سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3161
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | هنري كيسينجر | |
| هنري كيسينجر أحد أبرز رجالات الخارجية الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية. وهو أضاف لرصيده جملة إنجازات لعل أشهرها ، وإن لم تكن أهمها، تلك الجولات المكوكية التي قام بها أثناء ولاية الرئيس نيكسون سعيا" لسلام الشرق الأوسط. وبعضهم يعتبر إجتماعاته بزعماء المنطقة( قبل جولاته المسماة مكوكية ) قبل حرب 1973 على أنها جزء من سيناريو كانت زيارة السادات للقدس بدايته ولم يكن إتفاق كامب دايفيد نهايته. فبحسب هؤلاء لا تزال المنطقة العربية تدفع لغاية اليوم ثمن توريط كيسينجر لها في ترهات ودهاليز وعوده الملغومة. للمزيد أنظر جولة كيسينجر ومما يزيد الشكوك حول هذا الرجل هو كونه استراتيجيا" قبل أن يكون سياسيا". كما أنه صاحب طروحات فائقة الجرأة والخطورة. نورد منها على سبيل المثال المواقف التالية: - الضرورة الحيوية للتواجد الأميركي في المنطقة الأوردية ( باكستان وأفغانستان ومحيطهما). وهي دعوة تعود الى منتصف الخمسينيات. - التهديد بإحتلال منابع النفط العربية ( إبان أزمة وقف النفط العربي). - دعوته لإعادة تقسيم الشرق الأوسط وفق مخطط يعرف بمخطط كيسينجر. - إشتراكه في إعداد تقرير بارد الداعي لإعتبار السعودية دولة عدوة راعية للإرهاب بما يستدعي توجيه ضربة لها تعقبها ضربة لإيران ( بعد أحداث أفغانستان وأثناء الدعوة لضرب العراق). / أي بعد صدور مذكراته. للمزيد أنظر تقرير راند. مهما كام موقفك من هذا اليهودي المتعاطف كليا" مع إسرائيل فأن عليك الإعتراف أنه يملك كما" هائلا" من المعلومات ومعايشة ومعاينة العديد من الأحداث المفصلية التي ستترك آثارها على العالم لعقود قادمة. إنه من أهم كتاب المذكرات. فماذا تراه يقول في مذكراته؟. من السذاجة بمكان أن ننتظر عرض كيسينجر للحقائق في مذكراته. لكننا نجد فيها نوعا" من قائمة النصائح المسيحانية. حيث لم ينس كيسينجر يهوديته وحلم الماشيح المخلص الكامن فيها. ولكن ماذا عن جرائم الحرب والعمليات السوداء التي أشرف عليها هذا السياسي المخابراتي؟. لعلنا نجد الاجابة على هذا السؤال في كتاب " محاكمة كيسينجر" لمؤلفه كريستفر هيشنز. لذا نعرض لكتابه في ما يلي: | كتاب «محاكمة هنري كيسنجر» لمؤلفه كريستوفر هيتشنز يضيء جوانب أخرى للحقيقة التي لم تعد خافية على أحد, بعد عمر من الجرائم التي ارتكبتها السياسة الأميركية بحق شعوب العالم منذ قنبلة هيروشيما مرورا بحرب فيتنام وحصار كوبا وصولا إلى ضرب العراق وأفغانستان. و الكتاب يتناول جرائم الإبادة الجماعية التي تبين تجاهل الدبلوماسية الأميركية للمواثيق والأعراف الدولية, ولطالما كشفت الوثائق السرية تورط الساسة الأميركيين الكبار بجرائم منظمة ضد الشعوب الأخرى, مما يلغي أية صدقية للخطب والمبادئ التي تنادي بها الإدارة الأميركية بما يتعلق بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان , مثلها في ذلك مثل حليفتها الاستراتيجية «إسرائيل» وكأن هاتين الدولتين هما فوق القانون. | و العمليات السوداء والاغتيالات التي شارك بها هنري كيسنجر إما بالتخطيط لها أو دعمها ماديا ومعنويا باعتباره مستشارا للأمن القومي ووزيرا للخارجية في عهدي الرئيسين نيكسون وفورد, حين كان المسؤول الأول في ««لجنة الأربعين» وهي هيئة شبه سرية, عملاقة وأخطبوطية, قامت بالإشراف المطلق على أعمال الولايات المتحدة السوداء في الخارج بين 1969 و1976 من القرن العشرين على حد تعبير المؤلف. تقع الترجمة العربية للكتاب في 237 صفحة قطع متوسط, ويتألف من أحد عشر فصلا وملحق بالرسائل والوثائق, ومنذ التمهيد يعترف المؤلف هيتشنز بأنه أحد خصوم كيسنجر السياسيين, ومع ذلك فقد كان مضطرا لحذف الكثير من المادة المخزية التي توافرت بين يديه والإبقاء فقط على الإساءات الكيسنجرية التي تشكل قاعدة وأساسا لمساءلة قانونية وقضائية, أي ما يمكن اعتباره جرائم حرب في العرف الدولي, هكذا فقد تجاهل الكاتب مثلا تجنيد كيسنجر لأكراد العراق ثم خيانته لهم , والتغطية السياسية والعسكرية والدبلوماسية لسياسة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا. واكتفى بجرائم القتل الجماعي المتعمد للسكان المدنيين في الهند الصينية وبنغلادش وتيمور الشرقية, والتخطيط والتحريض على قتل مسؤولين دستوريين في دول ديمقراطية مثل التشيلي وقبرص, كذلك التورط في خطة لاختطاف وقتل صحفي يوناني معارض يعيش في واشنطن ويتمتع بالحماية الأميركية. يذكر المؤلف أن كيسنجر كان أحد العملاء السريين الذين عملوا عام 1968 على تخريب مفاوضات السلام التي كانت جارية في باريس ما بين فيتنام الجنوبية والشمالية, وذلك بالتأكيد للحكام العسكريين في فيتنام الجنوبية أنه إذا وصل الحزب الجمهوري الأميركي إلى السلطة فسوف يقدم صفقة أفضل من تلك التي يقدمها لهم الحزب الديمقراطي , مما أدى إلى انسحاب الطغمة الفيتنامية الجنوبية من المحادثات, الأمر الذي أسفر عن تلك الحرب المدمرة التي دارت لمدة أربع سنوات, وراح ضحيتها عشرون ألف جندي أميركي وعدد لا يحصى من الفيتناميين واللاوسيين والكمبوديين دون أي مبرر, والتي انتهت بنفس بنود محادثات السلام في باريس قبل ذلك, وهنا يذكر المؤلف أن هذه الضحايا كانت ثمن ترقية هنري كيسنجر «من شخص عادي وجامعي انتهازي ليصبح ملكا دوليا وكانت سماته المميزة حاضرة من اللحظة الأولى التي تولى بها منصبه, التملق الذليل والازدواجية, عبادة النفوذ, المقايضة الجوفاء لخصوم قدامى بخصوم جدد, والنتائج المميزة كانت حاضرة أيضا جثث لا تعد ولا قيمة لها, كذب رسمي وغير رسمي فيما يتعلق بالثمن €ص 56€. أما فيما يخص جريمة بنغلادش فيذكر المؤلف أنه في العام 1970 سمحت النخبة العسكرية الباكستانية بإجراء أول انتخابات حرة في باكستان الشمالية , التي تعرف بالجناح البنغالي لدولة باكستان الشرقية المعروفة لسكانها الأصليين باسم بنغلادش ـ وقد فاز بالتصويت الشيخ مجيب الرحمن رئيس عصبة عوامي المتمركزة في البنغال, وفي العام التالي أقدم الجيش الباكستاني على ضرب العاصمة البنغالية داكا واختطاف رئيسها ونقله إلى باكستان الغربية, وذبح مؤيديه وطرد الصحافة الأجنبية وارتكاب الكثير من المجازر بحق المدنيين, وفي ذروة هذه المجازر الجماعية التي نفذت بأسلحة ودعم أميركي بعث كيسنجر برسالة إلى اللواء يحيى خان يشكره فيها على حسن كياسته وبراعته. بصورة أكثر دموية تكررت المأساة في دولة مستقلة كانت تعتبر مثالا للديمقراطية والتعددية في أميركا اللاتينية هي التشيلي, فما ان فاز مرشح اليسار الليندي بانتخابات حرة في عام 1970 حتى بدأ الدور المستمر لإدارة نيكسون وكيسنجر في التدمير الاقتصادي والسياسي وزعزعة الاستقرار وصولا إلى الانقلاب العسكري الدموي عام 1973 الذي راح ضحيته الليندي وأهم حكم ديمقراطي في الأميركتين وآلاف الضحايا المدنيين, وليس من داع هنا للاستطراد في ذكر ضحايا بينوشية الذي كان كيسنجر بنفسه يدعم ويمول سياسته القمعية. كارثة قبرص عام 1974 لا تقل مأسوية عن سابقاتها, حيث تم خلع الرئيس الدستوري مكاريوس وقتله, وقد كان كيسنجر بعلم مسبق بالخطة التي نفذها الديكتاتور اليوناني ديمتريوس إيونيدس €رئيس الشرطة السرية€ للقضاء على الحكم الديمقراطي في قبرص ووضعها تحت هيمنة أثينا. بعد ذلك ينتقل المؤلف إلى جريمة أخرى حدثت في تيمور الشرقية الواقعة على الأرخبيل الأندونيسي, التي حكمتها بعد استقلالها من البرتغال عام 1974 حركة يسارية تعرف باسم فريتلين أو جبهة تحرير تيمور الشرقية, وكانت الجبهة ذات ميول يسارية و امتدت شعبيتها من الكنيسة وحتى طلاب الجامعة, فما كان من القوات الأندونيسية إلا أن اجتاحت الحدود وضمت تيمور لها في عام 1975 أثناء حكم الديكتاتور سوهارتو, وقد كان كيسنجر في أندونيسيا قبل يوم من الاجتياح وباركه ودعمه بعد ذلك بكل السبل. في نهاية الكتاب يطلب هيتشنز مقاضاة كيسنجر على جرائمه ويعدد المرجعيات القانونية والقضائية التي يمكنها إنجاز ذلك وهي: قانون حقوق الإنسان الدولي والذي يتضمن حقوق الإنسان في إطار دولته ويحميه من الفاعلين الآخرين, إعلان حقوق الإنسان للثورة الفرنسية الذي يعتبر أن الشراكات السياسية لا تكون قانونية إلا إذا حافظت على كرامة الأفراد ومصالحهم, قانون النزاع المسلح ويمثل إجماعاً قانونياً بشأن ما هو مسموح به وغير مسموح به أثناء حال الحرب, قانون الجزاء الدولي ويتعلق بأي شخص يرتكب فظائع بحق مواطنيه أو مواطني دولة أخرى, وأخيرا القانون المحلي وقانون استرداد الحقوق. إن الحقائق والأرقام التي يضعها الكتاب أمام أعيننا, تثير التساؤل والقلق الحاد حول مستقبل البشرية برمتها, إذ كيف يمكن لشخص ككسينجر ارتكب كل هذه الجرائم الفظيعة بحق الدول والشعوب الأخرى, أن يظل حرا طليقا حتى يومنا هذا وينال جائزة نوبل للسلام ويعين مؤخرا رئيسا للجنة المعنية بمكافحة الإرهاب في العالم, وإذا كان أمر كيسنجر وشركائه قد افتضح اخيراً بعد الإطلاع على مذكرات كيسنجر الشخصية التي باعاها لمكتبة الكونغرس على أن تظل مختومة إلى ما بعد موته, وإذا كانت الصدفة وحدها هي التي أدت الى افتضاح هذه المذكرات عام 2000, فهل بإمكاننا أن نتصور عدد المجرمين الآخرين الذين يتمتعون بالحصانة الكاملة ويقودون السياسات الأميركية وينصبون أنفسهم أسيادا على عالمنا الذي بات يختنق حقا تحت وطأة فظاعاتهم. |
| |
|