مصر: خوف من «وكلاء إيران» وضعف القبضة في سيناء كلينتون وأبو الغيط خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أوائل الشهر الماضي (أ ف ب)
أعادت وثائق جديدة لـ«ويكيليكس» الحديث عن التهديدات التي تحدق بمصر، والتي جاءت على لسان الرئيس حسني مبارك ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط. ومجدداً احتلت إيران المراتب الأولى، وخصوصاً بعد سقوط رادعها الوحيد، الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
إيران تجرّ وراءها تهديداً آخر يتمثل في حركة «حماس»، من خلال عمليات تهريب الأسلحة على الحدود التي تعمل مصر على مواجهتها.
إحدى هذه الوثائق التي تحمل تاريخ الثاني من شباط الماضي، وقد كتبتها السفيرة مارغرت سكوبي، كشفت أن الرئيس المصري، حسني مبارك، يعدّ إيران تهديداً استراتيجياً رئيسياً. وقد بات الوضع أكثر خطورة منذ سقوط صدام حسين، الذي وقف حاجزاً أمام إيران، «رغم قذارته».
ويرى مبارك أن طهران تتحرّك بسهولة في المنطقة، اليوم، من الخليج إلى المغرب. وأشار إلى أن التهديد الآني يأتي من المؤامرات الإيرانية مع «حماس» (يعدّها شقيقة الإخوان المسلمين التي تمثّل تهديداً داخلياً) لإثارة القلاقل في غزة، إلا أنه يخشى أيضاً المكائد الإيرانية في المنطقة، وخصوصاً اليمن ولبنان وسيناء، عن طريق حزب الله.
ورغم أن التهديد النووي الإيراني هو أيضاً مدعاة للقلق، يبدو مبارك أكثر قلقاً من وكلاء إيران (حماس وحزب الله)، إضافة إلى محاولات طهران السيطرة على الشرق الأوسط.
وفي الوثيقة ذاتها، أشار مبارك إلى أن السودان هو أولوية مصر في أفريقيا. فالحكومة المصرية ترغب في تحقيق الوحدة لأنها تؤمن بأن الانقسام سيزيد تدفق اللاجئين إلى مصر، ويهدّد وصولنا إلى النيل.
وخلال لقاء جمع مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية (هيلاري كلينتون) لشؤون التسلح والأمن الخارجي، ايلين توتشر، مع أبو الغيط في كانون الأول من العام الماضي، أشار الأخير إلى أن «السلاح النووي الإيراني والسوري سيكون كارثياً»، لكنه شدد على أنه لا يستطيع الضغط على إيران، ويترك قلقه حيال إسرائيل جانباً، موضحاً أنه سيواصل الدفع باتجاه تنفيذ معاهدة منع الانتشار النووي.
وفيما أشارت توتشر إلى أن الولايات المتحدة تريد التعاون مع مصر لضمان نجاح مؤتمر بشأن معاهدة عدم الانتشار النووي، رحّب أبو الغيط بالتعاون، لكنه شدد على أنه يجب معالجة رفض إسرائيل الانضمام إلى المعاهدة، قائلاً إن البرنامج النووي الإسرائيلي الغامض يمثّل تهديداً للأمن الإقليمي ويغذّي الجهود الإيرانية.
وإلى الإرهاب، أشارت وثيقة كتبتها سكوبي في الثاني من شباط الماضي إلى أن معارضة الحكومة المصرية للإرهاب الإسلامي، وفعالية جهازها الاستخباري وأجهزتها الأمنية، يجعلانها بؤرة غير آمنة للمجموعات الإرهابية. مع ذلك، تعدّ منطقة شمال سيناء نقطة لتهريب الأسلحة والمتفجرات إلى غزة، ونقطة عبور للغزيين. ولطالما نقل المسؤولون الفلسطينيون من حركة «حماس» كميات كبيرة من الأموال عبر هذه الحدود. عمليات التهريب هذه أدت إلى نشوء شبكات إجرامية قد يكون لها علاقة بالمجموعات الإرهابية في المنطقة. وقد يكون العنف الذي يمارسه بعض بدو سيناء مرتبطاً بشبكات التهريب.أشار أبو الغيط لسكوبي إلى أن السلاح النووي الإيراني والسوري سيكون كارثياً
وأشارت وثيقة كتبتها سكوبي، في 10 شباط الماضي، إلى أنّ من الصعب تقويم مدى فعالية هذه الجهود، إلا أن مصر نجحت في كشف وتعقب شبكات لتهريب الأسلحة من السودان إلى القاهرة، إضافة إلى اعتراض التمويل غير الشرعي الموجّه إلى غزة. وقد أبدى بعض المسؤولين الإسرائيليين رضاهم حيال تفعيل الجهود المصرية.
من جهة أخرى، بدا عضو المجلس المحلي في العريش، سامح عطا، سعيداً ببناء الجدار الصلب تحت الأرض على طول الحدود بسبب «الحاجة إلى حماية الوطن». ورغم دعم عطا، إلا أنه قال إن مجلس شمال سيناء المحلي يعتقد أن الأمر سيزيد من حدة التوتر على جانبي الحدود، ويمكن أن يؤدي إلى العنف في شمال سيناء، وسيدفع المهربين للبحث عن سبل أخرى لكسب المال. وقال إن المجتمع الدولي يحتاج إلى النظر في فتح الحدود للسماح بإدخال المواد الغذائية والأدوية إلى غزة، والمساعدة في الأمن في شمال سيناء.
بدوره، قال محافظ شمال سيناء مراد محمد موافي إن التهريب في سيناء هو مسألة أمنية ووطنية، لأن أسلحة من إسرائيل تتجه إلى شمال سيناء. وقال إن التهريب لن يتوقف إلا إذا كان لمصر شريك على الحدود الأخرى في غزة. وأضاف أن لدى «حماس» مشروعاً ضد مصر، الأمر الذي أدى إلى ضغط على الحكومة المصرية ومشاكل كبيرة مع بدو شمال سيناء وجماعة الإخوان المسلمين. يجب على إسرائيل أن تدعم إما المصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية، وإما العودة إلى ممر فيلادلفيا للمساعدة في السيطرة على التهريب. وأشار إلى أن قبائل سيناء التي تعيش في مصر وإسرائيل تجعل من المستحيل على مصر وحدها السيطرة على الأعمال والأنشطة غير المشروعة.
وفي السياق، قالت سكوبي أيضاً، في وثيقة كتبتها في شباط الماضي، إن الأمطار الغزيرة التي شهدتها منطقة شمال سيناء في الآونة الأخيرة سبّبت خسائر بلغت نحو 11 مليون دولار. وشكا سكان محليون من بطء استجابة الحكومة المصرية، فيما قدمت جماعة الإخوان المسلمين ومنظمات إسلامية أخرى خدمات فنية للإغاثة كانت أكثر فعالية.
وتابعت أن الأمطار أدت إلى توقف مؤقت في بناء الجدار الفولاذي، وسبّبت أضراراً بالغة في شبكة الأنفاق التي تستخدم للتهريب على الحدود بين القطاع ومصر.
في المقابل، قالت سكوبي إن وزير الدفاع المصري محمد حسين طنطاوي يواصل مقاومته مساعدات إضافية لمكافحة التهريب، ويعود تردّده إلى سيادة بلده وخوفه من أن تضعف صناديق التمويل العسكري. وأضافت أنه يجب تشجيع طنطاوي على التركيز أكثر على مساعدات الولايات المتحدة بشأن أمن الحدود.
وخلال اجتماع بين وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ورئيس جهاز الاستخبارات المصري عمر سليمان، في شباط الماضي أيضاً، نقلت سكوبي عن الأخير قوله إن مصر تضاعف جهودها لمواجهة التهريب، ويتضمن ذلك تعزيز الإجراءات الأمنية على طول الحدود السودانية. وأضاف أن مصر ضاعفت جهودها للتصدي لشبكات التهريب في السودان والصومال واليمن. وتطرق مسؤولون مصريون إلى النجاح الذي تحقق في اعتراض سلع موجهة إلى «حماس»، وشبكات تهريب الأموال على طول الحدود مع القطاع.