** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 ثيمات تعالق النص الحديث بالنص الموروث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

ثيمات تعالق النص الحديث بالنص الموروث Empty
27072010
مُساهمةثيمات تعالق النص الحديث بالنص الموروث

وقف امرؤ القيس، قديماً في
الزمن ، ليرفع صوته بما يمكن أن يكون إجابة لسؤال : ما الذي تفعله كشاعر؟
امرؤ القيس القائل آنئذٍ : نبكي الديار كما بكى ابنُ خذامِ، لم يترك لنا
علامة واضحة نهتدي بها إلى ابن خذام، بيد أنه بمقدورنا تخيّل ابن خذام
واحداً من شعراء صحراء العرب الكُبرى في فترة العدمية الحضارية، تلك التي
لم تطوّر أدواتها الإبداعية الموازية للشعر كالنحت والتدوين، كما كان الحال
لدى سكان الشمال، لتحتفظ بتاريخ عاداتها وثقافاتها في مواجهة الذاكرة مع
الزمن. وأيّا كان عمق ابن خذام في التاريخ فُهناك ثيمة جامعة بينه وبين
رفاق امرئ القيس لخصها الأخير بالقول " نبكي الديار". وهي ذات الثيمة
الشعرية التي ينتظم تحتها شعراء العالم، باختلاف أجناسهم وثقافاتهم
وذاكراتهم. مضافاً إليها جملة واسعة من الثيمات الإنسانية، بالطبع، كالفقد
والحزن والموت والحب والألم والنشوة ، وما إلى ذلك من ثيمات افترض د. بدوي
طبانة في كتابه عن السرقات الأدبية انحصارها ما بين 33 إلى 35 ثيمة. وإذن
فنحنُ، الشعراء، نكتبُ تحت العناوين العريضة ذاتها، مهما اختلف الشكل
الكتابي، أو تباعدت الأزمنة. أي أننا لا نزال نقول مع الهلالي: إن منزلاً
نأت به هندٌ إليّ بغيضُ، بمعنى من المعاني. ونرتبِط في شبابنا الشعري
بثورية السليك بن السكلة وثابت بن قيس وعروة بن الورد. حتى أننا ، في
الكثير من انفعالاتنا الكونية في النص، لا نكاد نقول أبعد من مقولة ابن
الورد: إني امرؤ عافي. إنائي شركةٌ ، وأنت امرؤٌ عافي. إناؤك واحدُ. تحت
وجع الضمير الإنساني ذاته، المتناهي إلى الثيمة البشرية ذاتها : التوق إلى
العدالة، الذي يكتُبه بابلو نيرودا أو عفيفي مطر ، أو أي شاعر يجد نفسه في
مواجهة حتمية مع البهيموث الجديد : الرأسمالية العالمية، والدم السائل من
أعلى باب الكون.

وحتى في اشتباكات الشاعر التجريبية مع الشكل الكتابي ومحاولاته الدؤوبة
لتخليق أشكال كتابية جديدة، فهو لا يتجاوز الهاجس ذاته لدى الشاعر العربي
القديم. ففي التاريخ ، يدخل حسان بن ثابت على ولده فيبصره وهو يبكي. وعندما
سأله عن السبب أجاب الطفل: لسعني طائرٌ كأنما دخل في بردي حبرة. في تلك
اللحظة تهللت قسمات حسان فهتف: قال ابني الشعرَ ورب الكعبة. حسان، كشاعر،
وناقد له حضوره المؤكّد في المواسم الشعرية العربية الكبيرة مثل سوق عكاظ ،
لم يكُن يغفل اشتراطات القصيدة العربية على صعيد الشكل، لكنّه كان يكتم
بداخله حنيناً إلى القول الشعري بعيداً عن الالتزامات الشكلية التي ليست
بالضرورة مكوّناً حقيقيّاً في النص الشعري. حسّان ، هُنا ، يتفق حسّان مع
الضمير العالمي للشعراء، مع الجوهر الشعري الذي يشبه الماء والنار، والأرض
والهواء .. الذي يشبه العالم، كما يقول خمنيث. فمثلاً إذا أردنا أن نذهب
إلى أقاصي الجنوب الغربي من هذا الكوكب، أمريكا الجنوبية، سنجد رامون خمينث
يتفق مع حسان تماماً في وعيه بالعمل الشعري : الشعر جوهري، وما هو جوهري
لا يكون وزناً ولا مبالغة ولا صناعة. وهُنا ، في إنسانية العمل الشعري ، في
جوهره الفرد المجاوز للدالة الزمَكانيّة ، تتعالق النصوص الجديدة ،
الإبداعية ، مع التراث الشعري القديم وتمتد منه إليه، غائراً في الصحراء
وعميقاً في الإنسان، مهما اختلفت طرُق القول.

أي أن الشاعر الجديد الذي يعيش في القرن الواحد والعشرين، ينتمي بصورة ما
إلى جهاز الشعرية العربية القديم بحسبانه يدور في ذات الثيمة الإنسانية منذ
ابن خذام، ويسكنه ذات الهاجس الكوني لمناهضة اللامساواة والظلم ، ويتوق
إلى تجريب أشكال تعبيرية حديثة يمكن أن تجلب معها حظوظاً جديدة من الكفاءة
التعبيرية، كما فعلت قصيدة التفعيلة ، ثم قصيدة النثر .. وتنتابه ذات
البهجة التي انتابت حسان بن ثابت عندما يقف على طرائق تعبيرية جديدة بطاقة
كمون تعبيرية عالية، تعودُ به - كما هو جوهر الشعر - مرّة أخرى إلى ناقف
الحنظل، غداة البيّنِ يوم ترحّلت فتاته، وليس أبعَد. وهو بهذا التجريب لا
ينبتّ عن الشعرية العربية القديمة ولا عن أسسها، لأنه لا يكتبُ في الهواء
الطلق. فالكتابة الجديدة هي محاولات من داخل الفضاء الموجود سلفاً، وهو
الشعر. وأي محاولة لنسف القديم ، بحسبانه مجرّد شكل أسقطت العادة لذّته ..
دون وعي لمعادلات النص الشعري التراثي الداخلية والخارجية ، هي تهشيم للذات
المنتظمة في النسق الكائن والموجود، الشعر. لأن القضاء على الذاكرة ليس
نشاطاً حداثيّاً، بالمرّة. فالتراث الشعري العربي ساعد في تشكيل ذاكرتنا
اللغوية والجمالية، وغذّى الأنوات الشعرية العربيّة بمحتوياته من الأسطورة
والحكمة والتطلّع إلى ميتافيزيقا الوجود. وما زال يمدها حتى هذه اللحظة
بمحتواه الضخم من الصورة والإشارة. أي أنه ترسّخ تماماً في منطقة خاصة من
اللاوعي، أسماها كارل جوستاف يونج : اللاوعي الجمعي، أو الأنماط العليا.
وهي واقعة تحت منطقة اللاوعي الشخصي، التي وصفها فرويد قبل ذلك. هذه
المنطقة الصامتة ، اللاوعي الجمعي ، هي ذات المنطقة التي اعتمد عليها النقد
الأسطوري في مقارباته للعمل الشعري، بوصفه مجرد حيود ما عن الأسطورة التي
سكنت الذاكرة الثقافية، وأن مهمة النقد - فقط - قياس درجة الحيود هذه . حتى
تجرّأ النقد الأسطوري على القول : ليس هُناك شعر جديد، هُناك فقط شعراء
جدد، كما تحدّث وهب رومية في " شعرنا القديم ونقدنا الحديث". وربما كان هذا
هو ما أراده المتنبي وهو يتحّدث عن تطابق المعنى الشعري بين شاعرين لم
يسبق أن سمعا من بعض : الشعر جادة وربما وقع الحافر على أثر الحافر. فكأنه
كان يشير إلى نمط عالٍ، تحكّمي، مشترك يصدر عنه الشعراء، فيما يمكن أن يكون
تأصيلاً نقديّاً للأسطورية. وأيّاً يكنِ المعنى هُنا، فما يمكن الحديث
عنه، في سياق موضوعتنا عن علاقة ما نكتبه بالتراث الشعري العربي، هو حضور
هذا الموروث في لاوعينا الجمعي والشخصي، وفي وعينا أيضاً. حتى أن الذاكرة
العربية ، التي توصف من قبل كثيرين بأنها ذاكرة صوتية، هي ذاكرة شعرية في
صورتها الغالبة. وإذا اتّجهنا، على طريق الحديث ، إلى كاتب معروف مثل بول
فالير . حاول فاليري تفكيك العقل الأوروبي فأرجعه إلى ثلاث مكوّنات أساسية :
التراث الفني والفلسفي اليوناني ، والتراث السياسي والفقهي الروماني،
مضافاً إليهما المكوّن الأخلاقي المسيحي. وكذلك الحال بالنسبة للعقل
العربي، والعقل العربي المبدع ليس استثناءاً ، يحضر التراث الشعري العربي
في تأسيسه وتشكيله بعمق. المعنى الذي دفع ناقداً ، د. جابر قميحة ، إلى
القول علانية : لم تقولوا أكثر مما قاله المنخل اليشكري "وأحبها وتحبني
ويحب ناقتها بعيري" في إحدى ندوة عن الأصالة والحداثة، في منتدى المثقف
العربي.

من زاوية أخرى، ومن واقع تجربة كتابيّة وقرائيّة ، فإن انفتاح النص الجديد
على النص الشعري القديم ، أو التراث الشعري العربي، يمكن تقصّيه / حضوره في
أكثر من بُعد. فهُناك البعد الميتافيزيقي، والأخلاقي ، والأسطوري ،
والصوفي ، والفلسفي، وكلها أبعاد تحضر وتشتبك بالنص الذي أكتبه بدرجة أو
بأخرى، في حين يتحوّل النص، في أحايين كثيرة، إلى لوحة فسيفسائية لمجموعة
من النصوص المُذابة والممتصة فيه .. يحدثُ هذا غالباً في البدايات
الكتابيّة ، حيث تكوّن الأبوة الشعرية ، أو المثل الأعلى الشعري ، مسيطرةً
إلى حد كبير على طريقة قول الشاعر وحتى مدلولاته الشعرية. وبعد أن يتشكّل
القوامُ الشعري، يعاودُ الشاعر تمشيته في الذاكرة، حيثُ يسكن جنّ الشعراء
السابقين كما زعم ابن شهيد الأندلسي في التوابع والزوابع، ليتناص مع هذا،
ويتقاطع مع الآخر. فيحضر عنترة العبسي في " البكاء بين يدي زرقاء اليمامة "
لأمل دُنقل، ويقف المنخل اليشكري وطرفة بن العبد على شواهد درويش بينما
يعيش عبد الصبور الحلاجَ ومجنون ليلى. وكذلك هو الحال في التجربة الشبابية،
وفي كتاباتي بالتحديد، خصوصاً تلك التي لم تتعرف على أبي نواس عبر وسيط
ثالث ، مثل بودلير كما فعل أدونيس ، ولا إلى أبي تمام عبر ما لاراميه. بل
تحسسته بنكهته العربيّة، وشعريّته المدنية الجديدة، بعد أن قضى الشعر
قروناً في الصحراء. وفي الكتابة نفسها، تختصم التجارب بين البحتري وأبي
تماما، فتتعالق النصوص الفلسفية الجديدة مع نصوص الأخير، بينما يرفع مريدو
الأوّل أصواتهم بمقولته الرافضة لإغراق الشعر في الفلسفة : كلفتمونا حدود
منطقكم ، فالشعر يغني عن صدقه كذبُه. ويتجسّد البعدُ الصوفي في النص الجديد
بصورة أكثر جلاء، في محاولات اتصال المتناهي باللامتناهي، للإفلات من
قسرية المادة وخواء العالم من القيمة والمرجعيّة. وستكون، بالتأكيد، شعرية
عبد الجبار النفّري وابن الفارض زوّادة لغربة الشاعر العربي المعاصِر.
والصوفية ،في الذاكرة العربية ، ليست بعيدة عن السوريالية في الذاكرة
الأوربيّة، فكلتاهما تتقاطعان في التجريد ،كما يعتقد صلاح فضل، وكلتاهما
مارستا التشفير والترميز ونزع الدلالات اللغوية - الصوفية بالتحديد -
المتصلة بالجنس والعشق والخمر، لأجل ربطها بدلالات فائقة وجديدة، كما يذهب
د. عبدالرحمن القعود. ويستمر عمل الذاكرة، التراث الشعري العربي، في النص
الجديد عند مستويات أخرى، غير البعد الفلسفي والميتافيزيقي، كالأسطورة.
وإذا أمكن تعريف الأسطورة بوصفها الرمز الذي تخلقه ثقافة ما للتعبير عن
حقائقها الوجودية والكونيّة، فالذاكرة العربية التي أبدعت أسطورة " وادي
عبقر" و " الرائي الشعري " لا تزال حاضرة حتى اللحظة في الكتابة الجديدة،
تعيد تشغيل هذه الأسطورة بشكل أو آخر. وربما بنفس طريقة قول امرئ القيس :
تخيرني الجن أشعارهن ، فأختارُ من شعرها ما أشاء.

وكما قدّمت في المقالة، فإن الشعرية الحقيقية التي اشتبكت مع التُّراث
الشعري العربي في بداياتها الكتابية ، وكوّنت مخزونها اللغوي والجمالي
والدلالي، لا تزال تشتبك معه عند مستويات أعلى من تقنيات الكتابة، بصورة
تعطي فرصة وافرة لدارسي سيموطيقيا التناص للتوفّر على نماذج صافية. ومع ذلك
يحاول النص الجديد أن يؤسس لهويته وسط هذه الشبكة الهائلة التي لا حدود
لها من النصوص الشعرية العربية المشتبك معها ، والتي تجري عمليات امتصاصها
وتذويبها بفعل من تحكمية اللاوعي الجمعي ، أو الأنماط العُليا، كما افترض
كارل غوستاف يونج.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

ثيمات تعالق النص الحديث بالنص الموروث :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

ثيمات تعالق النص الحديث بالنص الموروث

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: