فاينانشال تايمزلندن تتصدر سباق التحول إلى مركز لتداولاته
خطب ود الرينمينبي لاحتلال مواقع استثمارية أفضل
سايمون رابينوفيتش من شنغهاي
بالنسبة لعملة ما زالت تحت سيطرة الحكومة الصينية إلى حد كبير، ولا تمنح حامليها سوى خيارات استثمارية قليلة، اجتذب الرينمينبي أنظار مجموعة كبيرة لافتة للنظر من الراغبين باقتنائها حول العالم.
هناك مدن جهزت نفسها لتكون مركزاً للتداول الأوروبي اللائق للعملة الصينية، ومن هذه المدن لندن ولوكسمبرغ وباريس وفرانكفورت وزيوريخ، ومن المدن الأخرى الساعية للحصول على هذا الشرف الآسيوي، هناك هونغ كونغ وسنغافورة وتايبيه وسيدني.
أما من ناحية بكين، فقد استخدمت كل مهارتها المجرّبة لإشعار كل هؤلاء الخاطبين لود الرينمينبي بدورهم بالأهمية، في الشهر الماضي وحده أنشأ البنك المركزي الصيني خطاً لتبادل العملة الصينية بمبلغ 350 مليار رينمينبي ( 57 مليار دولار) مع البنك المركزي الأوروبي، منح منها لندن حصة 80 مليار رينمينبي كي تستثمرها في الأصول المقومة بالعملة الصينية في الأسواق الصينية، ثم منح سنغافورة حصة مماثلة، وإن كانت أقل، وهي حزمة 50 مليار رينمينبي.
إذاً ما هي المدن التي ستكون بالفعل المركز العالمي لتداولات الرينمينبي؟ وهل سيكون لهذا أي أهمية؟
يقول بول ماكيل، رئيس أبحاث العملات الآسيوية في بنك إتش إس بي سي: ''كلما زادت الأماكن التي يُستخدم فيها الرينمينبي، كان ذلك أفضل. وسيُمكن هذا من استخدام العملة بصورة أوسع، وكل ما نحن بحاجة لرؤيته هو زيادة تجمع سيولة هذه العملة في الأوفشور''.
وبالفعل، عند النظر إلى المبالغ المجمعة للرينمينبي المملوكة خارج حدود الصين، ستزداد دهشتنا من استباق هذه المراكز الجديدة للواقع المالي، جراء الرغبة في أن تصبح مستقبلاً محاور تداولات مهمة لتلك العملة.
شهدت مدينة هونغ كونغ، التي تحتل الآن المركز الأهم بلا منازع في تداولات العملة الصينية، فيضاً من الإيداعات بهذه العملة، عندما سمحت بكين لأول مرة بتدفق الرينمينبي إلى الخارج. ارتفعت موجودات هونغ كونغ من الودائع بالعملة الصينية من 1 في المائة من المجموع الكلي للودائع أواخر عام 2009 إلى 10 في المائة منتصف عام 2011.
منذ ذلك الحين، عملت القيود المفروضة على استعمالها على إيقاف انتشارها، وأصبح تجمع هذه العملة في هونغ كونغ في السنتين الأخيرتين راكداً عند عتبة 10 في المائة.
من ناحية أخرى، ظهر نمو قوي في الودائع وسندات التأمين وتداولات المشتقات في المراكز الدولية المفترضة الأخرى للتداول بالعملة الصينية، ويأتي ذلك دائماً من قاعدة صغيرة جداً. تُبين الحسابات أن الموجودات بالعملة الصينية تشكل نحو 5 في المائة فقط من الإيداعات في بنوك سنغافورة، وأكثر بقليل من 1 في المائة في تايبيه، ونسبة قليلة جداً عند 0.4 في المائة في لندن.
يبدو أن إثارة حماس التعامل بالعملة الصينية في كثير من الدول جزء من استراتيجية صينية مقصودة، لنشر هذه العملة حول العالم. يقول ليو ليجانج، الاقتصادي في المجموعة البنكية الأسترالية النيوزيلاندية: ''بدلاً من التركيز على هونغ كونغ، نحن نرى في ذلك سياسة مبادرة لنشر هذه العملة في مراكز مالية مختلفة، ولكنها في هذه المرحلة، عبارة عن عملية ''جس نبض'' دبلوماسية أكثر مما هي عملية مالية حقيقية''.
الجدير بالملاحظة هو غياب مدينة نيويورك عن العرض الذي يُروج لإنجازات هذه العملة في مدن العالم.
يقول جانج مينغ، الاقتصادي في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: ''ربما يوجد دور للمنافسة بين بعض العملات، خاصة فيما يتعلق بمخاوف الولايات المتحدة من تحدي الدولار. ولم تكن الحكومة الأمريكية مثل أوروبا من حيث التركيز على العملة الصينية''. في أثناء الجهود التي تبذلها بكين، شهراً بعد شهر، لحث الأسواق الكبرى والأكثر تطوراً على القفز داخل قطار العملة الصينية، يرى كثير من المحللين أن المسألة بالنسبة للولايات المتحدة مسألة وقت قبل أن تقرر ركوب هذا القطار، وليس ما إذا كانت راغبة في الركوب فيه.
يقول جانج: ''في الوقت الذي تتطور فيه العملة الصينية في مراكز مالية أخرى، سيكون على نيويورك أن تنضم عاجلاً أم آجلاً لهذه العملية الدولية''.
يقول جاك شانغ، الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول الآسيوية في البنك الاقتصادي الصناعي الصيني، إن على المراكز المالية العالمية ألا تضع نفسها في مواقع المنافسة، لأن إرخاء قبضة الصين على الضوابط الرأسمالية سيأتي فحسب عندما يصل مجموع موجودات العملة الصينية في العالم، إلى حجم معين، مضيفاً: ''تحتاج إلى مراكز مالية عديدة، تعمل مع بعضها، لبناء سيولة من العملة الصينية خارج الصين''.
وحتى قبل أن تُحرر الصين عملتها عن طريق تقليل سيطرتها عليها، يبدو أنه سيتحتم على المراكز المالية الاستمرار في التدافع للفوز بأكبر حصة من الأعمال العالمية للعملة الصينية.
وتمشياً مع ذلك، أعرب دبلوماسي أوروبي كبير موجود في بكين عن عدم ارتياحه للقرار البريطاني، الذي يرمي إلى تشجيع البنوك الصينية، على توسيع عملياتها في لندن، بالتخفيف من متطلباتها الرأسمالية.
وقال: ''ما نراه عملية مراجحة تنظيمية، وهذا ليس هو الشيء الأفضل. في النهاية علينا انتظار الصين لترفع الضوابط الرأسمالية، وعندما يحدث ذلك، ربما تكون لندن هي المدينة التي ستكسب السباق''.