** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

  فساد المجتمع ( الجزء الأول )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سليمان محمد شاويش
" ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
  فساد المجتمع      ( الجزء الأول )  Biere2
سليمان محمد شاويش


عدد الرسائل : 241

الموقع : الجزيرة العربية
تاريخ التسجيل : 07/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 7

  فساد المجتمع      ( الجزء الأول )  Empty
25082010
مُساهمة فساد المجتمع ( الجزء الأول )

فساد المجتمع

الجزء الأول

- 1 -

فى أغلب الأحيان بالقرى والمدن والأحياء المتوسطة والشعبية ، إن وفد إليهم وافد جديد كساكن يسعى البعض أو الكل ، لمعرفة من هو ؟ .. ومن يكون ؟ .. ومن أين أتى ؟ ، والتحرى عن كل تفاصيل وملابسات حياته صغيرة كانت أم كبيرة ، فهى عنوانه تدل عليه وخلفية لأهل المكان الوافد عليه ، تمكنهم من التعامل معه .
أما بعض الأحياء بالمدن الكبيرة وهى التى نطلق عليها أو نسميها بالأحياء الراقية ، نادراً ما يعلم أهل هذه الأحياء عن بعضهم البعض إلا القليل وقليل القليل أيضا ، لا يعلمون من سكن إلى جوارهم ولا من رحل ، ولا يسعى أحدا منهم للبحث عن الوافد إن وفد ، ولا يعيروه أى انتباه حتى وإن أراد أن يعبر هو عن نفسه ، فلا يجد لذلك صدى .
أما هذا الحى المتوسط الذى وفد عليه ـ داود عبد النعيم خضر ـ فهم يهتمون ويعيرون لهذا بعض من الاهتمام ، ففى يوم وليلة إذ بهذا الرجل ، يسكن شقة بإحدى عمارات هذا الشارع الفرعى ، الذى به بعض المحال التجارية القليلة ، لكنها مزدحمة بالمشترين إلى ما بعد عصر كل يوم ، ما أن يحل عليهم المغرب ترى أصحاب هذه المحال ، وبعض من سكان الشارع يجلسون أمام المحال وبجوار العمارات مع ترك مداخل العمارات بعيد عن جلوسهم .
انتبه هؤلاء الجلوس لهذا الرجل حين مر من أمامهم عدت أيام ، ويصعد عمارة من العمارات ، بعد أن أثار حفيظتهم بعدم التقرب إليهم ، قالو لبعضهم البعض .
ـ نسأل عنه .
ثم صمتوا قليلاً وقال أحدهم .
ـ نسأل من ؟
وأشار أخر أن يتحسس السمسار القريب ، عندما سألوا السمسار أخبرهم أنه لا يعلم عنه شئ سوى أسمه فقط ، أما من أين هو ؟ ما هى طبيعة عمله ؟ لا يعلم ! ، إلا أنه كلفه وأوصاه ، أن يبحث له عن شقة أخرى بأحد الأحياء الراقية ، ولا يعلم ما ينوى عليه ! ، أو ماذا سيفعل لم يخبره ! .
المجهول خطر إن لم يكن لديك خبر عنه ومعرفة وافية ، والغريب إما ظالم أو مظلوم ، ومن الخطأ أن تترك الأمور هكذا ، من غير أن تعلم عنه ولو القليل ، وما يكنه صدره أو تحتويه سريرته ، ليكن دلاله لاتقاء شره ، إن كان من أهله ، أو حافز فى الإسراع لتقديم يد العون له ، إن كان من أهل الخير .
كانت من سمة داود عبد النعيم خضر ، لا يلقى بالتحية ولا يبتسم إلا قليل ، ولا يلتفت إلا لمن حياه ، يقضى أكثر الوقت بالشقة ، إن خرج لا يخرج إلا لطلب أو لحاجة له ،لا يدع مجال لأحد أن يتحدث معه ، حتى أن الجمع الذى يجتمع بعد كل مغرب على أطراف الشارع ، دعوه أكثر من مرة للجلوس معهم ، فكان يعتذر بأدب ويمضى لحاله ، يمتلك سيارة متوسطة العمر يستعملها إذا كان معه أحد أفراد الأسرة ، أما إن كان وحده فيستقل المواصلات العامة .
هذا الرجل ماضيه مجهول لكل من أراد أن يعرف من أهل الشارع وسكان العمارة ، وهو لا يتحدث عنه ولا يخبر به أحد ، ثرى ولا أحد يعرف عنه ذلك حتى أسرته ، لقد جمع أكثر من مليونى جنيه ، زوجة والأولاد لا يعلمون مقدار هذه الثروة ! ، ولا من أين اكتسبها ؟ ولا كيف ؟ ! لم يبح بهذا لأحد ، حياته كلها أسرار وتعقيدات لا تستطيع أن تخترق السياج الذى أحاط به نفسه ، لا يفضى إليك بسر إلا ما يريده هو ، ولا يجيبك على سؤال يرى فيه أنه تدخل فى حياته .
المتحدث إليه وعنه هو السمسار ، ومع ذلك له معه حدود أيضا ، لا يتكلم معه إلا فى المهمة المكلف بها ، حتى الشقة الثانية سائله لماذا يريدها ؟ فلم يجيبه !
وقال له بهدوء ممل .
ـ عندما تجدها سأخبرك!!
وما أن عثر السمسار على الشقة التى يريدها داود أتاه مبشرا ، وأسرع معه إلى حيث الشقة وعاينها ، تفقد كل مكان بها وموقعها الذى أسعده كثيراً .
بعد إتمام التعاقد أجزل داود العطاء للسمسار الذى قال لداود وهو مبتسم .
ـ لم يذهب تعبى معك سدى .
طلب منه داود أن لا يتركه ، لأنه لا يعرف أى إنسان
غيره ، يريده أن يكون إلى جواره ليجده وقتما يشاء ، تحسس منه السمسار ماذا سيفعل بهذه الشقة ، ففتح داود صدره ، همس له أنه يريدها لتكون مقر مكتب مقاولات بناء ترميمات هدم .
تبدلت وتغيرت ملامح السمسار للحظات ، ثم انفرجت أساريره وقال وهو يتعجل القول .
ـ ذلك سيتطلب منك استخراج تصاريح وتراخيص
وأيضا استصدار سجل .
قال داود بهدوء .
ـ نعم سأحتاج لكل ذلك .
قال السمسار بلهجة المتمكن .
ـ هل تستطيع القيام باستخراج كل هذا وحدك ؟
هز داود رأسه وقال .
ـ لا أستطيع .
تمهل السمسار بعض الوقت وقال باهتمام .
ـ أعرف لك رجل يساعدك كثيرا فى استخراج كل هذه
الأوراق .
قال داود بتؤدة .
ـ احضره لى فإنا فى حاجةً لمثل هذا الرجل .
قال السمسار بحزم .
ـ هل ستتحمل نفقاته ؟
ـ نعم سأتحمل كل ما يريد ويطلب .
ـ اعطنى مهلة حتى أصل إليه .
أمسك داود بزراع السمسار برفق وقال .
ـ بعد إذنك عندما تأتنى به اتركنا معا وأذهب ولن أنساك .
قال السمسار والابتسامة تملأ وجهه .
ـ اتفقنا .
تركه السمسار ومضى ظل داود وحده بالشقة الجديدة ، يتفقد كل غرفها ويتطلع من نوافذها ، ليرى كيف سيكون تنظيمها ، ويحدث نفسه أين سيكون مكتب المدير ؟ أى غرفة يخصصها لمكتب المهندسين ؟ ، ومكتب الموظفين الإداريين !!، ينظم ويرتب ويحلم كيف تصبح بحق مكتب مقاولات !!، يتطلع من النوافذ ليحدد ، أين سيضع لوحة الإعلان عن اسم المكتب ؟ ، بعد أن قضى وقت كبير وهو لا يشعر أفاق مما هو فيه ، أغلق الشقة ومضى إلى سكنه وظل ينتظر السمسار متى سيأتى ؟ ، كان سعيد جداً بالسمسار، لأنه بكل سهولة ويسر ، طرف خيط من خيوط ألعنكبوت المتشابكة مع بعضها البعض ، تيسر له الاحتيال فى أخذ ما يريد من غير رادع ، سلسلة تبدأ بحلقة صغيرة ، ثم تنتقل بك حلقةً حلقة إلى أن تصل لأكبر حلقة مادام رنين المال بالأذنين وحبه يمتلك القلب .

يتبع بعده
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

فساد المجتمع ( الجزء الأول ) :: تعاليق

سليمان محمد شاويش
فساد المجتمع ( تابع الجزء الأول ) - 2 -
مُساهمة الخميس أغسطس 26, 2010 4:14 pm من طرف سليمان محمد شاويش
فساد المجتمع

تابع الجزء الأول
ـ 2 ـ

لم يتأخر عليه السمسار وجاءه برجل يدعى ـ سعيد عزت العبد ـ رجل يعرف الكثير من الشخصيات ، وكثير من الدواوين والمكاتب الحكومية ، والأقسام يفتخر أن له بها أشخاص يحترمونه ، أيضا المؤسسات سواء كانت عامة أو خاصة ، هؤلاء المعارف يسعى بهم وإليهم ، فهى كل ثروته يفيد ويستفيد ، بأى طريقة كانت أو أسلوب لا يهم ، لا يوجد فى حساباته سوى المادة ، هى عنده أول الأمر وأخره ، العلاقات الإنسانية تنحت جانبا أواندثرت فى طى النسيان ، كلماته الدائمة ـ أبى وأبيك القرش لا أكثر ولا اقل ، نعم نتفق ، لا نفترق بدون كلمة أو غضب ـ مع سهولتها فى حينها لكنها سيئة العواقب وهو لا يدرى ، وإن كان يدرى فإنه يتغاضى عن ذلك ، بريق المال يعمى عينيه ، يصم أذنيه ، ويشل عقله عن التفكير ، حق الغير لا يهم إن كان المال سيزداد بخزينته ، هذا هو المهم والأهم .
تجمعت الأهواء بين هذا الرجل اللاهى سعيد ، وداود رجل مجهول المصدر مجهول المعاملة مجهول معتقداته وعاداته وسلوكه ، لا أحد يعلم عنه شئ من الجيران الجدد ، حتى السمسار الذى وثق به ، ويسر له كل صعب مقابل أن أجزل له العطاء ، هو الأخر لا يعلم عنه شئ ، هذا لا يهم لديه المهم ما سيعطيه له بعد أن جاء له بسعيد عزت العبد ، تناول معهما السمسار كوب الشاى ، ثم استأذن وانصرف كما أشار عليه داود مسبقا وتركهما معا .
بعد أن تأكد داود من انصراف السمسار سأل سعيد بهدوئه المعتاد .
ـ أين تعمل ؟
على الفور أجابه .
ـ ليس لى عمل ثابت ، لكن أعمل كل عمل يعود على بالمنفعة .
تمتم داود بعيد عن إذن سعيد .
ـ سوس ............
ثم رفع صوته وقال .
ـ كم أجرك ؟
لم يمهله سعيد وأجابه .
ـ ليس أجر ، بل هدايا وكلك نظر وكما يقال ـ المرة ترجع لأختها ـ
قال داود بفتور .
ـ ولما لا تحدد مبلغ !!
استرخى سعيد فى جلسته وتحدث بطلاقه وبدون حرج ، واخذ يشير بيديه ويعبر بملامح وجهه وعينيه .
ـ اسمح لى حضرتك .. المبلغ المحدد يكون للموظفين التى ستيسر استخراج الأوراق المطلوبة .. أين كانت هذه الأوراق .. فلدى من يستطيع استخراجها .. أما أنا فحقى بعد إتمام المهمة ، وكما قلت لحضرتك ـ المرة ترجع لأختها ـ
صمت داود قليلا .
ثم استوقفه وأخذ يشرح له ما يريد ، وطلب منه قبل أن يقوم بعمل أى إجراء ، أن يرى الشقة التى ستكون مقر المكتب ، لمعاينتها لتكون الصورة واضحة أمامه ، حتى يحدد إلى أى مصلحة حكومية سيذهب ، لاستخراج التصاريح والتراخيص والسجل .
عندما رأى سعيد الشقة التى ستصبح مكتب أثنى عليها وأجاد فى الثناء ، بأن هذا أصلح مكان للمكتب ، هنا عاد داود مرة أخرى يسأل عن المبلغ الذى سيأخذه سعيد ،لاستخراج كل ما يريده المكتب من أوراق ، فأفهمه سعيد أنها أوراق كثيرة ، وستكون يده بيده فى كل صغيرة وكبيرة ، وأستثنى شئ واحد سيكون سعيد وحده فيه ، ألا وهو الاتفاق مع الموظفين الذين بيدهم استخلاص الأوراق ، سواء أكان الاتفاق على مقهى أو فى بيت أحدهم أو بيت سعيد فلا داعى لوجود داود معه ، كل المطلوب منه أن يدفع المبلغ الذى سيطلبه الموظف دون جدال .
أكد سعيد على داود الالتزام بذلك قبل البدء فى عمل أى إجراء ، كما أن المبلغ سيأخذه الموظف مقدماً عن طريق سعيد ، واشترط عليه أن لا يتحدث مع أى إنسان بذلك وشدد عليه كثيرا ، أما عند تقديم الأوراق سيذهب داود إلى حيث سيوجهه سعيد ، وسيدله على اسم الموظف ، وتعهد له أن يكون كل شئ ميسر دون رفض أو تعقيدات ، وكل ذلك كان جيد جداً لداود وأسعده أكثر حنكة سعيد وثقته بنفسه التى لا يفقدها إلا قيلاً .
شئ كأنه الخيال لم يتوقعه داود ، أن يجد الشقة للمكتب ، فى نفس الوقت يتعرف على سعيد ، الذى سيستخرج كل أوراق المكتب من الجهات الحكومية ، بسهولة ويسر ولو طالت المدة فأهون عليه ـ من أن يتقدم هو بنفسه ـ حيث ستذلل كل العقبات وسيكون هناك تغاضى عن فنيات كثيرة ، حتى لو كان هناك بعض المخالفات فلن ينظر إليها ، فى هذه الحاله وقد يكون هناك بعض وسائل الأمان ناقصة بالمكتب فلن تؤجل الأوراق أو يمنع استصدارها .
قال لنفسه .. أن ما سيدفعه أقل مما سيكلفه ، فى حالة استكمال كل الشروط المطلوبة ، وهو متقبل هذا بصدر رحب لا غضاضة فيه ،لأن تكوينه أُعد لذلك يكلف نفسه مهما يكلفها ، ينهى بدون إرهاق ، ويقتصر الوقت الذى سيقطعه فى التردد على المصالح الحكومية .
ثم خلا داود إلى نفسه وهو يحدثها .
ـ هذه أول خطوة وابسطها فى طريق مشروعه ، هناك خطوات أخرى كبيرة واهم ، كيف سيقطعها ؟!
يصمت لحظات ثم يكمل حديثه لنفسه .
ـ ربما يجد فى طريقه إنسان ييسر له ذلك .
ـ واستحسن معرفته برجل مثل سعيد ، فقد تكون معرفته هامة وهو لا يدرى ، فيجب عليه أن لا يخسره .
ورأى أن عليه أن يبدأ فى إعداد الشقة إعداد جيد ، يليق بها كمكتب لا مثيل له يرفع رأسه ويشرفه ، فهى بحاجة إلى تغييرات كثيرة فى الدهان والكهرباء ، وتحتاج إلى أساسات خاصة بالمكتب الفاخر وفرش للأرضية بالكامل .
فى هذه الحالة لن ينفعه إلا السمسار، ليأتى له بالعماله المتخصصه بذلك وكان السمسار دائما عند حسن ظنه ، وهو من ناحيته لم يبخل عليه .
من طبيعة الإنسان إذا انتقل لسكن جديد ، يحاول أن يتودد لجيرانه الجدد ، أو يغتنم كل محاولة منهم للتعرف عليه ولا يتركها تذهب سدى ، بدون أن يوثق التعارف هذا بطلب العون والمساعدة ، حتى ولو لم يكن فى حاجة لذلك ، لكنه يجعل من ذلك مجال للقرب بينه وبينهم ، أما داود لم يكن يسعى لذلك ، مع انه ذات ليلة وهو يدخل العمارة التى يسكن بها ، وقف رجل من المجموعة التى تجلس معا بالشارع ، يأنسوا ببعضهم البعض بعد قضاء عملهم ، مد يده لداود وصافحه ثم دعاه للجلوس معهم ، فأعتذر داود وكان الرجل ممن يحبون الألفة بالناس ، فتقبل ما أبداه داود تجاهه ، مع ذلك أكد له الرجل أنه فى خدمته متى شاء ، ذلك لأنهم سكان لشارع واحد ، أما داود فطبعه غالب عليه ، قطب جبينه وشكره وصعد سلم العمارة لشقته .
حاول أحد الجالسين التعليق على ما حدث فقال الرجل .
ـ دعوه وشأنه .
وقال أخر .
ـ لقد تعامل معنا وكأننا نريد منه شئ .
وقال غيرهما .
ـ كأنه يخشانا .
قال الرجل الذى وقف لتحية .
ـ يوجد بعض الناس مثل هذا الرجل لا يميلون إلى الألفة والاختلاط .
وتبعه أخر .
ـ إنه حالة نادرة ، إن طلب المساعدة ساعدناه وإن لم يطلب تركناه .
فى نفس الوقت وصل لسمعهم أغنية ، تأتى من راديو بأحد المحال القريبة ، فطلب أحدهم من صاحب المحل رفع الصوت قليلا ، وانشغلوا فى الاستماع للأغنية ، تاركين ِشأن داود وراء ظهورهم ما دام لا يعنيهم ، وهو لا يريد أن ينصهر فى مجتمعهم ، وقرروا فيما بينهم أن يعاملوه بمثل معاملته ، إن حياهم حيوه وإن ابتعد تركوه ، ومتى يطلب المساعدة أعانوه على قدر استطاعتهم .


يتبع بعده
سليمان محمد شاويش
فساد المجتمع ( تابع الجزء الأول ) - 3 -
مُساهمة الجمعة أغسطس 27, 2010 7:00 am من طرف سليمان محمد شاويش
فساد المجتمع

تابع الجزء الأول
- 3 -

قبل أن ينقضى شهر على المقابلة الأولى ، جاء سعيد العبد ليرى ما انتهى إليه داود من العمل فى إعداد المكتب ، وابلغه أنه قام بجميع التربيطات الخاصة باستخراج كافة الأوراق المطلوبة ، ما عليه إلا الانتهاء من كافة الديكورات والتجهيزات الخاصة بالمكتب ، ليبدأ هو فى مهمته .
إن هذا الرجل سعيد العبد فى هذه الحالات المستترة ، واجهه غير مسيرة للشك ، لأنه لا يملك شئ يثير انتباه أحد ، كما أنه يقوم بإبلاغ صاحب الخدمة ـ كما يطلقون عليها ـ باسم الموظف الذى سيذهب إليه ، بعد إتمام الاتفاق ولا ينسى أن يحيط علم الموظف باسم صاحب الخدمة ، ومتى سيأتى له حتى لا يتركه بدون هدى .
تبدوا أموره من بعيد ليس بها شك أو ريبة ، كأن كل شئ طبيعى جداً هذا لا يعرف ذاك ، وسعيد يقوم بجمع الخيوط ونسجها من الخارج فقط ، أما نصيبه فيما يتفق عليه للموظف يكون مثل نصيب الموظف ، وقد يفوق عليه فمثلا إن طلب الموظف مائه يزيد هو الأخر مائه أو أكثر ، ثم الهدية المتفق عليها سلفا ، التى سيأخذها بعد الانتهاء من المأمورية ، من غير أن يعلم هذا أو ذاك ما حدث ، لا أحد يسأل خلفه ، فصاحب الخدمة قضيت له والموظف أخذ ما أراد .
اكتمل المكتب من كل ديكوراته وأساساته ، بدأ داود يفكر فى حاجته لمهندسين معماريين ذو خبرة ، وموظف حسابات وموظفة سكرتارية وعامل نظافة ـ ساعى ـ للمكتب ، حدث نفسه أن سعيد هو من يستطيع توفير كل هذا له .
حين علم سعيد أن داود انتهى من تجهيزات المكتب ، بدأ مهمته فى السعى وأخذ المبالغ المالية من داود ، ليعطيها للموظفين الذين سيستخرجون الأوراق المطلوبة ، وكما اتفق مسبقاً لا يذهب سعيد مع داود ولا يقف على باب أى مصلحة إلا إذا تعقدت الأحوال أمام داود .
إن الوسيط فى عملية الرشوة هو أخطر ما فيها ، فهو العامل الرئيسى الفاعل لهذه العملية الدنيئة ، هو الوحيد الذى لا يريد لها أن تنتهى ، ويتمنى أن تظل الرشوة سائدة ، وإن تاب الراشى والمرتشى فالوسيط نادرا ما يتوب ، يسعى لمن لم يتب ، أو يلقى بظلال غيه على غيرهم ، يحاول بشتى السبل أن يجعل له عملاء وإن لم ترضى نفوسهم زينها لهم بكل السبل ، وجعلها الملاذ الوحيد لهم فى ظل ضغوط الحياة ، ذلك الوسيط دائما طليق اللسان ، يحسن الحديث يعرف كيف يضع السم فى العسل ، فمن أتقى شره أنقذ نفسه من رذيلة من الرذائل ، وبئر صديد سيرتع فيه كل من يمارس هذا العمل المنحط ، يعطى الحق لمن لا حق له ويمنعه عن صاحبه ، فالرشوة والسرقة صنوان السارق يسرق ما وصل إليك فى يدك وجيبك ، والعاملون بالرشوة يسرقون ما هو فى طريقه إليك ويمنعونه من أن يصل إليك ، إنه أمر خفى كمن يطعنك فى ظهرك بالظلام ويمضى دون أن تراه .
إن أهون ما يقال عن الرشوة هى جريمة الغدر والخيانة والسعى بين الناس بالمهانة ، فهى تعطل حركة الحياة وتفسد المجتمع ولا تساعد على إصلاحه ، إنها تؤدى لليأس لدى من لا يستطيع أن يسير فى طريق الرشوة ويوقن أنها جرم وحرام ، فبتعطل مصالحه بالمؤسسات والمصالح والدواوين ، ومن كثرة تردد عليها لإنهاء مصالحه دون جدوى انتظاراً للرشوة ، تضعف عزيمته وربما ينهى مشاريعه قبل أن يبدأها .
لم يترك سعيد داود حتى انتهى من استخراج كل أوراقه المطلوبة ، لم يبخل عليه داود بما طلب ، حين وجد سعيد الأوراق النقدية تملأ يديه ، أشار بهما لداود وقال وهو يبتسم .
ـ ألان انتهينا مما كان بيننا .. فهل تأمرنى بشىء أخر ؟
ضحك داود بمليء فيه وألقى ظهره على الكرسى وقال وهو يشير بإصبعه لتأكيد قوله .
ـ لن أستطيع الاستغناء عنك .
قال سعيد وهو يختال بثقته المعهودة .
ـ وأنا ملك يمينك .
وحرك بين أصابعه السبابة والوسطى والإبهام بحركات سريعة وقال .
ـ كلما كانت هديتك قيمة .
إستند داود بمرفقيه إلى المكتب وهو يقول .
ـ انتهينا من الأوراق .. يبقى شىء أخر أهم .. البحث عن مشاريع عمل للمكتب .
ابتسم سعيد ونقر نقرات خفيفة بأطراف أصابعه على مكتب داود ثم قال .
ـ لا تخف اجعل هذا الأمر على ولا تتعجل .
قال داود وقد أبدى على وجهه بعض التألم .
ـ صرت مسئول عن رواتب مهندسين وموظفين وعمال .
قال سعيد مؤكداً
ـ كما قولت لك لا تتعجل فلن أتركك وكن على ثقةً بى .
ثم استأذن وانصرف .
دعا داود كل من التحق بالعمل لديه إلى مكتبه وافهمهم أنه يسعى لجلب بعض مشاريع ومنشئات عمل للمكتب ، وطلب منهم الإصغاء لكل كلمة منه والاهتمام بالمكتب وعمله القادم ، وأكد لهم انه فى المستقبل سيحتاج لعمال أكثر وأكثر وسيكون ذلك عن طريقهم وبمعرفتهم ، قبل العشاء طلب منهم الانصراف وأغلق المكتب ومضى .
فى طريقه لشقته أخذ معه بعض من علب الحلوى ، وجلس بين زوجته وولديه مع إن جلوسهم معا أكثره صمت ، لغة الحوار بينهم مفقودة أو منعدمة ، الحديث ليس أكثر من .
ـ ماذا فعلت ؟ ............. وإلى أين انتهيت ؟
التفاصيل لا مجال لعرضها على بعضهم البعض ، كل منهم له عالمه الخاص الذى يعيشه بعيد عن الأخر ، الولد اسمه ممتاز يدرس بالمرحلة الجامعية ، البنت اسمها امتياز تدرس بالسنة النهائية بالثانوية العامة ، زوجته بالنسبة له ليست أكثر من امرأة تقيم معه بالشقة ، تسمع ولا تعلق وإن سألته لا يطلعها على التفاصيل ، ولا الأسلوب الذى أنهى به تعاملاته ! ومن سعى له فى إنهاء مصالحه .
لا يوجد له لأصدقاء أو هم قلة جداً وسواء أكانوا قلة أم كثر فهم لا يعلمون عنهم شىء ، ومثله لا توجد له أصدقاء ، ابنه وزوجته وصديقه هو المال .
بعد أن انتهوا من تناول الحلوى التى أخذها معه ، لم يكن بينهم إلا حديث قصير عن المكتب ، أنه استكمل التجهيزات الأولية وفقط ، ما تحدث به بعد ذلك هو أنه عن قريب سيبدأ العمل ، تمنوا له التوفيق ولم يزيدوا على ذلك شىء .
إذا أردت أن ترى الدنيا قاتمة شارك فى الحياة إنسان لا يعرف سوى لغة المال ، يعشق جمعه وليس له أى تطلعات أخرى أو هواية يسرى بها عن نفسه ، وتزداد الدنيا ظلاما وقتامه إذا كان أسلوب جمع المال غير سوى وبطرق ملتوية ، كسرقة غيره وأخذ ماله قبل أن يصل إليه ، أو يغلق عليه أبواب كان ينتفع من ورائها بحلال الله ويجيد فى ذلك بغير فساد .
أضاءت لوحة مكتب خضر للبناء والهدم والترميمات واجهة المكتب ، وبقى داود وعماله فى انتظار العمل متى سيأتى ، أشار عليه أحد المهندسين أن يقوم بالإعلان فى أحد الصحف اليومية مع أنه سيكلفه ،
فأختار أن يتريث قليلا ليرى ما سينتهى إليه سعيد العبد ، الذى جاءه يوم يبشره أنه سيقابله بأحد رجاله ، يعتبره أهم رجل عنده هو العقيد سيد الدفراوى عزام ، رجل شرطة له اتصالات واسعة بمعارف ستكون من صالح داود ، لن يستغنى عنهم أبداً يوم أن يتعرف عليهم ، سأله داود عن كيفية التعامل مع هذا الرجل ، أشار عليه سعيد أنه سيعلمه بذلك أولاً بأول .
ثم مال داود على ناحية سعيد قليلا وقال .
ـ ما بال المنشئات التى ستأتى بها لنا !!
اكتست ملامح سعيد بالجد وهو يقول .
ـ أهم عمل لك وأفضله هو المناقصات الحكومية .
استبشر داود خيرا بهذا وقال .
ـ أنا معك ، ولكن كيف السبيل لذلك ؟ !! .. أجرنى .
قال سعيد بتريث .
ـ سآتيك بها عن قريب إنشاء الله ... لا تتعجل .. كل شىء له وقت وأوان .
ـ اسمع يا سعيد .. اجعل همك وتفكيرك فيما أطلبه منك ..
وستكون راضى من ناحيتى كل الرضا .
حول سعيد مجرى الحديث وسأله .
ـ متى ستتقابل مع العقيد ؟ .. ثق أنه سيكون سند لك .
ـ حدد أنت المقابلة وقتما تريد .
ـ هذه المقابلة لن تكون فى بيت أحدنا .. بل ستكون فى مكان عام .
هكذا الخيوط تغزل والقصة تحاك بعيد عن المسرح وأثناء التمثيل لا يعرف أحدهم الأخر ، بعد النهاية تكون هناك جلسة أخرى لتقييم ما تم تأدية وتمهيد للجديد ، حتى لا تنقطع الخيوط أو تفلت أطرافها من اليد ، وليس من السهل الإمساك بها مرة أخرى ، شبكة صيدها فاسد طعمه مر وعائده أمر ، وإن نصحت فالأذن تصم والعيون تختفى خلف عدسات سوداء غير شفافة لا ترى من خلالها شىء، يخلعها أصحابها بعد حصولهم على غايتهم ، كيف السبيل لحياة أفضل بعيدً عن هذا المسرح ؟؟؟ !!

يتبع بعده ..
جراح
رد: فساد المجتمع ( الجزء الأول )
مُساهمة الأحد سبتمبر 12, 2010 12:23 pm من طرف جراح
أخي الفاضل اشكرك على المجهود المبذول ..
ارى ان النص السردي يقترب من الحكي البسيط .. وهو جزء من تراث الذاكرة الشعبية الشفهية ولو انك وظفت الية الحكي هذه في سرد قصة واقعية معاصرة لكن يبقي العمل الابداعي القصصي خصائصه التي تميزه منها الرمزية والاحائية وقوة الاسلوب السردي واللغة الشاعرية بدل التقريرية والا نشائية
اتمنى ان اكون تفاعلت م نصك
اشكرك ننتظر جديدك دائما
 

فساد المجتمع ( الجزء الأول )

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مقدمة ابن خلدون - الجزء الأول
» مقدمة ابن خلدون - الجزء الأول
» الإسلاميات التطبيقية ـ الجزء الأول ـ
» في نقد الحجة السببية – الجزء الأول
» تاريخ الفلسفة الغربية الجزء الأول

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: