في الجزائر.. التظاهر ليس إلا بداية
13/02/2011
اصطدمت
مسيرة المعارضة الجزائرية من اجل تغيير النظام السياسي السبت بإجراءات
أمنية مشددة، ولكن على خلفية التوق الاقليمي الى الديموقراطية الذي أطاح
بنظامين اعتبرا راسخين من قبل في تونس ومصر، ويهدد غيرهما.
ومن مصادفات التاريخ أن التظاهرة التي أعلن عنها في 21 كانون الثاني/يناير
في غمرة إطلاق حركة معارضة واسعة أطلق عليها اسم التنسيقية الوطنية
للديموقراطية والتغيير جرت غداة سقوط الرئيس المصري حسني مبارك بعد حكم
استمر نحو 30 عاما. ورغم أن التظاهرة في العاصمة الجزائرية والتي كانت
الأكبر في البلاد لم تجمع أكثر من بضع مئات من المتظاهرين إلا أنها ارتدت
طابعا تاريخيا، بحسب وسائل الإعلام الجزائرية. وعنونت صحيفة ليبيرتي
الليبرالية "الانطلاق الى التغيير". أما صحيفة المجاهد الحكومية فخصصت
صفحتها الأولى للحدث على غير عادة، لكنها وصفته بأنه "تظاهرة محدودة
الأصداء". وتعذر تنفيذ المسيرة المقررة على طول 4 كلم في وسط المدينة على
غرار تظاهرة أولى أعلنها التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية في العاصمة
في 22 كانون الثاني/يناير بسبب حظر يعود إلى العام 2001.
واصطدم المحتجون بنحو 30 الف شرطي انتشروا في العاصمة لهذا الغرض. ونددت
النقابة الوطنية للصحافيين الجزائريين "بقمع" الصحافيين الذين غطوا تظاهرات
المعارضة. ودانت النقابة التي أنشئت عام 1999 "بشدة قمع الصحافيين
والمصورين الذين غطوا تظاهرات المعارضة السبت في الجزائر العاصمة وغيرها من
مدن البلاد".
لكن "الأمر ليس إلا بداية" على ما أكد فضيل بومالة احد مؤسسي التنسيقية
التي ولدت في خضم أجواء المعارضة العارمة. فمنذ أشهر والبلاد الغنية
بالمحروقات والتي يقدر احتياطها المصرفي رسميا ب155 مليار دولار تشهد
تظاهرات صغيرة وأعمال شغب. فالتلامذة يرفضون منهجا دراسيا مثقلا، فيما يحتج
الجامعيون على تعليم لا يواكب التطور التكنولوجي وتشكو آلاف العائلات من
ظروف سكنها السيئة، كما يطالب الشبان بالعمل لان أكثر من 20% منهم يعانون
البطالة سواء كانوا من حملة الشهادات او لا، فيما يطالب الموظفون بزيادة في
الرواتب لمواجهة ارتفاع الاسعار الحاد.
وفي هذا الإطار، تلقت الشرطة التي تضم نحو 160 ألف رجل وامرأة زيادة في
الراتب بنسبة 50% في مطلع شباط/فبراير مع مفعول رجعي حتى الأول من كانون
الثاني/يناير 2008. وتم إعلان هذا الإجراء في أواخر كانون الاول/ديسمبر قبل
ايام على أعمال العنف التي أسفرت في كانون الثاني/يناير عن مقتل خمسة
وإصابة أكثر من 800 شخص وعن اضرار مادية كبرى وتوقيف المئات. وتوقفت أعمال
الشغب التي استمرت خمسة ايام مع اعلان الحكومة اتخاذ اجراءات للحد من
ارتفاع الاسعار الحاد في المواد الأولية.
وفي 3 شباط/فبراير وقبل ثمانية ايام من تظاهرات السبت التي كان احد
شعاراتها رفع حال الطوارئ المفروضة في البلاد منذ 19 عاما، صدر بيان لمجلس
الوزراء أعلن التخلي قريبا عن حال الطوارئ وسلسلة إجراءات من اجل مزيد من
الليبرالية اتخذها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وللمرة الأولى علق
بوتفليقة على أعمال الشغب متحدثا عن "تجاوزات مؤسفة" وموجها تحية إلى
الضحايا.
وبعد تظاهرة 12 شباط/فبراير لم تحدد الخطوة التالية بعد، لكنها تندرج في
اطار اجواء مناهضة للانظمة السابقة بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي
في تونس في 14 كانون الثاني/يناير بعد حكم دام 23 عاما، ثم سقوط نظام
مبارك.
ويشدد المحتجون في الجزائر على "تغيير النظام" اكثر من تنحي الرئيس
بوتفليقة الحاكم منذ 12 عاما. وتخضع الجزائر منذ استقلالها عام 1962 لنظام
يلقى دعما كبيرا من الجيش رغم محاولات خجولة لإحلال الديموقراطية. ويبقى
الجزائريون خائفين من تكرار أعمال العنف الاسلامية التي استمرت عشرة أعوام
وأسفرت عن مقتل اكثر من 150 الف شخص. لكن الرئيس الفخري للرابطة الجزائرية
لحقوق الإنسان عبد النور علي يحيى اعتبر ان "الجزائريين يتكيفون تدريجا مع
نشاطات الاحتجاج السلمي".