اتصل
بي مساء أمس، أحد كبار المستثمرين في البورصة، وكان الرجل منزعجا وقلقا
إلى أبعد الحدود، وقال لي إن الوضع منذ أحداث تونس بلغ حدا ينذر بعواقب
وخيمة حددها لي في لغة وأرقام فهمتها بصعوبة، لأني لا أكاد أفهم في مثل
هذا النشاط الاقتصادي.. وقال: إنه إذا كان التغيير في تونس بدأ في "سيدي
أبوزيد" بسبب انتحار شاب جامعي فقير وبائس.. فإنه من المتوقع ـ إن تُركت
الأمور على حالها بدون معالجات عاجلة من الدولة ـ أن تندلع اضطرابات
اجتماعية مشابهة بسبب البورصة!.
توقعات المستثمر الحزين والغاضب، اعتبرتها "مبالغات" قالها لحظة ضغوط
كبيرة يتعرض لها، غير أن الرجل كشف لي بأنه لا يوجد بيت في مصر تقريبا إلا
وبه واحد "بورصجي" على حد تعبيره.. ما يعني أن قطاعا كبيرا من الشعب
المصري قد يتضرر من أوضاع البورصة حاليا خاصة بعد أحداث تونس.
بعد تلك المكالمة تلقيت رسالة على إيميلي الخاص من أحد المستثمرين
أيضا قال فيها بالنص:" اثرت احداث تونس بشدة علي البورصة المصرية وادت
حالة القلق التي انتابت المستثمرين الاجانب من احتمالات تكرار الانتفاضة
الشعبية بتونس لتشابه الظروف والاحوال التونسية بالمناخ السياسي المصري
وادي ذلك الي عمليات بيع كبيرة للاموال الاجنبية الساخنة وتبعها موجات بيع
كبيرة للمضاربين المصريين ادت الي نزول المؤشر الرئيسي للبورصة بحوالي 172
نقطة وبنسبة نزول حوالي 2.4% وبحجم تداولات بلغت حوالي 1.541 مليار جنيه
مصري
وادت حالة القلق التي انتابت المستثمرين الاجانب والمصريين من تأخر
القيادة السياسية المصرية وعنادها الدائم من اتخاذ اي خطوات اصلاحية
اقتصادية او سياسية او حتي تغيير سياسي شامل الي زيادة مبيعاتهم بصورة
كبيرة جدا
ومن الضروري ان تتدخل المؤسسات المالية المصرية ( بنوك عامة وشركات
التامين والتامينات الاجتماعية ) بصورة عاجلة لمساندة البورصة المصرية
وامتصاص القوة البيعية الكبيرة قبل ان تؤدي الي كوارث كبيرة لا يحمد
عقباعا وتكون هي الشرارة الحقيقية لتكرار احداث تونس حيث ان البورصة
المصرية الان تؤثر علي كل بيت مصري حيث لا تخلوا اسرة مصرية الان من وجود
مستثمر بالبورصة بداخلها او موظف باحد شركات السمسرة المصرية" انتهت
الرسالة.
وكان موقع الـ سي إن إن قد نشر تقريرا ظهر أمس عن أوضاع البورصة قال
فيها:" وخسر مؤشر EGX 30 المصري 2.4 في المائة من قيمته، بعد التوتر الذي
أحدثه قيام شاب بإضرام النار في نفسه، وأغلق المؤشر عند 6910 نقطة، لتتلقى
السوق بذلك أكبر ضربة منذ نصف عام"!
تواتر الأخبار بشأن الأوضاع في البورصة المصرية، سواء المنشورة أو
تلك التي حصلت عليها من مكالمات خاصة أو رسائل وصلتني على الإيميل.. وتكاد
تكون متطابقة في مضمونها وفحواها.. يشير إلى أن ثمة شئ جلل يحتاج إلى
عمليات انقاذ سريعة وعاجلة ويبدو لي أن هذه العملية "الانقاذ" في يد
القيادة السياسية وحدها من خلال اجراءات جادة تنتصر فيها للمصلحة العامة
وليس للعناد الشخصي.