نابغة فريق العمـــــل *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 1497
الموقع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة تعاليق : نبئتَ زرعة َ ، والسفاهة ُ كاسمها = ، يُهْدي إليّ غَرائِبَ الأشْعارِ
فحلفتُ ، يا زرعَ بن عمروٍ ، أنني = مِمَا يَشُقّ، على العدوّ، ضِرارِي
تاريخ التسجيل : 05/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | من الخرافة إلي الحداثة .. العلمانية هي الحل | |
ل : في القرن الخامس عشر، وتحديداً في الخامس من ديسمبر لـ عام 1484 أصدر البابا ” أنوسنت الثامن ” مرسوماً كنسياً يطالب فيه بملاحقة الساحرات الشريرات والمشعوذات، مستنداً علي النص القائل ” لا تدع ساحرة تعيش” . وعلي إثر هذا المرسوم اقتيدت ألاف النساء إلي حلقات التعذيب، في مشهد سيعجز حتماً عن تصديقه كل من يري في أدبيات المسيحية دعوة للمحبة والتسامح. لكن مسيحية اليوم ليست كمسحية العصور الوسطي، بل ليست هي علي الإطلاق. كانت أوربا وقتها، وقبلها بقرون، تؤمن بأن الأعاصير والزوابع والفيضانات تسببها ” النساء ” اللواتي لهن القدرة علي تسخير “القوي الشيطانية”، وأن الصواعق، التي كانت تسمي في هذا الزمن الغابر ” إصبع الله ” أو ” المدفعية الإلهية ” فيما بعد، تسببها خمس خطايا، أهمها التزوير في دفع العشور أي مستحقات الكنيسة من دخل الفرد. ولما حدث وأكتشف فرانكلين مانع الصواعق بعد هذا التاريخ بحوالي 300 سنة، رفضت معظم الكنائس استخدامه، بحجة أن استخدامه تدخل في المشيئة الإلهية. في ألمانيا وحدها، وفي 33 عام فقط، دُمر حوالي 400 برج من أبراج الكنائس، ولقي أكثر من 120 من قارعي أجراس الكنائس حتفهم. وفي المقابل صمد ” بيت للدعارة ” كان قد أستخدم مانع الصواعق، فاضطرت الكنيسة رغماً عنها قبول فكرة مانع الصواعق حتي لا يقال رضي الرب عن بيت الدعارة وغضب علي الكنيسة. في القرن السادس عشر، وبعد دراسة مستفيضة للأناجيل، خرج “جيمس أوشر”، رئيس أساقفة الكنيسة الأيرلندية، علي الأوربيين بنتيجة مفادها أن بداية خلق الكون كانت صباح يوم الأحد الموافق 23 أكتوبر لعام 4004 قبل الميلاد. وكان علي أوربا أن تعتمد هذه النتيجة وتؤمن بها .. لكن المشكلة أنه قبل 200 سنة من هذا الكشف الكنسي المذهل، كان الإنجليزي ” جون وايكلف” قد أثبت بالأبحاث العلمية الجيولوجية أن الأرض عمرها يزيد عن مئات الآلاف من السنين، فلم تستطع الكنيسة أن تغفر لهذا المتحذلق خطيئته التي أقترفها قبل قرنين من الزمان، فأمرت بنبش قبره، واستخراج ما به من رفات، وإحراقها، ثم أمرت ببعثرتها في مياه الأنهار والمحيطات، كي لا تظل الأرض ملوثة بزندقته وجراثيم أفكاره وهرطقاته ! لقد كان علم الجيولوجيا في ذلك الوقت يسمي في أوربا بـ ” المدفعية الشيطانية” .. ويالاكثرة مدافع الكنيسة ! والحقيقة أن المأساة كانت ضاربه بجذورها في أعماق التاريخ، أبعد كثيراً من القرن السادس عشر والسابع عشر، إذ قبل نهاية القرن الرابع الميلادي،كان “القديس أوجستين” قد أعلن للشعب المسيحي أن جميع الأمراض التي تصيب المسيحيين سببها ( الأرواح الشريرة ) أي الجان أو العفاريت، فظل الأوربيون علي مدار قرون طويلة يسخرون جهدهم لمطاردة العفاريت ..! في مطلع القرن السابع عشر ، وفي عام 1600 تحديداً، كانت الكنيسة تكتب كلمة النهاية لحياة ” جيوردانو برونو” البائسة، تلك التي عان فيها الأمرين، بداية من مطالبة العامة برأسه في باريس، وملاحقة القساوسة له في روما، واضطراره لتغيير مذهبه الديني مرتين في جينيف. وبعد ثماني سنوات من السجن في أحد الدهاليز المظلمة، اقتيد ” جيوردانو ” من محبسه إلي أحد الساحات، حيث ألاف الأوربيين يهتفون بموت الزنديق الكافر. بدأ القساوسة في استتابته فلم يتراجع وأصر علي كلامه، فقطعوا لسانه، وعلي احد الخوازيق الحديدية الساخنة أجلسوه، ثم أحرقوه حياً ! تري بأي تهمة قتلوه ؟! لأنه كان يقول أن الأرض ليست مركز الكون، بل هي الشمس. وأن الأرض تدور حول الشمس، وليس العكس !! كان استخدام التطعيمات أيضاً محظور ! إذ كانت الكنيسة قد أعلنت أن أمراض كالجدري والكوليرا، تلك التي كانت تحصد أرواح الأوربيين حصداً، إنما هي عقاب سماوي من الله بسبب خطايا المسيحيين، في صيغة متطابقة تماماً مع ما يردده مشايخنا إلي اليوم، ومن ثم فقد أصبح التدخل البشري بالتطعيم محرم شرعاً، وكان يعني تدخل في المشيئة الإلهية، من شأنه أن يتسبب في زيادة غضب الرب وانتشار رقعة المرض. لقد كان إيواء أحد المسيحيين لطبيب داخل منزله كفيل بأن يُلقي عليه قنبلة مشتعلة لإحراق بيته، تماماً كما حدث مع الدكتور ” بوليستون”. لم تعارض الكنيسة فكرة تشريح الجثث وحدها، بإعتبارها ستكون سبب في زيادة أهوال يوم القيامة، بل رفضت فكرة دراسة الأجرام المذيلة، أي المذنبات، كإحدي مواضيع علوم الفلك. وحتي نهاية القرن السابع عشر كان علي أساتذة الفلك أن يقسموا علي عدم إقتراف هذا الإثم. إذ كانت الكنيسة تعتبر تلك الأجرام قذائف من اللهب يقذف بها الرب من السماء كي يعبر عن غضبه واستيائه من هذا العالم الشرير !! لقد كانت أوربا – منارة العلم والحضارة – يوماً ما، أشد بقعة من بقاع الأرض محاربة للعلم والعلماء، كانت غارقة في جهلها وتخلفها كغرقنا نحن اليوم، بيد أنها أصرت علي مغادرة عصور الظلام بغير رجعة، فأتخذت العلمانية ديناً سياساً والليبراية مذهباً فكرياً. العلمانية هي الحل ! | |
|