** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 درس سقراط الإنسان أحمد الفرحان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حنانظ
مرحبا بك
مرحبا بك
avatar


عدد الرسائل : 43

تاريخ التسجيل : 05/07/2015
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 6

درس سقراط الإنسان أحمد الفرحان Empty
08072015
مُساهمةدرس سقراط الإنسان أحمد الفرحان


2014-10-14
درس سقراط الإنسان
درس سقراط الإنسان أحمد الفرحان 10583851_10204461982898480_1933589813637933851_n
أطلّ علينا في بداية القرن الواحد والعشرين، فيلسوف فرنسي شاب اسمه لوك فيري، بكتاب تحت عنوان: «الإنسان- الإله أو معنى الحياة»، ليتساءل في مقدمته عن معنى الحياة بعد عرض حكاية حبة الخردل لبوذا، وفحواها أن سيدة هندية قَدِمت إلى بوذا تطلب منه إرجاع ابنها الهالك إلى قيد الحياة، فطلب منها بوذا أن تأتيه بحبة خردل من أسرة لم تعرف مصيبة الموت، فعادت السيدة بعد أيام تشتكي لبوذا عدم قدرتها على تحصيل ذلك لأن كل الأسر ذاقت مصيبة الموت. فأدركت لذاتها أن لاشيء دائم، لا دائم إلا اللادوام نفسه. وإن شئت سمِّه ما شئت آنذاك: إله، قوة الكون، العقل، المبدأ... لا يهم.
درس بوذا هو التعوّد على اللادوام، تربية الإنسان على الفقدان وليس على الامتلاك، اعمل كثيراً لتكسب جيِّداً ولا تنس أن العمل والكسب زائلان، لا دوام لهما... اجتهد وناضل واكدح واعلم أنك زائل لا دوام لك ولهم... إذا بلغت هذا القدر من الاستنارة فقد بلغت النرفانا، وإذا ظَلْلْتَ مُقيَّداً إلى الدوام ناسيّاً اللاّدوام، فإنك مازلت قابعاً في عالم السمسارا، لن يصيبك العذاب الأليم إلاّ إن أسأت لنفسك ولغيرك، ولن تسيء لهما إلاّ إذا كُنتَ تعمل كما لو أنَّك دائم ستحيا في عالم السمسارا عالم الزّوال أبدا... والعذاب عند بوذا هو أن تحتضر والخوف ينهشك نهشاً مخافة أن تُستنسخ روحك في الكائنات الشريرة. أمّا في الأديان الوثنية القديمة العذاب هو أن تُبعث مع الأشرار لأن أساليب الشر في الدنيا تُعلِّمنا كم هي مرعبة... أكيد أن الشر هو أن تتصرّف في الحياة عن جهل أو تجاهل للخير، وليس الخير غير العدالة والحق والمحبة.
يقول لوك فيري: «لقد كان اهتمام كل الديانات منصبّاً بحسب طريقة كل دين على إعداد الناس للموت، إعداد النّاس لتقبل موتهم الخاص كما يكون إعداد الناس لتقبّل موت الكائن المحبوب لديهم. لقد كانت تدعونا في هذا الإعداد ذاته إلى اكتشاف معنى الحياة البشريّة. إذ كانت الأنظمة الأخلاقيّة القديمة، كالأخلاق الرواقيّة مثلا، ويمكن أن نرى في مونتني وهو أقرب إلينا زمنا، تعتبر أن الحكمة بشكل يقيني إنّما تكمن في القبول بنظام للعالم يحوي التناهي، وأنّ التفلسف هو أن يتعلّم الإنسان كيف يموت».
في رسالة من تراثنا الفلسفي العربي لا تختلف عن الروح السقراطيّة في إعداد المرء للموت وتقبّله كشيء غير رديء، يذهب الكِنْدِي إلى تقديم الجواب على سؤال أحد الفضلاء من أصدقائه حول السبيل لدفع الأحزان، وبالتالي تحقيق السعادة، ومنه فإن رسالة الكندي هي رسالة أخلاقية أو عملية، فيقول: «وينبغي أن يكون منّا على بال أنّه لا ينبغي أن نكره الذي ليس برديء، وإنّما ينبغي أن نكره الرّديء. فإن ثبت هذا في ذِكرنا عظُم غناؤنا به في دفع المحزنات الحسية – أي اكتفاؤنا به في دفع المُحزنات- ، فإنّه لا يظنُّ أنّ شيئا أردأ من الموت، والموت ليس برديء. إنّما خوف الموت رديء. فأمّا الموت فإنّما هو تمام طِباعنا: فإن لم يكن موت لم يكن إنسان بتّة، لأنّ حدَّ الإنسان هو: الحيّ النّاطق المائت. فإن لم يكن موت، لم يكن إنسان، لأنّه إن لم يكن ميِّتاً فليس بإنسان. فإذن ليس برديء أن نكون ما نحن؛ إنّما الرّديء أن لا نكون ما نحن. فإذن الرّديء أن لا يكون موت، لأنّه إن لم يكن، لم يكن إنسان. فإذن ليس الموت رديئاً.» ويورد الكندي خبراً عن موت الأبطال في تقديم الإسكندر المقدوني العزاء لوالدته عند موته، حيث أوصاها بالتحلِّي بأخلاق الكبار من أمّهات الملوك والعمل على بناء مدينة عظيمة، ودعوة الناس من كل حدب وصوب للطعام والشراب والسرور، شريطة أن لا يأتيها من النّاس إلاّ من لم تصبه في أسرته أو مدينته مصيبة، وذلك حتى يحيا الناس المأتم مبتهجين فرحين على خلاف مأتم الناس بالحزن، ولمّا هلك الإسكندر فعلت الأم بالوصيّة ولكن عند المأتم لم يوافِها أحد، لأنّه ما من امرئ وإلاّ عاش مصيبة في الدنيا، فأدركت الأم مبتغى الإسكندر. هذه الحكاية شبيهة بحكاية حبة الخردل لبوذا... وبهذا فالدرس المستفاد: إنّ الفلسفة تعلّمنا كيف نحكي الموت وليس كيف نحيا الموت.
«لقد ولّى - على حد تعبير نيتشه في كتاب «ميلا التراجيديا- عهد الثقافة السقراطية»، فلتعملوا على تتويج رؤوسكم باللبلاب، وليحمل كل واحد منكم شمراخ الترسوس لباخوس، ولا تدهشوا عنده إذا حلّت النمور والفهود بينكم، وربضت عند أقدامكم. افتخروا الآن بأنّكم من أصحاب التراجيديا، لأنّها المخلص لكم. إنّ عليكم أن تنضمّوا إلى موكب ديونيس المتواصلة من الهند حتى بلاد اليونان، وليستعد كل واحد منكم لخوض معركة فاصلة، لكن عليكم أن تؤمنوا أوّلا بمعجزات الرب». نعم، من معجزات الرّب ينبغي أن نؤمن بأن قدرتنا هائلة على حكي الموت وإن لم نختبرها، قدرتنا على تصديق أحلامنا ورؤانا عن الموت وإن كانت خيالات، قدرتنا على الإيمان برحيل النفس بعد ممات الجسد حتى ولو كانت من قبيل الأمل لا الاعتقاد اليقين، قدرتنا على إبداع الصّور والخيالات والحكايات التصويريّة عن رحلة الموت، وهي ليست على حد تعبير ريجيس دوبريه في كتابه «حياة الصورة وموتها»، إلاّ الولادة المتجددة بالموت، «لا يمكن تجاوز صورة من الماضي لأنّ الموت هو ما لا نستطيع تجاوزه مادام الوعي الديني لا عمر له». إذا كان الموت يرتبط بالوعي الديني، فإن هذا الأخير لا يبدأ في احتلال فضاءاتنا العمومية إلاّ حين يصبح الموت مطلوباً سرّاً أم علناً مهما استنكرنا وقوعه للخلاص من حياة تضيق على أناسها... ولا تضيق الحياة على أناسها إلاّ حين يصير الآخر نكرة يتجاهل الحياة فيك أو تتجاهل الحياة فيه.
وهكذا، حاولنا أن نكشف مدى تهافت فلسفة سقراط الأستاذ عن الموت، لن تجد في محاورة سقراط الأستاذ عن الموت، إلاّ الجدل العقلي العقيم عن مصير النفس... بعيداً عن معنى الموت الذي نفهم معه الحياة، أو بعيداً عن الحياة الإنسانية المميتة. يعدنا سقراط بحياة عقلية جافة في العالم الآخر... وهي حياة أفقر بكثير من الحياة التي تعدنا بها الأساطير القديمة والديانات الوثنيّة.. الحياة التي اعتقد بها سقراط الإنسان؛ حياة مليئة بالتأمّل والحب والمتعة واللذة والغناء والرّقص... شبيهة بهذه الحياة التي نحيا وأفضل منها لأنّها إبداع ما هو مميت فينا... على الأقل لن تجد فيها أكلا كيماويّاً ولا جسماً مصاباً بالسِّيدا، ولا كتاباً يتآكل مع القِدم، ولا حاسوباً تُستنفد بطارية شحنه أو تتعرّض برامجه للتلّف بالفيروسات. ربّما من سخريّة القدر أن تنتصر المعتقدات الدينية الوثنية على حجج الفلسفة العقلية في معنى الموت، ربّما لأنّها تنصت إلى وجدان الإنسان الرازح تحت سياط الشّر والتّناهي، لا تطلب الدِّيانات الوثنيّة ليكون المرء فاضلا غير الانتصار للحق و التّحلِّي بالشجاعة،...
الموت ليس إلاّ حكاية تراجيديّة تكشف عن الحاجة إلى الانهمام بالذات وبالآخر، لأنّه لا معنى للحكاية إن لم تبدعها الذّات، ولا معنى للذّات إن لم تجد الآخر لتحكيها له، إن الحياة والموت إمتاع ومؤانسة، ففي اللحظات الأخيرة نجد أنفسنا محاطين بالآخرين حتى وإن كنت تحتضر لوحدك تلاحقك وجوه الذين ستلحق بهم كما تلاحقك وجوه الذين ستفقدهم، لا معنى للموت دون أن تحيا مع الآخرين حياة المحبّة والوفاء والإخلاص. لا يموت فينا إلاّ من كان حبيب الآخر، قريبا أو بعيدا... قد يمسك بيدك في اللحظات الأخيرة وأنت تشخص بعينيك فيه لتسأله: من أنت؟ لن تسمع الإجابة بالتّأكيد.
أحمد الفرحان - أستاذ الفلسفة بجامعة ابن طفيل- القنيطرة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

درس سقراط الإنسان أحمد الفرحان :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

درس سقراط الإنسان أحمد الفرحان

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» نقد العقل التاريخي(*) سقراط والبحث عن الإنسان
» مقدمة في الأبستمولوجيا : تاريخ ومدارس محمد جلوب الفرحان
» الأدب التفاعلي والنظرية النقدية أحمد أحمد عبدالمقصود
» سقراط (469–399 ق م)
» الفلسفة ما قبل سقراط

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: