الاسرائيليون والفلسطينيون يتمسكون بحلم
كارول دانيال كاسبري
2010-12-14
ما هدف هذه اللقاءات وهل ننجح في احرازها؟ هل سيكون لها تأثير في الواقع في الخارج؟ هذا جزء فقط من الاسئلة التي يسألها الاسرائيليون والفلسطينيون الذين يشاركون في جماعات تُجري حوارا. واسأل أنا ايضا بصفتي موجهة ووسيطة تعمل مع هذه الجماعات منذ 15 سنة، اسأل نفسي هل غيّر الحوار شيئا ما؟
في الجماعات الاولى التي وجهتها في 1995، كان المشاركون مليئين بالأمل والتأثر لمجرد امكانية التلاقي. عبّر تأثرهم عن تفاؤل من كانوا مشاركين في محادثات السلام آنذاك. كنا جميعا على ثقة من أن السلام قريب. اعتقدت بكوني مرشدة، أن عملي أن أُعد أناسا من الجانبين لانشاء العلاقات الحيوية للحياة المشتركة. كان المشاركون متحمسين للاعتراف بعضهم ببعض، وهو الامر الذي ملأ اللقاءات بطاقة منعشة ايجابية.
للأسف الشديد، تغير وجه الاشياء اليوم. فبعد الانتفاضة الثانية وبناء سور الفصل فُصل الفلسطينيون والاسرائيليون الذين انشأوا العلاقات بعضهم عن بعض، وفقد كثيرون ثقتهم بالمسيرة السلمية. وقد شعرت أنا بذلك فترة ما.
لكنني كنت في السنين الاخيرة مشاركة في توجيه جماعات في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية من جنود جُرحوا في معركة؛ وسجناء سابقين فضلوا احراز الحرية بالحوار لا بالسلاح؛ ونساء أفضين الى تغيير اجتماعي؛ ونشطاء يعملون مع جماعات تحصر عنايتها في قضايا التفاوض؛ وصحافيين يستطلعون الصراع. اجتمعت الجماعات لاسباب مختلفة لكن يبدو انه كان لها كلها هدف مشترك وهو أن تفحص كيف يستطيع الاسرائيليون والفلسطينيون أن يؤنسِنوا بعضهم بعضا وأن يجدوا قاسما مشتركا للتغيير.
نواجه في اللقاءات اليوم تحديات وصعابا تشبه تلك التي كانت في الماضي لكنها أبرز. ترى كل جماعة نفسها ضحية أكبر؛ ويوجه اشخاص إهانات ويحاولون جمع نقاط استحقاق على حساب الجانب الآخر. ويفضي بنا الحِراك احيانا الى اليأس.
نبدأ رؤية التغيير فقط عندما يبدأ المشاركون فهم أن الوصول الى نقطة عدم الخيار يؤدي بهم الى نقطة البداية. إن القدرة على تمكين هذا الحِراك من أن يجري في حوار في مجموعة، وحقيقة أن المشاركين يستطيعون رؤية هذه الأنماط، أمر حاسم من حيث تقدم الحوار. آنذاك فقط يستطيع المشاركون البدء في الكشف عن مشاعرهم العميقة وتمكين المخاوف الوجودية من أن تطفو على السطح. تزيد هذه المرحلة الوعي وتُثبت لهم انهم يتشاركون مخاوف مشتركة: الخوف من أن يُنكر الطرف الثاني هويتك؛ والخوف من الضرر الجسمي؛ والخوف من أن كل ما يريده الطرف الثاني هو أن يرميك في البحر.
يُحتاج الى وسيط جيد، والى زمن والى صبر والى ثبات للتوصل الى النقطة التي يبدأ فيها المشاركون تغيير لغتهم، والاعتراف بحقيقة أنهم جميعا يبحثون عن الاعتراف والمُشايعة، ويصبحون شركاء في الحديث. وتزداد المسيرة عمقا عندما يعترفون بأن لكل طرف مسؤولية عما حدث في الماضي وما قد يحدث في المستقبل، ويدركون انهم قادرون على إحداث تغيير حتى لو خطوا خطوات صغيرة ايضا.
تصبح اللقاءات عند كثيرين شبه مخدّر يمكنّهم من التمسك بحُلم. ويصبح الحوار وسيلة وهدفا. يطورون حاجة الى رؤية وجود الرؤى والصراعات المشتركة، أو كما قال واحد منهم: 'المثابرة تعرض أملا وإلهاما على الآخرين وتحافظ على الحلم حيا. وتأييد ومشاركة المواطنين أداة حيوية لاحراز اتفاق سياسي في المستقبل'. وقال آخر: 'ليس الاستسلام خيارا'.
يجب على قادتنا أن يعلموا انه يوجد غير قليل من مثل هذه الاصوات بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ينتظرون أن ينضموا الى صفوفهم وأن يعترفوا بهم ويُقدّروا الرحلة الطويلة التي قاموا بها. لهم المُشايعة والثقة والالتزام، وهي مصادر أمل في فترة مجابهة.
جذوري فلسطينية، لكنني أرى أكثر فأكثر بواسطة هذه الحوارات وفي جبهات اخرى في حياتي، أرى نفسي بأن دوري الرئيس أن أُمكّن من تقديم الحوار جُملة. وفي هذا السياق لست أُمثل طرفا واحدا فقط. فنحن جميعا جزء من المجموع نفسه. اذا استطعنا أن نرى أنفسنا جزءا من الجماعة الشاذة عن جماعتنا العِرقية والدينية، فلن نخاف الشعور بالعطف على مخاوف وألم اعضائها. فنحن نعلم أن هذه ايضا مخاوفنا وآلامنا.
' مديرة مشروع في منظمة
'البحث عن قاسم مشترك' هآرتس 14/12/2010