بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1516
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | برجسون وباشلار: ميتافيزيقا الزمن والنفس | |
برجسون وباشلار: ميتافيزيقا الزمن والنفسيومين مضت دراسات وأبحاث, علي محمد اليوسف, فلاسفة اضف تعليق 772 زيارة مقالات مشابهة 5 أيام مضت 5 أيام مضت 6 أيام مضتعلي محمد اليوسف علي محمد اليوسفهنا لا بد لنا من تثبيت نموذج واحد عن تفكير فيلسوف وأديب نال جائزة نوبل بالادب هنري برجسون حين يوغل بالتجريد الميتافيزيقي ليزيد الفلسفة ترهّلا لغويا تجريديا أكثر قائلا:
- “عندما لا يقلقني شيئا, فإن هذا يكون مثار قلقلي بالذات ” برجسون
- – “اننا لا نستطيع عند التفكير بذاتنا إلا لكي نفكر بالاشياء” برجسون
- – “هجرنا الاشياء يعني حكما العودة الى ذاتنا” برجسون
- – ” لا يمكننا التفكير ذاتيا خارج مدركات ما تدركه الذات من أشياء حولنا ومواضيع مجردة تشغل تفكيرنا” برجسون
ربما لا تكون هذه العبارات المجتزأة كافية للحكم على فلسفة برجسون تماما. وما ألزم نفسي به هو مناقشة هذه العبارات لا غيرها ولست بصدد مراجعة ونقد تاريخ بريجسون الفلسفي فهو ما لا يحتمله مقال ولا يستطيعه باحث واحد :
- العبارة الاخيرة تناقض عبارتيه الثانية والثالثة, والعبارة الاخيرة صائبة تماما.أما العبارة الاولى فهي خطأ فلسفي لا يبرره منطق الفلسفة ولا منطق العقل.
- الذات جزء لا يتجزأ من إدراكنا الاشياء من حولنا, وهذا الوعي بالاشياء هو الذي يمنح ذواتنا وجودها الحقيقي. وأي إنكفاء نحو الذات إستبطانيا خارج الذات كجوهر ملازم وجود الجسم, فهو لا يفارق خاصّيته بأن الذات لا يمكنها أن تكون موضوعا مستقلا عن تفكير العقل بالاشياء.
- كل تجريد للذات عن موضوعها مضيعة وقت وقصدية تفكيرية مجردة لا يمكن تحقيقها. وعي الذات تجريديا بالفكر لا يمنح الذات إثباتا وجوديا حقيقيا الا بدلالة المغايرة مع الاشياء المادية أو بالفكر المغاير له.. والادراك ليس وسيلة موضعة تجريدية للذات بالاشياء. فالادراك هو تصور لغوي تجريدي يختلف بعدم المجانسة لا مع الاشياء ولا مع الذات. الذات والاشياء جوهران ماديان من ناحية الوجود الانطولوجي المتحقق في وعي قصدي للذات لا تمتلكه الاشياء في وجودها المادي المستقل, فهي لا تعي ذاتها ولا تعي ذات الانسان التي تدركها. بينما الادراك هو تصور وعي الذات للاشياء تجريديا, فألادراك لا يمتلك خصائص الذات الجوهرية التي تعي إدراك الاشياء بنفس وقت وعيها لذاتها هي. الذات وعي شمولي غير محدود, والادراك وعي محدود بحدود مدركاته من الاشياء منفردة.
- الذات هو وعي المغايرة بالاشياء وليس وعي المطابقة بها أو مع النفس كتجريد خيالي يلازمه موضوع تفكيره بعيدا عن محصلة تأثير الواقع.. الذات لا يحدّها التجريد وجودا بل يحدها الادراك الشيئي الموضوعي للمادة. الذات خارج ادراك موضوعها الملازم لها يتعذر وجودها تجريديا ولا حتى سلوكا نفسيا ايضا.
- لا توجد واقعة حقيقية لما عبّر عنه برجسون أنني عندما لا أجد ما يقلقني فهذا لوحده يكون مثار قلق عندي, لكن السؤال هو القلق بماذا في حال غياب موضوع يقلق الانسان به.؟ هل يكفي حسب تعبير برجسون أن نقلق حينما لا نجد ما يقلقنا؟. الانسان قبل أن يثبت وجوده بالقلق فهو وجود يلازمه القلق في أصغر وأكبر الاشياء وقضايا الحياة. الانسان سيرورة من القلق الوجودي غير المفارق له مدى الحياة.
- القلق حالة من حالات النفس, بل القلق جوهر ملازم خفي وعلني في كل حالات إنتقالات وعي الذات في إدراكها الاشياء بالمغايرة بوعي الذات لها وفي وعي موجودات العالم الخارجي.. علما أن جميع الفلاسفة يستعملون لفظة الجوهر مجازيا في التعبير عن مقصود غير مدرك ولا يمكن إثباته والبرهنة على وجوده كما يجري التعبير عن جوهر النفس وعن جوهر المكان وعن جوهر الزمان وعن جوهر الروح وهكذا. الاشياء جميعها من حيوان ونبات وجماد لا تمتلك جوهرا ولا ماهية خارج صفاتها الخارجية المدركة باستثناء الانسان الذي يمتلك جوهرا وماهية هي من تصنيعه له من خبراته المكتسبة بالحياة. وجوهر الانسان على خلاف الحيوان تكون صفاته الخارجية لا تمثل جوهره تماما.
- حين يكون القلق جوهرا ملازما لذات الانسان, فإن إرادة الانسان تعطيل فاعلية هذا الجوهر وإنفصاله عن الذات غير ممكن تحققه. وفي حال تعطيل الانسان لجوهره يلجأ التعبير عن مأزقه بعبارت لغوية لا تعبّر عن معنى حقيقته الوجودية. علما أن القلق ليس جوهرا نفسيا يجري التعبير المجازي اللغوي عنه بالسلوك القصدي بل هو ملازمة الموجود في وجوده.. القلق نوع من العدم الذي يلازم الانسان مدى الحياة. ولا يوجد صحة لما يعبّر برجسون أنا أقلق عنما لا أجد ما يقلقني.
جاستون باشلار: الجدل والنظام عن باشلار “النظام ليس في الزمان, وإنما الزمان هو تكريس نظام مفيد وفعّال نفسيا ولعلنا نستطيع التسليم مع برجسون بأن إختلال النظام في المكان ليس إلا نظاما آخر غير متوقع, وجدلية النظام واللانظام ليس لها قاعدة مكانية ” 1 .بضوء هذا الإجتزاء نضع التساؤلات التالية المتعالقة بها وهي:
- لمن الأسبقية الوجودية الإدراكية هل هي للزمان أم للمكان؟ , أم لا توجد أسبقية تزامنية بينهما ولا حاجة لها؟, فالمدرك مكانا هو المدرك زمانا في ملازمة تمليها قابلية وحتمية الادراك العقلي, ولا يمليها تكامل أو إنفصال الزمان عن المكان؟ فحيثما ندرك مكانا ندرك زمانيته الملازمة له وبغير هذا التداخل الإدراكي الزمكاني المشترك لا ندرك مكانا لوحده ولا زمانا لوحده منفصلين عن بعضهما فهما تجريدان لا يدركهما العقل من غير تعالقهما المشترك معا .. . .
- إذا كان الزمان جوهرا لا إدراكيا للعقل, والمكان بخلافه جوهر إدراكي للعقل, فهل نستطيع إدراك المكان بغير دلالة ملازمة الزمان له؟ الجواب قطعا لا, وفي إستحالة إمكانيتنا إدراك الزمان بغيردلالة موجود المكان في السكون والحركة. كما ليس متاحا لنا إدراك مقدار الزمان بغير دلالة حركة أجسام المكان داخله فيه.
- هل المكان و(الطبيعة) وجود عشوائي أم وجود منظم بقوانين ثابتة على مستوى الطبيعة وقوانين متغيّرة وضعية على مستوى تنظيم المكان ؟ وهل الزمان جوهر إفتراضي منّظم تلقائيا أم هو جوهر غير منظم لكنه يتنّظم إدراكيا بدلالة مدركاته من الاشياء؟ ومن ينّظم عشوائية الآخر هل عشوائية المكان سابقة وجودا على إمكانية تنظيم عشوائية الزمان لتلك العشوائية المكانية ؟ من الاخطاء الشائعة إعتقادنا أن الزمان هو من يقوم بتنظيم عشوائية المكان, لكن افلاطون واسبينوزا يرون العكس أن نظامية المكان كمعطى أزلي سابق على زمانه هو الذي يقوم بتنظيم عشوائية الزمان. هنا علينا التفرّيق بين المكان كقوانين فيزيائية ثابتة تحكم الطبيعة وبين موجودات واشياء العالم الخارجي المتغيّرة في حركة دائبة من حولنا.
- – فالطبيعة معطى إدراكي يحمل قوانينه النظامية الثابتة, عليه عشوائية المكان لا تنسحب على قوانين نظام الطبيعة الثابتة. فألمكان كموجودات أنطولوجية متناثرة لا حصر لها تحكمها عشوائية غير منتظمة ولا تحكمها قوانين ثابتة مثل قوانين الطبيعة, لذا نحن ندرك الطبيعة قوانين فيزيائية منتظمة بدلالتها حسب تعبير افلاطون يستمد الزمان نظامه الملازم للمكان.
- وكما ذكرنا سابقا عشوائية المكان لا تنسحب على نظام الطبيعة الثابت وفق قوانين ثابتة تحكمها ومعها الانسان. أما عشوائية ولا نظام الأمكنة المتعددة فيسري عليها حتمية تنظيم نفسها في ملازمة الزمن لها إدراكيا. أرى من وجهة نظري الشيء الجوهري المهم في حسم هذه الاشكالية هو في غض النظر عمن يسبق الاخر في التنظيم الزمان بدلالة المكان أم تنظيم المكان بدلالة الزمان. بسبب أن هذه العلاقة الاشكالية هي ميتافيزيقا لا يمكن البرهنة عليها.
- افلاطون يعتبر المكان معطى منظّم سابق على مخلوق الزمان اللاحق, والمكان منّظم من خالق أعطى المكان مهمة تنظيم عشوائية الزمان المطلقة. بخلاف الفهم السطحي الذي إعتدناه الزمان هو إدراك تنظيمه عشوائية المكان. حيث يؤكد افلاطون تنظيم الزمان يتم بدلالة نظام المكان السابق عليه وليس العكس.
من المرجّح أن افلاطون يقصد بنظامية المكان السابق على عشوائية الزمان هو ثبات قوانين الطبيعة الفيزيائية المحكمة. التي قطعا لم يكن افلاطون في عصره يدركها ويعرفها علميا كما هو الحال اليوم. افلاطون كان يحدس التنظيم الإعجازي في الطبيعة ويجهل القوانين الفيزيائية التي تحكم هذا الاعجاز بما لا لم يكن يدركه وإكتشفها العلم لاحقا. افلاطون تناول القضية من جنبة ميتافيزيقية صرفة لا يمكنه البرهنة على صحة واقعيتها لا هو ولا غيره. | |
|