** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الحداثة في فهم الدين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الكرخ
فريق العمـــــل *****
الكرخ


عدد الرسائل : 964

الموقع : الكرخ
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

الحداثة في فهم الدين Empty
11082015
مُساهمةالحداثة في فهم الدين

الحداثة في فهم الدين

الحداثة في فهم الدين 150966_528314497199315_2056410789_n(1)

ماهر عبد الله:

أعزائي المشاهدين، سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحبًا بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة) هذه الحلقة نخصصها لهذا اليوم لموضوع لربما كان من أشد المواضيع التصاقًا بما يجري على الساحة الثقافية والساحة الإسلامية الثقافية تحديدًا، هو موضوع الحداثة والمقاربات التي تستخدم لفهم الدين، لفهم الحياة للرقي بالإنسان تنمية وتعليمًا وتثقيفًا.
مشروع الحداثة فُهم منذ بداية هذا القرن على أنه مشروع مناقض بالضرورة للمشروع الديني، وتحديدًا للإسلام، حاول البعض أن يجعل من الحداثة عقيدة تحل محل الدين، محل الإسلام في الفضاء العام في عالمنا العربي والإسلامي أسوة بما حدث في أوروبا، نجحت في بعض الأقطار وإن كان نجاحًا مشوبًا بالكثير من الخلل، وفشلت في أقطار أخرى.
لمناقشة موضوعة الحداثة، علاقتها بالأخلاق، ومن ثم علاقتها بالدين يسعدني أن يكون معي لهذا اليوم الدكتور (طه عبد الرحمن).

والدكتور طه عبد الرحمن حاصل على الدكتوراه في علوم الفلسفة والمنطق من جامعة (السوربون) في باريس، كما أنه أستاذ للمنطق ولفلسفة اللغة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة (محمد الخامس) بالرباط، وهو أستاذ زائر في العديد من الجامعات العربية، لعل أشهرها جامعة (صفاقس) بتونس وجامعة آل البيت بعمان، له مجموعة من المؤلفات في الفكر والفلسفة وفلسفة اللغة، كما أنه حاول في إدخال الكثير من التجديد على تدريس المنطق وأساليب تدريس اللغة العربية ولا سيما تجديد دراسة التراث الإسلامي.

دكتور (طه عبد الرحمن) أهلاً بك في هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة.

لو ابتدأنا بداية - وأنتم الأكاديميين تحبون موضوعات التعاريف - ما الذي تقصده بالحداثة بداية؟

د. طه عبد الرحمن:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه الأكرمين، وبعد.. أشكر لقناة الجزيرة دعوتها لي للمشاركة في هذا البرنامج المتفرد والذي يسعى إلى عرض قضايا العصر على محك الشريعة الإسلامية.

وطبعًا موضوع الحداثة موضوع شائك.. فالمفهوم أولاً: هو مفهوم - كما يقولون - ليس مفهومًا صلبًا، بمعنى أن معناه ليس محددًا تحديدًا نهائيًّا ولا متفقًا عليه اتفاقًا كليًّا، ولا هو مفهوم - كما يقولون أيضًا - رطبا يعني, بمعنى أنه يجوز أن تعطيه أي معنى تريد، وإنما هو مفهوم مرن أي: مفهوم مجمل.

ماهر عبد الله:

لأغراض هذه الحلقة نريد تعريفك أنت للحداثة.

د. طه عبد الرحمن: 
ففي نظري الحداثة بالنسبة للمفاهيم المرنة، مثل هذا المفهوم هو أن نرجع إلى سياقها،إلى سياقها, وسياقها يمتاز بأحداث معلومة، فيمكن القول بأن الحداثة هي نمط حضاري, نمط حضاري, أخذ يقوم في المجتمع الغربي منذ بداية القرن الـ16 مع النهضة والإصلاح الديني، وعرف هذا النمط رسوخًا مع الأنوار, مع حركة الأنوار، ومع الثورة الفرنسية، ثم أخذ يتوسع مع الثورة الصناعية والثورة التكنولوجية، وهاهو اليوم يسع, يكاد أن يسع العالم كله مع ثورة الاتصالات.

فإذن الحداثة بالنسبة لي هي جملة التحولات العميقة التي طرأت على المجتمع الغربي منذ خمسة قرون، ولكن السمة المميزة لهذه التحولات هي أنها تحولات إنمائية تراكمية، بحيث نقلت المجتمع الغربي من طور حضاري من طور التقدم الحضاري إلى طور يعلوه تقدمًا، وهذه الصفة أساسية.

ثم السمة الثانية لهذه الحداثة هي أنها تحولات, تحولاتها تحولات داخلية، يعني أن الغرب هو الذي قام بهذه التحولات من ذاته وبمقتضيات مجتمعه، وليست حداثة واردة عليه ولا مفروضة عليه.

بمعنى آخر: أننا أمام ظاهرة تراكمية داخلية، وهذه السمة التي تجمع بين التراكم أو الإنماء وبين التلقائية أسميها أنا شخصيًّا بالإبداع. فالحداثة في الحقيقة, مظهرها الأساسي, أو الخاصية الأساسية, أنها جملة الإبداعات التي جاء بها الإنسان الغربي، ولذلك, ولذلك - في نظري - ينبغي تعميم هذه الخاصية، فتكون الحداثة أو الخاصية المميزة للحداثة أن تكون عطاءً مبدعًا، فأينما وجد العطاء المبدع فثمة حداثة.

ماهر عبد الله:

اسمح لي سنعود بلا شك لموضوعة الإبداع، كونك ذكرت مجموعة من السمات: استمرارية، تراكمية، ثمة, يعني, سمتان في ثقافتنا العربية تتداعيان إلى الذهن عندما نتحدث عن الحداثة أو على الأقل في توظيفها في مواجهة الدين.

الصفة الأولى العلمانية والصفة الثانية العقلانية، أنا أعتقد أننا سنعرج على العقلانية، لكن هل ثمة ارتباط في هذه التراكمية التاريخية بين الحداثة والعلمانية؟

د. طه عبد الرحمن:

أولاً: يمكن أن نقول بأن الحداثة كانت لها عقيدة، كانت لها عقيدة كما لها واقع ولها تاريخ، فعقيدتها تنبني على مبادئ ثلاث منها المبدآن:

مبدأ العقلانية والمقصود به عندهم هو الاهتمام بالعقل وحده، بمعنى آخر أن العقل هو السلطان الداخلي الذي يملكه الإنسان للحكم على جميع الأشياء كيفما كانت، وللعمل وفق هذا الحكم، فإذن بمعنى هذا أن هذه العقلانية وخاصيتها - كما تلاحظون - أنها موقوفة على الإنسان، يعني, وإيقافها على الإنسان يجعل أنها تـتنافى مع الوحي، مع الرسالة، بمعنى أن السلطان الذي ينبغي للإنسان أن يأخذ به في حكمه على الأشياء هو العقل وحده، وليست الرسالات، وليس الوحي.

هذه نقطة أساسية، فإذن مبدأ العقلانية بهذا النوع أنا لا أسميه عقلانية، أسميه تجريدية، لأن التجريدية هي الاشتغال بالعقل دون الاشتغال بالوحي، يعني عقلانية الحداثة بهذا المعنى عقلانية مجردة، وتجريديتها آتية من كونها تريد أن تكون اشتغالاً بالإنسان وكفى، هذا عن المبدأ, مبدأ العقلانية المجردة.

ثم المبدأ الثاني الذي قلتم: مبدأ العلمانية.

وأولاً: أريد أن أصحح وأرجو وأعتبر أن هذه التسمية خطأ، كما أن التسمية الأخرى (العَلمانية) خطأ، أولاً: العِلمانية (بالكسر) تفيد أن الحداثة تتبع طريق العلم في كل شيء، هذا مفهومها في اللغة العربية، وليس المقصود وليس هذا المدلول يوجد في مقابلها الأجنبي على الإطلاق، بينما المراد في المصطلح الأجنبي هو الاهتمام بأمور الدنيا دون الاهتمام بأمور الآخرة، هذه نقطة.

أما العَلمانية فأيضًا لا تجوز، لماذا؟ لأن العلمانية من العلم، والعلم هو العالم، والعالم يحمل معنى العلامة، والعلامة تشير إلى صاحبها، يعني تشير إلى دلالة غيبية، هذا لا يمكن أن يقبل به الحداثيون في عقيدتهم.. فإذن في نظري التسمية الصحيحة لهذا المبدأ ليس مبدأ العِلمانية ولا العَلمانية، وإنما مبدأ الدنيوية، يعني التعلق بالدنيا والاهتمام بالدنيا وحدها دون الاهتمام بالآخرة..

(فاصل إعلاني)

مولانا قبل الفاصل كنت ذكرت الدنيا في معرض الاتهام، العقلانية هي سلطان داخلي للإنسان من حيث هو إنسان ولا آخرة، اهتمام بأمور.. العلمانية اهتمام بأمور الدنيا، يعني, أين الخلل في الاهتمام بأمور الدنيا بهذه الطريقة؟

د. طه عبد الرحمن:

أولاً: مبدأ العقلانية يُخل، العقلانية كما سميته بمبدأ التجريدية هذا المبدأ يخالف مبدأ الإيمان بالرسالة، لأنك لاتتخذ سلطانًا في حكمك على الأشياء غير العقل والسلطان الوحيد الموجود مقابلاً للعقل في الحكم على الأشياء بالنسبة للمسلم هو الرسالة، هو الوحي، فإذا هنا الخلل يقع. ثم النقطة الثانية من حيث مبدأ ما أسميته مبدأ الدنيوية والآخرون يسمونه مبدأ العلمانية، الخلل موجود في كون قصر الاهتمام على الدنيا دون الآخرة، بمعنى أن التفكير في الدنيا ينبغي أن يستقطب كل اهتمام الحداثي، ولا يهمه مبدأ الآخرة، فإذن الخلل موجود في قصر الاهتمام على الدنيا دون الآخرة، بينما بالنسبة للمسلم الدنيا الاهتمام بها مطية للاهتمام بالآخرة، ثم فوق هذا اهتمامه بالآخرة خادم له ولحياته الدنيا، وهذه نقطة غابت عن الكثيرين، فالاهتمام بالآخرة ليس خروجًا عن الاهتمام بالدنيا، بل الاهتمام بالآخرة وسيلة للرجوع إلى الدنيا والاهتمام بها بأفضل مما اهتم بها الإنسان لو أنه ترك الاهتمام بالآخرة.

ماهر عبد الله:

طيب إحنا في الإعلان عن هذه الحلقة وفي نقاشاتنا السابقة لهذه الجلسة تحدثنا عن الحداثة والأخلاق، نحن نريد أن نحاكم الحداثة أخلاقيًّا إذا جاز التعبير.

أيضًا كأكاديميين نبدأ بالتعريف: ما الذي تقصده بالأخلاق؟

عبد الرحمن طه:

أولاً: تعريف الأخلاق في اللغة العربية وفي الإسلاميات سهل جدًّا، ولكن التفطن إليه لم يكن متيسرًا، لماذا؟ لتأثير النظريات الأخلاقية اليونانية، وغيرها الفارسية، وربما الهندية - أيضًا - على التصور الأخلاقي.

الخلق في اللغة العربية وفي القرآن - كما سنرى - يقابل الخَلق، بمعنى أن هذه المقابلة ستفيدنا في بيان معنى الخُلُق، فكما أن الخَلق هيئة فكذلك الخُلق هيئة.

فكما, ثانيًا: فكما أن الخَلق هيئة للجسم, فكذلك الخُلق هيئة للنفس.

ثالثًا: فكما أن الخَلق هيئة ناتجة عن فعل محله الجسم، فكذلك الخُلق هيئة ناتجة عن فعل محله الروح.

بمعنى آخر أن الأخلاق عبارة عن هيئات ناتجة عن أفعال روحية كما أن الخَلق عبارة عن هيئات ناتجة عن أفعال جسمية..

ماهر عبد الله :

طيب هذا التعريف سيضع... تفضل

عبد الرحمن طه:

أريد - فقط - أن أستشهد، وأعطي الدليل من اللغة والدليل من القرآن على أن هذا الجمع, أن هذا الاتصال بين الخُلق والخَلق ثابت أولاً: لفظ (الخليقة) في اللغة العربية يفيد معنى الخلق والناس، ولكن كذلك يفيد معنى الخُلق بدليل الحديث المروي عن الترمذي: (قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل لسانه صادقًا، ونفسه مطمئنة، وجعل خليقته مستقيمة)، فهنا لفظ الخليقة يجمع، ثم الآية القرآنية المشهورة في هذا الباب هي الآية التي تتعرض للفطرة: {فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرةَ الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله}, بمعنى أن, وما معنى الفطرة؟ هي مجموعة المعاني الأخلاقية المبثوثة في روح الإنسان، أو المكونة لروح الإنسان، وهي خَلق, هي خَلق وخُلق في نفس الوقت.

ماهر عبد الله:

هذا التعريف سيضعك في صدام مباشرة مع الحداثة التي نتحدث عليها، والتي قلت: هي سعي دائم للإبداع، والتي هي غربية الطابع حتى هذه اللحظة، لأنها حاولت أن تقطع مع الأخلاق، لأنها أساسًا قطعت مع الدين.. فكيف ستوفق بين تعريفك للحداثة وتعريفك للأخلاق وبين ما نرى من نموذج غربي للحداثة وهو ناجح بكل الموازين؟ لكن أوجد هذه القطيعة مع كل ما هو خلقي، أو حاول - عفوًا - أن يؤسس للأخلاق على أسس غير دينية.

د. عبد الرحمن طه:

أولاً: أقول قولا عجبا, أني أقول بأن الحداثة أولاً لم تنجح نهائيًّا في القطع مع الأخلاق الدينية، وسأعطي وجوه هذا العجز أو هذا القصور، أولاً: حاولت انفصالات، وقد نشهد لها بانفصالات ثلاث:

حاولت أولاً الانفصال عن سلطة الكنيسة الكاثوليكية (عن سلطة الكنيسة) مع حفظ الصلة بالدين المسيحي، وهذا واضح تمامًا في ثورة الإصلاح الديني، فهو يعني الإصلاح الديني، رجع البروتستانت رجعوا إلى الدين المسيحي، ولا يمرون عبر الكنيسة، وكذلك المحاولات التي تلت فيما بعد الإنجيليكان في إنجلترا.. فإذن هناك انفصال أولاً، هذا الانفصال إنما هو انفصال عن الكنيسة لصالح العودة إلى الدين.

ثم هناك محاولة ثانية جاءت تالية فيما بعد هو الانفصال عن الدين المسيحي مع حفظ الصلة بمبدأ الدين، يعني أنهم يقطعون مع الدين المسيحي، ولكن لا يقطعون مع الدين، بدليل أنهم أرادوا وضع أديان من عندهم فوضع (روسو) دينًا أسماه بالدين المدني، وقال بأنه يقوم - أيضًا - على الإيمان بالله واليوم الآخر، وذكر مسائل أخرى فيه، وأسماه بالدين المدني، وكذلك الدين الوضعي الذي سنراه مع (كانت) وهو عبارة عن بنية الكنيسة دون عقيدة الكنيسة، فهذه أمور لابد منها أن نشير إليها، فهذا الانفصال الثاني.

ثم هناك انفصال ثالث، الانفصال الثالث كان انفصالاً عن مبدأ الإيمان الديني، لكن مع حفظ الصلة بالأخلاق التي يتضمنها الدين بدليل الثورة الفرنسية حافظت على المعاني الأخلاقية التي كان يدعو إليها الدين، وهي: الأخوة أو الإخاء, وبعض من مبدأ المحبة الذي يقول به المسيحيون، وكذلك الحرية، وكذلك المساواة فهذه كلها تدل على أن الانفصال لم يكن انفصالا - أولاً - لم يكن انفصالاً دفعة واحدة بل كان على مراحل. ثانيًا: لم يكن انفصالاً كليًّا بل كان جزئيًّا.

ماهر عبد الله:

هل ترى من عودة تدريجية أيضًا، هذا انسلاخ تدريجي، هل هناك عودة تدريجية؟ نحن الآن نسمع عن قيم جديدة، قيم ما بعد حداثية جديدة ثمة مكان يبحث عنه للدين في الحياة العامة في الحداثة الأوروبية.

عبد الرحمن طه:

هو في الحقيقة لما انتهت الخطابات الكبرى، كالخطابات الأيديولوجية المعروفة، ما هوش فقط الخطاب الماركسي ولا الخطاب مثلاً الأنواري بل الخطابات المختلفة الكبرى، نسميها الخطابات الكبرى، وبعد أن لاحت في الأفق أن قوة الإنسان أخذت تنقض عليه هو ذاته، وعلى ذريته من بعده، من مسائل أسلحة دمار, دمار شامل، ومن إمكانات التغيير في المولدات الإنسانية، وما إلى ذلك حدث فراغ أخلاقي, بحيث يعاني, أصبحوا, خصوصًا في النصف الثاني من القرن العشرين، هناك شعور بتهافت الأساسيات والمرجعيات، وشعور بفراغ أخلاقي، وطبعًا بدأت أولاً الدعوة وتزايدت إلى التخليق، لابد من التخليق حتى قيل: إما أن يكون القرن الواحد والعشرين قرنًا أخلاقيًّا أولا يكون. هذه عبارة أصبحت مشهورة..

(موجز أخبار)

ماهر عبد الله:

الدكتور طه عبد الرحمن فليسوف ومتخصص في علوم المنطق، ولعل أجمل كتبه لمن لهم الجلد على قراءة الفلسفة, هو كتاب (تجديد المنهج في تقويم التراث) والذي أصل فيه لآلية داخلية من داخل الثقافة الإسلامية, من داخل التراث الإسلامي لفهمه واستيعابه دون أن نسقط عليه نظريات الآخرين ومفاهيم الآخرين.

كنا يا دكتور قبل الموجز وصلنا إلى مظاهر عودة الأخلاق بمعناها الديني في الحداثة الغربية، لكن قبل أن أعطيك الفرصة للإجابة, ثمة ظاهرة ملاحظة عند من يُسموا, أو يسمون بالحداثيـين العرب وهي: تأخر الترجمة قرابة الـ15 إلى الـ20 عامًا، يعني كل كتاب يظهر في الفلسفة الغربية، كل كتاب لتحديث الحداثة الغربية يتأخر عقد إلى عقدين من الزمن حتى يترجم في الفترة التي ظهرت فيها بعض المؤشرات التي تـتحدث عنها، ثمة إصرار على الإلحاد في الحداثة العربية، فنبدأ بمظاهر العودة إلى الدين، ثم تعليقك على إن كانت هناك حداثة عربية أم لا؟

د. عبد الرحمن طه:

فكما قلت فإن المظهر الأول هو أنه تزايدت الدعوة إلى التخليق، وكما قلت: قال كبار, أحد كبار علماء الاجتماع هذه المقولة المشهورة: إما أن يكون القرن الـ21 قرنًا أخلاقيًّا أو لا يكون. المهم لما تزايدت هذه الدعوى انتشرت بعض الطوائف والمؤسسات الدينية في المجتمع الغربي، وظهرت بعض الزعامات الروحية.

أما المظهر الثاني وهو: استثمار بعض المفكرين الجدد والمحدثين للمعاني الإيمانية والإلهية في بناء نظرياتهم الفلسفية، وإذا شئتم أذكر مثلا, كثيرين منهم من أقرَّ بذلك ومنهم لم يقر مثلا (ريكار), مثلا (هايد غير) مثلا (ديريدا)..

ماهر عبد الله [مقاطعًا]:

حتى, حتى الذين يقرون، لو تجاوزنا هؤلاء (دريدا) لو عدنا إلى (إسبانوزا) في القرن السادس عشر، في كتابه عن الأخلاق يتحدث في فصل كامل عن الإله، قد يكون له فهم عجيب للإله، لكنه مُصر على أهمية وجود الإيمان، من يترجمون (إسبانوزا) في العالم العربي الآن يصرون على أنه مؤسس للإلحاد في العالم العربي، يعني ثمة نقل شنيع.

د. عبد الرحمن طه:

فرق, فرق بين التأسيس للإلحاد، هو لا يؤسس الإلحاد، هو دخل في عملية سادت في ذلك القرن بينه وبين (ديكارت) ويشترك مع ديكارت في هذا، هو تعقيل الدين، هو إدخال العقلنة على الدين، طبعًا تبعه (كانت) فيما بعد، إنما (كانت) عَقَّل الدين، واعتبر الدين بمسلماته هو ثمرة الأخلاق، هذه النقطة لا أريد أن أفصل فيها الآن، لأنها دقيقة جدًّا، ولكن يكفينا أن المفكرين الجدد وأشهرهم اليوم, يعني, (ليفيناس) في هذا الباب، إنما المظهر الثالث وهو عجيب وغريب هو محاولة التوفيق بين العلمانية (مبدأ العلمانية) أو مبدأ ما أسميه الدنيوية، والدين المسيحي، كيف ذلك؟!

قالوا بأن مبدأ العلمانية موجود في المسيحية بدليل أن المسيحية تفصل ما بين لقيصر, بين ما لقيصر وما لله، فإذن العلمانية هي وليدة الدين المسيحي. وقالوا - أيضًا - حاولوا أن يجدوا أصلاً آخر فقالوا: المسيحية تنبني على التوحيد، والتوحيد ينـزه الله - تعالى - أن يشابه الإنسان ويشابه الطبيعة، وهذا يتفق معنا، لا ينكره أحد، ولكن أضافوا: ينـزهوه عن التدخل في شؤون الإنسان وفي شؤون الطبيعة، بمعنى أنهم حاولوا هذا التوفيق.

ثم الأمر الرابع الذي يدل على هذا الرجوع هو ظهور ما يسمى بالأخلاقيات التطبيقية, هذه اليو انتشرت, Applied Ethics انتشرت هذه الأخلاق بحيث نجد أخلاق الأعمال وأخلاق الإعلام، أخلاق طب الحياة، أخلاق البيئة، أخلاق كذا، كل مظاهر الحياة اليوم ينادي أصحابها وأربابها, ينادون بوضع تخليق لها، ولا يقفون عند هذا الحد بل يطالبون بإشراك رجال الكنيسة في اللجان التي تؤسس لوضع هذه القواعد الأخلاقية لهذه المجالات، فيشركون رجال الدين، وهذه نقطة في غاية الأهمية.

أما عن قضية الحداثة العربية فأنا كتبت، ولا أخفي هذا، وأصرح به في كتاباتي، أنه لا وجود لحداثة عربية، الحداثيون العرب مقلدون، لماذا؟ لأني حددت الحداثة بالإبداع، شرط الحداثة لا تكون حداثيًّا حتى تكون قادرًا على الإبداع، وما لم تبدع لا تكون حداثيًّا.

بينما ماذا نلاحظ في الحداثة العربية؟ هي عبارة عن تقليد لحداثة, على حداثة أجنبية، وهذا التقليد لا إبداع فيه، فكيف يكون صاحب هذا التقليد مبدعًا؟

فإذا ظهرت التفكيكية صاروا تفكيكيين، وإذا ظهرت البنيوية صاروا بنيويين فأنا لا أنكر النقل، ننقل ولكن نحسن الإبداع في النقل، بمعنى آخر: ينبغي للحداثي الذي يأخذ، وأنا آخذ من الغرب، ولكن عملية النقل تظهر فيها ملامح الإبداع، بحيث يصير المنقول عند العربي غيره عند أصله, في أصله الغربي، بحيث الشيء يصبح له وجهان: وجه إبداعي عربي، ووجه إبداعي غربي، وكلا الإبداعين يدخلان - حتمًا - في الحداثة ما دامت الحداثة مقتضاها الأول والأخير هو الإبداع..

(موجز أخبار) 

ماهر عبد الله:

دكتور طه عبد الرحمن يتميز عدا عن كونه فيلسوفا بأنه يكتب في الفلسفة بالعربية والإنجليزية والفرنسية, وله مؤلفات حول اللغة المستخدمة في الفلسفة باللغة الفرنسية.

يعني, هذا اتهام كبير وتصريح خطير، ليست هناك حداثة عربية فما الذي يجري إذن وكثير من الأسماء تلمع على أنها أسماء مفكرة عربية.

د. طه عبد الرحمن:

طبعًا اشتهرت أسماء، هذا لا ننكر، لماذا اشتهرت؟ لأنها تأتي بالغريب الذي لم يسمعه العربي ولا المسلم من قبل، فطبعًا كل جديد يثير الناس، ويجلب الناس، ولكن قيمة هذا الجديد، هو جديد منقول، هذا قيمة هذا الجديد المنقول لا تستمر، لماذا؟ لأن هذا الجديد المنقول لن يستطيع أن يثبت جذوره في المجال التداولي العربي إلا إذا تمت إعادة إبداعه, تمت إعادة إبداعه في المجال العربي، فنحن مع الأخذ عن الغرب، ولكن مع إعادة إبداعه، هناك إبداع أحدثه الغرب، فنحن 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الحداثة في فهم الدين :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الحداثة في فهم الدين

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: