طغاة ليس للابد
أسرة التحرير
2011-01-17
لا يمكن المبالغة في أهمية الثورة المدنية في تونس.
فلا يدور الحديث فقط عن الاطاحة بحاكم طاغية بل بتظاهرة لقوة الجمهور الذي
في دول الشرق الاوسط لا يزال يعتبر عديم القوة والمعنى، سائباً أمام أفعال
الحكم، وطاعته تعتبر كأمر مسلم به.
لا يدور الحديث عن ثورة 'من
الخارج' ولا عن الاطاحة بالحكم بالقوة، مثلما فعلت الولايات المتحدة في
العراق، ولما كان هكذا، فانها ليست فقط ثورة تونسية، هذه قبل كل شيء ثورة
في الفهم، يجدر بكل نظام قمعي ان يأخذها على محمل الجدية. وعليه فانه في
دول عربية اخرى يدرسون نتائج الثورة في تونس بتخوف وبقلق.
ليست هذه هي
الثورة المدنية الاولى في الشرق الاوسط. سبقتها الثورة الاسلامية في
ايران، والانتفاضة المدنية في لبنان في 2005، والتي أدت الى طرد التواجد
السوري من الدولة. هذان النموذجان بالذات يستوجبان التعاطي بحذر مع الثورة
في تونس. الاطاحة بحكم قمعي واحد لا تضمن بالضرورة الاستقرار، الحرية
المدنية، أو الحكم الأفضل، ولكنها تفتح نافذة فرص. التجند الدولي لازم من
اجل ضمان ان يأتي بعد الثورة ايضا حكم ديمقراطي يُلبي أماني الشعب التونسي.
رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو تسرع في وصف الثورة في تونس كـ 'مؤشر على عدم
الاستقرار في المنطقة'. رده مؤسف ويُفسر كتمسك عنيد بالوضع الراهن.
نتنياهو بالذات، الذي طالب على مدى السنين العرب بتبني طريقة النظام
الديمقراطي كشرط للسلام المستقر، يقف اليوم الى جانب أنظمة الطغيان التعبة
باسم 'الاستقرار'.
مواطنو تونس، الذين قربتهم اتفاقات اوسلو من اسرائيل
لفترة قصيرة، جديرون بالتمنيات الطيبة من مواطني اسرائيل مُحبي
الديمقراطية. وبدلا من التنديد بـ 'ثورة الياسمين' كتهديد على الاستقرار
الاقليمي، على حكومة اسرائيل ان تستخدم الفرصة كي تقنع المواطنين في تونس
وفي دول عربية اخرى بأنها جديرة بثقتهم وأن في نيتها الانصراف من الاحتلال
ومن المناطق مثلما فعلت فرنسا في تونس وفي الجزائر.
هآرتس