لينين مرحبا بك
عدد الرسائل : 32
تاريخ التسجيل : 26/10/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | فقاعات إعلامية | |
فقاعات إعلامية جمال بدومة - jamalboudouma@gmail.com هناك أشخاص معروفون يملؤون الصحف والمجلات، وتعثر عليهم في اللقاءات والندوات والمهرجانات، ويخرجون لك من القنوات الفضائية والأرضية والبحرية، على «الجزيرة» و«العربية» والقناة «الأولى» و«الثانية»... لا أفهم لماذا لم تصدر في حقهم، إلى حد الآن، مذكرات اعتقال دولية بتهمة «النصب والاحتيال» و«انتحال صفة»! عشرات المحللين السياسيين، والنقاد، والفلاسفة، والكتاب، والمسرحيين، والسينمائيين، والباحثين عن كل الأشياء، المتخصصين في القانون الخاص والعام والجنائي والقضائي، والعلاقات الداخلية والخارجية وما بينهما، والدبلوماسية المتوازية والمتقاطعة والمتعامدة، وقضايا الإرهاب والحجاب والنقاب، والشأن الدعوي والرعوي والنووي والشفوي... خبراء في كل المجالات، لا وجود لهم إلا في وسائل الإعلام، بمجرد ما تضع أعمالهم و»سيفياتهم» في «الغربال»، لا تجد إلا النخالة والقشور، وجبهة عريضة تصلح لتكسير اللوز. يكفي -مثلا- أن تكتب مقالا ركيكا في صحيفة لا يقرؤها أحد، أو تظهر في التلفزيون وأنت تتحدث عن شريط أمام إحدى القاعات الفارغة، كي تصبح ناقدا سينمائيا، تدعى إلى المهرجانات واللقاءات، ولا أحد يستطيع أن يشكك في «الصفة» التي أغدقتها عليك الجريدة والتلفزيون، بل يكفي أن تعيد الكرة وتردد كلاما خشبيا من قبيل «ننوه بادئ ذي بدء بالجهود الجبارة التي يبذلها المركز السينمائي المغربي في دعم الإنتاج الوطني..»، كي تجد نفسك عضوا في «لجنة الدعم»، تقرر في مصير السينما المغربية. وعندما أرى بعض «المحللين السياسيين»، واضعين رجلا على رجل، يخطبون في بعض البرامج الحوارية، لا أستطيع أن «أشد الضحكة». أشخاص كل رصيدهم المعرفي مقال رأي في جريدة، مع صورة يضعون فيها أيديهم على أحناكهم كناية على التفكير ونكاية في الفكر، وينصبون أنفسهم خبراء في كل المجالات. الظاهرة ليست مغربية أو عربية، بل عالمية على الأرجح، بسبب ثورة الاتصال الحديثة، التي جعلت الترويج للإبداع أهم من الإبداع نفسه. في فرنسا -مثلا- هناك ثري اسمه برنار هنري ليفي، يسكن منذ أكثر من عقدين في القنوات التلفزيونية وعلى صفحات المجلات والجرائد، يفتح أزرار قاميجة بيضاء، ويضع رجلا على رجل، ويحلل في القضايا السياسية والفكرية والفلسفية. ولا أعرف ماذا فعل فولتير ومونتاني ومونتيسكيو لوسائل الإعلام الفرنسية، كي تقدم برنار هنري ليفي كـ»فيلسوف»، رغم أنها تعرف جيدا أن الرجل مجرد «إشاعة مغرضة». قبل بضعة أشهر فقط قتل الفرنسيين بالضحك، حين استشهد في أحد كتبه بفيلسوف غير موجود اسمه باتيست بوتيل، اخترعه أحد الصحافيين في أسبوعية «لوكانار أونشيني»، ولو صدرت «الزبلة» ذاتها عن شخص آخر، لرمته وسائل الإعلام مع كتبه في المزبلة، لكن برنار هنري ليفي وجد كتيبة من الصحف تدافع عنه، حتى جريدة «ليبراسيون» اليسارية منحته صفحتين كاملتين كي يشرح خطأه «فلسفيا»... لأنه يملك أسهما في الجريدة، بكل بساطة. «لا رأي لمن لا يطاع»، كما قال علي بن أبي طالب، أو كما في رواية أخرى: «اللي ماعندو فلوس كلامو مسوس». | |
|