10 ديسمبر 2014 بقلم
محمد منادي إدريسي ، إيمانويل كانط قسم:
تحميل الملف حجم الخط
-18
+ للنشر:لا ريب في أنّه يجوز إقحام تخمينات هنا أو هناك في
مسار العرض التاريخي لملء الثغرات في الوثائق، ذلك أنّ ما يكون سابقًا بوصفه سببًا بعيدًا، وما يعقبه لاحقًا بوصفه مسبَّبًا يمكن أن يرشدانا بيقين كاف إلى اكتشاف الأسباب الوسيطة ابتغاء جعل الانتقال معقولاً. أمّا بناء تاريخ برُمَّته على تخمينات، فلا يبدو أمرًا أفضل من وضع الخطوط العريضة لرواية. إنّ تاريخا كهذا لن يكون جديرًا حتى بحمل اسم
تاريخ تخميني، بل اسم
الخيال القَصَصي على أكثر تقدير. بيد أنّ ما لا يحق لنا أن نتجرأ على فعله بخصوص مجرى تاريخ الأفعال البشرية يمكننا مع ذلك أن نُقْدِم عليه مستعينين بتخمينات، بصدد البدايات الأولى لهذا التاريخ طالما أنّ الأمر يتعلق عندئذ بعمل الطبيعة؛ فهذه البدايات لا يجوز استخراجها من المخيلة، بل يمكن استخلاصها من التجربة إذا سلمنا بأنّ الطبيعة ما كانت في هذه البدايات الأولى أحسن ولا أسوأ مما نجدها عليه اليوم، وتلك مسلمة موافقة لتمثيل الطبيعة
[1] وليس فيها أي مجازفة. إنّ تاريخ التفتح الأول للحرية ابتداءً من استعداداتها الأصلية الكامنة في طبيعة الإنسان أمر مختلف تمامًا إذن، عن التاريخ اللاحق لتقدم الحرية، والذي لا يمكن تأسيسه إلا على وثائق.