«ويكيليكـس» تضـيء كواليـس إقليميـة وحـول مغنيـة سـوريا وتـركيا وقطـر اسـتعدت لمواجهـة إسرائيليـة ـ إيرانيـة
|
مناصرة لاسانج تحمل لافتة لإطلاق سراحه خارج قاعة المحكمة في لندن أمس الأول (أ ب) |
|
|
|
|
|
جاءت الدفعة الاخيرة من وثائق «ويكيليكس» المسربة، متركزة في اليومين الاخيرين على الأوضاع في المنطقة، فأخذ كل من لبنان وسوريا حيزا كبيرا من المعلومات المكشوفة، التي تمحورت حول دينامية العلاقات السورية ـ الايرانية، وآفاق التسوية السورية ـ الاسرائيلية، فيما تكرر ذكر اغتيال القيادي الكبير في «حزب الله» عماد مغنية، على أنه ادى دورا في المخاوف الاسرائيلية من إجراءات انتقامية، والضغوط الغربية على دمشق.
1559 والحدود
وفي تقرير صادر من السفارة الأميركية في بيروت، ذكر الدبلوماسيون الاميركيون ان منسق الامم المتحدة الخاص بلبنان مايكل ويليامز، نقل في 23 كانون الثاني 2010 عن مسؤولين اسرائيليين التقاهم سابقا، عدم توقعهم لنزاع مع «حزب الله» «في المستقبل القريب، على طول الخط الأزرق»، مقابل قلق متكرر حول احتمال حصول «حزب الله» على صواريخ مضادة للطيران، أو امكانية تحرك الحزب «من تلقاء نفسه انتقاما لمقتل عماد مغنية». واعتبر رئيس هيئة الأركان الاسرائيلية غابي اشكنازي كما نقل ويليامز، أن الهجوم في كانون الثاني 2010 على موكب اسرائيلي في عمان قد يكون شمل «انخراطا محدودا» من «حزب الله»، مستطردا «لكن (الهجوم) كان بسيطا بشكل لا يتناسق مع عمل الحزب».
ونقل ويليامز عن الجيش الاسرائيلي «إشادته بمشاركة القوات المسلحة اللبنانية في المحادثات الثلاثية، وخصوصا بقيادة اللواء عبد الرحمن شحيتلي»، كما أكد ردا على سؤال حول «جهود البعض في استهداف القرار 1559» أن «قرارات مجلس الأمن لا تموت او تلغى كما يقول بعض الساسة اللبنانيين»، مشيرا إلى «أن اللبنانيين ينظرون بسذاجة إلى سبب استمرار القرار... وفيما تم تطبيق أجزاء أساسية من القرار 1559 كالانسحاب السوري، القضية الأكبر تبقى قضية حزب الله».
وفي وثيقة أخرى مسربة، تحدث الدبلوماسيون الأميركيون عن «ظهور مفاجئ» لمدير الاستخبارات العامة السورية اللواء علي مملوك في 18 شباط 2010 خلال اجتماع عقد بين نائب وزير الخارجية فيصل المقداد والوفد الأميركي برئاسة منسق شؤون مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة دانيال بنجامين. وأوضح المقداد بحسب البرقية، أن مملوك قد انضم إلى الاجتماع بناء على طلب من الرئيس السوري بشار الاسد في لفتة ايجابية عقب اجتماع بين مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ويليام بيرنز والرئيس السوري في اليوم السابق. ونقل عن مملوك قوله إن التعاون بشأن أمن الحدود السورية العراقية يمكن أن يؤدي إلى التعاون الأمني في مجالات أخرى.
وأضاف المقداد من جهته، أن أمن الحدود اللبنانية - السورية هو أيضا موضوع قد أحرزت فيه اللجنة اللبنانية السورية المشتركة تقدما ملحوظا، قائلا بأن سوريا تحاول مساعدة اللبنانيين على حفظ الأمن في الموانئ وعلى الحدود، من دون التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية.
سوريا وإسرائيل ومغنية
وفي وثيقة تنقل وقائع لقاء المستشار الأميركي الخاص للشؤون الإقليمية في مكتب المبعوث الأميركي جورج ميتشل، فريديريك هوف، مع مسؤولين اسرائيلين من وزارتي الدفاع والخارجية، بتاريخ 10 حزيران 2009 قال المسؤولون إن «نتائج الانتخابات اللبنانية جاءت نتيجة لكميات ضخمة من الأموال السعودية، ودعم البطريرك الماروني لـ14 آذار، لا بسبب انتقال حقيقي في المجتمع اللبناني».
وفيما اعتبروا أن نتائج الانتخابات اللبنانية فاجأت سوريا، أكد المسؤولون الاسرائيليون ان «حزب الله» ما زال يخطط للانتقام لمقتل عماد مغنية، وأن «اسرائيل قد أحبطت حتى الآن هجومين في بلد ثالث». وأكد الاسرائيليون أن الدولة العبرية تمتلك معلومات استخبارية حساسة تفيد بان «حزب الله» قد «استكمل التخطيط العملاني لهجوم ثالث خارج اسرائيل، لكن (الامين العام للحزب حسن) نصر الله لم يقرر بعد إعطاء الأمر بالتنفيذ، على رغم الضغط الايراني لاطلاق الهجوم».
ووصفت تقارير اميركية بتاريخ شباط 2008 ، «صدمة دمشق» إزاء اغتيال مغنية في انفجار قنبلة متطورة زرعت في سيارته. وتقول وثيقة مسربة عن السفارة الاميركية بتوقيع القائم بالاعمال مايكل كوربن في دمشق بتاريخ 28 شباط 2008، ان التحرك الاميركي لـ«مكافحة الفساد» ضد رجل الاعمال السوري رامي مخلوف، نظر اليه على انه خطوة لزيادة الضغط على دمشق بعد اغتيال مغنية، «ففي 21 شباط، فرض ادراج رامي مخلوف نقاشا مستفيضا لكن التغطية الإعلامية السورية كانت محدودة للغاية. وكان اعلان مخلوف المليء بالتحدي عبر اذاعة «بي بي سي» العربية بأن ادراجه هو بمثابة وسام شرف له، اقرب الى رد الفعل الرسمي». وذكرت الوثيقة ردّ مخلوف الذي قال «يتهموننا بالفساد فيما نحن من الجهات التي تعمل جاهدة على زيادة الاستثمار في سوريا».
وتشير الوثيقة الى انه «بعد اسبوع على اغتيال مغنية وبالتزامن مع زيادة التوتر بين سوريا من جهة والسعودية والغرب من جهة اخرى، اثّر ادراج مخلوف بتوقيته الحساس على النظام في دمشق»، وان الامر «اثار بلبلة بين الاستخبارات العسكرية السورية ومسؤولين في مديرية الاستخبارات العامة حول من المسؤول عن الخرق الامني».
اضطراب سوري ـ إيراني؟
من جهته، قال رئيس إدارة السياسة العسكرية في وزارة الدفاع الاسرائيلي عاموس جلعاد لهوف، إن وزارة الدفاع الاسرائيلية تعتبر أن «سوريا قد تكون جدية في فصل نفسها عن ايران وسحب دعمها لحزب الله، مقابل مصالحة مع الغرب، والولايات المتحدة بشكل خاص، واستعادة هضبة الجولان». واعتبر جلعاد ان «المفاوضات مع سوريا قد تنجح، لأن ايران عبارة عن زواج مصلحة بالنسبة لسوريا»، معربا عن اعتقاده بأن «سوريا تفضل الاقتراب من العرب وباقي المجموعة الدولية، إذا أعطيت الفرصة»، ومؤكدا ان الايرانيين «يودون التخلص من نظام (الرئيس بشار) الأسد في الوقت المناسب». لكنه استطرد قائلا إنه قد يكون من الصعب لسوريا «فصل نفسها عن ايران وحزب الله حتى لو حاولت. فحزب الله أصبح الآن جزءا أساسيا من المفهوم الدفاعي السوري، وهو أكثر فعالية كقوة مقاتلة من الجيش السوري».
إضافة إلى ذلك أشار جلعاد إلى أن «هضبة الجولان تبقى الجبهة الاسرائيلية الأهدأ، ما يثبت أن سوريا تستطيع أن تكون على مستوى التزاماتها إذا كانت الالتزامات واضحة».
في المقابل، دعا هوف المسؤولين الاسرائيليين إلى «التقدم نحو آفاق السلام مع لبنان» عبر البحث في تجديد لجنة هدنة العام 1949، مقترحا «استراتيجية تصاعدية ازاء لبنان، عبر توسيع الاتصالات المتدنية المستوى العسكرية - العسكرية عبر اليونيفيل، حتى تشمل بعض التقدم السياسي».
من جانب آخر، أشارت وثيقة أميركية من دمشق بتاريخ 22 كانون الأول 2009، إلى رفض الرئيس السوري بشار الأسد لطلبات ايرانية بالتنسيق الثنائي في العراق واليمن، «رافضا أن يتم جره إلى حرب بين ايران واسرائيل». ونقلت البرقية عن شخص حذف اسمه من نصها، إشارة إلى زيارة قائد قوة القدس الايرانية، قاسم سليماني لدمشق في كانون الأول 2009، على أنها أتت «بعد غياب طويل، قد يعكس توترا متصاعدا بين ايران وسوريا، اشتعل بعد اغتيال عماد مغنية في شباط 2008 في العاصمة السورية». وأكد الشخص المحذوف اسمه انه «رأى سليماني ومستشار الامن القومي الايراني سعيد جليلي خلال لقاء مع مسؤولين سوريين ضم وزير الخارجية وليد المعلم، وأعضاء غير محددين من حزب الله»، معتبرا أن «سليماني يمثل الجانب العملي في المقاومة».
وبحسب المصدر الذي تحدث للسفارة الأميركية، فإن 3 زيارات رفيعة المستوى من مسؤولين ايرانيين إلى سوريا، تهدف إلى «ازالة الشكوك حول امكانية تخلي سوريا عن ارتباطاتها بايران»، وأضاف المصدر «ايران تزودنا بغطاء دبلوماسي وقدرة عسكرية لدعم مطالبنا بالسلام. في المقابل نزود ايران بالدعم عندما يضغط العرب على برنامجها النووي».
وأكد مصدر لم يتضح إذا كان هو نفسه، أن «ايران لا سوريا هي التي طلبت الزيارات كإشارة على الاطمئنان الى سوريا»، مضيفا للأميركيين «اطمئنوا، هم (الايرانيون) احتاجوا هذه الزيارات أكثر منا». وتابع المصدر قائلا «علاقتنا مع ايران بدأت تعود إلى الطبيعي. عزل أميركا وغزو العراق ادى إلى ضرورة تبنينا لإجراءات قصوى. أما الآن فالأمور تعود إلى طبيعتها».
وفي تفاصيل «الخلافات» السورية - الايرانية، يشير المصدر إلى أن «الايرانيين طلبوا منا التركيز على مماشاة الساسة الشيعة في العراق، وأن نتخلى عن دعمنا للسنة والبعثيين السابقين»، مؤكدا أن السوريين أبدوا ترددا كبيرا في الاستجابة «مصرّين على إعادة دمج البعثيين العراقيين السابقين في العملية السياسية»، وتابع مؤكدا أن الحكومة السورية تعارض النظرة الايرانية للعراق بأنه «دولة يسيطر عليها الشيعة، ومشكلة من عدة دويلات».
وأكد المصدر أن المسؤولين السوريين نقلوا عن نظرائهم الايرانيين قولهم أن ضربة اسرائيلية لايران «هي مجرد مسألة وقت»، وأن السوريين طلبوا من الايرانيين عدم إدخال سوريا أو «حزب الله» أو «حماس» لـ«خوض هذه المعركة»، وأضاف «قلنا لهم أن ايران قوية بما يكفي لتطوير برنامجها النووي، ومقاتلة اسرائيل. نحن ضعفاء. لم يكونوا راضين عن اجابة الأسد. احتاجوا إلى سماع الحقيقة».
كما نقلت الوثيقة الأميركية عن المصدر السوري قوله إن «سوريا وتركيا وقطر تحضر لمواجهة عسكرية اسرائيلية - ايرانية في المستقبل القريب»، ونقل بدوره عن «مسؤولين عسكريين» قولهم إنهم «لاحظوا طائرات اسرائيلية استطلاعية من دون طيار»، موضحا ان المسؤولين السوريين رأوا في ذلك إشارة إلى أن اسرائيل قد تسعى إلى تعطيل محطات الرادار المضادة للطيران كجزء من خطة ارسال قاذفات إلى ايران عبر الأجواء السورية». وأضاف «عندها نحن وتركيا وقطر، سنبدأ التوسط للوصول إلى وقف لاطلاق النار، وحل طويل المدى في ما بعد يشمل برنامجي البلدين النوويين. هذا السيناريو الأفضل. كل السيناريوهات الأخيرة سيئة لنا وللمنطقة».