نصيحة الى الرئيس الاسد
راي القدس
2010-11-01
العلاقات المصرية ـ السورية ليست سيئة فقط وانما تتدهور اكثر فاكثر يوما بعد يوم، ومن المؤكد ان تصريحات نسبت الى مسؤول مصري يوم امس قال فيها ان الفجوة بين البلدين الناجمة عن الخيارات السياسية السورية ستصب المزيد من الزيت على نيران الخلافات.
السياسة السورية التي يحملها المسؤول المصري نفسه مسؤولية تدهور العلاقات تتلخص في دعم سورية لكل من 'حزب الله' في لبنان وحركة المقاومة الاسلامية 'حماس' في قطاع غزة. وان مصر، حسب قوله، لا يمكن ان تتغاضى عن هذه السياسات.
ولا نعرف متى كانت السياسات المبنية على دعم المقاومة للمشروع الاستيطاني التوسعي الاسرائيلي موضع خلاف بين الحكومات العربية، فمن المفترض، وحسب القيم الاخلاقية، ان تكون على العكس من ذلك تماما، اي مصدر اجماع، وارضية للوفاق.
نفهم لو ان الخيارات المصرية المضادة، ونحن هنا نتحدث عن الحكومة وليس الشعب، اي دعم المفاوضات والرهان على التسوية، تحقق نجاحات كبيرة على ارض الواقع، وتقود الى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وتضع حدا للاستيطان، ولكن ما نراه هو العكس تماما، فقد ادت هذه الخيارات الى المزيد من الاذلال للعرب والمزيد من الغطرسة والفجور الاسرائيليين.
الاجندات السورية هي اجندات عربية بكل المقاييس، ولم تكن ولن تكون اجندات ايرانية، مثلما يقول المسؤول المصري نفسه، فاذا كانت ايران تبنت مثل هذه الاجندات فان ذلك يعود الى تخلي العرب عنها، وعرب الاعتدال على وجه الخصوص بقيادة الحكومة المصرية.
الرئيس مبارك يملك الحق الكامل في دعوة من يشاء لزيارة مصر، ولكن ان يقول على لسان المتحدث باسمه ان الكيمياء بينه وبين الرئيس بشار الاسد ليست 'راكبة' فهذا امر غريب، علاوة على كونه مفاجئاً بالنسبة الينا، فالمصالح العليا هي التي تحدد المعيار الاساسي لتلاقي الزعماء وليس الكيمياء الشخصية، فهناك الكثير من الزعماء الذين لا يفضلون او لا يستسيغون الجلوس مع بعض نظرائهم، ولكنهم يلتقون بهم ويقيمون المآدب الفخمة على شرفهم لانهم يضعون مصلحة بلادهم وشعبهم على رأس سلم اولوياتهم.
واذا كان عنصر الكيمياء الشخصية يحتل قمة التقويم للعلاقات في سلم القيادة المصرية، فمن حقنا ان نسأل عما اذا كانت الكيمياء الشخصية بين الرئيس مبارك ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وردية ومناسبة، ولذلك استقبله الرئيس مبارك عدة مرات في شرم الشيخ، الى جانب تسيبي ليفني من قبله، وايهود باراك وزير الدفاع المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة؟
الاوضاع العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص تتدهور بسبب مثل هذه المعايير في تقييم العلاقات، وترك الاجندات العربية الوطنية لغير العرب لكي يتبنوها بعد ان تخلى البعض من اهلها.
اننا ننصح الرئيس السوري بعدم الذهاب الى منتجع شرم الشيخ، اذا كان ثمن هذه الزيارة التخلي عن الاجندات العربية، وعلى رأسها دعم المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة.