** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 لست كالآخرين...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عزيزة
فريق العمـــــل *****
عزيزة


التوقيع : لست كالآخرين... 09072006-161548-3

عدد الرسائل : 1394

تاريخ التسجيل : 13/09/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

لست كالآخرين... Empty
31102013
مُساهمةلست كالآخرين...

بدا المكان مضطرباً، همس و غمز على كل باب، يهرول أحدهم من هذا الجانب ويسرع آخر إلى ذاك، واستمر الحال هكذا حتى جاء الخبر اليقين،

أحد مفتشى اللغة العربية قادم إلى المدرسة، وعلى المعلمين أن يستعدوا. وبعد مداولة طويلة اتفق الجميع على أن يدخل المفتش فصل الأستاذ/ أحمد رياض حيث يحتوى هذا الفصل على كنز ثمين، لم يصادف مدرسو المدرسة مثيلاً له من قبل.
كان هذا الكنز هو الطالب عمر، عمر أحمد سيف الدين. كان عمر طالباً مميزاً يشهد له معلموه بالتفوق، وأجمع معلمو اللغة العربية بالمدرسة على نبوغه فى علم النحو، فبالرغم من صغر سنه فإنه متميز إلى حد كبير وعلى دراية بقواعد النحو بما يفوق سنه بكثير.
أسرع الأستاذ/ أحمد رياض إلى فصله ونادى على عمر.
انصت إلىّ جيداً يا عمر، سيأتى مفتش اللغة العربية بعد عشر دقائق على أقصى تقدير وأريد منك أن تريه قدراتك النحوية الفذة، أعلم أنك تستطيع سلب لبه بمستواك الفريد.
أشرق وجه عمر وسعد كثيراًبثقة أستاذه فيه مما زاد من ثقته بنفسه، تلك الثقة التى لم يهزها سوى شئٌ واحدٌ، كان عمر يعاني من بعض التأتأة، ولكن هذا لم يهمه الآن، فهو لن يقوم بإلقاء الشعر، كل ما هو مطلوب منه هو أن يأتى بإعرابٍ صحيح، كاملٍ لا يشوبه نقص.
راح قلب عمر يدق بعنف، وبدا عمر متحفزاً فى انتظار اللحظة الحاسمة التى سيستعرض فيها مستواه المتميز فى علم النحو. وحانت اللحظة، جاء المفتش، ودخل الفصل بصحبة الأستاذ وبعد أن ألقى نظرة روتينية على دفتر تحضير الدروس راح يسأل التلاميذ أسئلة ًعادية ًيعلو مستواها تدريجيا حتى وصل إلى فرع النحو، ولمعت عينا عمر وتنبهت حواسه دفعة واحدة. قال المفتش:
حسناً، حان الآن موعدنا مع النحو، أتذكر الآن إحدى آيات القرآن الكريم من سورة الروم، قال تعالى: " ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماءً فيحى به الأرض بعد موتها إنّ فى ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون"
درسنا إن وأخواتها من يستطيع أن يأتى لى باسمها وخبرها مع الإعراب إعراباً كاملاً؟
وهنا انطلقت يد عمر عالياً وكأنما سيمسك السماء بيده، وأذن المفتش له بالإجابة
هل أ.. أأأ.. أبدأ من أول الآية ثم أ.. أأأ .. أستخرج اسم إن وخبرها، أم أستخرجهما فقط؟
ورد المفتش مستهزءاً
وهل تستطيع إعراب شئ ٍغير اسم إن وخبرها يا سيبويه؟!!
نعم، هل أبدأ...؟!!
حسناً، أرنى أحسن ما عندك وابدأ فقط بدايةً من : " إن فى ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون"
ووسط نظرات الإعجاب، وتعلق الأبصار، وتدلى الأفواه، راح عمر يعرب الكلمات الواحدة تلو الأخرى.
فى : حرف جر مبنى ...
ذلك : ...
لآيات : ...
لقومٍ : ...
يعقلون : فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه ثبوت النون نيابةً عن الضمة لأنه من الأفعال الخمسة، واو الجماعة فاعل مبنى فى محل رفع، والجملة الفعلية من الفعل والفاعل فى محل جر نعت لكلمة قوم.
وبعدما أنهى عمر إعرابه لم يكن مؤسسو مدرستى الكوفة والبصرة ولا حتى أصحاب المدارس المستقلة كسيبويه والخشخاشى ليضيفوا حرفاً على إعرابه. ووقف عمر لحظة يلتقط أنفاسه، منتظرأً الثـناء من المفتش، خاصةً أن وجه معلمه الأستاذ/ أحمد رياض كان مشرقاً من شدة فرحه بنبوغ تلميذه.
وانفرجت شفتا المفتش ينطق بشئ فأرهف الجميع السمع.
حمداً لله أنك انتهيت قبل مجئ الألفية الجديدة.
نعم.!!
ألا تستطيع أن تتحدث بشئ من البطء، إنك سريعٌ حقا !!!
قالها وطفق يضحك حتى احمر وجهه من كثرة الضحك.
لم ينتظر عمر كثيراً ليفهم ما يعنيه المفتش، لم يجذب انتباه المفتش إعراب عمر الرائع، ولا أسلوبه المتميز وأفكاره المرتبة، وإنما عنى بتأتأته وهو يتكلم وكمكافأةٍ لعمر على إعرابه الجيد، راح المفتش يسخر من عمر لأنه يتأتأ. لم يستطعْ عمر الكلام، فأى شئ يُـقال، ولكن دموعه قالت الكثير، راحت دموعه تنزل بغزارة كأنها السيل، حارة كأنها الحمم، تصرخ بلسان قلبٍ جريح، طعنه إنسان معقد استمتع بالسخرية من قلب برئ لا يعرف الإســاءة للغــيـــر.
ولم ينقذ ْعمر سوى جرس الحصة معلناً نهايتها، وجرى عمر بعيداً حتى وصل إلى آخر الردهة، وظل يبكى بكاءً حاراً، وعينه لا تنضب، وتصاعد داخله الإحساس بالحسرة، وظل يتساءل ما ذنبه فى كونه يتأتأ؟!!
ولم لا يرى الناس غير هذا؟!! هل ضاقت الأرض بلسانه؟!! أم أنه شئ شاذ ينفر منه من حوله؟!! وأراد أن يصرخ ولكن أنّى له هذا وهو يتأتأ، حتى الصراخ لا يقدر عليه فلم يجد أمامه إلا البكاء، فدموعه عذبة رقيقة، تشاطره أوقات ألمه، وتخفف عنه معاناته، ولا تسخر من ثقل لسانه.
وبينما كان على هذه الحال رأى معلمه الأستاذ/ أحمد رياض يعدو تجاهه، ولما وصل إليه احتضنه وعيناه تذرفان بالدموع هو الآخر، وقال له:
لمَ تبكى؟!!
لأنى لست كالآخرين
صدقت، فأنت أكثر منهم ذكاءً، وأعلى منهم حساً، ألم تشاهد نظرات الإعجاب التى علت وجوههم بينما كنت تتحدث.
ولكنى كنت أتأتأ!!
وكان الجاحظ يعانى من جحوظ عينه، ولكن لأى شئ نتذكر الجاحظ؟
ألجحوظ عينه أم لغزارة علمه؟!!
هيا .. هيا اذهب واغسل وجهك،
إنى حقاً فخور أنى أستاذك.

وهنا توقفت دموع عمر، ورأى أن لكل فرد نقطة تعيبه ولكن الزمن يتذكر نتاج القلم لا الكلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

لست كالآخرين... :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

لست كالآخرين...

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: