تنامي مظاهر العنصرية في أوروبا
11 ديسمبر 2009
تعتمد الأنظمة الرأسمالية أنماط حكم
يمينية لمواجهة أزماتها الاقتصادية الخانقة وتبرز مجموعات فاشية متطرفة
رافعة شعارات شوفينية وعنصرية تجاه المهاجرين الأجانب ومحوّلة الصراع
الطبقي عن مجراه. ويجد الرأسماليون متنفسا في الدعاية الفاشية التي تغذيها
بالدعم المادي والمعنوي ويتخلصون بذلك من المساءلة عن المتسببين الحقيقيين
في الأزمة.
عديد القوانين العنصرية تُسنّ منذ مدة ضد
العمال المهاجرين وضد المسلمين والعرب. قوانين عنصرية تلقى الرواج في ظل
تخلف الوعي وضعف قوى اليسار وتشتتها. آخر هذه القوانين ما تم التصويت
لفائدته في سويسرا مؤخرا عبر استفتاء شعبي يمنع بناء المآذن ويضم هذا البلد
ذو الحكومة اليمينية قرابة 7 ملايين نسمة من بينهم 300 ألف مسلم ولا توجد
غير 3 مآذن واحدة منها غير مستعملة. ولا يستهدف هذا القانون بناء المآذن بل
يتعداه إلى ضرب حرية المعتقد والتسامح بين الأديان والثقافات.
إن هذه القوانين العنصرية تحيد بالصراع
وتلهي الجماهير الكادحة عن المتسببين الحقيقيين في الأزمة.
وقد نظمت عديد المظاهرات والاحتجاجات
العنصرية ضد العمال المهاجرين في فرنسا على الحدودين بين سويسرا وفرنسا.
وبصفة عامة فإن الفرق اليمينية المتطرفة
تتنامى وتتوسع باطراد في مختلف بلدان العالم متخذة عدة أشكال مثل الحملات
الإعلامية وتوظيف الفنون (سينما، كاريكاتور، غناء...) لتتخذ أحيانا طابعا
دمويا يستهدف الأجانب (المسلمين والعرب خصوصا) في أرواحهم وأعراضهم
وممتلكاتهم.
إن الحركات العنصرية تصرف الانتباه عن
حقيقة الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة وتغذي الحركات الأصولية المتطرفة
التي تنتعش في مثل هذه الأجواء وتقدم نفسها كضحية ومدافعة عن "الهوية". وقد
تبرز من بينها حركات إرهابية تغرق البلاد في الدم والفوضى وهو ما تبحث عنه
الحكومات اليمينية لتصدير أزماتها ومزيد التضييق على الحريات.
إن مواجهة هذا المد العنصري هي مهمة القوى
التقدمية والثورية في جميع بلدان العالم. ولن تقدر هذه القوى على ذلك إلا
إذا وحّدت صفوفها في جبهة تقدمية معادية للعنصرية تقف إلى جانب حركات
العمال المهاجرين الرافعة لشعار "نحيا هنا، نعمل هنا، نبقى هنا" والمطالبة
بالمساواة بين العمال المهاجرين وغير المهاجرين في الحقوق والواجبات.