السعودية والتحريض على ضرب ايران
راي القدس:
2010-11-28
عندما تؤكد وثائق وزارة الخارجية الامريكية التي نشرها موقع ويكيليكس يوم امس ان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز قد طلب من الولايات المتحدة الامريكية رسمياً شن هجوم عسكري على ايران لتدمير منشآتها النووية، فإن علينا ان نتوقع ازمة كبيرة في العلاقات السعودية ـ الايرانية في الأيام المقبلة قد تتطور الى أمور غير حميدة على الاطلاق.
نفهم ان تستدعي المملكة العربية السعودية نصف مليون جندي الى اراضيها عام 1990 تحت عنوان تحرير الكويت، واخراج القوات العراقية منها بالقوة، فالعراق بغزوه الكويت انتهك القانون الدولي، ولكن نستغرب ان تحرض المملكة على ضرب دولة اسلامية مارست حقاً مشروعاً يكفله القانون الدولي في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
فكل التقارير تؤكد ان ايران لم تتعد الخطوط الحمر، واقتصر تخصيبها لليورانيوم على انتاج كميات منخفضة المعدلات، اي في حدود العشرين في المئة، فلماذا تتورط دولة عربية لها مكانة مرموقة في العالم الاسلامي على استعداء دولة جارة بمثل هذه الطريقة! ربما يجادل البعض بأن انتاج ايران لرؤوس نووية يشكل تهديداً للمملكة العربية السعودية والدول الخليجية الاخرى، ويطلق سباق تسلح نووي، وربما ينطوي هذا الجدل على بعض الصحة، ولكن لماذا لا يكون الرد على مثل هذا التهديد بمشروع عربي نووي متكامل، خاصة ان الدول العربية تملك المال والقدرات والتحالفات اللازمة لامتلاك قدرات ردع نووية فاعلة ومؤثرة؟
ثم هل فكر العاهل السعودي بالنتائج التي يمكن ان تترتب على مثل هذه الخطوة، خاصة على المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وابرزها اندلاع حرب طاحنة، واقدام ايران على قصف مدن المملكة ودول الخليج الاخرى بالصواريخ، وانفجار خلاف مذهبي بين الشيعة والسنة، او قومي بين العرب والفرس؟
لا نعتقد ان ايران ستكون سعيدة جراء ما ورد في الوثائق من تحريض على ضربها ولا نعرف كيف سيكون رد فعلها، ولكن ما نعرفه ان توترا كبيرا قد يطرأ على علاقاتها مع دول الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.
الولايات المتحدة الامريكية التي دمرت العراق وسلمته لقمة سائغة الى ايران، بعد ان بذرت في ارضه الخصبة بذور الفتنة الطائفية، تريد ان توسع دائرة الفتنة هذه وتنقلها الى مختلف الدول العربية لزعزعة استقرار المنطقة واغراقها في حروب طاحنة.
نتمنى ان نسمع توضيحا من الحكومة السعودية على ما ورد في هذه الوثائق، من اجل المساهمة في تطويق هذه الفتنة في مهدها، او تقليص اخطارها على الاقل، لأن ما ورد في هذه الوثائق خطير بكل المقاييس ولا يجب الصمت عليه.
اخيرا يظل لزاما علينا ان نلفت النظر الى نقطة واحدة، وهي خطورة انسياق دول عربية خلف المشاريع الامريكية في المنطقة، والتورط في اتخاذ مواقف في السر يعتقدون انها لا يمكن ان تظهر الى العلن.
امريكا لا تحترم حلفاءها، وتعتبرهم ادوات في مشاريعها الاستعمارية، وتتعمد فضحهم بعد توريطهم باتخاذ مواقف تقوض مصداقيتهم واستقرار بلدانهم. وما نراه من نشر لهذه الوثائق الحالية، وقبلها بشأن انتهاك حقوق الانسان في العراق على يد حكومة المالكي، هو الدليل الأبرز على ما نقول.