كيف يُبيضون العنصرية؟
فيرد لي
2011-01-04
'في زوايا مساكن الافارقة تجد القذارة ولعب الورق
على المال، والسُكر والبغاء.. إن صور الحياة هذه يأتي بها الافارقة الى
اماكن سكنهم، ولا عجب أن موجة الجرائم العامة في الدولة في تصاعد.. لم يعد
من الآمن البتة لشابة بل لشاب أن يخرج وحده الى الشارع بعد غروب الشمس..'.
لم
يُكتب هذا الكلام الشديد عن لاجئين افارقة جاءوا الى اسرائيل مؤخرا. فقد
نشرها صحافي صحيفة 'هآرتس' اريه غالبلوم في الثاني والعشرين من نيسان
(ابريل) 1949 ووجهت الى اليهود الذين هاجروا من شمال افريقيا؛ وهم اولئك
المهاجرون الذين يسكن كثير منهم أو من ذريتهم اليوم أحياء جنوب تل ابيب،
ويعلو من حناجرهم الآن كلام مشابه عن اللاجئين الآتين من افريقيا.
يعاني
سكان جنوب تل ابيب سنين طويلة من أدواء الفقر والجريمة والبغاء، ويعملون
منذ زمن على طرد اللاجئين من مناطق سكنهم. وتنجح الخطابة التي يستعملونها
في تضليل كثيرين وإعمائهم ممن كانوا يقولون عن هذا الخطاب في ايام أوضح
انه عنصرية خالصة.
لكن في هذه الايام المظلمة خاصة، ومستوى كراهية
الغير يرتفع، من الواجب ان نقول بصوت صاف: إن هبة أحياء جنوب تل ابيب على
اللاجئين هي عنصرية واضحة. يختفي سكان أحياء الجنوب وراء نظام خطابة أحد
أسسه زعم ان أحياءهم ضعيفة أصلا وأن اللاجئين يُحملونهم صعوبة اخرى فقط.
ودعوى اخرى لهم هي ان اللاجئين يهددون أمنهم الشخصي، ويراودون بناتهم
ويزرعون الجريمة في الشوارع. وتوجه دعوى ثالثة على صورة حياة اللاجئين:
فهم مكتظون في شقق صغيرة ويُضرون بنظافة الحي. والدعوى الاخيرة هي أن
عددهم الذي أخذ يزداد يُحدث تهديدا سكانيا.
إن كل محاولة للاشارة الى
الخطاب العنصري الذي ينشئونه تُصد باظهار سذاجة مطلقة، يحل محلها سريعا
غضب يسلب حق من لا يسكن حيّهم في بحث ذلك. لكن التصنيف السلبي، والآراء
المسبقة والخوف من الآخر أن يُغير النسيج الاجتماعي هي من علامات العنصرية
الواضحة. إن من يحاول أن يُبيض النشاط الذي يقطر كراهية لسكان جنوب تل
ابيب وأن يعرضه في ضوء مركب يقع في شرك الخطاب العنصري ويُعاونه.
من
المفاجئ ان سكان أحياء جنوب تل ابيب لم يثوروا في السنين الاخيرة على
المصدر الحقيقي لانهيار مناطق سكنهم، وعلى التهديد الحقيقي لهم ولبناتهم
وبنيهم: وهو الاتجار بالمخدرات الذي يُحدث جريمة المدمنين ويُغذي صناعة
البغاء. لكن سكان الأحياء تعلموا الرد في عدم اكتراث على تدهور المدمنين
الذين يحيطون بهم الى الجريمة، وعلى تجارة النساء التي تدور بلا تعويق في
شوارعهم، وعلى دعارة الشارع التي تبلغ أكثر من مرة غرف الدرج عندهم، وعلى
دور الدعارة الزاهرة، ومحاقن المدمنين المنثورة في الحدائق العامة وساحات
البيوت.
لو أن سكان جنوب تل ابيب كانوا يرغبون في المحاربة من اجل
تحسين صورة أحيائهم لاستطاعوا أن ينضموا الى اللاجئين وأن يعملوا معهم على
تغيير اجتماعي حقيقي. وكانوا يستطيعون انشاء نقاش خصب مع قادة الطوائف
المختلفة، وعقد الجسور فوق الفروق الثقافية، وأن يطالبوا معا بتدخل بلدي
وحكومي يُحسن حال سكان المنطقة كلهم. ان محاولة العيب على اللاجئين،
واتهامهم بالجريمة، واحتقار اكتظاظهم في شقق صغيرة مع تجاهل معاناتهم
وفقرهم، تكشف عما يبعث عنصرية سكان جنوب تل ابيب وهو الخوف من السكن بجوار
سكان مسلمين، والخوف الأكبر هو ان تنخفض قيمة شققهم.
هآرتس