03.01.2016
1. اخترت هذا العنوان بينما كنت أتابع وقائع مؤتمر الأ akمن 2016 في ميونخ ، وبالذات كلمات بعض عناصر " المجموعة الدولية الداعمة لسوريا "، حيث توقفت عند ماورد في مداخلة السيدديمتري مدفيديف رئيس وزراء روسيا الاتحادية من أن الطائرات الروسية لم تستهدف المدنيين في سوريا ، وأن مايشاع عن ذلك هو محض افتراء !!. كما وتوقفت عند ماورد في مداخلة السيد جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ، التي أكد فيها أنه لاغنى عن التعاون مع روسيا لحل مادعاه " الأزمة السورية " متجاهلاً الاحتلال العسكري الروسي لسوريا نفسه ، والإعلا ن الصريح لبوتن من أن الهدف الأساسي من التواجد العسكري الروسي في سوريا هو الدفاع عن " الرئيس " بشار الأسد ، الذي لم تمل الولايات المتحدة الأمريكية طوال أربع سنوات وعلى لسان أعلى المستويات فيها ، من وصفه بالرئيس غير الشرعي والذي عليه أن " يرحل " فوراً ، الأمر الذي يجعل من روسيا بوتين ، وفق هذا التصور الأمريكي ، خصما وليس حكما فيما يتعلق بحل" الأزمة السورية " .
2. في المؤتمر الصحفي لجون كيري وسيرغي لافروف ، والذي عقد في ختام مداولات المجموعة الدولية ال ١٧+٣ الداعمة لسوريا (!)، أشار جون كيري ، إلى أن هذه المجموعة الدولية المعنية بالشأن السوري ، قد أقرت خطة عمل تهدف إلى وقف الأعمال العدائية في سوريا بعد أسبوع من اليوم ( الجمعة 12.02.2016). والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو ،هل تشمل هذه الأعمال العدائيةالتي تشير إليها خطة المجموعة الداعمة لسوريا القصف الروسي للمدنيين وللمعارضة المعتدلة ؟ أم أن الباب ترك مفتوحا لمختلف التفسيرات ، بما فيها التفسيرات الروسية ، التي عبر عنها وزير الخارجية الروسية السيد لافروف ، بنفس المؤتمر الصحفي الذي عقده مع زميله كيري،ب : (أ) ضرورة استئناف المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيفدون شروط مسبقة ، ( ب) ضرورة إشراك الآخرين الذين لم يتم استدعاءهم في المرة السابقة ، (ج) إن وقف إطلاق النار لايشمل كلا من " داعش ، وجبهة النصرة ، وغيرها من التنظيمات الإرهابية " ، (د) ولذلك فإن الطائرات الروسية سوف تتابع قصفها لهذه المنظمات ، (هـ) حذر لافروف أيضاً من مغبة تحويل عملية الانتقال السياسي في سوريا إلى انقلاب على النظام تدعمه القوى الأجنبية ( كما لو كان هو قوة محلية !! ) ، ذالك أنه على السوريين أن يحلوا مسألة انتقال السلطة بأنفسهم ( كلمة حق يراد بها باطل ) ، (و) كما سخر من المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بإعلانها عن نيتها القيام بعملية عسكرية ضد داعش داخل سورية ، (ز) وحذر تركيا من أية محاولة عسكرية ضد سوريا ،
(أ حرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟ )
3. يحرص بعض الكتاب ( العرب وغير العرب ) سواء عند ظهورهم على الهواء في بعض الفضائيات أو فيما ينشرونه في الصحافة الورقية أو الإلكترونية على أن يؤكد على أنه لايقبل ولا يؤمن ب " نظرية المؤامرة " ! . وهنا أريد أن أتفق ( جدلاً ) مع هذا البعض فيما يذهبون إليه من عدم وجود أي تآمر بين الدول الكبرى المعنية والمعروفة حول ماجرى ويجري في سورية ، ولكني سأطرح على السادة منكري " نظرية المؤامرة " التساؤلات التالية وجميعها تدور حول مارأيته وما سمعته بنفسي ( (بصورة مباشرة أو غير مباشرة ) من المجتمعين في ميونخ ، حول بلدي سوريا :
> هل إن رئيس وزراء روسيا الإتحادية السيد ( مدفيديف ) عندما قال على الهواء وأمام مؤتمر ميونخ بطوله وعرضه أن الطائرات الروسية لا تقصف المدنيين السوريين كان صادقا أم كاذبا ؟ ، وإذا كان كاذباً فهل كان يعرف أن يكذب ؟
> هل إن إشارة السيد جون كيري في مداخلته المطولة أمام مؤتمر ميونخ إلى أن القصف الروسي يقوم بضرب المعارضة المعتدلة بدلا من داعش ، يعفيه من تجاوزه جوهر الإشكالية ، والذي هو : لماذا تتواجد هذه القوات الروسية ( الأجنبية ) في سورية أصلاً ؟ .
الروس يقولون أن قدوم قواتهم العسكرية إلى سورية كان بطلب من "رئيس شرعي " ( يقصدون الرئيس الوريث ) ، ولذلك فإن تواجدهم العسكري في سورية هو تواجد شرعي ، أما الأمريكان ومنهم السيد جون كيري نفسه لم يملوا ( كما ذكرنا سابقاً ) على مدى أربع سنوات من القول بأن بشار الأسد " فقد شرعيته " و أن عليه أن " يرحل " ، بل إن رقم ضحايا بشار ( وحلفائه ) قد ورد على لسان جون كيري نفسه في مداخلته إياها ألا وهو( 400000 ) شهيد ( الرقم لكيري والوصف للكاتب )،
ألا يجعل هذا الرقم ( ، وبغض النظر عن أن الرقم الحقيقي وفق العديد من الإحصائيات وبما فيها إحصاءات الهيئات الدولية هو أكبر بكثير ) من شرعية بشار الأسد التي يتمسك بها الروس ، أثرا بعد عين .
> وإذا كان جون كيري صادقا فيما يقوله حول الدور الروسي السلبي في سوريا ، سواء في قصف طائراتهم للمدنيين وقتل العشرات منهم يومياً ، أو في قصفهم للجيش الحر وقوات المعارضة المعتدلة بدلاً من داعش ( وهو صادق فعلاً هنا ) ، فلماذا لم يتعرض لعدم شرعية التواجد الروسي في سوريا من حيث الأصل ، ولماذا لم يطالب روسيا بحسب قواتها من سوريا وترك السوريين يحلون مشاكلهم بأنفسهم ، واكتفى بنقد الممارسات العسكرية الروسية الخاطئة فقط ؟ .
أخشى أن تكون ثورتنا السورية وشعبنا السوري ، أمام مؤامرة دولية مكتملة الأركان تذكر بمؤامرة ١٩٤٨ على الشعب الفلسطيني .
5. إن ماقاله ويقوله بعض المحسوبين على الثورة ، بل والذين عادة مايطلق عليهم " أصدقاء الشعب السوري " حول سوريا إنما يدخل ، من وجهة نظري ، ليس في باب " المؤامرة " وحسب ، وإنما في باب"الكذب" أيضاً . حيث يمثل الكذب هنا ورقة التوت التي يحاول بها المعنيون ستر عورات و مواقف أنظمتهم المحسوبة على الديموقراطية وحقوق الإنسان ، من نظرة طفل سوري أو طفلة سورية فقدا أبويهما تحت الدمار الذي خلفه قصف طائراتهم وصواريخهم وبراميلهم ، وهما ينظران إليهم ، نظرة ملؤها ال" ياحيف " ، ويقولان لهم بصوت طفولي خجول ،يكفي الصمت والسكوت على جرائم بشار الأسد ومرتزقته أيها الأصدقاء . وليعلم الحاضر منكم الغائب ، أن السكوت عن مثل هذه الممارسات الهمجية في سوريا طيلة خمس سنوات من القتل والتدميروالتهجيروالتغريق والإبادة الجماعية وانتهاك حقوق الإنسان ،إنما هو " أيها الأصدقاء " سكوت عن الحق ، وإن الساكت عن الحق شيطان أخرس . ورحم الله المتنبي في مخاطبته لسف الدولة الحمداني في لاميته:
وسوى الروم خلف ظهرك روم فعلى أي جانبيك تميل ؟!
فيا أ طفال سورية اتحدوا .