12 مايو 2013 بقلم
قسم التحرير قسم:
حجم الخط
-18
+ للنشر:ولد الفيلسوف الهولندي إرازموس في روتردام في 28 أكتوبر 1466. ترهّب في دير شتاين (Steyen) الأوغسطيني وعبثا حاول إقناع نفسه بحياة الدير في مقال له بعنوان "تأمّلات في الوجود" فطلب إعفاءه من رتبة الكهنوت واستجاب له البابا فحلّه من نذره، وانطلق عالما مستقلاّ يجول في أنحاء أوروبا وخاصة فرنسا وأنجلترا. التحق بجامعة السوربون بباريس ولكنّ الفكر الفلسفي السائد فيها لم يرق له، فقصد لندن حيث التقى أشهر علمائها ومنهم توماس مور (Thomas More) وجيمس فيشر (James Fisher) وجون كوليت (John Colet) مؤسّس مدرسة القديس بولس مهد انبعاث الحركة الإنسانيّة بالمدارس الانجليزيّة. انكبّ على دراسة الكتب المقدّسة وتعلّم اللغة اليونانيّة لذلك الغرض، وكان أوّل من درّسها في جامعة كمبردج، كما تعلّم اللغة العبريّة. حصل على درجة الدكتوراه من جامعة تورينو الإيطاليّة عام 1506 فذاع صيته ومنحته الكنيسة لقب "علاّمة".
نشر مجموعة من الأمثال والأقوال المأثورة نقلها عن القدامى واعتبرها معاصروه خلاصة الحكمة القديمة ولقيت رواجا كبيرا. وهو أوّل من أصدر طبعة كاملة لآثار أرسطو. وقد عُدّ أهمّ شخصيّة في تاريخ النزعة الإنسانيّة (Humaniste) الأوروبيّة الشماليّة، فقد طبّق لأوّل مرّة الطريقة النقديّة الإنسانيّة على المؤلّفات المسيحيّة الرئيسيّة بما فيها نصوص العهدين القديم والجديد.
في سنة 1516 نشر الإنجيل لأول مرّة في أوروبا باللغة اليونانيّة لتصحيح ما تسرّب من أخطاء في نسخته اللاتينيّة وتزويد الكهنة بمادة يطمأنّ لها في الوعظ والإرشاد. وأكّد إرازموس قيمة التربية وقدرتها على تغيير وجه العالم وتحريره من الاستبداد والظلم وله في ذلك كتابان "تربية الأولاد تربية حرّة" و"طريقة التدريس".
انتبه إرازموس مثل مارتن لوثر (Luther) إلى انحراف الكنيسة وتدهور أحوال المجتمع فبحث عن سبل الإصلاح وضمّنها كتابه "مديح الجنون" (L’Eloge de la folie) الذي غلب عليه طابع السخرية من غباء البشر وأخطائهم وكان عبارة عن انتقاد لاذع لرجال الدين الذين فشلوا في تربية الشعب. وبهذا الأسلوب اكتسب شهرة أوسع. ولكنّه لم يهاجم الكنيسة ولم يسع إلى الانفصال عنها لإيمانه بإمكان الإصلاح من داخلها. ولم يكن في آرائه الإصلاحيّة متّفقا مع لوثر فقد كتب "رسائل في حريّة الإرادة" سنة 1524 معارضا آراء لوثر ثمّ أمسك عن الطعن في حركة الإصلاح ممّا تسبّب له في نقمة جمعيّة اللاهوت بباريس عليه.
في سنة 1527 أدانت السوربون اثنين وثلاثين قضيّة مستخلصة من مسامراته وأحرق صديقه ومترجمه لويس دي بركوان سنة 1527 حيا.
توفّي إرازموس في صيف سنة 1536 في بازل بسويسرا.