** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الطابق العاشر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جراح
" ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
الطابق العاشر Biere2
جراح


عدد الرسائل : 176

تاريخ التسجيل : 10/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

الطابق العاشر Empty
18122010
مُساهمةالطابق العاشر



الطابق العاشر Arton8271-1de76

السّاعة الثّانية والنِّصف إلا دقيقة. أقف في مدخل البناية. إلى جانبي
جيران أعرفهم تمام المعرفة. يقفون مثلي. أو أقف مثلهم. إننا نسكن في
الطوابق الأخيرة. ننظر إلى الأعلى من بين الفتحات التي تصنعها السلالم. نظل
رافعين رؤوسنا إلى فوق، ثابتين في مكاننا، نعدّ الطّوابق حتى نصل إلى
شققنا. أنا الوحيد الذي يعدّ، في الوقفة هذه، حتّى يصل إلى العشرة. الطّابق
الأخير أسكن فيه وحدي.


نقف ونظلّ نرى الأعلى. كلّ فترة نرفع، معاً، اليد اليسرى، إلى مستوى
نظرنا، المُتّجه إلى الأعلى، لنرى الوقت. كأنّ الزّمن يتكرّر. كلّ مرّة
نرفع فيها أيدينا يكون قد مرّ ستّ دقائق بالضّبط. ليس بالضّرورة أن تكون
هذه المسألة قد أثارت أحداً من الواقفين ذلك أنّ كلّ شيء، لحظتها، يبدو لنا
كأنّه يعيد نفسه. ولئن بدء انتظاري من السّاعة الثّانية والنِّصف إلا
دقيقة، سوف أنظر إلى ساعتي ستّ مرّات فقط. أمّا الآخرون فلست أدري كم مرّة
سيفعلون ذلك.


الرّجُل، حارس المدرسة المواجهة، والذي يعرج على قدمه اليمنى، يبحلق بنا
من الخلف. لا ألتفت إليّه كي أعرف. لست في حاجة إلى ذلك. أعرف أنّه ينظر
إلينا دون أن أغيِّر وضعيَّة نظري. ربّما كلّنا نعرف، نحن النّاظرون إلى
الأعلى منذ زمن، أنّه ينظر إلينا وإلى جانبه ولده مكسور القدم، اليمنى
أيضاً. أفكّر بأنّ الكسر خطوة نحو العرج.


يتقدّم منّا حارس المدرسة. لسنا في حاجة للالتفات لنعرف أنّه يتقدّم. وإذ
يصل إلى أوّل الرّصيف، بعد أن قطع الشّارع، يصرخ بنا، كما كنّا توقّعنا،
دون أي ريب، "اصعدوا على أرجلكم يا تنابل". السّيِّدة الواقفة بمحاذاتي،
والتي تسكن في الطّابق السّابع، تأخذ نفساً عميقاً، فأدرك أنّها تكبت غضبها
كي لا تخرِّب علينا المشهد. نتركه، نحن الصّاعدين إلى بيوتنا بالنّظر،
يقول ما يشاء دون أن نعطيه أيُّ انتباه لنتشاغل بالعدّ من جديد. لكنّه لن
يقول إلا ما قاله أوّل مرّة. يكرّر جملته، تلك، ستّ مرّات ثمّ يملّ ويرحل
إلى حيث كان. لا شيء فينا يتغيّر. حتّى ناطور بنايتنا، الشّاب الصّغير،
الذي بالكاد تشعر بوجوده، سيظلّ جالساً على كرسيه البلاستيكيّ -مكسور
الظهر-، أمام باب المدخل، دون أن يتحرّك.
ليس في البناية مولِّد كهربائيّ. علينا أن ننتظر الكهرباء كي تأتي لنصعد.
ستّ مرّات أرفع الساعة إلى عينيَّ المعلقتين في الأعلى لأمرّر الوقت.

***


الماء في الرّكوة والأخيرة على النّار. أمسك اليد الحديديّة مبحلقاً
بالماء الرّاكد، مفكراً برائحة القهوة. إذ يمرّ الوقت، بطيئاً، تبدأ سخونة
النّار بالانتقال إلى جسم الرّكوة. كأنّني- أخمِّن- أشعر بارتفاع حرارة طرف
المسكة. ثمّ تَسخَن يدي اليمنى التي بها أمسك. دوائر هواء صغيرة تبدأ
بالظّهور في أطراف الرّكوة، على سطح الماء وفي قعره. تظهر وتختفي لتظهر
مجموعة أخرى. تزداد حرارة المسكة. تزداد حرارة يدي. الدّوائر الصغيرة تصير
إنفجارات بركانية تَطّلَع من سطح الماء، كأنّها تقفز، ثمّ تتلاشى. أفكّر لو
أنّ إحداها تقفز قفزة قويّة فتخرج من الرّكوة إلى ما تحت عيني، اليمنى،
بقليل. الماء ساخن ويقفز. أشمّ رائحة احتراق الجلد فأتخيل اللون البني على
وجهي. الحرارة تجتاح رأسي.

***


فنجان القهوة على طاولة مربّعة نستخدمها عادة للغداء. أجلس على كرسيِّ
خشبيّ، عتيق، نصف نائم، ماداً قدميَّ على كرسي آخر مثله. رجل على رجل :
اليمنى على اليسرى. وأحمل بين يدي كتاباً أقرأه. ورقه أصفر. رائحته نتنة.
ذبابة صغيرة تحلِّق حولي. لا أراها لكنّي أسمع طنينها. تهبط على إصبع قدمي
اليمنى الكبير. أرفع نظري عن الكتاب، دون أنّ أغيِّر وضعيّة رأسي، وأهزّ
قدمي، فتبتعد. تعود، فأكرّر الفعل ذاته. مرّة أخرى ترجع إلى الإصبع نفسه.
أحرِّكه. ما إنّ تطير حتّى تعود.



أسمع صوت طائرة تمرّ فوق رأسي. يخال المرء أنّها ذاهبة إلى المطار، الذي
يبدو كأنّه على سطح البناية المجاورة. غير أنّني أقرّر أنّها طائرة
الآواكس، وليس مهمّاً، بالنّسبة لي، إنّ كان يُسمع صوتها، بالفعل، بهذه
القوّة. ليس مهمّاً البتّة. أتساءل وأنا أقرأ كلمات الصّفحة التي أمامي :
هل تستطيع الآواكس أن تعرف ما أفكّر به، في هذه اللحظة، تجاه هذه الذّبابة؟
هل تقدر؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الطابق العاشر :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الطابق العاشر

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» لطابق العاشر
» الفصل العاشر الأقوال الخاطئة في الله
» الملتقى الوطني العاشر للقصة القصيرة بفاس يتوج ‘ميدلت‘ بالجائزة الأولى
» قلب اللقلق/مقطع من رواية زهير الجبوري قلب اللقلق/مقطع من رواية 17/10/2011 غلاف الرواية رفع رأسه إلى السقف الخشبي الدائري وقد ارتفع بأربعة أمتار اعتبارا من السور الذي يتقدم، غرف الطابق العلوي ذات الأبواب الخشبية المدهونة بالأزرق، فاصلا بممر
» والآن نأتي إلى السؤال العاشر من سلسلة الأسئلة المفترضة التي تدور في أذهان أبناء الشعب العراقي وغيرهم، حول الأزمة العراقية، وإسقاط حكم البعث، وما نجم عنه من تداعيات، ومضعفات، وصراعات، فنأتي هنا للإجابة على السؤال التالي: هل ما تحقق بعد إسقاط حكم البعث يستح

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: