مدخل:ماهي الثقافة ؟ماهي أشكال
التفكير والآراء والقيم والمبادئ والافتراضات التي قد تؤثر في الظروف
المحيطة بنا على نظرتنا للحياة ؟وكيف ندير أفكارنا في المنظمات والشركات
والمؤسسات ،في عصر معلوماتي طغت فيه التكنولوجيا على مرافق الحياة ،تعتمد
مبدأ الغزارة والدقة بأقل تكليف ؟وكيف بالتالي ننمي ذاتنا ومجتمعنا
وإنسانيتنا وبنياتنا ؟هل بالتركيز على تحسين الإنتاج في المجالات الزراعية
والصناعية ؟أم الرفع من مستوى البنيات الفكرية ،وتحريك دواعي الابتكار بطرق
محفزة ما؟ أم التنمية البشرية بما فيها التعليم والتدريب، والتوعية وتثقيف
الإنسان عقليا وبدنيا وروحيا ووجدانيا ...
جملة من الأسئلة تفرض نفسها لإيجاد حلول..ولن أطيل فمن خلال ما تقدم
،الثقافة هي تنمية الإنسان عن طريق الوعي وتربية السلوك وصقل فكره وفعله
بما يعنيه المصطلحان:كم وكيف ،أي خلق أكثر عدد ممكن من العناصر الصالحة ،ثم
تدبير آليات وطرق لصناعة هذا العنصر، بناء وتكوينا حتى يصبح إنسانا صالحا
للاستفادة والإفادة والأخذ والعطاء والإنتاج والاستهلاك وهنا أفتح قوسا
(أننا مازلنا شعب مستهلك وليس منتجا ) وحتى نؤمن زيادة مجالات الخدمات
مايحل المشاكل ويحقق التقدم والرخاء ،يجب الحد من الاستهلاك وزيادة الإنتاج
،فحين نستهلك معناه يكثر الطلب ،ومادام الإنتاج لايحقق الاكتفاء الذاتي
سيتأزم الوضع ويختل التوازن ،فيتم اللجوء إلى الزيادة في الأسعار وتجميد
الأجور ، الشيء الذي يثقل كاهل المواطنين ذوي الدخل المحدود ..إذن فالتنمية
بمستوياتها المتكاملة وأبعادها المترابطة الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية، تظل ضرورة إنسانية ومجتمعية لأمن وأمان، وسلامة وسلام الإنسان،
ينعم فيه الفرد بالأمن والكفاية والعدل والكرامة ،سواء على مستوى الوطن أو
العالم كله ،إذن التنمية الثقافية هي أساس التنمية البشرية وهما معا أساس
التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وبذلك فلاعمل بلافكر ولافكر بلا عمل
مثمر،و بمفهوم آخر فالثقافة بمختلف مجالاتها السياسية والعلمية والاقتصادية
والاجتماعية والتنمية هما نصفان لجسد واحد بلحمة قطبين مكملين لبعضيهما :
ماهي الثقافة ؟ماهي أشكال التفكير والآراء والقيم والمبادئ والافتراضات
التي قد تؤثر في الظروف المحيطة بنا على نظرتنا للحياة ؟وكيف ندير أفكارنا
في المنظمات والشركات والمؤسسات ،في عصر معلوماتي طغت فيه التكنولوجيا على
مرافق الحياة ،تعتمد مبدأ الغزارة والدقة بأقل تكليف ؟وكيف بالتالي ننمي
ذاتنا ومجتمعنا وإنسانيتنا وبنياتنا ؟هل بالتركيز على تحسين الإنتاج في
المجالات الزراعية والصناعية ؟أم الرفع من مستوى البنيات الفكرية ،وتحريك
دواعي الابتكار بطرق محفزة ما؟ أم التنمية البشرية بما فيها التعليم
والتدريب، والتوعية وتثقيف الإنسان عقليا وبدنيا وروحيا ووجدانيا ...جملة
من الأسئلة تفرض نفسها لإيجاد حلول..ولن أطيل فمن خلال ما تقدم ،الثقافة هي
تنمية الإنسان عن طريق الوعي وتربية السلوك وصقل فكره وفعله بما يعنيه
المصطلحان:كم وكيف ،أي خلق أكثر عدد ممكن من العناصر الصالحة ،ثم تدبير
آليات وطرق لصناعة هذا العنصر، بناء وتكوينا حتى يصبح إنسانا صالحا
للاستفادة والإفادة والأخذ والعطاء والإنتاج والاستهلاك وهنا أفتح قوسا
(أننا مازلنا شعب مستهلك وليس منتجا ) وحتى نؤمن زيادة مجالات الخدمات
مايحل المشاكل ويحقق التقدم والرخاء ،يجب الحد من الاستهلاك وزيادة الإنتاج
،فحين نستهلك معناه يكثر الطلب ،ومادام الإنتاج لايحقق الاكتفاء الذاتي
سيتأزم الوضع ويختل التوازن ،فيتم اللجوء إلى الزيادة في الأسعار وتجميد
الأجور ، الشيء الذي يثقل كاهل المواطنين ذوي الدخل المحدود ..إذن فالتنمية
بمستوياتها المتكاملة وأبعادها المترابطة الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية، تظل ضرورة إنسانية ومجتمعية لأمن وأمان، وسلامة وسلام الإنسان،
ينعم فيه الفرد بالأمن والكفاية والعدل والكرامة ،سواء على مستوى الوطن أو
العالم كله ،إذن التنمية الثقافية هي أساس التنمية البشرية وهما معا أساس
التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وبذلك فلاعمل بلافكر ولافكر بلا عمل
مثمر،و بمفهوم آخر فالثقافة بمختلف مجالاتها السياسية والعلمية والاقتصادية
والاجتماعية والتنمية هما نصفان لجسد واحد بلحمة قطبين مكملين لبعضيهما :
النظري المختزل في الثقافة ، والتطبيقي الملخص في التنمية في منظومة بناء
إنساني مجتمعي تنمية شاملة ومتكاملة روحيا وفكريا وتربويا وسلوكيا
..فالثقافة تطوير وزيادة في الفعل الفكري والأدبي والفني وإثرائه وإغنائه
،كما هي أي الثقافة هي زيادة في الإنتاج بكل تفاعلاته الاقتصادية والمادية
،من ضمنها البشرية في إطار الثقافة تنمية والتنمية ثقافة ...هذه فقط لمحة
مقتضبة حول مانعنيه بالثقافة تنمية ،ومنها ندخل إلى السؤال المطروح، أو
الأسئلة المطروحة :مامعنى مفهوم السلوك المدني ؟وماهي خصوصياته وعملياته
والغايات الكبرى وبالتالي ماهي المبادرات وآليات للاشتغال لنشر تربية
السلوك المدني ..وكيف تساهم الثقافة في تنمية السلوك المدني ؟
1- ماهو مفهوم السلوك
المدني ؟السلوك المدني هو مجموعة أنشطة
وأفعال إنسانية، تؤطرها خلفية ثقافية قيمية معينة أو إديولوجية، وبصيغة
أكثر تقريبا من المفهوم، هو التغييرات اللفظية والفيسيولوجية والحركية
الملحوظة أو الداخلية غير العنيفة ،وغير العدوانية التي تصدر عن الفرد،
فتدل على أنه قد تطوع بكامل إرادته ،وبكل وعي من أجل التكيف مع المتغيرات
الحاصلة ،وبالتالي آثر التوافق مع غيره من أجل العيش المشترك ،محليا جهويا
ووطنيا وعالميا ضمن قواعد ومؤسسات عادلة تضمن للجميع الكرامة المستحقة
للإنسان ،مهما كانت اختلافاته وخصوصياته ..أي هو طبيعة التعامل مع الآخر
على أسس أخلاقية تعتمد الديمقراطية ،واحتواء الآخر واحترام حقوق الإنسان
والمواطنة وفق القيم الكونية للإنسان جمعاء،هو الحس المدني الحضري الذي
يعبر عن الفضائل الضرورية للسلوك الفردي والجماعي ،والمفهوم في شموله يعني
واجبات المواطن ومسؤولياته في علاقته بالدولة، من جهة وبالمواطنين من جهة
ثانية ،وفي خصوصيته تنشئة المواطن الصالح المتمتع بالحس المدني ،والانضباط
والإخلاص للمجموعة الوطنية في إطار ثوابتها ،أي بمفهوم آخر تهذيب النشء
وتأديبهم وتوجيههم نحو الانضباط والانتظام ،بنشر ثقافة قواعد الضبط
الأخلاقي والاجتماعي ،وتربيته على طباع النفس بالفضائل الأخلاقية والعقلية،
وطبعا هذا التوجيه أو التربية وتلقين الأخلاق، له شروط وأسس وقواعد
،وأنماط يجب اتباعها بدقة ،لإنشاء مواطن متمكن من قيم المجتمع في انفتاحها
على القيم الكونية (العيش الكريم والحرية والديمقراطية ) له دراية
بالمؤسسات والقوانين والمعايير الوطنية ،والالتزام بقواعدها (الذود عن
الوطن واحترام مقدساته)،مستوعبا الحياة المجتمعية بمعناها الواسع ،مع
اكتساب حس المسؤولية الفردية والجماعية ،ونعني هنا الحقوق والواجبات، أي
معرفة المواطن ماله وما عليه ...واع بالحرية في التفكير والتعبير ،وممارسة
الحياة العامة والخاصة ،مع احترام حرية الآخرين ..له فكر نقدي يرى الأمور
ويحكمها بالمنطق مع قبول الآخر والحق في الاختلاف ..إذن ماهي عمليات السلوك
المدني ؟
2- العمليات الأساسية
للسلوك المدني :هناك عدة خاصيات على المرء
اكتسابها أو التحلي بها، كمقومات أسسية للسلوك المدني قد نوجزها في مايلي :
-الانفتاح على القيم الكونية مع الحفاظ على مبادئ الجماعة أوالمجتمع .
- الالتزام بقوانين المؤسسات الوطنية ومعاييرها .
- اكتساب حس المسؤولية تجاه الجماعة .
- الوعي بحرية التعبير مع احترام حرية الآخرين .
- الوعي بالفكر النقدي المنطقي ،ونبذ الأفكار الجاهزة والانطباعية المطلقة .
- قبول الرأي الآخر على مبدأ الاختلاف لايفسد للود قضية .
- انتهاج أسلوب الحوار أثناء الاختلاف .
بوادر زرع ثقافة السلوك المدني لم تنزل من السماء مجانا ،بل أدت إليها
سيرورة تاريخية للتطورات المجتمعية ،وسلسلة من البحوث السوسيولوجية
والسيكولوجية، حين غابت قيم الحب ،واستفحلت ظاهرة العنف والكراهية بين
الإنسان..فكانت العودة إلى الروابط على أسس من الاحترام والهم الشاغل للكل
دعت إلى مجموعة من النقاط الهامة وحتمية التحديد ،ينهض عليها السلوك المدني
من بينها كغايات كبرى :
- إدراك الفرد لوجوده كعضو في جسد الجماعة أو المجتمع .
- احترام ثوابت المجتمع ووطنه وهويته وأرضه وبيئته .
- الالتزام بالواجبات واحترام الحقوق .
- استحضار الوازع الأخلاقي .
اعتماد مبادئ العدالة والديمقراطية والتضامن احتماعيا وسياسيا وتربويا .
- ممارسة الحرية في إطار مسؤول .
- المشاركة في الحياة العامة والاهتمام بالشأن العام .
فالخلاصة إذن هو اكتساب الفرد مجموعة من العمليات السلوكية ،تستند على
مبادئ أخلاقية ممكن توظيفها في البيت ،في المدرسة في الشارع والأماكن
العامة ،وأثناء الممارسات المهنية ،تستند على مساعدة الغير والتضامن معه
وعدم إلحاق الضرر بع ،مع زرع فتيل الغيرة على وطنه وهويته ولغته ودينه ..
3- ماالمقصود بتنمية
السلوك المدني ؟من خلال ماقدمت يبدو جليا أن
السلوك المدني ينطوي على عدة عمليات تحددها ضوابط وثوابت ومرام معينة وفق
مرجعيات ،يجب تلقينها للنشء خاصة أو للإنسان عامة ،وتربيته عليها من أجل
الذوبان في الجماعة ..فما المقصود بتنمية السلوك المدني ؟..
أي سلوك اكتُسب لايبقى مطلقا وثابتا ، بل خاضعا للمتغيرات والتطورات، وفق
مستجدات قد تظهر كنتاج لبحوث وتقنيات متعددة، ولتفعيله يجب إخضاعه للتنشئة
الاجتماعية والمؤسسات التربوية ،أي نشر ثقافته بين شرائح المواطنين على
كافة المستويات ،و في كل أنحاء المغرب أفقيا ،والعمل على توارثه عموديا
،بغية تطهير السلوك المدني من كل أشكال العنف والتطرف ،وخلق بدله سلوكا
نفعيا ،يستند على ضوابط مدنية متينة، كسلوك مدني مناقض للسلوك الأحادي
المفروض، أو العدواني،أو الإرهابي ،أو التعصبي، أو التطرفي بكل أبعاده
اللاإنسانية ،يستبعد الاستناد على مرجعية أحادية معينة كقاعدة أساسية
للمنطلق ..
4- ماهي المبادرات
لتحقيق التربية على السلوك المدني لإقرار هذا السلوك ونشر ثقافته
بين الأفراد والمجموعات والجماعة، يجب اتخاذ عدة مبادرات إن على مستوى
المؤسسات، أو الجمعيات أو على مستوى المجتمع المدني ،بتظافر جهود الكل
لإخراج هذا المشروع إلى الوجود عن طريق التربية والتكوين .
-إعتماد صياغة بيداغوجية لتكوين الفرد على عادات ومواقف ضرورية ليكون
مواطنا صالحا في مجتمع ديموقراطي .
تكوين عادات فكرية مبنية على التأمل والتفكير والنقد وغيرها .
-الاهتمام بالحياة المدرسية إلى جانب المناهج والبرامج والكتب المدرسية .
- خلق أندية تكوينية كدعامة أساسية لنشر ثقافة السلوك المدني ،وتعميمها بين
المواطنين بين كافة الفاعلين في المؤسسات والإدارات .
-تكاثف جهود كل الأطراف في المجتمع المدني برمته، لتحويل السلوك على طابع
قانوني مجتمعي مدني وفق واجبات وحقوق محددة ..
خلاصةمن خلال هذه العناصر تبين
لنا أن السلوك هو كل مايصدر عن الفرد من حركات وألفاظ ومعاملات ،و يمكن
تأطيره من خلال عملياته، والبحث عن مبادرات وآليات الاشتغال، لتربية الفرد
على السلوك المدني ،وتنميته بمتابعة التطوير والمستجدات حتى يصبح أخلاقا
محددة بمرجعيات مؤطرة ،كسلوك مترجم ضمن ممارسات اجتماعية ضمن مستويين :
المستوى الثقافي
والمستوى التربوي المدرسي
مما يمكن إدماجه أو تسميته بسلوك قيمي أخلاقي أو معرفي وجداني ،وانطلاقا
منها تتولد سلوكات الأفراد ومواقفهم من خلال التربية المدنية، حيث يكتسب
الفرد مجموعة من المعارف ،والمهارات والخبرات داخل منظومة تربوية أو
اجتماعية مجددة ،التي تؤهله ليقوم بأدوار داخل مجتمعه بكفاءة عالية ،على
قاعدة المسؤولية واقتران الحقوق والواجبات ،حيث تمرر جملة من القيم
كالتسامح واحترام حرية الآخر وتقدير حقه في العيش بكرامة ..