لا
نعرف ما اذا كانت الاحاديث والمقالات التي تزدحم بها اجهزة الاعلام
الاسرائيلية المرئية منها والمكتوبة، وتتناول مؤشرات عن عزم بنيامين
نتنياهو توجيه ضربات جوية لتدمير البرامج النووية الايرانية في الاسابيع او
الأشهر القليلة القادمة، مجرد بالونات اختبار الهدف منها التخويف وتحويل
الانظار عن هجمة الاستيطان الاسرائيلية المكثفة في القدس والضفة الغربية
المحتلتين، ام ان هناك تفكيرا اسرائيليا جديا مدعوما امريكياً واوروبياً
لضرب ايران فعلاً.
الصحافة الاسرائيلية أفردت صدر صفحاتها الاولى لابراز
حملة يقودها نتنياهو لحشد تأييد وزاري لشن هجوم على ايران ترافقت مع تجربة
صاروخ اسرائيلي من قاعدة عسكرية، وتسريبات عن اجراء سلاح الطيران مناورات
في قاعدة ايطالية لمحاكاة هجوم في منطقة بعيدة عن الحدود الاسرائيلية يعتقد
انها ايران.
التهديدات الاسرائيلية لتوجيه ضربة جوية لمنشآت نووية
ايرانية ليست جديدة، كما انها في الوقت نفسه غير مستبعدة لان اسرائيل ترى
في اي اسلحة نووية اسلامية خطراً استراتيجياً على وجودها، ولذلك لم تتردد
لحظة، وبدعم امريكي، من تدمير المفاعل النووي العراقي 'تموز' عام 1982، وشن
غارات على منشآت سورية قالت انها نووية قرب منطقة دير الزور قبل عامين.
الادارة
الامريكية تدخلت اكثر من مرة لمنع اسرائيل من الاغارة على المنشآت النووية
الايرانية في العام الحالي، ليس لانها تعارض تدمير هذه المنشآت، وانما
لانها تريد ان يكون الاقدام على هذه الخطوة في الوقت المناسب، وفي اطار
تحالف دولي موسع على غرار ما حدث في كل من العراق وافغانستان واخيراً
ليبيا، اي ان لا تكون اسرائيل وحدها هي التي تتولى الهجوم على ايران لما
يمكن ان يترتب على ذلك من تعاطف مع ايران في العالم الاسلامي والعربي منه
على وجه الخصوص.
الطموحات النووية الايرانية تشكل قلقاً حقيقياً
للولايات المتحدة، وتهدد هيمنتها على منطقة الخليج حيث ثلثا احتياطات النفط
العالمي، ومن الواضح ان هذا القلق قد يترجم الى عمل عسكري بالنظر الى قرار
الرئيس اوباما المفاجئ بسحب جميع القوات الامريكية من العراق، ونقلها الى
القواعد الامريكية في منطقة الخليج، اولاً لدعم اي خطط عسكرية ضد ايران
اولاً، وحرمان ايران وحلفائها في العراق من أخذ هذه القوات كرهائن او اهداف
سهلة في حال نشوب الحرب.
القيادة الايرانية تستشعر هذا الخطر الامريكي ـ
الاسرائيلي المشترك، خاصة بعد ما كشفت الادارة الامريكية عن خطط ايرانية
لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، ولهذا اعلن الجنرال فيروز ابادي رئيس
هيئة الاركان الايرانية المشتركة ان القوات الايرانية في حال تأهب قصوى،
وستعاقب اسرائيل وامريكا في حال حدوث اي هجوم على ايران بما يجعلهم اي
الامريكان والاسرائيليين يندمون على 'اي غلطة كهذه'.
السيد حسن نصر الله
حليف ايران القوي في المنطقة هدد بدوره بانتقام كبير وغير مسبوق ضد
اسرائيل في حال شنها اي عدوان، وهناك تقارير اسرائيلية تؤكد ان 'حزب الله'
يملك اكثر من خمسين الف صاروخ من مختلف الاحجام في ترسانته العسكرية.
حلف
الناتو فرغ من مهمته في اطاحة نظام العقيد القذافي في ليبيا بنجاح كبير
وباقل الخسائر، ومن غير المستبعد ان يكون جنرالاته قد استفادوا كثيراً من
هذا التدريب الشبه المجاني الذي استمر لثمانية اشهر تقريباً، بحيث يترجمون
هذه الخبرة في اي هجوم جديد ضد ايران وبالطريقة نفسها، اي الضربات الجوية.
العد
التنازلي للهجوم على ايران قد يكون بدأ، لكنه هجوم قد يكون مكلفاً للغاية
للمهاجمين والمدافعين في آن، ولمنطقة الخليج لكل تأكيد.