العاصفة الشـعبية تضغـط على نظامـي تونـس والجزائـر
بن علي يهـدّد المتظاهرين ... ويقفـل المدارس والجـامعات
|
شبان تونسيون يواجهون قوى الأمن في مدينة الرقاب قرب سيدي بوزيد أمس (أ ف ب) |
|
|
|
|
|
واصلت قوافل المتظاهرين التونسيين، أمس، مطالبة الرئيس زين العابدين بن
علي بخبزها اليومي وكرامتها الوطنية، ليبادلها أمن النظام رصاصا على
الصدور، ووعودا بايجاد الوظائف، لم تحجب خطابا رئاسيا تخوينيا للمحتجين،
أوحى بانه على وشك التشدد في قمع الشارع ، ولم تغط على قرار السلطات
بتعليق عمل مختلف المؤسسات الدراسية في تونس، فيما أشارت المعلومات
المتسربة رغم الحصار الإعلامي، إلى سقوط ما لا يقل عن 13 قتيلا في مواجهات
أمس وحده، لا سيما في القصرين التي شبهت بعض المصادر أحداثها بالعدوان
الاسرائيلي الاخير على غزة.
أما
في الجزائر، فتواصلت المواجهات بين المحتجين والشرطة في العاصمة رغم هدوء
نسبي شهدته أمس معظم المدن الكبرى. إلا أن إشارات عديدة، تدلّ على استعداد
السلطات لحملة أمنية واسعة ضد حركة الاحتجاج، مقابل استمرار الغضب الشعبي
في ظلّ إجراءات تجاوب حكومية لم تطمئن أحدا.
تونس ترفض اتهامات بن علي
وندد
الرئيس التونسي بن علي، بما أسماه «عصابات ملثمة» نفذت «عملا إرهابيا لا
يمكن السكوت عنه» في وسط البلاد، الذي شهد مواجهات خلّفت ما لا يقل عن 20
قتيلا. وشدد بن علي «إننا نقول لكل من يعمد إلى النيل من مصالح البلاد أو
يغرر بشبابنا وبأبنائنا وبناتنا في المدارس والمعاهد ويدفع بهم إلى الشغب
والفوضى، نقول بكل وضوح : إن القانون سيكون هو الفيصل» داعيا الاسر
التونسية الى حماية ابنائها من «هؤلاء المشاغبين والمفسدين بتكثيف الإحاطة
بهم وتوعيتهم بمخاطر توظيفهم واستغلالهم من قبل هذه المجموعات المتطرفة».
واعتبر
بن علي ان وراء الاحتجاجات الشعبية «اياد تحثّ على الشغب والخروج إلى
الشارع بنشر شعارات اليأس الكاذبة، وافتعال الأخبار الزائفة؛ استغلت بدون
أخلاق حدثا أسفنا له جميعا، وحالة يأس نتفهمها كانت جدّت بسيدي بوزيد منذ
أسبوعين»، في إشارة إلى مدينة سيدي بوزيد التي شهدت انطلاق الانتفاضة
الشعبية التونسية. واتهم بن علي «مناوئين مأجورين، ضمائرهم على كف اطراف
التطرف والإرهاب التي تسيرها من الخارج، اطراف لا تكنّ الخير لبلد حريص
على العمل والمثابرة» واعرب «عن بالغ أسفه للوفيات والاضرار التي نجمت عن
هذه الأحداث» وعن «تعاطفه مع أسر المتوفين».
واكد انه قرر «مضاعفة
طاقة التشغيل وإحداث موارد الرزق وتنويع ميادينها ودعمها في كل الاختصاصات
خلال سنتي 2011 و2012» معلنا انه «بذلك ترتفع طاقة التشغيل الجملية خلال
هذه الفترة الى 300 ألف موطن شغل جديد» علاوة على 50 الف فرصة عمل وعدت
بتوفيرها مؤخرا منظمة ارباب العمل. واضاف ان هذا المجهود سيتيح توفير عمل
لـ«كل حاملي الشهادات العليا الذين تجاوزت مدة بطالتهم عامين قبل موفى سنة
2012. نعم قبل موفى سنة 2012 واتعهد بذلك»، فيما أمرت الحكومة بإغلاق كافة
المؤسسات التعليمية في البلاد، إلى أجل غير مسمى.
لكن موقع «شبكة
الحوار» المعارض، نقل قبل إدلاء بن علي بخطابه عن مصادر في وسط الاعمال،
قولها إن السلطة أمرت ارباب العمل بتوظيف الشبّان العاطلين عن العمل، لكن
ضمن عقود محددة زمنيا، ما يشير إلى محاولة السلطة تمييع الاحتجاج الشعبي
من دون توفير حلول مناسبة، في مقاربة شبيهة بقانون تشغيل الشبان الفرنسيين
الذي أثار تظاهرات مطولة في فرنسا خلال العام 2006.
اما الشارع
التونسي فتلقى خطاب بن علي بمزيد من الغضب. وفي رد فوري قام المتظاهرون في
مدينة القصرين، التي شهدت أكثر المواجهات دموية، بحرق مركزي شرطة حي
الزهور، فيما أفاد المحامي أحمد غريسلي بأن عدد القتلى ضحايا الشرطة أمس،
بلغ الـ13 نافيا رواية السلطة التي تزعم اضطرار القوات الأمنية لإطلاق
النار واستدل على كلامه بأن شابا في مقتبل العمر أطلق عليه النار في مستوى
الصدر أمام المحكمة الإبتدائية المحاصرة من قبل عناصر الشرطة المدججين
بالسلاح.
وفيما أفادت «شبكة الحوار» بمقتل رضيعة ومسنّ بين ضحايا
الشرطة، وصف مراسلها القصرين بانها «تشبه غزة في ذروة الحرب عليها»، وأضاف
أن «هناك بعض الشبان المحاصرين أرادوا الإستسلام... لكن رغم ذلك فتحت
عليهم النار ومازالت سيارات الإسعاف لم تصلهم. الناس يستصرخون ويستنجدون.
مداخل ومخارج المدينة محاصرة وحرب الإبادة لازالت متواصلة». وقبل انسحاب
الأجهزة الأمنية وانتشار الجيش تشكل تجمع هائل من فتيات اعمارهن ما بين 14
و20 عاما وتقدمن من أجهزة الأمن وسط الدخان وطالبنهم بفتح النار. وأفادت
مصادر بأنهن أخوات وخطيبات الشباب الذين سقطوا أمس الأول، اتفقن في ما
بينهن منذ الصباح على مواجهة قوى الامن.
وخرجت في تونس العاصمة،
تظاهرة حاشدة انطلقت من حديقة «الباساج» في اتجاه شارع مرسيليا وذلك
مساندة للمحتجّين في سيدي بوزيد والقصرين، أما في الرقاب، فتحول تشييع
ضحايا امس الاول، إلى مواجهات بين أكثر من ألفي متظاهر وعناصر الشرطة بحسب
شهود عيان. وفي مدن تالة وسليانة ومكناسي، أرسلت القوات العسكرية لمساندة
قوى الامن، بموازاة تواصل المواجهات.
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية
الاميركية أن الحكومة التونسية استدعت السفير الاميركي في تونس بعد تعليق
واشنطن على الازمة الاجتماعية في هذا البلد. وردا على سؤال عما اذا كانت
«المحادثة» بين السفير الاميركي غوردون غراي والحكومة كانت نتيجة
«استدعاء» قال المتحدث فيليب كراولي «إنها محادثة تأتي اثر تعليقاتنا
الاسبوع الماضي».
الغضب الجزائري مستمر
أما وراء الحدود غربا، في
الجزائر العاصمة، اندلعت مواجهات عنيفة منذ صباح أمس، بين شبان يعرضون
بضائعهم للبيع في حي باش جرّاح الشعبي، انضم إليهم عدد كبير من شبان
المنطقة، وقوات الشرطة التي حاولت منعهم من البيع. وأفادت مصادر محلية
لصحيفة «الوطن» الجزائرية بان أحد المتظاهرين طعن شرطيا، فيما تم قطع
الطريق الرئيسية في باش جرّاح بالإطارات المشتعلة، وتوعد المحتجون بمواصلة
«حربهم ضد القمع».
وفيما بلغ عدد المعتقلين الجزائريين خلال
الاحتجاجات الـ1100 بحسب «الوطن»، أكدت الصحيفة أن معتقلين من مدينة خميس
مليانة، بدأوا امس إضرابا عن الطعام احتجاجا على ظروف احتجازهم. وتعهدت
عائلات المعتقلين «بإطلاق حركة احتجاج بلا هوادة»، فيما أشارت الصحيفة
الجزائرية إلى أن المخبرين وعناصر الأمن يجوبون المدينة في عمليات بحث عن
المتظاهرين.
في المقابل، أفاد موقع «كل شيء عن الجزائر»، بأن
«المديرية العامة للأمن» الجزائرية، أعلنت في بيان، شراءها شحنة قنابل
مسيلة للدموع من شركة «سيماد» الايطالية. وحددت مهلة وصول شحنة القنابل
المستعملة لقمع التظاهرات، بالشهرين. كما عززت الشرطة وسائل تدخلها بشراء
3 آلاف صاعق كهربائي ومسدسات بدفع كهربائي تشل حركة المتظاهرين عن بعد.
وفي
سياق القضية التي أشعلت فتيل الاحتجاجات الجزائرية، المتمثل بارتفاع أسعار
السلع الأساسية، وفيما أقرت الحكومة اعفاءات ضريبية للمستوردين والمنتجين
من شأنها خفض الأسعار في السوف، أفاد «كل شيء عن الجزائر» بان معظم المحال
التجارية بالمفرق في الجزائر لم تخفض أسعارها. («السفير»)