فاينانشال تايمزإزاء تسريبات التجسس
انقسام أمريكي حول ردة فعل الحلفاء
شعار وكالة الأمن القومي.
ريتشارد ماكريجور من واشنطن
تجاهد حكومة أوباما لاحتواء التداعيات الدبلوماسية من التسريبات الأخيرة لملفات أخذها إدوارد سنودِن، متعهد سابق للمخابرات الأمريكية، عندما فر من الولايات المتحدة في أواخر أيار (مايو).
الأمر الأكثر إحراجاً من هذه التسريبات هو التقارير بأن وكالة الأمن القومي، هيئة التنصت، كانت تتنصت على هاتف أنجيلا ميركل الخلوي، ما دفع بالمستشارة الألمانية إلى أن تطلب إعادة التفاوض، بشأن علاقة تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين. لقد ذهبت الإدارة الأمريكية إلى أبعد من بروتوكول الاستخبارات المعتاد لتهدئة الألمان، قائلة إن وكالة الأمن القومي لا تتنصت على هاتف ميركل، ولن تفعل ذلك في المستقبل – ما أوحى بأنها فعلت ذلك في الماضي (لم تقل لم يسبق أن تنصتت).
قال بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي في مقابلة مع قناة MSNBC: ''لا نريد أن نصل لمرحلة عمل جرد لكل شيء عملناه في الماضي، فيما يتعلق بالجانب الاستخباراتي''.
لقد أظهرت مقابلات مع مسؤولين في المخابرات الأمريكية والأمن القومي، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم، انقساماً حاداً حول استخدام تكتيكات المراقبة التي تجسدت باستهداف المستشارة الألمانية.
وقال أحد مسؤولي الأمن القومي السابقين: ''بالطبع، قد ترغب أجهزة الاستخبارات بالتنصت على هاتف الشخص الأعلى - إذا أردت فعلاً أن تفهم ما تفكر فيه البلاد حول موضوع معين، فهذه هي الطريقة الأكثر فعالية''.
لكن محللاً عمل ذات مرة لدى وكالة المخابرات المركزية قال إن نمو وكالة الأمن القومي ونطاقها، قد تخطى عمليات الإشراف عليها، بل والمنطق السليم حول الأهداف التي يجب ملاحقتها.
وأضاف: ''عدم استطاعة فعل شيء، لا يعني أنه يجدر بك عمله''، مضيفاً أن مخاطر الإمساك بك تتنصت على هاتف ميركل، تفوق أي فوائد مكتسبة من فعل ذك.
الجدال المتعلق بالتنصت على ميركل يدور حول التوتر العميق والطويل الأمد بشأن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا.
تبادلت الولايات المتحدة لعقود من الزمان، مع بعض الانقطاعات المعلومات الاستخباراتية مع أربعة بلدان - المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا - في إطار ما يسمى اتفاقية ''العيون الخمس''، والتي تشمل أيضاً شرط عدم التجسس على بعضها بعضاً.
وقال تيم نافتالي، من مؤسسة أمريكا الجديدة: ''لطالما استاءت ألمانيا وفرنسا من هذه العلاقة الخاصة بتبادل المعلومات. لكن السؤال هنا ما إذا كانت فرنسا وألمانيا قادرتين على قبول تنسيق سياستهما الخارجية، التي تترتب أو تنشأ مع الاتفاقية؟''.
عندما تناقش وكالات الاستخبارات الاستهداف، فإنها تفشي الأسرار التي تعرفها، حسب قول نافتالي، مضيفاً: ''هل الولايات المتحدة مستعدة لعمل ذلك في جميع المجالات مع فرنسا وألمانيا؟''
قال جيمس لويس، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن مجال المشاركة في المعلومات الاستخبارية مع الأوروبيين، ومن ضمنها صور الأقمار الصناعية، كان واسعاً في الأصل. ولكن كان هناك أيضاً الكثير من المجالات التي اختلفت فيها السياسات، وهو الأمر الذي شكل صعوبة في المشاركة.
إن ''الألمان اتخذوا قراراً سياسياً بعدم الضغط على الصينيين، بسبب التجسس الاقتصادي''، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، حسبما قال لويس: ''هم القادرون في أوروبا على إيقاف ممارسة أي مزيد من الضغوط على الصين''.
وبعيداً عن مضامين السياسة الخارجية الناتجة عن الوثائق المسربة، فإن البعض في واشنطن أصبح مصاباً بنوع من التهكم من الضجة التي أثيرت حول ذلك، فهم يرون شكاوى الأوروبيين باعتبارها من باب نفاق، الهدف منه منح دول مثل ألمانيا وفرنسا اليد الطولى في المفاوضات الموسعة، حول المشاركة في البيانات وما شابه ذلك.
يعتقد ستيوارت بيكر، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الأمن الداخلي، شارك في المفاوضات التي أجريت مع الاتحاد الأوروبي حول خصوصية البيانات، إن الغضب الأوروبي: ''ربما يكون طريقة تكتيكية يتبعها البعض ممن فقدوا معركة المخابرات مع الولايات المتحدة''.
وأضاف: ''هناك احتمالات تزيد على مائة مرة في أن توضع تحت المراقبة من قبل حكومتك، إذا كنت تعيش في إيطاليا أو هولندا أكثر، مما لو كنت في الولايات المتحدة''.
''الجميع يتجسسون علينا، وأحد أسباب الاحتجاجات أو أو اختلاق خلافات كبيرة هو إضعاف المخابرات الأمريكية، كما يُمكن لذلك أن يخلق وظائف محلية في الحوسبة السحابية''.
الجهود التي تُبذل لاسترضاء أوروبا تجرى بالتوازي مع مراجعات البيت الأبيض لأنشطة وكالة الأمن القومي، التي يحد منها حقيقة أن من يُسيرها هم الناس الذين عملوا في نظام المخابرات.
قال جي كارني، وهو أحد المتحدثين باسم البيت الأبيض: إن المراجعة ستأخذ في حسابها إمكانية الحاجة لفرض قيود على وكالة الأمن القومي، علماً بأن نموها من الناحية التقنية وقدراتها، سمحا لها بتوسيع أهدافها.