** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
من العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 من العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
" ثــــــائـــــــــر منضبــــــــط"
من العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب Biere3
Admin


عدد الرسائل : 329

تعاليق : الحقيقة عنوان الحياة..!
تاريخ التسجيل : 01/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 21

من العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب Empty
08022016
مُساهمةمن العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب

من العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب
.محمد الطوزي 30 أكتوبر 2015 في دراســات أضف تعليقا

(ترجمة سليم حميمنات)
أضحت السمة الدينية للسلطة الملكية المغربية، اليوم، مسألة مألوفة في تجلياتها العامة. فالأنتروبولوجيون، وعلماء السياسة، والمؤرخون، وعلماء الاجتماع ما فتئوا يركّزون على خصوصية حرصت جل النخب السياسية المتحالفة مع الملكية؛ سواء تعلق الأمر بوطنيين يساريين أو محافظين، بملكيين ليبراليين أو إسلاميين، على الحفاظ عليها بعناية. ترجع علاقة الملكية بالإسلام والوطنية إلى عهد الحماية، وقد تم تفعيل هذه العلاقة من جديد مع نيل الاستقلال من خلال إعادة تنشيط أنماط المشروعية التقليدية للسلطة في الإسلام وفي مقدمتها البيعة أو الإمامة. وإلى اليوم، لا ترى النخب السياسية أي تعارض بين المطالبة بنظام سياسي حديث- ملكية دستورية بل وحتى برلمانية- وبين إمارة المؤمنين التي ترتبط بالمرجعية الدينية دون غيرها. وقد تمّ توطيد هذه الخصوصية المتميزة في الدستور الجديد المصادق عليه في يوليوز 2011، والذي برغم سياقه السياسي، والذي طبعه “الربيع العربي” والحركية غير المسبوقة التي أطلقتها “حركة 20 فبراير” التي رفعت شعار الملكية البرلمانية، فإنه عاد لينص مجددا على المرتكزات الدينية الأساسية للنظام. إذ رغم تقسيم الفصل 19 إلى فصلين (41 و42) والتخلي عن الصيغة القديمة التي كانت تنص على قدسية شخص الملك، فقد تم الحفاظ على المكانة السامية للملك حيث تم تعزيز موقعه داخل الحقل الديني من خلال الدور الرئيس الذي منح للمجلس العلمي الأعلى التابع له، والذي تمت دسترته مدعوما بالقراءات المحافظة وكذلك من طرف القانونيين الذي وضعوا النص الدستوري.
وقد أسهمت الظرفية السياسية الراهنة في تحويل هذه المكانة الدينية التي يتمتع بها الملك إلى رافعة لامتلاك رؤية إصلاحية للحقل الديني، وفك التداخل الحاصل بين المجالين الديني والسياسي، هذا في الوقت الذي تسعى فيه القوى الإسلامية إلى إلغاء الحدود الفاصلة بين المجالين. ويحاول بعض السياسيين إعادة التفكير في العلمانية لكن من دون القطع مع خصوصية الملكية في الربط بين المجالين الديني والسياسي. بمعنى أن حيادية “السياسي” تجاه “الديني” تلزم جميع الفاعلين السياسيين عدا المؤسسة الملكية. دفع مأزق اليسار بخصوص مسألة الفصل بين السلطات ببعض المنظرين الشباب والأكثر جرأة إلى استبدال مفهوم العلمانية (Laicité) بمفهوم الدنيوية (Sécularité). وهكذا فالملك عليه أن يغادر الحقل السياسي وأن يقتصر حضوره داخل الحقل الديني فقط، بما يشبه إلى حد ما وضعية البابا في الديانة المسيحية. يعلق بلال في هذا الصدد:
’’إن الانتقادات الموجهة لهذا النظام لا تتعلق قط بقدسية الملكية ولا بطابعها الثيوقراطي-السياسي في حد ذاته، ولكنها موجهة أساسا لتركيز السلطات بين يديه. لنذّكر بمسألة واضحة: إنهاء الحكم الملكي وإقامة جمهورية ليست دائما خطوة ضرورية ولازمة للانتقال إلى الديمقراطية. يمكن للمغرب أن ينعم بديمقراطية تمثيلية مع الاحتفاط بالنظام الملكي، شريطة أن يكتفي الملك بوظيفة رمزية وأن تصبح الحكومة منتخبة ومسؤولة أمام الشعب-الناخب الذي يعتبر مصدر السلطة الحقيقية. وفقا لهذه الصيغة، سيقتصر دور “أمير المؤمنين” على وظيفة التوجيه الروحي دون التدخل في الشؤون الزمنية. وبتعبير أخر، على الملكية التخلي عن القيصروية من أجل البابوية. الأمر الذي يفضي بنا إلى صيغة مفارقة: الملكية العلمانية هي ملكية دينية خالصة حصرا” .
ولربما نسي الكاتب أن المجالين يخضعان في الواقع للتراتبية، وأنه لا يوجد دور ديني بشكل خالص حتى عندما يتعلق الأمر بتدبير البيروقراطية الدينية، أو بتحديد الأرثدوكسية المرجعية، أو عند اقتراح ممارسة التحكيم وفاء لتقليد الأنساب الشرفاء المسالمين والفقراء الذين كانت القبائل المتنافسة حول موارد الرعي تلجأ إليهم . كما نسي أيضا بأنه في إطار التنافس بين الشرعية الانتخابية والشرعية “الدينية”، فمتغير الزمان يرجح كفة الأولى لاسيما وأن قسما كبيرا من النخب، فضلا عن العلماء (مثل عبد الكبير العلوي المدغري وأحمد التوفيق )، ما فتئوا يدافعون، في كل مرة تسمح لهم موازين القوى بذلك، عن فكرة أن الدستور لا يمكنه أن يكون المصدر الوحيد للسلطة وأنه يتوجب تعزيزه بالبيعة باعتبارها الميثاق الأصلي المؤسس.
لم تستطع لجنة تعديل الدستور، تحت الضغط الهائل الذي مارسه تحالف ذو مصالح متناقضة يوحده التخوف من الإسلام الراديكالي، سوى تعزيز احتكار الملكية للدين. لقد عكست اللجنة في واقع الأمر صدى الفكرة اللامعة المشار إليها أعلاه، التي اقترحها السياسي الشاب دفاعا عن المشروع السياسي لحزبه “التقدم والاشتراكية” وريث الحزب الشيوعي المغربي، أي: “ملكية علمانية ذات صبغة دينية صرفة على وجه الحصر.” لقد رأت الأحزاب “الحداثية” في هذه الصيغة وسيلة للحد من نفوذ الإسلاميين والمحافظين، في حين كان حزب العدالة والتنمية يعتقد أن البعد الديني للملكية سيقوي الارتباط بالإسلام ويوجب على الملك التزامات تجاه الحركات التي تتحدث باسم الدين. فمن الآن فصاعدا، صار هذا الاحتكار ممأسسا من طرف الدستور. فالوضعية الغامضة لـ”أمير المؤمنين”، والتي خلقت في عهد الحسن الثاني كتعبير عن تقليد دنيوي، أصبحت بقوة النص السلطة الوحيدة التي يمتلكها الملك خارج علاقاته مع المؤسسات الدستورية الأخرى (الفصل 41).
إن الانتقال من وضع قائم بفعل الواقع أو التقاليد إلى وضع مؤطر بفعل القانون، يغير من الآن فصاعدا الطرق التي أصبح الملك يحتكر بواسطتها هذا الحقل، كما أن الأشكال التي كانت محسوبة على الموروث والعلاقة البين-شخصية صارت بعد الآن معقلنة بواسطة المأسسة البيروقراطية. فالسيرورة البيروقراطة، بواسطة الصيغ والشكليات التي وصفتها بياتريس هيبو Beatrice Hibouبشكل عام، تمس الحقل الديني على مستويين، الأول إيديولوجي والآخر له علاقة بالبراكسيولوجيا . يتجلى المستوى الأول في انتاج مرجعية حصرية تحدد شكل وخلفية النهج الارثدوكسي الذي يقوم عليه الإسلام المغربي. تغطي هذه المرجعية مجالات العقائد والإنتاج الفقهي، خصوصا الفتوى، وذلك من أجل وضع النظام السياسي في منأى عن فاعلي الإسلام المعولم والعلماء المنفردين والمتمردين الذين يشكلون امتدادا واستمرارية لنهج العلماء “الأحرار والخوارج” . كما يسهم تحديد هذه المرجعية كذلك في تحصين النظام من المحاولات التغلغلية لبعض الدول مثل المملكة العربية السعودية وإيران. أما المستوى الثاني، فيتمحور أساسا حول الممارسات الدينية، وهو يرمي إلى مركزة المرجعيات المؤطرة للشعائر التعبدية والأنشطة التي تتطلب، بشكل يومي، تأهيلا فقهيا. والهدف من وراء “إعادة الهيكلة” هذه، ضبط الحقل الديني ونزع فتيل التمرد عند العلماء والاحتماء من الإسلاميين والسلفيين المحليين وتحييد اختراقاتهم. في الواقع، هذه السياسة ليست ناجعة تماما إذا ما قورنت بـالسياسات الضخمة التي تنهجها الدعاية الوهّابية (العربية السعودية وقطر) والحماس النضالي للسلفيين المحليين المساندين من قبل عشرات شيوخ الشبكة العنكبوتية الذين يتقنون جيدا التقنيات الخطابية الأكثر تطورا. لكن من المهم تحليل عملية إعادة هيكلة الحقل الديني الجارية لكونها، بالرغم من أنها مكلّفة وتناقض الثقافة السياسية للمخزن، تدل على بروز هذه الروح البيروقراطية وتوسعها.
مملكة، دولة وعقيدة
تميزت مؤسسة العلماء عبر التاريخ بقدرتها على التموقع كسلطة مضادة تثير الخشية عند كل مرة تدعي السلطة المركزية التحدث بإسم الدين. فميلهم إلى القبول بموازين القوة وتفضيل الخضوع والانحياز للنظام القائم على التمرد، مهما بلغت درجة شططه، لم يكن يدل دائما على خضوعهم اللامشروط، فقد كانوا يلوحون باستقلاليتهم في كل مرة تسمح لهم الظروف بذلك. وقد ساهمت محطة 11 شتنبر، وخصوصا تفجيرات البيضاء (16 ماي 2003) ومدريد (11 مارس 2004) في نقل الدين من فضاء المشروعية إلى فضاء الأمن، جاعلة من الضروري بلورة سياسة دينية إرادوية. فالمغرب، من خلال ملكه، أخد من الآن فصاعدا يبرز خصوصيته واستقلاليته الدينية بتأكيد تشبته بالمذهب المالكي، الأمر الذي يعني أخذ مسافة عن المذهب الحنبلي . لقد أظهرت تفجيرات البيضاء أن السياسة الدينية للحسن الثاني قد بلغت منتهاها أمام ضغوط الإسلام المعولم المسنود بقوة من طرف الوهابية. وقد شكل هذا المعطى تقويضا لعدد من المقولات السياسية من قبيل “الاستثناء المغربي” في العالم العربي، و”إمارة المؤمنين كعامل كابح للإسلاموية”، وقدرة السلطات على إدماج الأصولية ووضعها تحت المراقبة، والطبيعة اللاعنفية للمجتمع المغربي، والتعايش المنسجم بين المجموعات المحلية، وحصانة البلاد من الاضطرابات التي تشهدها دول المغرب الكبير اﻷخرى. في الواقع، هذه الأساطير السياسية -المقترنة بإيمان شديد بعبقرية وطنية تحيل بدورها إلى وطنية شديدة الحذر كما جسدها الحسن الثاني- والتي انبثق عنها التوافق السياسي بين 1980 و2002 – ظهر أنها أضحت مستنفدة .
لقد ساهمت هذه الأزمة الحادة في التشكيك في استقرار النظام القائم وفي مشروع الاندماج السياسي للإسلاميين المعتدلين، كما خلفت موجة من الاعتقالات شملت حوالي 3000 سلفي. لقد كان النظام مجبرا على التصرف بهذه الطريقة، لاسيما وأن الملك الجديد في تلك الفترة كان على وشك إنهاء الفترة الاختبارية ولجوئه إلى التدخل لتقييم تركة سلفهDroit d’inventaire ، وهو الأمر الذي قاده إلى إعفاء وزير الداخلية القوي إدريس البصري، وتغيير الحكومة التي ورثها عن أبيه، والاستفادة من خدمات التكنوقراط حتى في مجال تدبير الحقل الديني. فكرد فعل على التفجيرات المشار إليها، وموازاة مع مختلف الأوراش الحكومية التي تم إطلاقها (في مجالات محاربة الفقر والسكن العشوائي، وإصلاح الأمن الوطني والعدالة والتعليم..)، فُتح نقاش عريض في الصحافة ووسائل الإعلام والشارع حول مختلف الجوانب المتعلقة بالشأن السياسي-الديني خاصة مسألة العلاقة بين الدولة والدين، والحركات الإسلامية، والتعليم الديني، والمساجد والخطب، والعلمانية.
لمواجهة العديد من التحديات المستجدة، تمّ اتخاذ العديد من الإجراءات من قبيل إعادة هيكلة الوزارة الوصية، وإعادة النظر في مجالس العلماء وإصلاح التعليم الديني. كما استهدفت التدابير الجديدة مراجعة سياسة تدبير المساجد حيث تمّ خلق مديرية خاصة بها داخل وزارة الأوقاف، وقد شهدنا توقيف عدد من الخطباء كما تمّ القضاء على المساجد “الفوضوية” و”العشوائية”. ولعل التسريع بهذا المسار صار ممكنا بفضل المسلسل التكنقراطي الذي انطلق مع تعيين ادريس جطو على رأس الحكومة. ففي 7 نوفمبر 2002، أي شهورا قليلة قبيل تفجيرات البيضاء، اختار الملك عدم تجديد الثقة في الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي رغم أن حزبه هو الذي كان قد حاز الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية. وقد فضّل عليه شخصا أخر غير متحزب -إدريس جطو- الذي حافظ في حكومته على وزراء سياسيين رغم أنه قدّم نفسه كتكنقراطي. وقد حمل هذا الأخير معه أحمد التوفيق لشغل منصب وزير الشؤون الإسلامية. ومن خلال المسار المهني لهذا الأخير، يتبين أنه نتاج خالص للحراك الاجتماعي ومدرسة الاستقلال. فهو خريج سابق لمسيد قروي ببادية في الأطلس المتوسط، وهو يجسّد تماما صورة “الطالب الحاذق” Taleb roublard. اشتغل التوفيق أستاذا للتاريخ في جامعة محمد الخامس، ثم مديرا للمكتبة الوطنية، كما اشتغل محاضرا في جامعة هارفرد التي كان يتردد عليها كأستاذ زائر. وهو أيضا روائي موهوب وعارف جيد بخفايا الصوفية، إذ انتمى للبوتشيشية منذ وقت مبكر، حيث وجد نفسه جنبا إلى جنب مع رفيقه المريد الشيخ عبد السلام ياسين (مؤسس جماعة العدل والإحسان) الذي تعّرف عليه أولا في مراكز تكوين المعلمين وفي طريقة مداغ. وإذا كان أحمد التوفيق يرمز نوعا ما للأنموذج المثالي للمسلم البربري المغاربي كما استحضره ذات مرّة جاك بيرك ، فهو كذلك كان مهيئا للتفكير في هذا الإسلام المغربي الجديد الذي سيشكل أحد العناوين الإيديولوجية البارزة للنظام الحالي.
وبالفعل سيبلور التوفيق تصورا لما سيسميه هو بنفسه “إعادة هيكلة الحقل الديني”، حيث سيقترح هندسة جديدة متمحورة حول عقيدة موحِدة، ومجلس للعلماء في خدمة النظام، مع تحييد الهيئات المستقلة للعلماء. قام بعدة ترتيبات تتوخى احتواء رابطة العلماء من الداخل ، ووضع تصور لإصلاح عميق للوزارة بتعبئة موارد القطاع العام وأيضا القطاع الخاص وذلك بهدف “تأميم” كل الأجهزة الدينية (لاسيما شبكة المساجد الخاصة) وتحويل عشرات الآلاف من أولئك الذين كانوا يشتغلون لفائدة الساكنة المحلية إلى موظفين تابعين للدولة.
العقيدة المبرقرطة
من خلال موقعها الإلكتروني، تركز وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقوة على خصوصية الإسلام المغربي الذي يتميز عن باقي الدول الإسلامية باستناده على ثلاثة مرتكزات: عقيدة ومذهب وطريقة تدّين (تعلي من شأن الروحانية). فقد أصبحت الصيغة المكثفة: “العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والطريقة الصوفية”، شعارا تماثل أهميته الشعار الشهير “الله، الوطن، الملك” الذي ظهر غداة نيل الاستقلال لتحديد هوية الدولة-الأمة المغربية. برزت الصيغة الجديدة في سياق معروف يتعلق بمواجهة الجهادية، حيث تمت مساءلة سياسة المغرب تجاه الوهابية التي كانت إلى حدود تلك الفترة متساهلة إن لم نقل متواطئة في بعض الأحيان.
في الواقع، كان حضور السلفية بالمغرب خلال الستينات هامشيا ومحدودا محليا، وكانت ميزتها على الخصوص إظهار نوع من التقوى غير المتسيسة التي كانت تناسب تماما السلطة. وقد جسدتها شخصيات رمزية مثل تقي الدين الهلالي، الذي ينحدر من مدينة مكناس واشتغل لمدة طويلة أستاذا بالمدينة المنورة بعد مروره من راديو برلين تحت الحكم النازي، وكذلك عائلات معروفة بانتمائها السلفي مثل عائلة بنصديق والإخوان البقالي من طنجة، وعائلتا الريسوني وبوخبزة من تطوان. فكل هؤلاء كانوا يدرسون الحنبلية ويجاهرون بها دون أن يشكل ذلك أي إزعاج للسلطة. بل على العكس من ذلك، فهذه الأخيرة كان بإمكانها أن توظفهم عند الضرورة ضد بعض التيارات الدينية كما هو الشأن بالنسبة لحالة التبليغيين الذين خصص لهم الهلالي كتيبات تنتقدهم، أو كما هو الشأن بالنسبة لعبد السلام ياسين الذي هاجمه المغراوي بلهجة شديدة.
غير أنه وبعد وقوع أحداث البيضاء المؤلمة، بدا أن الحديث الغامض عن السلفية كإيديولوجية، والذي كان يدعي أنها مجرد استمرارية للسلفية الوطنية التي جاءت مع بوشعيب الدكالي أو علال الفاسي، لم يعد يحظى بموافقة السلطة ودعمها، وبالتالي كان الصدام مع السلفية (الأولى) أمرا حتميا. لكن موازاة مع ذلك، كان من الصعب جدا بل وغير ممكن رفض المملكة للجهات المانحة السعودية وإدارة ظهرها للأخ الوهابي الكبير، رغم أن المئات من دور القرآن التي كان يشرف عليها المغرواوي بدعم من السعودية قد تمّ إغلاقها . لقد كان المغرب مكرها على إنتاج ارثدوكسية تسمح للسلطات، تقنيا، بتبرير القمع الشديد تجاه مواطنيها المغاربة، وتضعف في نفس الوقت تلك الإيديولوجية في جوانبها الإجرائية التي أعيد إنتاجها على جميع مستويات البيروقراطية الإكليركية، تاركة مساحة قليلة للارتجال والتعلم عند الممارسة أو تعبئة التقاليد الموروثة.
فالفتوى حول “المصلحة المرسلة في علاقتها بقضايا تدبير الشأن العام” الصادرة بتاريخ 12 أكتوبر 2005، والتي شكلت فاتحة عمل المجلس العلمي الأعلى، كانت تتعلق بشكل غير مباشر بطلب يدخل في دائرة اختصاص القانون العام حول مجالات عادة ما يكون لرجال الدين كلمة بخصوصها. فالعقيدة الأشعرية المتبناة هي جد محافظة، لكنها تتميز بنوع من الازدواجية عند قراءتها النصوص، إذ تسمح بتعبئة المنطق الظاهري وكذلك استعمال عقلانية يضبطها النص. وهذا الخيار يضيّق من إمكانات الاجتهاد الفردي، ويجعل من كل تفسير تجديدي غير مألوف خطوة كبيرة تتطلب دعم الأمير وكفالته. وقد ذهب العلماء المغاربة أبعد من ذلك بمنح السلطان شيكا على بياض، وذلك بالدفاع “بدهاء” عن “الإمامة الكبرى” خلال النقاش حول الدستور الجديد، حيث تجاوزوا النظرية التقليدية التي تجعل من الخليفة مجرد منفذ ليس له أي اختصاص معياري أو تفسيري.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saraibda3.ahlamontada.net
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

من العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

من العلماء المتمردين إلى بيروقراطية “الإيمان” : حلقات مسلسل معلن لإعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الحقل الديني وديناميكيته من منظور علم الاجتماع المعاصر خالد يايموت
» التفكير التحليلي يقوض أسس الإيمان الديني
» الإيمان والعقل: هل يمكن عقلنة الخطاب الديني؟
» قراءة في مؤتمر جامعة حيفا: الإيمان الديني والصراع العربي – اليهودي
» في هذه الأيام التي يقف فيها الشعب الليبي بصدره العاري في وجه فلول نظام لا يستحق أن يعيش 42 يوماً وليس 42 سنة، يقف الأحرار في جميع أنحاء العالم إلى جانبه في عزمه الأكيد على التخلص من هذا "العيب" التاريخي! هذه حلقة جديدة من حلقات مسلسل تصفية شعوب المنطقة لح

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: