** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 أجانب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو مروان
" ثــــــائـــــــــر منضبــــــــط"
أجانب Biere3
ابو مروان


عدد الرسائل : 411

الموقع : الحرية
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

أجانب Empty
28072010
مُساهمةأجانب

أجانب Arton1813-69d03

1-

لم أكن أفهم تصرفات أطفال الحارة، للذهاب
يوميا والتجمع قرب المباني الحديثة ، والتي تبدو غامضة بالنسبة لنا ، نحن
أطفال ذلك الحي ، حيث بنيت خصيصا، ليسكنها أشخاص قادمون من كوكب آخر:
الخبراء الأجانب . كان معظم أبناء الحي يجتمعون بعد المدرسة، وغالبا في
فترة العصر، ليذهبوا جماعة للتنكيل بهؤلاء البشر المختلفين عنا… وكانت
أساليب التنكيل تختلف من يوم لآخر، أو من جماعة لأخرى، فهي غالبا ممارسات
تلقائية غير مخطط لها، ولكنها تتسم بالعنف الغامض تجاه هؤلاء الأشخاص.



لم أكن أستوعب لماذا كانت « نادرة
» بنت الجيران ، وزميلتي في المدرسة أيضا ، تقوم برشق تلك المنازل بالحجارة
. وحين يخرج أحد هؤلاء البشر القادمين من كوكب غامض ، ويبدأ بالصراخ
والصياح بلغته التي لا تشبه لغتنا ، يقوم الأولاد بتقليده ، ونطق كلمات غير
مفهومة ولا معنى لها ، لمزيد من التنكيل والاستهزاء به .


أضاء وجه نادرة بفرح النصر ، وكأنها أحرزت
هدفا هاما ، حين تمكّنت من كسر المصباح الكبير والجميل المعلق على مدخل
البناء ، وبغبائي الذي اشتهرت به في طفولتي ، وأبدو به ، بدوري ، قادمة من
عالم مختلف ، أطرح أسئلة غبية ، ولا أنقاد خلف الآخرين بسهولة . قلت لها «
ولكن حرام ، ليش عم تضربيهم بالحجارة ؟ » ، فردت علي بعبارة واحدة ، ولم
أفهم معناها : « هؤلاء أجانب » . ولم أفهم آنذاك معنى الكلمة ، ولكني
استطعت أن أدرك قليلا ، أن ذلك سبب كاف لرميهم بالحجارة والسخرية منهم ،
فهم ببساطة « أجانب » .


حين خرج الرجل الأشقر من باب المبنى غاضبا
من تحطيم الأولاد للمصباح ، كان لدي إحساس غامض بالرغبة في الاعتذار ،
نظرت إليه ، وأنا غبية وسط هؤلاء الشياطين ، وأرسلت له عبارة اعتذار صامتة ،
ولكني لو كنت قد اقتربت منه واعتذرت ، لأصابني الشرّين ، شر انتقامه ، فهو
يراني بينهم ، ومثلهم ، وشر انتقام الأولاد ، لخيانتي لهم .


هربنا جميعا ، وهم يستديرون نحوه بين
اللحظة والأخرى ، « يترقوصون » ويهزئون منه … قال أحدهم : « سنبقى هكذا ،
حتى نطفشّهم » .


لاحقا ، كبرنا قليلا ، ولكن عقولنا لم تكبر
،حين كنا مجموعة فتيات ، نتجول في خان الشونة في حلب ، ووقعنا على زوج
أجنبي ، فتاة وشاب ، أحبوا أن يثرثروا معنا ، وقد « هلكوا وطلعت روحهم »
ليشرحوا لنا رابطة القرابة بينهما .


كانت الفتاة تصرّ ، وهي تمسك بيد الشاب ،
ويتبادلان النظرات واللمسات « صديقي » ، ونحن نفسّر لها ، ونصححّ « زوجك ؟ »
، تهز رأسها بإصرار : « لا ، صديقي ، زوجي لم يغادر معنا » … لم نفهم كيف
يمكن أن تكون متزوجة من رجل ، ولديها صديق تسافر معه ؟ و حتى لا نوجع
رؤوسنا السريعة العطب ، قلنا فيما بيننا « أجانب ! » ، وهكذا ارتحنا من
البحث عن التفسير ، فهؤلاء القادمون من كوكب آخر ، لا يشبهوننا ، ولا
يتصرفون مثلنا ، إنهم يختلفون عنا ، واختلافهم هذا ، يعطينا الحق للتهكم
والسخرية والاستهزاء بهم . ، لأن « العلّة » تمكن فيهم لا فينا.



2-

في مشاركة لي في إحدى النشاطات المدرسية في
منطقة قريبة من نانت ، استقبلتني ماري ودعتني للعشاء في منزلها ، بغية
الثرثرة قليلا قبل بدء المناظرات في اليوم التالي مع طالباتها ، وكان محور
الموضوع : أوضاع المرأة في العالم العربي.


قدمتني ماري إلى زوجها وابنها ،
وأدهشني بأن « إيروان » الصبي الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره ، كان قد قام
ببحث مطول عن بلدي ، أين تقع سورية ، سكانها ، عاداتها ، دياناتها ،
وعلمها الوطني . شكله وألوانه . وما أن كنت أتحدث عن مدينة أو مكان في بلدي
، حتى كان إيروان ينقب في المكتبة عن مرجع ليدرك بدقة ، تواجد المكان على
الخارطة الإنسانية … لم يكن يستعمل محركات البحث في الانترنت، فهو ليس
شغوفا بهذا العالم ، وليس مريضا به ، بل كان شغفه منصبا على الورق ، ينقب
في محركات البحث في الكتب والقواميس والخرائط …


كان إيروان يحدق بي ، ويلتقط كل كلمة
أقولها ، وكأني « أنطق عن الهوى » ويسجل في ذاكرته كل ما أقوله عن بلدي .
قالت ماري أن إيروان مغرم بالبحث عن الآخر ، يحب اكتشاف الآخرين ، عاداتهم ،
لغاتهم ، دياناتهم ، طقوسهم …. وقال إيروان أن لديه نشاطا أسبوعيا يدعى «
ما الجديد ؟ » ، يتحدث فيه الطلاب عن مستجداتهم خلا ل الأسبوع ، وما
اكتسبوه من جديد ، وسوف يتحدث عني ، وعن سورية .


قال بيير ، والد إيروان ، أن حلمه النهائي ،
هو الذهاب للعيش في البيرو … حيث عمل هناك مدرسا للّغة الإسبانية لأكثر من
عشرة سنوات ، ولم يفارقه سحر تلك البلاد … لم تكن فرنسا لتعني له الكثير
.
كما عشق بيير البيرو ، قد يقع إيروان في غرام سورية ، فذلك البريق في
عينيه لا يمكن أن يكون مجانيا .


كان إيروان سعيدا بي ، وفخورا أنه يلتقي
بكاتبة قادمة من سورية ، وهي فرصة قد لا تتوفر لأقرانه في المدرسة بسهولة .


أما ويليام ، فقد أكدت سيلفي ، أنه وبعد
زيارتي لهم ، قد أزال صور اللاعبين عن جدار غرفته ، وراح يهتم بالشخصيات
السياسية في فرنسا ، ويبحث عن الصور الجديرة ، سياسيا ، أن تـأخذ مكان
الصور القديمة ، أي استبدل صور لاعبي الكرة ، بصور شخوص الملعب السياسي .
قالت سيلفي ، أنه هنا تكمن أهمية احتكاكنا بالأجنبي ، نفتح عيوننا على
أشياء لا نعرفها في بلاده ، وكذلك ، أشياء لم نكن نفكر فيها في بلادنا .


ترى لو كانت نادرة هنا ، تمتّع نظرها ،
بنظرات إيروان ووليام النهمة إلى معرفتنا ، والمليئة باحترامنا ، هل كانت
ستلمع عيناها مجددا بالنصر ، وهي تتمكّن من كسر الضوء الأجنبي ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

أجانب :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

أجانب

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: