لفتت نظرَك انحناءةُ النادلِ وهو يصبّ النبيذَ
من زجاجة أحضرتُها أناَ من القبوِ.
كان عليّ أن أغسل الصحونَ التي
تأكل فيها أطباقَك الشهيّةَ،
وأشعلُ الشموعَ حتى تكتمل اللحظة.
وأرتّب الورد في المزهرية كما تشتهي المرأة
التي برفقتك.
حفظت النورَ خافتا خافتا
كي يصير كلامك أكثر وقعًا على مسامِعها
هيأت لك كلَّ شيء
حتى تُحكمَ الليلَ حولَ عنقِها
وأنا أقف على شرفات الوقت أحرس
أحلامكما الوردية
ولا أُرى
تمرّ عبري وأنا أنظّف الممرّ تحت قدميكَ كلَّما أتيتَ،
ولا تراني
أنظّف زجاجَ النوافذِ كيْ ترى أبعد من أمنياتكَ
أعدّ لكَ شرابَ الليمونِ الذي تُحبّ
وأمسحُ الغبارَ عنِ الهاتفِ ليصفُو كلامك
أفرغُ المنفضة من مخاوفك،
من أسماء زبائنك اللحوحين
أصنعُ قهوتَك وأقرأُ طالعكَ فيها،
وأقرأُ أفكارَك وخوفك المثقوب من وسطه
مثل كعكة السمسم
أسكبُ ماءَ الوردِ على أوقاتِك
وأغيبُ فِي التفاصيلْ!
أنا الذي جعلتُ عشبَ الحديقةِ يكبُرُ
على قدرِ ما تشْتهونْ
أقول للوردِ اكبَرْ! فيكبُر
وأقول اذبلْ! فيذبُل
أبدّل الأزهارَ في القواريرِ كلَّما تبدّل برجُ المرأةِ الشقراءَ
في العمارةِ.
أداري الشجيراتِ على طولِ الممرّ
كي لا تعترضَ كلابَكم في فُسحتِها
ألاحق أعقابَ السجائِرِ
وما سقطَ سهوا من كلامكم،
أو من مكالمات هاتفية تركتموها على الشبابيك ليلا
أقضي الساعاتِ في التحدّثِ إلى النباتاتِ
وأنتم صاعدونَ هابطونَ من عمارتِكم المرفّهةِ
تتحدثون إلى أنفسِكِم بصوتٍ مسْموع كأنكمْ آخرون
ولا ترونني
أوزّع الألوان على حديقتكم بعفوية كي
تفخروا بها أمام جلسائكم في المقهى القريب
وأختفي عن وجودكمْ بين العشب.
أنا هنا لا أرفعُ صوتي كي لا تتعثّر به خطواتكم
أو يُعطّل رنينَ الهواتفِ الذكيةِ في قلوبكم
لستُ أفضلَ مشهدٍ تقع عليه عيونكم،
وأنتم، الساعون إلى يومكم، بحاجةٍ إلى التفاؤلِ!
لا إلى فقرٍ أفقدني ملامح وجهي،
واسمي
وصوتي.
لن أروي قصةَ جوع يسكنني من يومين
أو عن عطش أسكنُه!
لن أكون هناك عندما يأتي العيد.
لن آتي إلى المتجر الذي تتسوقون منه،
ستبتسمون لأنفسكم عندما تضعون في سلة هناك
شيئا يُعطى للفقراء.
تربتون على أكتافكم،
ستحبون كرمكم كثيرا،
وفقري، أيضا
لولاه، هل تطهّرت ضمائركم!
سأظل مختفيا إذن كي يزيد إعجابكم بها،
كي تزيد بياضا