنته القاصر مخطوفة منذ شهر ولا تستطيع
الشرطة إعادتها له. وقال لي أيضا إنه جاء إلى مجلس الشعب ليقول للنواب
اسمعوا واشعروا بحالتي».
وفي الإسكندرية، توفي شاب مصري يعاني من البطالة متأثرا بحروق أصيب
بها بعدما أضرم النار في نفسه. وقال مصدر امني إن الشاب احمد هاشم السيد
(25 سنة) صعد إلى سطح منزله في حي المنتزه (شرقي الإسكندرية) وأضرم
النيران في نفسه، وتم نقله إلى المستشفى مصابا بحروق من الدرجة الثالثة،
قبل أن يفارق الحياة.
وأضاف المصدر ان الشاب «عاطل ومختل عقلياً»، مشيراً إلى أن أسرته أكدت أنه مصاب باكتئاب بسبب وضعه المعيشي.

وتم إلقاء القبض على رجل آخر أمام مجلس الشعب في القاهرة قبيل قيامه
بفعل مماثل. وأكدت المصادر الأمنية انه تمت السيطرة على سيد علي السيد،
وهو محاسب محال على التقاعد، قبل أن يسكب الوقود على نفسه من زجاجتين كان
يحملهما في يده.
وعلى غرار فتوى مفتي تونس ضد هذه الحالات، قال المتحدث الرسمي باسم
الأزهر محمد رفاعة الطهطاوي إن «القاعدة الشرعية العامة تؤكد أن الإسلام
يحرم الانتحار تحريما قطعيا لأي سبب كان، ولا يبيح للإنسان أن يزهق روحه
كتعبير عن ضيق أو احتجاج أو غضب».
وفي الجزائر، حاولت امرأة جزائرية الانتحار حرقا عبر إضرام النار
نفسها بعدما سكبت البنزين على جسدها في ولاية بلعباس (500 كيلومتر غربي
العاصمة الجزائر)، وذلك بعدما رفضت السلطات الحكومية مساعدتها في إطار
برنامج السكن الريفي.
وأشار شهود إلى أنه عندما همت المرأة بإضرام النار تدخل احد الأعوان
لمنعها من ذلك. ونقلت المرأة إلى المركز الصحي بعد إصابتها بجروح طفيفة.
وفي صنعاء، فرقت قوات مكافحة الشغب اليمنية، أمس، تظاهرة شارك فيها
مئات الطلاب في جامعة صنعاء للمطالبة بالتغيير الديموقراطي وتنحي الرئيس
علي عبد الله صالح عن الحكم. وردد المتظاهرون شعارات مناهضة للحكام العرب
ومؤيدة لانتفاضة الشعب التونسي، وهتفوا «جمهورية جمهورية ضد الأسرة
والملكية»، و«واجب علينا واجب إسقاط الفاسد واجب». وتوجه المتظاهرون
برسالة إلى الحكومة قائلين «ارحلوا قبل أن تُرحَّلوا». («السفير»، أ ف ب،
رويترز، د ب أ، أ ش أ)