ورطة القافلة البحرية
يهوشع تايخر
2010-12-16
عادت ورطة القافلة البحرية التركية وأثارت قضية اتخاذ
القرارات. سواء في سؤال 'ماذا يفعلون' (الحكومة) أو 'كيف يفعلون' (الجيش).
انحصر الانتباه كالمتوقع في اخفاقات 'التفكير الجماعي' وأسسه: الشعور
بحصانة الجماعة ذات القرار، الذي يعزز التفاؤل المفرط ويشجع على مخاطرات
متطرفة؛ وايمان أصحاب القرار بأخلاقية المجموعة؛ وتصورات مُنمطة للعدو،
تحبط امكانية التفاوض؛ والضغط على من يعرض دعاوى اخرى؛ ووهم الاجماع.
يتعلق
كل هذا بالدينامية الجماعية لصياغة القرارات، لكنه لا يتعلق بجوهر المسار
التفكيري الذي أحدثها.
يوجد في مقابل التفكير الجماعي توجه ينحصر في
اوضاع عدم العِلم. في مركزه التزام معرفي لم ينضج بعد فنحن في مرحلة مبكرة
نصوغ طريقة تفكير، بعد تأثر أو حصول على معلومات لم يتم فحصها بانتقاد.
الطريقة التي نفهم بها المعلومات أول مرة، على نحو واع أو غير واع، تقرر
استعمالها بعد ذلك.
هذه هي الخصائص المركزية لهذا التوجه.
التكرار:
الذي يفضي الى وضع عدم الوعي. عندما تتكرر مهمة مرة بعد اخرى وتتغير قليلا،
ينفذها شخص ذو خبرة أقل على نحو أفضل من الخبير الذي غابت عن وعيه بسبب
كسل الفكر تفصيلات. قد يُغرينا الفعل عن روتين، ما كنا لنأخذ به على وجه
آخر. تجربة الماضي تحدد الردود في الحاضر.
سلوك آلي: وهو الميل الى الرد
بعدم وعي على أطر تفكير معروفة أو تفسيرات معروفة، من غير التنبه الى
مضمونها. أي الميل الى الاستمرار في السلوك المكرر نفسه، في تسرع وبناء على
تجربة قصيرة.
القرار عن منظار وحيد: هو الاعتماد على فرض وجود نظام
واحد للقواعد فقط. إن الانفتاح لمناظير كثيرة، عنصر مركزي في الوعي، وهو
يُمكّن من تقدير ورد أفضل، ويضائل الرد الآلي ويعطي احتمال إثارة اسئلة.
إن
شرك تصنيف الواقع بحسب فئات تصنيف صارمة (مثل ان الجيش التركي سيدافع أبدا
عن علمانية الدولة)، التي نبني بحسبها واقعا جماعيا نصبح ضحاياه، أعمى عن
حقيقة ان هذه مبان فكرية جامدة في الماضي.
بخلاف ذلك، يعني الوعي إحداثا
مستمرا لفئات تصنيف جديدة، تُمكّن من التنبه الى اوضاع جديدة وربطها بظروف
جديدة وإظهار خيارات.
إن تقرير آيلاند والشهادات التي جُبيت حتى الآن
في لجنة تيركل تعزز خصائص تفكير بلا وعي: حصر العناية في الأساس في الجانب
العسكري لوقف القافلة البحرية، بصفته طرازا مكررا لوقف السفن 'كارين إي'،
و'فرانكوب' (2009)، و'سانتوريني' (2001) ـ أي تناول الاطار بدل المضمون.
اعترفوا في سلاح البحرية بأنهم استعدوا لمقاومة كالتي في بلعين وهذا تفكير
آلي. وكان ثمة تجاهل لأهمية الجانب السياسي الذي كان يُرى شأنا دعائيا
خالصا وهذا منظار وحيد.
وهكذا، في وضع عدم وعي للخصائص غير المألوفة
للقافلة البحرية، مُنع متخذو القرارات من استغلال الزمن الطويل الذي كانوا
يملكونه للفحص عن أفكار جديدة. بدل ذلك انحصرت عناية أصحاب القرار فقط في
خيارات وقف القافلة البحرية بالقوة أو بإجازة وصولها الى غزة. الوعي اذا هو
ملاءمة لمطالب الحاضر للامتناع عن اخفاقات الغد.
هآرتس 16/12/2010