سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3149
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | أهل الكهف لا يبنون دولة | |
في حياتنا الفكرية, يحكم قانون التطور وطبيعة العصر وضرورة التقدم. ولا معنى لنزعة الرفض لكل القيم الحضارية ومنجزاتها.والقضية الملحة المطروحة للنقاش, هذه الأيام, يقينا ليست جديدة. لكن معظم المثقفين وعلى مختلف مستوياتهم يشعرون بأنها صراع التقدم ضد التخلف , والعقل ضد الجهل, والوطنية ضد الطائفية, والحرية ضد الاستبداد, والمستقبل ضد الرجعية والظلامية الغيبية. في الوقت الذي أصبح من المستحيل على غير أهل الكهف- ان كان لهم محل في هذا العالم ان يعيشوا بمعزل عنها. وما حدث في الآونة الأخيرة من إجراءات بحق شريحة المثقفين والثقافة, إنما يندرج تحت باب يمكن ان نسميه "التطرف". الذي أخذ أسلوبا متدرجا في اتجاهه نحو رفض القيم والمعايير المجتمعية, ومن يسلك هذا الطريق لايعمد في كثير من الأحيان الى إخفائه لا بل ويعلن رفضه للمعايير المجتمعية القائمة, ويفاخر بمحاولة استبدال هذه المعايير لدرجة تصل حد الاصطدام مع بعض فئات المجتمع في سبيل تحقيقها. على قدر فهمه للتأريخ على انه عبارة عن سيرة غيبية لاهوتية تحركها إرادة إلهية, وهي بطبيعة الحال تتناقض مع ما يراه العلم من انها ظاهرة بشرية تحكمها ظروف موضوعية. ان اعتماد الغيبيات ولا نقصد بها الدين وإنما ذلك النوع من الأيمان القدري بأفكار وقصص رائجة ويستحيل على المؤمن بها مجرد التفكير بالتساؤل حولها. و هو الضرب على الوتر الحساس في روح الإنسان وعناصر الشفافية في عقله ووعيه. ان غسل دماغ المجتمع لأجل السيطرة عليه, يفسح المجال واسعا أمام مقولة "الغاية تبرر الوسيلة" وهي احد أساليب أي نظام مهزوز والذي عادة ما يلجأ إليها, وتكون مصاحبة دوما لأساليب القمع المقنع تارة والسافر تارة أخرى, ويستغل كل الإمكانات التشريعية لحماية نظامه ومتسترا خلف المقدسات الدينية والشعبية للوصول إلى تدعيم مواقعه, او إضافة فترات زمنية أخرى الى عمره. في الوقت الذي يساوم فيه على كل شيء في سبيل بقائه واستمرار حكمه. ولا يمانع من ان يهبط بالكلمة الآلهية المقدسة لديه الى ميدان المساومات السياسية الرخيصة. هذه المهمة قد أوكلها الى رجال تستروا بالدين والغيبيات من اجل تحريك الناس والسيطرة عليهم. وهي عبارة عن عملية انفجارية وسريعة كالخراج المتورم الذي يفقأه رأس دبوس فينداح سائله منه بسرعة. انها ضرب من تفجير شحنة حقد ومظالم متراكمة بصورة مخططة, ان عملية غسل الدماغ الجماعي قد قامت على تقدير أن طائفتهم قد تعرضت عبر أجيال متعاقبة الى سلسلة متصلة من إعمال الاستغلال والاضطهاد وسلب الشخصية والجوع والإذلال والتهميش. ولهذا فهم يحاولوا ان يسبغوا الشخصية العراقية بسمة القدرية والأيمان بالغيبيات. لهذا نشأة هذه الميزة من الاضطهاد المادي والمعنوي الذي فقدت هذه الطائفة الأمل في الخلاص الأرضي فاتجهت الى الخلاص الروحي عبر التدين. و صّور للمواطن ان واجبه الديني يقوم على التضحية ورفض المظالم وتحطيمها, وانه اذا استشهد فأنه سيذهب الى الجنة, حيث الخلاص النهائي والتام. لقد شهد العالم الإسلامي منذ سنين خلت عمليات منظمة ومخططة لتدمير وإنهاء كل القوى الوطنية واللبرالية واليسارية وتشجيع ودعم وتعزيز لقوة حركات سلفية ظلامية تتستر بالدين وكانت معزولة وضعيفة. ثم جاء الاحتلال ليقوّم قسم منها بعد ان كان الناس ينظرون اليها على انها ليست سوى مجموعة من المهووسين الذين يستخدمون الدين لتنفيذ مآربهم, وليحولهم الاحتلال الى جماعات مجاهدة في سبيل قضية. وبفضل هذه الغيبية تم الاعتماد على منبر الجامع أكثر من الاعتماد على حزب او تنظيم, لسبب بسيط هو أن منبر الجامع أداة إعلامية عامة تستطيع تعبئة وإعداد آلاف الناس خلال فترة قصيرة بينما الحزب يحتاج لفترة أطول بكثير. ان اعتماد الدولة على الغيبيات واعتبارها أساس في إقناع الناس يقود الى: ألانقياد التام للسلطة في فترة معينة من قبل الواقعين تحت تأثير ألأعلام الغيبي وعجزهم عن الرفض او القبول بحرية وترك حق صنع القرار للسلطة. كما ان اليقين غير شخصي وإنما هو ظاهرة عامة يشكلها و يصوغها المرشد ألأعلى وأنصاره عبر الأعلام. وبالتالي فأن تغييره امر يقرره المرشد وليس الفرد. وينتج عن هذا , أمران: الأول الانقياد الأعمى. والثاني الطابع الشخصي لليقين. والواضح لنا جميعا من يقف وراء هذه المخططات وهو بالتأكيد, ألاحتلال, بالدرجة الأولى ومن ثم إسرائيل وبعض الدول التي تتبنى نفس المفاهيم في تسيير أمور دولهم. لقد اعتقدوا هؤلاء ان السلاح الأكثر فاعلية لتحطيم القوى الوطنية واليسارية هو سلاح الدين ومفاهيمه الذي يعمل على التشكيك بمفاهيم هذه القوى وإقناع الناس بأن هذين الخيارين قد فشلا, لهذا لم يبقى سوى الخيار الديني وهو خيار المستقبل الناجح. ويتضح ذلك جليا من خلال إقامة الكم الهائل من الفضائيات التي تنهج بهذا النهج إضافة الى آلاف الكتب والدراسات التي تؤكد الفكرة. لقد بات ألأمر واضحا لكل من له بصيرة. كما لم يعد ثمة مكان لمن يريد ان يخفي ما يحدث الآن في بلدنا بالمماحكات والسفسطات والألاعيب اللفظية البائسة. ولم يعد ايضا ثمة مكان ان يستر التخلي والنكوص بالحياد ألأعرج والموضوعية الزائفة. وليس هناك شاهد غير مسؤول. ان كل من رأى هذا العمل المشين ولم يقاومه فهو ملتزم به ومشارك بالضرورة فيه. لان الرياح المسمومة سوف تعصف بالكل والطوفان القادم سوف يغرق الجميع كما ان العدو واحد, يتربص بنا جميعا. و ان الخلاص لن يصنعه الا نحن. | |
|