** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 السحري والإيروسي.. كيمياء اللغة والجسد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

السحري والإيروسي..  كيمياء اللغة والجسد Empty
28062015
مُساهمةالسحري والإيروسي.. كيمياء اللغة والجسد

السحري والإيروسي..
كيمياء اللغة والجسد
 
السحري والإيروسي..  كيمياء اللغة والجسد Tumblr_mu5225skne1rfp0s4o1_400
 
 خزعل الماجدي
 
 
 
 
 
لم تكن الفرصةُ سانحةً ، قبل ربع قرن ، لأن أكتب بطلاقةٍ نظريةٍ عن السحرِ والجسدِ وعلاقتهما بالشعرِ لأسبابٍ كثيرةٍ منها أنني كنتُ منشغلاً بالحياةِ وبالشعرِ أكثر من انشغالي بمراقبتهما ووضعهما في إطارٍ عقليٍّ أو نظريٍّ مجاور ، ثم أن النصوص الشعرية أكثر وفاءً للتجربة من النصوص النظرية خصوصاً عند تراكمها وتبلورها مع نضج التجربة وتصاعدها.
أستطيع اليوم أن أطلّ على ذلك السحريّ والإيروسي الذي تمثلته ، ومازلتُ ، شعراً وأنضَجتهُ الممارسة الشعرية مثلما أنضجته الممارسة الحياتية ، بكل تفاصيلهما ، وفق رؤيةٍ نظريةٍ تتَّسمُ بثبات أفضل وتفاصيل أدق .
ولذلك كانت هذه المقدمة التي أستطيع أن أعممها على ما ورد في متون المجاميع الشعرية السبع ( التي يضمها هذا المجلد الثاني من أعمالي الشعرية ) مثلما أعممها على بقية أعمالي الشعرية في المجلدات الأخرى .. لكن هذه المجاميع السبع معنية أكثر بما في المقدمة من محاولةٍ لرصد السحري والإيروسي وهما يوجهان كيمياء اللغة والجسد في هذه النصوص .
الفرقُ كبير بين أن ننظر للجسد كسجنٍ للروح أو كفردوسٍ لها ، فحينما نرى الجسدَ سجناً للروح نقعُ ، مباشرةً ، في ثنائيةٍ وهمية يكون فيها الجسد نقيضاً للروح وقد أطبقناه عليها وبذلك يتحول الجسد إلى عائق أمام انطلاقةِ الروح ويتحول كل ما في الجسد إلى شرٍّ ورذيلةٍ ويصبح الكفاح ضدّه ضرورياً لتحريرِ الروحِ وكأن هذا الجسد قطعةَ لحمٍ ميت تقبعُ تحتها الروحُ الجميلةُ المتحركة . وهنا نقع في الوهم أيضاً ويترتب على ذلك تدمير حياتنا بأكملها لأننا سنهملُ هذا الجسد ونهمل حاجاته وسنراه مثل نفايةٍ ننتظرُ يوم دفنها أو حرقها .
لكننا عندما نرى الجسد وعاءً للروح تتشرب فيه وتسعد بسعادته وتتحرر بتحرره وترقى برقـيّه .. فحين ذاك نرى في الجسد فردوساً لا جحيماً ، نرى فيه خيراً لا شراً . وتكون الروح مثل الموسيقى التي تناغمُ مكونات الجسد وتشيع فيه الإنسجام .
وإذا كانت الروح تسعى للرقيِّ والاتصال بالله والكون رافعة الجسد من محدوديته إلى المطلق فإن النفس تلتصقُ بالجسد وتحرِّك قواه وتكوِّن كيمياءَه المعلنة والدفينة ، إنها تشدُّ الجسد إلى أغواره وأعماقه القصيّة وتهيئ مسرَحَهُ إلى الدراما اليومية من الاتصال والانفصال وإلى أشكال التفاعلات الضاجّة بالحياة .
النفسُ تغوصُ في أعماقِ الجسدِ والروحِ وترفعُ الجسدَ إلى الأعالي وهما يكملان بعضهما . لكنّ النفس تحتوي على قوىً سايكولوجية إيروسية وقوىً براسايكولوجية سحرية تتناغمُ مع تركيبة الجسد ومادته الغامضة .
وهكذا تتكون من المنظومة الأنطولوجية ( الجسد والنفس والروح ) منظومة ابستمولوجية هي ( الإيروسي والسحري واللوغوسي ) ، وتصوغ المنظومة الأولى حياة الفرد بينما تصوغُ المنظومة الثانية قوّته الفكرية والشعرية .
يختزنُ الجسدُ القوى السايكولوجية الحسيّة والبراسايكولوجية الفائقة ( السحرية ) ، ويعملُ الجسدُ مثل حاشدةٍ كونيةٍ تضمّ داخلها كلّ قوى الكون والأنواع الحيّة وفيه يتحرك تاريخ الكائنات الحية متطايراً على شكل ومضات نادرة تطلّ على المدهش والكثيف والغامض والجميل .
 
أولاً: الشعر المقدّس والشعر المدنّس
1. المقدّس الديني والمقدّس الدنيوي
 
تقومُ فكرةُ الدين ، كلُّها ، على أساسِ وجودِ جوهرٍ مقدّسٍ تدور حوله كل منظومة الدين ومكوناته ( المعتقد ، الأسطورة ، الطقس ) ، وهذا الجوهر المقدّس هو الطاقة والشحنة والقوة المركزية التي تشيع الانسجام في المادة وتجذبـها نحوها ، وقد عبّرت عن هذا الجوهر أديانُ العصور الحجرية بالقوة السارية غير المشخصة ، وهي قوّة المقدّس الكوني ، طاقة الكون ، التي يشعر بها الإنسان ولا يعرف معناها وهي طاقةٌ تأخذ شكل القوة السارية لكنها تتجلى في بعض مظاهرها العظمى في توازن الكون وقوى الكواكب والمجرات وتناغمها .. ولهذه القوة مظاهر مضطربة أنتروبية تعبر عن التحول من نظام معين إلى آخر وتنفض أعباء النظام القديم عنها وتظهرُ على الأرض في الطوفانات والعواصف والزلازل والبراكين . وقد انتبه الإنسان لهذه القوة السارية ولكنه لم يستطع ، آنذاك ، أن يفسرها علمياً فخاف منها وسجد لها وعبدها تحت مسميات عديدة منها الـ ( مانا ) عند بعض الأقوام البدائية والـ ( سار ) عند السومريين والبابليين .
أطلق الإنسان على جوهر المقدّس الديني ، آنذاك ، أسماءً مختلفةً لكنه كان يعني شيئاً واحداً هو الله / الطاقة وهو جوهر الكون. لكن الإنسان لم يتعرف على هذا المقدّس بصيغة واحدة بل بصيغ متعددة تطورت عبر التاريخ من السحر إلى الأرواح إلى الآلهة إلى الله . وتشكل هذه العتبات التطور الروحي للإنسان وهو يتلمس هذا المقدّس بمراحل متتالية ومتداخلةٍ في آن واحد .
وفي مقابل العالم الديني المقدّس الذي هو ، عند الإنسان ، استشعارٌ أو حدسٌ لطاقة الكون كان هناك العالم الدنيوي والمدنَّس الذي هو تـماسٌ مع المادة ، وهكذا وضع هذان العالمان المتميزان في تضادّ شديد : الأول هو العالم المقدّس الذي يسعى الدين لكشفه والتمثل به ، والثاني هو العالم المدنَّس الذي تسعى الدنيا لكشفه والتمثل به . وكان هذا التعارض ، قديماً وحديثاً ، مثارَ جدلٍ ساخنٍ وتصادمٍ شديدٍ فقد كان المقدّس يعادل القوة والطاقة والمشبع للكيان والفاعلية بينما كان المدنَّس يعادل الخواء والمادة المتهافتة الزائلة والزيف.
ورغم أننا لا نميل لفصل الدين عن الدنيا فهما متداخلان ، لكننا من أجل الدراسة النظرية وإلقاء الضوء على المحركات الدينية والدنيوية وهي تلتحم وتنفصل رأينا النظر إلى كلّ منهما بمحركاته وقواه الداخلية .
لقد عرفنا أن جوهر الدين يكمن في المقدّس ، أما جوهر الدنيا فيكمن في المدنَّس، وقد حاولنا البحث عن نواة وجوهر هذا المدنَّس فوجدنا أنه يكمن في الجنس، فالجنس هو جوهر المدنَّس وجوهر الدنيا ، مثلما رأينا أن الطاقة السارية هي جوهر المقدّس .
وبذلك نحصل على هذه المتناظرات المهمة ( الطاقة السارية، الطاقة الإيروسية )، ( المقدّس، المدنَّس )، ( الروحي، الجنسي )، ( الإلهي، البشري)، (الديني، الدنيوي )…الخ وتشطرُ هذه المتناظرات العالم كلّه إلى متناظرات مماثلة لها فالمكان المقدس والمعبد والعمود المقدّس وسرّة العالم هي أماكن نشكونية مشحونة بالمقدّس وهي مركزية في مقابل الأماكن الكونية التقليدية كالبيوت والساحات والشوارع التي هي أماكن دنيوية محيطية .
وكذلك ينقسم الزمان إلى زمان نشكوني مقدّس أسطوري حصل فيه حدثٌ عظيم مثل بداية الخليقة أو الطوفان أو الوحي أو الشهادة .. الخ ، في مقابل زمن تاريخي تقليدي يضج بالأحداث الدنيوية العادية .. وتتم استعادة ذلك الزمن الأسطوري من خلال طقوس الأعياد الدورية التي هي استذكار لذلك الزمن وإعادة تكثيف له وسط تراتب الزمن التقليدي وكذلك تتناظر الرموز السماوية عن الرموز الأرضية ويتناظر النص المقدّس ( الكتاب المقدّس ) عن بقية الكتب ويحمل النبي كثافة المقدّس أكثر من غيره من البشر وهكذا .. كان المقدّس منذ العصور الحجرية القديمة أمراً مدهشاً وغامضاً شدّ الإنسان إلى عالم آخر وجعله يشعر أنه لا يعيش وحيداً في هذا الكون بل أنه مرتبطٌ بجوهرٍ كونيٍّ سرعان ما سيعود إليه ويتحد به بعد الموت . وقد أطلق الإنسان على جوهر المقدّس آنذاك أسماءً مختلفة لكنه كان يعني شيئاً واحداً هو الله / الطاقة الذي هو جوهر الكون ، أما أول طرق التعامل الجدية مع هذا المقدّس فقد كان السحر ( الذي هو أول عتبات الدين ) وقد كان السحرُ أما حقيقياً يتضمن وجود قوةٍ براسايكولوجية خارقة عند المتعبد تؤثر على بعض قوانين القوة السارية ، أو وهمياً شكلياً يحاول أن يؤثر ، من منطلق نفسي ، على قوانين هذه القوة .
وهكذا كان السحرُ أول أشكال العلاقة بين الإنسان والمقدّس ، ولذلك فهو أول قناةٍ للاتصال بين المقدّس والإنسان .. وتتضمن هذه القناة شحنات إيجابية من الإنسان إلى المقدّس ( وهو ما نسميه بالسحر ) وشحنات سلبية من المقدّس إلى الإنسان ( وهو ما نسميه بالعرافة ) وكلاهما كان من وجهة نظرنا أول شكل من أشكال الشعر ، الشعر بصورته العملية ممارسةً والشعر بما ينضحُ عن هذه الممارسة من كلماتٍ وجُملٍ ثم جاءت مراحل أخرى بعد السحر وهي الأرواحية وظهور الآلهة ومرحلة التوحيد ، وهكذا انقسم تاريخ العالم روحياً أو تاريخ الروح إلى أربعة مراحل اختلفت في كلٍّ منها طرق النظر إلى المقدّس و المدنَّس ونتج عن ذلك اختلاف في نوعي الشعر الرئيسين الديني والدنيوي ( انظر المخطط )
 
khazaal1_400مخطط يوضح تاريخ انواع الشعر الديني والشعر الدنيوي
 
ويخبرنا هذا المخطط بالتاريخ الرباعي لتطور المقدّس من ( السحر، الأرواح، الآلهة، الله)، ويتبع ذلك تغيّر نمط التعبير عنه والذي نراه شعراً، حيث يظهر مزدوج شعري يتبع تطور المقدّس ، هذا المزدوج يتغير تبعاً لتطور الروح وكيفية تحسس المطلق. فالتطور الديني حصل كما يلي: ( التميمة، الترتيلة، الأسطورة، النص أو الكتاب المقدّس)، والدنيوي تطور مناظراً لذلك كما يلي : ( الأغنية ، الحوارية ، الملحمة ، القصيدة ).
سنناقشُ في الفقرات القادمة كلّ مرحلةٍ ومزدوجها الشعري الديني والدنيوي وسنحاول فتح أسرار هذه المتلازمات وعلاقتها ببعضها .
 
1- مرحلة السحر : التميمة والأغنية.
 
كان السحر إذن نواة الدين الأولى وقد اجتمعت في هذه النواة شحنة المقدّس الكوني والبشري فاصبح الساحر بمثابة المتصّل الوحيد بالطاقة الكونية والقادر على التعامل معها وفق ما يريد سواء بالتحكم بها ( عن طريق السحر ) أو بالتنبؤ بما يحصل ( عن طريق العرافة ) .
وكانت مرحلة السحر قد بدأت في العصور الحجرية القديمة والوسيطة وتشكّلت بنمطين دينيين هما (الفتيشية ، الطوطمية). جعلت الفتيشية المقدّس أو القوة السارية على شكل بؤرة هي الفتيش Fetich أو الشيء المعبود كالحجر أو الشجر أو العظم حيث تجتمع شحنة المقدّس في شيء واحد ويُّطلق عليه اسماً، وبذلك تكون القوة السارية غير مشخصةٍ بل متخفيةٍ وراء شيء محدد .
أما الطوطمية فقد أعطت هذا المقدّس صورة ( جماد ، نبات ، حيوان ، رمز ) وركّزت على الكائنات الحية والحيوانات بشكل خاص وادّعت أن المؤمنين بهذا الطوطم ينحدرون نسلاً منه ، فهي ، إذن ، نقلت المقدّس من البؤرة الشيئية إلى البؤرة الحيّة ، وأصبح الحيوان ، بصفةٍ خاصةٍ ، يجسد هذا المقدّس .
وسواء كان السحر فتيشياً أو طوطمياً على المستوى العملي إلاّ أنه كان على مستوى اللغة مجسداً في كلامٍ مختزلٍ يُقرأ على شكل ( التميمة Charm ) فالساحر يعبر عن نصّه السحري في التميمة التي قد تأخذُ أسماءً أخرى حسب وظيفتها مثل التعويذة إن كانت تطرد هذه القوى الخفية ( التي تجسدت في المرحلة الأرواحية بالشياطين ) أو الرُقية التي تحاول إحاطة الشخص بسور من الحماية أو الحجاب الذي يفعل الشيء ذاته وغيرها ..
وإذا كانت التميمة قد عبرت عن نفسها في عصور ما قبل التاريخ بالرسومات والخطوط والإشارات فإن أقدمها وأشهرها رسومات الكهوف والصخور التي كانت تطعن هذه الفتيشات أو الطواطم لتعبر عن صيدها والسيطرة عليها .. لكن الحضارات التاريخية شهدت التمائم المكتوبة على العظام والقماش والحجر والجلد والخشب .. ثم على الورق بكلمات هي أشبه بالصرخات والاستغاثات ومحاولات دفع الشرِّ والأذى أو بمحاولات استدراج القوى الخـيّرة لتسوير وحماية الشخص عن طريق الرُقى ، والحقيقة أن كلّ هذه المحاولات تدفع بنا إلى اللامألوف وتجعلنا في الدهشة لما يترتب عليها من أخيلة واستعارات غريبةٍ ، ومن هنا نشأ الشعر السحري الذي جسّدته ( التميمة ) في أفضل أشكاله .
في المقابل كانت الحياة الدنيوية اللاسحرية تحتفي بالجنس الذي كان مشاعاً قبل تكوّن الأسرة إبان عصر اكتشاف الزراعة ، لقد كان الجنس أساس الحياة وتكاثرها وازدهارها لكنّ الدين ( البدائي ثم المتطور ) كان ينظر إليه ، في الغالب ، نظرة الضد والعداء . ولذلك عمد إلى إخفائه في طبقات من التابو والحرام ثم أعطاه تحديدات شرعية ولم يكفّ عن مطاردته في كل المراحل . وكان الجنس ينبثق هنا وهناك في نسيج الحياة مثل الينابيع لكن الدين كان يغطيه أو يحاول إخفائه .
لقد كانت الطاقة الإيروسية في الجنس والحب وكان خير من يمثلها على مستوى الفن هي ( الأغنية Song ) التي لا تعبر عن الإيروس الجنسي فقط بل عن إيروس الحياة كلها . إن هذا الشعر الإيروسي تطور عبر العصور مع تطور الحياة الروحية واتخذ أشكالاً متعددة هو الآخر .
لقد كانت الأغاني هي أول أشكال الشعر الدنيوي وكانت ، في الغالب ، مصحوبةً بالموسيقى والرقص وهي تسري على أفواه الصيادين والرعاة ثم الفلاحين في العصور الحجرية وعصور ما قبل التاريخ .. وربما كانت هي السبيل الوحيد للتعبير عن أفراح وأحزان الحياة لأنها لا تحتاج سوى صوت الإنسان وهو يتهدج ويحفل بالإيقاعات .. وكانت هذه الأغاني مباشرة بسيطة لا تفتعل الخيال ولا تلجأ إلى الاستعارات قسراً ، وكانت على قدر حجم اللغة وعلاقتها ومفرداتها المحدودة آنذاك تحاول التعبير عن ما لا يُعبَّر عنه .
والحقيقة أن صيد الحيوان أو رعيه أو عملية البذار أو الحصاد أو الزواج كانت تصاحبها الأناشيد والأغاني ذات الجوهر الإيروسي ، فالخصب هو إيروس دائم.
كانت الأغاني تنطلقُ من الوجدان وكان المغني يؤدي مونولوغاً فهو مترعٌ بالفرح أو الحزن أمام الكون ولم يكن المغني يتحاور مع الآخر بل كان الغناء وجدانياً طافحاً مباشراً لا صناعة فيه. وهكذا نرى أن عصر السحر أظهر لنا نمطين شعريين الأول ديني سحري هو ( التميمة ) والثاني دنيوي إيروسي هو ( الأغنية ) ولاشك أن التنافذ والتداخل بينهما كان يجري على السطح أو على المستوى الأدبي ، أما في العمق أو على المستوى الروحي فكان كلّ منهما ينبع من جوهر مغاير .
إن محاولتنا اليوم استعادة التميمة ( التعاويذ والرُقى والطلاسم …. الخ ) والأغنية في الشعر الحديث تمثل إطلالة على عصر السحر القديم والجديد ومحاولة النهل منه ومن خزائنه الدفينة ، من طريقة القول فيه ومن طريقة التخاطب ، من بلاغته المؤثرة البسيطة ومن معانيه الساذجة والعميقة في آن ومحاولة جعلها تنطق بمضامين جديدة .
ونرى أن التميمة والأغنية مازالتا ، حتى هذا اليوم ، موجودتين بهذا القدر أو ذاك في شعرنا فقد اخترقتا العصور ، تحت الأدمة ، وتسربتا في تربة الشِعر الإنساني ومازالتا تنبعان هنا وهناك عند الأقوام البدائية المعاصرة أو الشعوب المتطورة بنفس القدر ولكنهما دخلتا ، حصراً ، في الغناء المعاصر وفي عمليات استمالة الحظ والقوة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

السحري والإيروسي.. كيمياء اللغة والجسد :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

السحري والإيروسي.. كيمياء اللغة والجسد

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: