سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3161
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | فلهلم دلتاي وتأسيس التأويل المعالصر/سمير جواق | |
فلهلم دلتاي وتأسيس التأويل المعالصر/سمير جواقيوليو 2016بقلم سمير جواق http://www.mominoun.com/articles/دلتاي-وصياغة-التأويلية-كأساس-منهجي-للعلوم-الإنسانية-4083دلتاي وصياغة التأويليّة كأساس منهجي للعلوم الإنسانيّة الملخص:يهدف هذا المقال إلى مُحاولة الكشف عن مُساهمة «فلهيلم دلتاي » في صياغة التأويلية كأساس منهاجي تقوم عليه العلوم الإنسانية، هذا بعد أن أجمع النُّظار في العلوم الإنسانية، إبّان القرن التَّاسع عشر، علىأنّ العلوم الإنسانية هي علوم فهم، وإذ كانت التَّأويلات في عرفهم- صناعة تضبط للفهم قواعده، وتُرسيللتأويل دعائمه، فإنَّها تشكل أساساً منهجياً لكلّ العلوم الإنسانية. لقد رسَخ هذا الاعتقاد عند منظِّري العلومالإنسانية لما استبدّ بهم من استغواء واستهواء للنموذج الطَّبيعي، فإذا كان التَّفسير طريق الطَّبيعيات إلىالمعرفة، فإنّ الفهم سبيل الإنسانيات، ولن يَحْسُنَ أمر الفهم هنا إلا بما حَسُنَ به أمر التَّفسير هناك، أي بإقامةمنهجية صارمة تضبط قواعد الفهم وتُضفي على العلوم الإنسانية صفة العلمية. * فلهلم دلتاي- ( 1911-1833) كان فيلسوف وطبيب نفساني ألماني, يعتبر الممثل الرئيسي للفلسفة بوست-هيغلية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن 20.يعتبر من الفلاسفة الأكثر نفوذا في فلسفة الحياة. وقد ارتبط ارتباطا وثيقا بالحركة التاريخية أو بفلسفة التاريخ، التي اعتبرها فلسفة للفهم.التي هي أداة للكشف عن الحياة في الحياة. تفكير دلتاي يرتكز أساسيا على ما يلي: - قبوله للنظرية القائلة بأن الفلسفة تنشأ من مشكلة الحياة اليومية.- قبوله بأن الفلسفة يجب أن ترتبط ارتباطا وثيقا بمعرفة الحياة. (عن ويكيبيديا) على سبيل المفتتح:تُعَدُ مُشكلة المنهج في العلوم الإنسانية من المشكلات العويصة التي واجهت الكثير من الفلاسفةوالمتخصصين في مناهج العلوم، وقد ظهرت هذه المشكلة، مع بدايات القرن التاسع عشر، حينما بدأت العلومالإنسانية )علم النفس، علم الاجتماع...( في الانفصال عن الفلسفة علماً بَعدَ عِلْم، وازداد سعيرها لهيباً، حينماحاول باحثوها إخضاعها لمناهج العلوم الطبيعية، تزامناً مع ما حققته هذه الأخيرة في تقديمها لنموذج باهرللعلميّة، سواء من حيث دقةُ مناهجها أو نجاعة نتائجها، كما أنّ العلوم الطبيعية في ذلك الوقت كانت بمثابةكيان فكري مُتكامل له وعيه الخاصّ وثقته بالذَّات، وعلى النَّقيض كانت العلوم الإنسانية، وما تزال، أقلّ منالمستوى الذي كانت عليه العلوم الطبيعية، ممّا دَفع بعض العلماء إلى محاولة إخراج هذه العلوم )الإنسانية(من دائرة تخلُّفها، ولن يكون ذلك مُمكناً إلا بتطبيق مناهج العلوم الطبيعية على الظواهر الإنسانية.ارتبط طموح الوصول إلى العلمية في العلوم الإنسانية بسعي الاتجاه الوضعي ) «أوغست كونت ،»«جون ستيوارت مل »(، إلى مَوْضعة [وضعنة] الظَّاهرة الإنسانية، وتطبيق مناهج العلوم الطبيعية عليها، فقد تَمَّاستلهام منهج التَّفسير من العلوم الطبيعية، واعتماده نموذجاً للتطبيق في مجال الظَّاهرة الإنسانية، سعياًلتفسيرها تفسيراً موضوعياً، من خلال استبعاد العوامل الذاتية والتركيز فقط على العوامل الموضوعية،غير أنّه، ونظراً لخصوصية الظاهرة الإنسانية وتَعقّدها، فقد واجه منهج التفسير عدّة عوائق في محاولتهلدراستها والإحاطة بها، وحينما اتضح ذلك، كان لا بُدَّ من وجود منهج جديد، منهج يلائم طبيعة الظَّاهرةالإنسانية، وكانت من بين تلك المحاولات، التي أرادت تقديم منهج ملائِّم للعلوم الإنسانية، تلك البادرة الدقيقةمن الفيلسوف الألماني «فلهيلم دلتاي »، المتمثلة في صياغة التأويلية كأساس منهجي للظاهرة الإنسانية)الحياة(، في مقابل المعرفة التجريبية التي تُميّز العلوم الطبيعية، فالفكر يتَّخذ في كلٍّ من هاتين الطائفتينمن العلوم موقفاً مختلفاً ومنهجاً مغايراً، فالعلوم الطبيعية تعالج وقائع مادّية محسوسة، بينما تعالج العلومالإنسانية معانيَ باطنية لا يمكن ملاحظتها إلا بالمعايشة الدَّاخلية. إلا أنّ اختلاف موضوع العلوم الطبيعيةعن موضوع العلوم الإنسانية طرح العديد من الإشكاليات المحورية في مجال العلوم الإنسانية، منها ما تعلَّقبإشكال مَوْضَعَتِها، وإشكال المنهج المعتمد في دراستها من جهة، وكذلك لم يكن هناك منهج مُوحَّد يحكمظواهر العلوم الإنسانية من جهة أخرى، وإذ قُدِّر للفيلسوف أن يقوم بدراسة هذه العلوم، فعليه أن يُوضِّح أوّلاًماهيتها وهل مناهج ومبادئ العلوم الإنسانية تعكس مبادئ العلوم الطبيعية نفسها، أم أنّها مختلفة عنها؟ وهلهذه المناهج متشابهة في شتَّى فروع العلوم الإنسانية؟ وهل يتعلَّق الأمر فعلاً بقضية منهج؟ونظراً لذلك، تَبْتَغي هذه الدراسة محاولة الإجابة عن نص الأسئلة التالية: ما السَّبيل في دراسة الظَّاهرةالإنسانية؟ هل يتمثل هذا السبيل في تفسيرها أم في فهمها؟ هل هو منهج التفسير أم منهج الفهم؟ وهل يُمكناتخاذ منهج التفسير السائد في العلوم الطبيعية نموذجاً للاستلهام والتطبيق في مجال العلوم الإنسانية؟ أم يجبابتكار مناهج تُلائم طبيعة الظواهر الإنسانية؟ هل يمكن فعلاً عزل الموضوع عن الذات في مجال العلومالإنسانية توخياً لموضوعية زائفة؟ هل في مكنة الذات استبعاد الأحكام المسبقة والتراث بخصوص موضوعالإنسان، وهو الكائن التاريخي؟ هل يُمكن تحقيق العلمية في إقامة هوّة فاصلة بيننا وبين التراث؟ -1 نقد العقل التاريخي وتأسيس استقلالية العلوم الإنسانية يُعدُّ فلهلم دلتاي Dilthey Whelheilm1 صاحب محاولة توسيع مجال التَّأويلية إلى أبعاد الأورغانون لعلوم الروح، إذ كان يعتقد أنّه لا بدّ للعلوم الإنسانية أو علوم الروح من بناء صرح منهجي يقوم علىالموضوعية أو العلمية، فقد كان شغله الشاغل إعادة الاعتبار للعلوم الإنسانية، وذلك من خلال ردّها إلى أساسها الهيرمينوطيقي، وبذلك أضحت الهيرمينوطيقا منهجاً للعلوم الإنسانية 2. إنّ محاولة “دلتاي” لتوفير أساس منهجي للعلوم الإنسانية تسعى إلى استخلاص النتائج المعرفية ممّا قرره “رانكه Ranke ” و”درويزن Droysen “، ومن ثمّ محاولة تجاوز ضعف المدرسة التاريخيةl’école historique الذي يتمثل في افتقار فكرها إلى التَّماسك المنطقي، وهكذا ألقى على عاتقه مهمة بناء أساس معرفي جديد وأكثر حيوية يجمع بين التجربة التاريخية والإرث المثالي للمدرسة التاريخية، وهذا هو فحوى قصده من وراء استكمال كتاب “كانط” “نقد العقل المحض” ب “نقد العقل التاريخي” critique«3»la raison historique ، ذلك أنّ مفكري المدرسة التاريخية وأمام الزحف الهائل والمُظفر للعلوم الطبيعية، قد انهمّوا كثيراً بمسألة التَّدليل على علمية المعرفة التاريخية، ولم يكن هذا في متناولهم إلابرفع عقبتين؛ الأولى: هي الأبنية الميتافيزيقية التي أقامها “هيغل”، والثانية: تكمن في النزعة العلموية Scientisme ، التي رامت تنقيل طرائق العلوم الطبيعية والإفادة منها في مجال الاستقصاء التاريخي، وأهمّ ثمرة أينعها ذلك الاكتراث بإثبات الخصوصية والفرادة la spécifité هو الميز المنهاجي الذي أقامه“درويزن”، بين “التفسير” المعتمد منهجياً داخل العلوم الطبيعية، وبين “الفهم” وهو لفظ راسخ في 1 دلتاي ) 1833 - 1911 ( فيلسوف ألماني معاصر، يمثل ما يُسمّى تيار فلسفة الحياة، ففي مؤلفه "مقدمة لدراسة علوم الروح" Introduction àl’étude de science d’esprit يبحث دلتاي عن الاستقلالية المنهجية للعلوم الإنسانية Autonomise les sciences humaines وهذا ما دفعه إلى إجراء مقارنة بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية. ولكي نفهم علوم الروح يجب الغوص بداخلها، وهنا تأخذ التجربة النفسية كلّ مصداقيتها، بليصير علم النفس العلم القاعدي الأول لأي معرفة تتعلق بالإنسان. - Albin Michel: Dictionnaire des philosophes, encyclopaedia universalis, Paris, 1998, PP 471 472.-2 عبد الغاني بارة: الهيرمينوطيقا والفلسفة - نحو مشروع عقلي تأويلي، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، الطبعة الأولى 2008 ، ص 186-3 غادامير: الحقيقة والمنهج، ترجمة حسن ناظم وعلي حاكم صالح، دار أويا، طرابلس، الطبعة الأولى، 2007 ، ص 3 الموروث الألماني - المتوسل طريقه في التاريخيات 4*، وترتيباً على ذلك فإنّ التَّأويلية سوف تدخل موالجالميتودولوجيا وتعرّج على مسالكها 5. وعلى ذلك، فإنّ الشرف الأول في إقامة الحلف بين التَّأويلية والتاريخ يعود إلى “دلتاي”، الذي جعل نفسه كما جهر بذلك في مُصنفه “مدخل للعلوم الإنسانية” Introduction à l’étude de scienced’esprit - المُنظِّر المنهاجي للمدرسة التاريخية، ذلك أنّ فيلسوفنا قد فطن إلى أنه، إذ حق القول أنّ بروز“الوعي التاريخي” »la conscience historique« قد خَلَّص الإنسان من قيود الميتافيزيقا وفكَّ من إسارها، إلا أنّه يحق القول، من الجهة ذاتها، إنّ المعرفة التاريخية قد استحالت بفعل ذلك التَّحرير محرومة من كل أساس فلسفي تنهض عليه وتستند إليه 6، ومن ثمّ أثيرت المسألة التالية: كيف السبيل إلى النهوض بتدليل إبستيمولوجي على موضوعية المعرفة التي تسوقها الدراسات الإنسانية في شأن الإنسان والتاريخوالمجتمع؟لقد جرى تمحيص هذه المسألة والبحث فيها تحت صيغة قولية نُسِجَتْ على المنوال الذي اشتهر به“كانط” وبادر إليه، وهي “نقد العقل التاريخي”، ففي نظر “دلتاي” أنّ المعرفة التاريخية بقيت المعرفةالمُغيبَّة )الغائبة( في نسق الفلسفة الكانطية التي لم يمنحها - فيما يرى “دلتاي” - صاحب “نقد العقل المحض”المكانة التي تستحقها، لذلك أتى “نقد العقل التاريخي” ليسُدَّ هذه الفجوة واجداً تبريره في الوعي بالغياب الفادح للبعد التاريخي في العقل النظري والعملي ل”كانط” 7*، فكما أنّ فيلسوف النقد قد جعل الوكد من حياته تحديد مقتضيات الموضوعية في العلوم الحقَّة، كذلك بذل “دلتاي” وسعه في مجال العالم التاريخي لتحديدمجال علوم الإنسان، لذلك يتساءل - في نحو من التقَّابل المقصود مع تساؤل “كانط” - كيف تكون المعرفةالتاريخية ممكنة؟ وبعموم أكبر، كيف تكون العلوم الإنسانية ممكنة؟ 4*- إنّ التعارض بين الطبيعانية والتاريخانية L’opposition entre Le Naturalisme et L’historicisme ، ذو أصل كانطي، هذا التعارضعوّض تدريجياً في الفلسفة العامة )الشعبية Vulgaire (، خلال القرن التاسع عشر، تعارضات كلاسيكية أخرى تحدثت عن الروح والجسد، الفيزيقا والأخلاق، أو الروح والمادة، بالرغم من أنّ هذه التعارضات المختلفة كانت بعيدة كل البعد عن الالتقاء، بدون شك أنّ مؤلف «دلتاي »، شارك بدرجة كبيرة في تشييع التعارض بين الطبيعة والتاريخ، وهذا على الأقل في الأوساط الجامعية، فعلى سبيل المثال في مقدمة كتابه Introduction àl’étude de science d’esprit ، قام بإدراج نظير التعارض بين الضرورة والحرية، وبالتأكيد إنّ «دلتاي » ورث هذه الإشكالية عن سابقيه، وقد كان سابقاً في زمنه في مساعدة الأذهان على إدراك )فهم( هذه الثنائية، ومن الواضح أنّه في وقته وخلال السنوات اللاحقة صارت إشكالية أحدالمواضيع السائدة في الفلسفة غالباً تحت شكل تعارض مدارس أو مناهج بين الطبيعية والتاريخية. - Julien Freund: Les théories des sciences humaines, presses universitaires de France, 1erédition, 1973, p 94.-5 جون غروندن: أصول التأويلات وفصولها، ترجمة محمد المفيد، مجلة دراسات فلسفية، مجلة الجمعية الفلسفية المغربية، العدد 07 ، 2002 ، ص 86 -6 المرجع نفسه، الصفحة نفسها.7*- حاول «دلتاي » بعد قراءته ل «كانط » نقد المقولات الكانطية وإعطاء قائمة جديدة من المقولات أطلق عليها «مقولات الحياة ». إنّ مقولات «كانط » في نظر «دلتاي » صالحة للعلوم الطبيعية ولكنها غير صالحة للعلوم الروحية، ولذلك نجده يقترح مقولات جديدة تتناسب و »العقل التاريخي »، وهذهالمقولات هي: مقولة الحياة، م العبارة، م التجربة، م القيمة، م الغاية، م النمو... - خديجة زيتلي: عقم الاتجاه الوضعي في التاريخ عند كولجوود، مجلة دراسات فلسفية، مجلة سداسية يصدرها معهد الفلسفة بجامعة الجزائر، العدد 3،السداسي 1، 1997 ، ص ص 61 - إنّ الإجابة عن هذه المساءلة الكانطية، في هيكلها تستدعي بناء “نقد للعقل التاريخي”، إنّ الانشغالالأكبر بالنسبة إلى “دلتاي” هو إقامة مشروع لتأسيس علوم الروح تأسيساً فلسفياً ومعرفياً، وقد كان هذا المشروع على قدر من المجازفة والجسارة بأن تمخَّض عنه كشف جليل هو التاريخانيّة * Historicité ، بل وأكثر من ذلك، إنّ القراءة الطقوسية التي تداول عليها الشُّراح في عرضهم لإشكالية “دلتاي” على نحويردُّها إلى النقيضة الحادَّة بين “الفهم” و”التفسير”، فهذا كلُّه من أجل توفير قاعدة منهجية صارمة للعلومالإنسانية.إنّ المشكلة التي تصدى لها “دلتاي”، فيما يرى “صلاح قنصوة”، هي إصرار الوضعيين على تطبيقالمنهج التجريبي بصرامته في دراسة الإنسان، ف”أصحاب منحى الوقائع والمعطيات الحسِّية ينكرونالفروق بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، وعلى الباحث أن يلتزم بمزاولة المنهج، المنهج المتفق عليهفي العلوم الطبيعية، لأنّ فيه الحَلّ الحاسم لمشكلة الموضوعية -قاعدة العلم ومحوره- التي سرعان ما يختفي شبحها كمشكلة أمام هذا المنهج وتذوب الأوهام الميتافيزيقية التي تكتنفها” 8.ومن هنا ف”دلتاي” يثور ضدَّ الوضعيين خاصة “أوغست كونت” 1798-( Auguste Compte1857 ( و”جون ستيوارت مل” 1806-1873( J.S. Mill (، حين أكد الاثنان على أنّ الحل الوحيد للعلوم الإنسانية، من أجل الخروج من دائرة تخلفها، هو تطبيقها لمنهج العلوم الطبيعية نفسه، وهذا ما نلمسه منقول “مل”: “إذا كان علينا أن نهرب من الفشل المُحتم للعلوم الاجتماعية بمقارنتها بالتَّقدم المستمر للعلومالطبيعية، فإنّ أملنا الوحيد يتمثَّل في تعميم المناهج التي أثبتت نجاحها في العلوم الطبيعية، بأن نجعلها مناسبة للاستخدام في العلوم الاجتماعية” 9. وعلى الرغم من أنّ “دلتاي” كان قد وقع تحت تأثير المناهج الطبيعية وبشكل دقيق تحت تأثير النزعةالتجريبية، خصوصاً “مل”، إلا أننا نجده يتعالى عن النزعة التجريبية ويفضل عليها “المدرسة التاريخيةالألمانية”، يقول في مصنفه “مدخل لدراسة علوم الروح”: إنّ ألمانيا وحدها بإمكانها أن تأخذ مكانة التجربة الدوغمائية ل”جون ستيوارت مل”، لأنّ “مل” الدوغمائي تنقصه المعرفة التاريخية” 10 . وقد كانت ثورة “دلتاي” على الوضعيين بتأكيده أنّ مادة العلوم الطبيعية مشتقة من الطبيعة، أمَّا مادةالعلوم الإنسانية فهي العلوم البشرية، ولهذا فإنّه من المحال الاتفاق في منهج الدراسة، ومن هنا نكتشف محاولة “دلتاي” في تأسيس ايبستيمولوجيا للعلوم الإنسانية، وتأكيده على “الفهم” كمقولة تخصُّ هذه العلوم 11 | |
|